ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

ضمن محتوى إلكتروني سياحي خارج عن المألوف

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
TT

ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

يحتار «البلوغرز» والمدوّنون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أي موضوعات عليهم مقاربتها لاستقطاب متابعين لهم. وغالباً ما تأتي الأفكار متشابهة. ولكن المخرجة اللبنانية ستيفاني قبلان عرفت كيف تنطلق في هذا الإطار، واختارت الإضاءة على لهجات المناطق اللبنانية بوصفها محتوى لمنشوراتها الإلكترونية. ومنذ إطلالتها الأولى عبر حساباتها على «تيك توك» و«إنستغرام» و«فيسبوك» حصدت النجاح. نجاح لم يقتصر على متابعيها من لبنانيين، وإنما شمل بلداناً عربية وغربية، أعجب المقيمين فيها بسبب المحتوى المرتبط بالجذور. فاللهجات كما اللغات تحيي تراث الأوطان وتقاليدها. ومن هذا الباب بالذات، تفاعل متابعو ستيفاني معها؛ إذ راح كل منهم يطالبها بزيارة بلدتهم أو بلادهم.

كل ينتمي إلى مكان ما يحمل خصوصية في عاداته وتقاليده. وتشكل اللهجة التي يتحدثون بها علامة فارقة لهم، فتشير إلى انتمائهم بوضوح مطبقين من خلالها مقولة «من لهجتهم تعرفونهم».

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

استهلت قبلان مشوارها هذا من عقر دارها مدينة البترون. هذه البلدة التي تشكل مسقط رأسها تتمتع بلهجة شمالية مشهورة بها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أهل البترون يحشرون حرف الشين في كل كلمة ينطقون بها. (أيش) و(ليش) و(معليش) و(أبعرفش) و(أبديش) وغيرها. ولكل منطقة مصطلحات خاصة تُعرف بها. فإذا أخذنا كلمة طاولة نجدها بعدة نسخ: (سكملة) و(وقافة) و(ترابيزة)، حتى الساندويتش له أسماء مختلفة كـ(لفافة) و(عروس) و(لقمة). جذبتني هذه اللهجات وقررت أن أغوص فيها من باب الإضاءة عليها».

تعد ستيفاني ما تقوم به جسر تواصل بين مختلف بلدات لبنان ومدنه. وكذلك وسيلة لتعريف جيل الشباب إلى أصولهم وتقاليدهم. فجولاتها لم تقتصر فقط على مدينة البترون وإنما طالت قراها وجرودها. وزارت مناطق أخرى تقع في جنوب لبنان مثل مدينة جزين. تروي لـ«الشرق الأوسط» كيف اختارت هذا المحتوى. فهي إضافة إلى شغفها بالإخراج كانت تتمنى لو درست الترجمة. تجيد التكلم بخمس لغات، وفي الوقت نفسه تحب اكتشاف لهجات موطنها. «هذا المجال واسع جداً ويتعلق بالتاريخ والجغرافيا لكل منطقة. هناك احتلالات وانتدابات شهدها لبنان، أثرت في لهجات مناطقه وعلى عادات أهله. وعندما نتعمّق في هذا الموضوع يصبح الأمر بمثابة متعة. فلا أشبع من البحث عن قاموس كل بلدة ومصطلحاتها الخاصة بكلمات تستخدمها في أحاديثها».

تسير ستيفاني في شوارع مدينتها التي تعج بسيّاح عرب وأجانب. وكذلك بزوّار من المنطقة وجوارها، خصوصاً من بيروت. وأول سؤال تطرحه على الزائر «إنت من وين؟»، ومن هناك تنطلق بتحضير محتواها الإلكتروني. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أحب هذا التفاعل المباشر مع الناس. واكتشاف لهجتهم أمر يعنيني كثيراً؛ لأنني أتوق إلى التعرف على لبنان بأكمله».

عندما تلتقي زائراً غير لبناني يأخذ الحديث معه منحى آخر. «أحيانا أستوقف شخصاً من الأردن أو مصر أو العراق. وبالصدفة أدرك أنه غير لبناني ونبدأ معاً في التكلم عن لهجته. وتفاجأت بوجود كلمات متشابهة نستخدمها جميعاً في بلداننا العربية. فكلمة (ليش) رائجة جداً في المنطقة العربية. وكل منا يلفظها على طريقته».

توقع ستيفاني كل منشور لها بكلمة «وهيك». فصارت بمثابة «توقيع» خاص بفيديوهات مصورة تختتمها بها. كما عمدت إلى طبع سلسلة قمصان قطنية تحمل هذه الكلمة وغيرها من عبارات بترونية مثل «أيش في». «انطلقت في هذه الخطوة من باب تحقيق انتشار أوسع للهجاتنا اللبنانية، وأطلقت عليها اسم (كلمات)». من تصميمها وتوقيعها باتت هذه القمصان تطلب من مدن لبنانية وعربية. وتتابع: «في إحدى المرات ارتديت قميصاً كتب عليه عبارة (وهيك). فوصلتني مئات الرسائل تطالبني بواحدة منها. من هناك بدأت هذه الفكرة تشق طريقها ولاقت تجاوباً كبيراً من متابعيَّ».

عبارة «أيش ما أيش؟» مشهورة في البترون (الشرق الأوسط)

وتخطط ستيفاني حالياً لتوسيع فكرة محتواها؛ ليشمل التقاليد العريقة.

«لقد جسست النبض حول هذا الموضوع في مناسبة عيد الفطر وأعياد رأس السنة وغيرها، وتفاعل معي المتابعون من خلال تعريفي على عبارات يستخدمونها للتهنئة بهذه المناسبات. وأفكر في توسيع نشاطاتي لأقف على عادات وتراث بلدي وغيره».

في المخابز والمقاهي، كما على الطرق وفي الأزقة والأحياء الشعبية، تتنقل ستيفاني قبلان. تحمل جهازها الخلوي وتسجل أحاديث لأهل بلدة معينة. تبدأ بسؤال «شو أشهر الكلمات عندكم؟»، وتوضح: «الجميل في الموضوع أن الناس تحب التحدث معي في هذا الإطار. وهو ما أكد لي نظريتي أن الشعب اللبناني محب وقريب إلى القلب. ومهما اختلف موقع البلدة، بعيدة كانت أو قريبة، فالجميع يكون مرحباً ومضيافاً، ويتفاعل بسرعة بعرض لهجته».

تفكر ستيفاني بتوسيع محتوى صفحاتها الإلكترونية ليشمل بلداناً عربية (الشرق الأوسط)

تشير ستيفاني إلى أن هذا المحتوى يزوّدها بثقافة لبنانية لم تكن تتوقعها. «تخيلي أن لبنان مع كل صغر مساحته يملك هذا الكمّ من اللهجات المختلفة. وبعض بلداته تتمسّك باستعمال كلمات قديمة ورثها أباً عن جد، كي يكمل مشوار اللهجات هذا. إنه أمر رائع أن أكتشف كل هذا الحب للبنان من أبنائه. فأسعد بالتحدث معهم، وعلينا أن نكون فخورين بلهجاتنا ونعمل على الحفاظ عليها دائماً».


مقالات ذات صلة

مصر تعول على «الساحل الشمالي» لزيادة الحركة السياحية في الصيف

يوميات الشرق منطقة الساحل الشمالي بمصر (الشرق الأوسط)

مصر تعول على «الساحل الشمالي» لزيادة الحركة السياحية في الصيف

تُعوِّل مصر على زيادة الحركة السياحية في الصيف إلى الساحل الشمالي، عبر تنظيم رحلات تعريفية لممثلي شركات السياحة العالمية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
خاص جانب من مضيق هرمز الذي تطل عليه محافظة مسندم العمانية (الشرق الأوسط)

خاص مسندم العمانية تشهد تحولات تنموية تعزز مكانتها الاستراتيجية على مضيق هرمز

تشهد محافظة مسندم تحولات تنموية كبيرة تهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية، وتحقيق نهضة اقتصادية وسياحية متكاملة.

آيات نور (مسندم)
سفر وسياحة ميغان ماركل مع ابنتها ليليبيت والشعار المثير للجدل في الخلفية (موقع أز إيفير)

«بوريريس»... تشهرها ميغان ماركل عن طريق الخطأ

قبل أسبوعين من عرض برنامجها المنتظر «With Love» على منصة «نتفلكس»، أعلنت ميغان ماركل، دوقة ساسيكس، عن تغيير اسم علامتها التجارية

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة كل ما ينبغي لك معرفته عن أمن الطائرات

كل ما ينبغي لك معرفته عن أمن الطائرات

شهدنا، في الفترة الأخيرة، كثيراً من حوادث الطائرات، كان أبرزها وقوع تصادم جوي مميت بين طائرة تجارية ومروحية تابعة للجيش.

كريستين شونغ (نيويورك)
عالم الاعمال «ون آند أونلي ون زعبيل»... تجربة لا تُنسى في قلب دبي

«ون آند أونلي ون زعبيل»... تجربة لا تُنسى في قلب دبي

منتجع «ون آند أونلي ون زعبيل» يرتفع بوصفه أيقونة معمارية تُعيد تعريف مفهوم الفخامة.


كل ما ينبغي لك معرفته عن أمن الطائرات

كل ما ينبغي لك معرفته عن أمن الطائرات
TT

كل ما ينبغي لك معرفته عن أمن الطائرات

كل ما ينبغي لك معرفته عن أمن الطائرات

شهدنا، في الفترة الأخيرة، كثيراً من حوادث الطائرات، كان أبرزها وقوع تصادم جوي مميت بين طائرة تجارية ومروحية تابعة للجيش. وتقع حوادث تحطم عدة للطائرات في بلدان مختلفة، ما بين طائرات تشتعل فيها النيران، وأخرى تنقلب رأساً على عقب.

وعلى مدى الشهرين الماضيين، اهتزت الرحلات الجوية التجارية العالمية تحت وطأة أكثر من ست حوادث غير عادية أثارت المخاوف بشأن الوضع على صعيد سلامة الطيران. وفي الولايات المتحدة، وقع عدد مثير للقلق من الحوادث، مع استمرار المخاوف إزاء عدم كفاية قدرات أطقم مراقبة الحركة الجوية.

ومع كل حادث، سرعان ما يجري تداول لقطات الفيديو على الفور، وعلى نطاق واسع عبر الإنترنت، ما يسبب صدمة لمزيد من المسافرين الذين يُعربون عن قلقهم جراء موجة حوادث الطائرات الأخيرة.

في هذا السياق، قالت جيمي ريندي، 28 عاماً، والتي تعيش في أتلانتا، إن الخوف تَنامى بداخلها تجاه الطيران قبل بضع سنوات. وأضافت أن هذا الشعور تعمَّق خلال الأشهر الأخيرة.

وقالت: «من الصعب أن تشعر بالأمان عندما يخرج الأمر عن السيطرة تماماً، وعندما لا يكون لديك أي إحساس بما يحدث حولك في أثناء وجودك بالطائرة. في نهاية المطاف، هذا الجزء الأكثر رعباً في تجربة السفر جواً ـ إنه فقدان الثقة في صناعة الطيران».

السؤال هنا: هل يزداد الطيران خطورة؟ وما الذي يمكن للركاب فعله للحفاظ على سلامتهم في حالات الطوارئ؟ سعياً للتعرف على الإجابة، استشرنا عدداً من الخبراء.

الملاحَظ أن الحوادث الأخيرة، التي لا تزال قيد التحقيق، تمتدّ عبر بلاد مختلفة، وتتضمن أنواعاً متنوعة من الطائرات.

وعلى مدى الشهرين الماضيين، وقعت حوادث تحطُّم طائرات مميتة في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وأذربيجان. ففي الولايات المتحدة، تضمنت بعض الحوادث طائرات تجارية، بينما وقعت حوادث أخرى لطائرات خاصة أصغر حجماً تخضع لمتطلبات سلامة أقل صرامة. ومن بين جميع الطائرات، يتعيّن على الطائرات التجارية الكبيرة الالتزام بلوائح سلامة أشد صرامة.

لحسن الحظ، لم تسفر جميع الحوادث عن سقوط ضحايا، فقد نجا جميع الركاب الـ80 الذين كانوا على متن طائرة «دلتا إيرلاينز»، التي تحطمت في مطار تورنتو بيرسون الدولي، بعد ظُهر الاثنين، حتى بعد أن انقلبت رأساً على عقب على المدرج، مع تحطم جناحها الأيمن وذيلها.

في هذا الصدد، قال جيف جوزيتي، المحقِّق السابق في الحوادث، داخل إدارة الطيران الفيدرالية ومجلس سلامة النقل الوطني، إنه من السابق لأوانه تحديد العوامل المشتركة بين الحوادث الأخيرة، التي تضمنت شركات طيران أمريكية، وكان من بينها تصادم في الجو في مطار ريغان الوطني، في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي، وتحطم طائرة ركاب تُقلّ عشرة أشخاص بألاسكا في 6 فبراير (شباط) الحالي. وعبَّر عن اعتقاده أن «عدداً لا حصْر له من المشكلات»؛ بينها سوء الأحوال الجوية، وسياسات إدارة الطيران الفيدرالية، يقف خلف هذه الحوادث.

وأكد خبراء أن الطيران يبقى، دون شك، الشكل الأكثر أماناً للسفر.

في هذا الصدد، قال أرنولد بارنيت، أستاذ الإحصاء بكلية سلون للإدارة، في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن خطر الموت على متن رحلة جوية يقترب من الصفر، مشيراً إلى أن الحوادث البارزة، التي وقعت في الآونة الأخيرة، محض مصادفة.

وأضاف: «يصعد اثنا عشر مليون شخص على متن الطائرات، كل يوم، في المتوسط، سنوياً. وفي الغالبية العظمى، لا يصاب أي راكب بأذى، ناهيك عن الموت».

جدير بالذكر أنه وفق تقديرات المجلس الوطني للسلامة، فإن احتمالات الوفاة في حادث سيارة قرابة 1 من 95.

ومع ذلك يجب أن تدفع الحوادث الأخيرة نحو إجراء تحليل دقيق والتنبه لـ«العيوب المحتملة في النظام»، حسبما قال جوزيتي. وكان التصادم الذي وقع بالعاصمة الحادث الأكثر دموية الذي وقع لشركة طيران أمريكية منذ أكثر من عقد.

من جهتها، قالت كيرا ديمبسي، التي تتناول حوادث الطيران في مدونتها «الأدميرال كلاودبرج»، إن تدني إجراءات السلامة في الطيران التجاري احتمال يجب أخذه في الحسبان. وأضافت أن تخفيض مخصصات إدارة الطيران الفيدرالية عامل يجب مراقبته.

أما أهم نصيحة للسلامة فتتمثل في ارتداء حزام الأمان في جميع الأوقات.

يوصي الخبراء بارتداء حزام الأمان طوال الرحلة. وقالت سارة نيلسون، رئيسة جمعية مضيفات الطيران، التي تمثل نحو 55.000 مضيفة طيران في 20 شركة طيران، إن الاستماع إلى إحاطات السلامة التي يقدمها المضيفون الجويون يشكل إجراء احترازياً شديد الأهمية.

وأضافت نيلسون أن المضيفات الجويات يتدربن سنوياً على إجراءات الاستجابة للطوارئ. ويشمل ذلك كل شيء؛ من التعامل مع الركاب المشاغبين، إلى الحرائق داخل المقصورة، إلى عمليات إخلاء المياه.

من ناحية أخرى، قد لا يكون هناك حقاً جزء آمن داخل الطائرة للجلوس فيه.

قال جون كوكس، طيار سابق بشركة طيران، ويدير حالياً شركة استشارات سلامة، إن الأبحاث لم تكن حاسمة بشأن ما إذا كان هناك قسم محدد أكثر أماناً داخل الطائرة. يعتقد بعض المسافرين أنه الجزء الخلفي، بسبب الطريقة التي يمتص بها الطاقة في أثناء الاصطدام، ما يقلل إصابة الركاب، لكن كوكس وجوزيتي عبّرا عن رفضهما هذه الفكرة.

وأضاف كوكس: «يعتمد الأمر على ديناميكيات الاصطدام، لذا لا تقلق بشأن مكان جلوسك بصورة عامة، لا يمكن للمسافرين التنبؤ بنوع الحوادث التي قد يتعرضون لها»، لكن لتجنب الاضطرابات يوصي كوكس بالجلوس «فوق منتصف الجناح».

وفيما يخص الأطفال، يسمح عدد من شركات الطيران للآباء بحمل الأطفال الذين تقلُّ أعمارهم عن عامين، بدلاً من حجز مقعد للطفل. ومع ذلك توصي إدارة الطيران الفيدرالية والمجلس الوطني لسلامة النقل بالتوقف عن هذه الممارسة، وتشجيع الآباء، بدلاً من ذلك، على استخدام نظام تقييد الأطفال المعتمد.

يُذكر أنه يمكن للأطفال غير المقيدين في الأحضان أن يطيروا بعيداً عن أحضان أحد الوالدين، في أثناء حالة الطوارئ، مثل الاضطرابات الشديدة، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة من الأطفال الذين لا يشاركون ذويهم المقعد نفسه، وفق دراسة أجرتها المعاهد الوطنية للصحة عام 2019.

خدمة «نيويورك تايمز»