كان لافتاً ظهور وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب خلال مؤتمر التواصل الحكومي، الأربعاء، للكشف عن آخر مستجدات القطاع وتطلّعاته، وسط سلسلة جبلية تكسوها الخضرة، وأمام أحد القصور التاريخية في عسير.
احتفى الوزير بالأجواء التي تغمر المنطقة، إذ تنعم بالطقس المعتدل والسحب الواعدة بالمطر في ذروة لهيب الصيف. أشار إلى المكان الزاخر بروح التراث والتاريخ الذي احتفظت به قصور أبو سراح الواقعة في قرية العزيزة بمحافظة السودة، والعائدة ملكيتها إلى أسرة آل أبو سراح في عسير الذين سكنوها في فترة حكم آل عايض، وتبلغ مساحتها 3000 متر مربّع، ويتجاوز عمرها الـ200 عام.
وذكَرَ وزير السياحة أنّ هذا الموقع التاريخي كان مغلقاً قبل 4 سنوات فقط، لكنه عاد إلى الحياة من جديد ليصبح اليوم وُجهة سياحية واعدة يقصدها نحو 3 آلاف زائر يومياً. إنها قصة نجاح تعكس ما تتمتّع به السعودية من كنوز تراثية وسياحية يؤمّها السياح والزوّار من مختلف دول العالم.
تاريخ عمره قرنان
في غرب مدينة أبها، تظهر قصور أثرية عتيقة تحتفظ بإرث عمره نحو قرنين، منها قصور أبو سراح التي أعيد ترميمها بعدما كانت مهجورة وآيلة للسقوط، وعقد أصحابها العزم على تحويلها لوجهة سياحية يتوافد إليها الناس، للتعريف بقيمتها.
3 مبانٍ - قصر وازع، وقصر عزيز، وحصن المصلى - يتكوَّن بعضها من 6 طبقات، مبنية من الحجر وخشب العرعر ومغطاة بمادة القضاض من الخارج، تُعدّ الأكبر في عسير، وتتمتّع بصفة عمرانية فريدة ونمط بناء مغاير لقصور تاريخية أخرى في المنطقة، خصوصاً لجهة ارتفاع الأسقف، حيث لا تزال تلك القصور شامخة وقائمة رغم مرور الزمن.
بناها الشيخ لاحق بن أحمد أبو سراح الزيداني؛ أحد وجهاء قبيلة بني مغيد ومنطقة عسير. ومؤخراً، تولّى أحد أبناء العائلة مَهمّة إنقاذ هذا الإرث وفتح أبوابه للسياح بوصفه شاهداً تاريخياً ومعرضاً حياً لنمط المعيشة مُدعَّماً بالوثائق والصور النادرة، والمقتنيات العسيرية القديمة.
إعادة تعريف السياحة التراثية
تتطلّع عسير وبقية مناطق المملكة إلى الاستثمار في مميزاتها الطبيعية والتاريخية، فتُشكّل مقصداً لمهتمّين بالتراث من داخل البلاد وخارجها. كما تهدف السعودية إلى تطوير القطاع السياحي وتحقيق تنوّع في الخيارات والوجهات، وتنمية سياحة المناطق الزراعية والريفية، للمساهمة في إثراء التجربة السياحية المحلّية.
من هنا، أكّد الوزير أحمد الخطيب أنّ المبادرات التي أُطلقت ضمن الاستراتيجية الوطنية للسياحة منذ 2019، فتحت أبواب السعودية للزوار من مختلف دول العالم، للتعرُّف إلى ما تضمّه المملكة من مواقع تاريخية مسجَّلة في قائمة «اليونيسكو» ومواقع سياحية متنوّعة وواعدة، مشيراً إلى أنّ «رؤية 2030» انطلقت لإعلاء القيمة الاقتصادية والاجتماعية لقطاعات عدّة؛ وملف السياحة من أهمها.
وتعليقاً، أكّد الكاتب المهتمّ بالتراث، علي مغاوي، أنّ عسير مُكمِّلة لمنظومة الجذب السياحي في المملكة، انطلاقاً من الاستثمار في تراثها وقيمها التاريخية، وأضاف: «الجذب لا يقتصر عليها وحدها، بل يشمل جميع الآثار السعودية التي تبدأ من قلعة مارد في الجوف -شمال البلاد- إلى وادي نجران، مروراً بحائل ونجد والفاو وحضارة كندة إلى جرش».