البحرين تقاوم لهيب الصيف بـ«سياحة الجزر»

سارة بوحجي لـ«الشرق الأوسط»: نسعى جاهدين إلى استقطاب السياح الصينيين

‎⁨تمتاز البحرين بكثير من الأنشطة المائية والفعاليات البحرية (الشرق الأوسط)⁩
‎⁨تمتاز البحرين بكثير من الأنشطة المائية والفعاليات البحرية (الشرق الأوسط)⁩
TT

البحرين تقاوم لهيب الصيف بـ«سياحة الجزر»

‎⁨تمتاز البحرين بكثير من الأنشطة المائية والفعاليات البحرية (الشرق الأوسط)⁩
‎⁨تمتاز البحرين بكثير من الأنشطة المائية والفعاليات البحرية (الشرق الأوسط)⁩

من عيد الأضحى إلى فعاليات الصيف، تعوّل البحرين كثيراً على الموسم السياحي للعام الحالي، الذي تصفه سارة بوحجي، الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض، بأنه سيكون «استثنائياً»، وذلك في حديث مع «الشرق الأوسط»، على ضوء الاحتفالات والبرامج المرتقبة التي تُعدّها البحرين لزائريها في الأيام المقبلة، والتي تتبنى نهجاً جديداً لمقاومة سخونة الصيف العالية جداً في منطقة الخليج العربي.

وتعمل البحرين على جذب أعداداً كبيرة من الزائرين من دول الخليج، ومن المنتظر أن تغطي البرامج السياحية والترفيهية النصف المتبقي من عام 2024 بالأنشطة البحرية والحفلات الفنية والثقافية والعروض الموسيقية في جميع مدن البحرين، مع إحياء التراث الشّعبي وإبراز الهوية البحرينية.

وتأتي هذه البرامج في إطار التكامل في السياحة البينية الخليجية، من دون أن يكون هناك نوع من التنافس بين دول المجلس، خصوصاً أن لكل دولة خليجية ما يميزها من معالم سياحية، بما يجذب أي سائحٍ من أنحاء العالم، كما توضح سارة بوحجي، مضيفة: «يمكن لأي سائح (على سبيل المثال) زيارة منطقة العلا في السعودية، لينتقل بعدها إلى البحرين لتجربة الغوص وصيد اللؤلؤ الطبيعي، ومن ثمّ يذهب إلى قطر لزيارة سوق واقف الشعبية، وبعدها يزور دبي أو أبوظبي للتسوق».

⁨تمتاز البحرين بكثير من الأنشطة المائية والفعاليات البحرية (الشرق الأوسط)⁩

موسم استثنائي

وعن خطة بلادها، تقول سارة بوحجي: «تسعى البحرين إلى تنويع العروض السياحية من خلال تطوير مجموعة متنوعة من الفعاليات والمهرجانات والأنشطة السياحية لجذب السّياح وتلبية احتياجاتهم، والعمل باستمرار على استحداث أنشطة وفعاليات سياحية جديدة. لتطلق هيئة البحرين للسياحة والمعارض مؤخراً مهرجان (أعياد البحرين) لعيد الأضحى المبارك، الذي يشمل مجموعة واسعة من الفعاليات والتجارب الممتعة لاستكشاف أفضل ما تقدمه البحرين من أنشطة». وتتابع: «ستُنظّم حفلات ترفيهية حية ويُعاد إحياء مناسبات عدّة في المولات البحرين إضافةً إلى تنوّع الأنشطة والرياضات وخيارات الضيافة كما يشمل أنشطة مائية ورياضات، وأنشطة ترفيهية، وفعاليات فنية وثقافية، وتسوقاً، وتناول أطعمة متنوعة».

سخونة الصيف

وفي الوقت الذي تواجه دول الخليج موجة الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة في الفترة المقبلة تقول سارة بوحجي: «نعمل على تطوير الأنشطة السياحية الداخلية التي لا تتأثر بالأجواء الصيفية في المنطقة، مثل المنشآت الثقافية، والمجمعات التجارية المكيفة، والفعاليات السياحية الليلية. وكذلك تطوير السياحة العلاجية والاستجمامية لاستغلال المرافق الصحية والمنتجعات لتقديم خدمات علاجية واستجمامية للسياح الباحثين عن الراحة والاسترخاء بعيداً عن حرارة الصيف»، وتضيف «تمتاز البحرين بكثير من الأنشطة المائية والفعاليات البحرية مع وجود الجزر والأنشطة المائية وتنظيم رحلات بحرية وممارسة الرياضات المائية في شواطئ المنامة مثل التجديف، والغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وركوب الأمواج».

وتؤكد سارة بوحجي أن البحرين تشهد زخماً كبيراً في تطوير الشواطئ والواجهات البحرية لاستقطاب مزيد من السيّاح من أبرزها شاطئ خليج البحرين والواجهة البحرية لساحل قلالي وبلاج الجزائر وغيرها. مضيفةً: «بفضل تنوع خيارات الشواطئ والواجهات البحرية، يتاح للسياح موسم الصيف فرصة مميزة للاستجمام وقضاء أمتع الأوقات مع أفراد العائلة على سواحل البحرين».

البحرين تتجه لتنظيم حفلات حية في موسم سياحي حافل (الشرق الأوسط)

استراتيجية السياحة

وبسؤالها عن استراتيجية السياحة للبحرين 2022 – 2026، تقول: «كلنا ثقة بمواصلة تحقيق الإنجازات في القطاع السياحي بما يعزز مكانة البحرين بوصفها وجهة سياحية على المستويين الإقليمي والعالمي. ونستهدف 5 أسواق لاستقطاب مزيد من السياح من دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا وأميركا الشمالية وآسيا».

السوق الصينية

وعدّت سارة بوحجي أن السوق الصينية من أبرز الأسواق المستهدفة بالنسبة إلى البحرين خارج المنطقة، ومدرجة على رأس أولويات استراتيجية السياحة، وتضيف: «نسعى جاهدين إلى استقطاب مزيد من السياح الصينيين من خلال دراسة اهتماماتهم السياحية خصوصاً في مجالات التسوق والضيافة وفن الطهي. وتعزيزاً لذلك دشنت شركة طيران الخليج، رحلات جوية مباشرة إلى مدينتي شنغهاي وغوانجو الصينيتين، التي ستفتح آفاقاً رحبة في مجالات السياحة والأعمال».

وتطرقت سارة إلى اختيار المنامة عاصمة للسياحة الخليجية لعام 2024. مبيّنة أن ذلك جاء ثمرة الجهود التي قدمتها البحرين وتعزيز العمل الخليجي المشترك في القطاع السياحي، بالإضافة إلى النهضة الكبيرة التي شهدها القطاع السياحي في البحرين على جميع الأصعدة.

السعودية والبحرين

وعن نتائج الشراكة البحرينية - السعودية للترويج للبلدين بوصفهما وجهة سياحية موحدة، تقول سارة: «تشكل مذكرة التفاهم الموقَّعة بينهما خلال العام الماضي 2023 للترويج للبلدين إقليمياً ودولياً، على أنهما وجهة سياحية واحدة، علامة فارقة في التعاون البحريني - السعودي لمضاعفة المكاسب السياحية المتحققة والبناء عليها لتحقيق قصص نجاح مشتركة جديدة في مجالات عدّة، بما سيعزّز زخم النمو القطاع السياحي لدى المملكتين الشقيقتين».

⁨لقاء سابق جمع سارة بوحجي مع وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب (الشرق الأوسط)⁩

وتضيف: «تتركز أولوياتنا في الفترة المقبلة على الترويج السياحي لمنطقة الخليج العربي، خصوصاً أن كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي تتميز بمقوماتها السياحية وعناصر الجذب الترفيهية الفريدة من نوعها بما يخدم أهداف تنويع المنتج السياحي على مستوى المنطقة. ومع استقطاب الزوار لمنطقة الخليج العربي ستعمّ الفائدة على جميع الدول. ونرحب بكل الاستثمارات سواءً الخليجية منها أو من خارج المنطقة».

النصف الثاني من 2024

وعن أبرز المبادرات والفعاليات السياحية في النصف الثاني من العام الحالي 2024، تقول: «يقدم مهرجان صيف البحرين السنة الحالية، مجموعة من النشاطات والتجارب الاستثنائية مع اكتشاف كثيرٍ من الأنشطة المائية الحيوية ووجهات الجزر الهادئة والاستمتاع بالأجواء على الشواطئ».

وتتابع: «لأول مرة، يستضيف مركز البحرين العالمي للمعارض في منطقة الصخير (مهرجان البحرين للألعاب) بشراكة مع مسرح الدانة ، ويستضيف المهرجان أبرز العلامات التجارية للألعاب العالمية، ويتضمن كثيراً من النشاطات والفعاليات الترفيهية المتنوعة التي تتناسب مع أذواق جميع الفئات العمرية».

أحدث مركز للمعارض

وعن آخر مستجدات مركز البحرين العالمي للمعارض بوصفه أحدث مركز معارض ومؤتمرات في الشرق الأوسط، تكشف سارة بوحجي عن أنه تمكّن من احتضان 186 فعالية خلال العام الماضي 2023، إذ شكَّلت الفعاليات الدولية منها ما نسبته 62.5 في المائة، واستقبل المركز قرابة 800 ألف زائر من جميع أنحاء العالم، مع حجز ما مجموعه 8 ملايين متر مربع من مساحات العرض.


مقالات ذات صلة

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

يوميات الشرق مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

شكّلت جدران الجبل الجليدي الضخمة حاجزاً، كما لو كانت باباً فاصلاً، بين مستعمرة خليج هالي والبحر، مما جعل صغار البطاريق مُحاصَرة في الداخل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق منظر جوي يُظهر قصراً من القصرين المغطيين بالغرافيتي (غيتي)

إغلاق فيلا «هوليوود هيلز» المغطاة بالغرافيتي

اعتُقل شخصان يوم الأربعاء فيما يتعلق بالتخريب في فيلا «هوليوود هيلز» المهجورة التي يملكها ابن مالك مشارك في نادي فيلادلفيا فيليز.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق للصدمة أشكال عدّة (مواقع التواصل)

ثعبان عملاق يُنغّص على بريطانية استمتاعها باحتساء القهوة

أُصيبت بريطانية بصدمة كبيرة بعد اكتشافها ثعباناً من فصيلة الأصلة العاصرة، طوله 5.5 قدم (1.6 متر) مختبئاً في حديقة منزلها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
TT

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

كان الضجيج نادراً في جنوب سردينيا منذ مدة طويلة، يقول البعض ربما منذ انحدار الحضارة النوراجية من العصر البرونزي في المنطقة. ومع ذلك، في ثاني أكبر جزيرة إيطالية، حيث تفوق الأغنام عدد السكان إلى حد كبير، هناك طاقة جديدة لا لبس فيها في «كالياري»، عاصمة البحر الأبيض المتوسط الصغيرة، والريف المحيط بها.

تشتهر سردينيا بطبيعتها وشواطئها الجميلة (نيويورك تايمز)

يقول المؤرخ المحلي فينتورينو فارغييو، بينما كنا نشاهد احتفال الأزياء الشعبية السنوي في سانت إفيزيو في المدينة: «لقد اعتدنا أن نعدّ أنفسنا ريفيين، معزولين في هذه الجزيرة النائية. لكن سكان سردينيا بدأوا يدركون أن ثقافتنا لها قيمة حقيقية بالنسبة إلينا وللأجانب».

في كالياري، هناك زيادة في الفخر، إلى جانب موجة من التنمية الجديدة، أغلبها يهدف إلى زيادة الأعداد المتزايدة بالفعل من السياح. في حي مارينا الذي يتغيّر بسرعة، وهو معقل سابق لصيادي الأسماك، صار اليوم مزيجاً نابضاً بالحياة من المهاجرين والمقيمين منذ مدة طويلة، سوف يُنشئ متنزه، جرى تصميمه من قبل المهندس المعماري «ستيفانو بويري»، حديقة مورّقة على طول الواجهة البحرية. سوف يوصل خط قطار خفيف المارينا بضواحي كالياري، ويجري إنشاء ميناء جديد، من المتوقع أن يكون عام 2026 لنقل سفن الرحلات البحرية بعيداً، ما يسمح للسفن الشراعية بالرسو (وإنفاق الأموال) في وسط كالياري.

«لاي» من أشهر الأجبان في جنوب سردينيا (نيويورك تايمز)

بالنسبة إلى كالياري والجنوب الذي يمتد على طول ساحل رملي أبيض وبحر أزرق من الشواطئ الخلابة يمكن أن يثبت المد السياحي إما أنه مدمر وإما أنه نعمة للمنطقة التي تعاني من نقص الفرص. منذ عقود مضت، أصبحت «كوستا إزميرالدا» في شمال سردينيا ملعباً ومنتجعاً للأثرياء مثل ميلانو على البحر الأبيض المتوسط التي ترمز إلى كيفية استعمار السياح لمنطقة ما.

جبن محلي الصنع في سردينيا (نيويورك تايمز)

لكن هل يمكن إنشاء صورة أكثر انسجاماً من السفر في الجنوب؟ مع السياحة المفرطة التي أصبحت الآن لعنة عديد من المواقع الإيطالية، زرت المنطقة وسألت السكان المحليين: ما الذي قد يشكّل مستقبلاً أفضل؟

قال سامويلي موسكاس، أحد مؤسسي «سابوريس»، وهو مطعم خلاّب ومقهى في مارينا: «هذه المدينة تتطوّر لتناسب السياح». يتميّز المطعم بمظهر باريسي رائع، ولكنه يقدّم قائمة طعام محلية وزواراً محليين، وهو واحد من كثير من المطاعم الحضرية في كالياري التي تنافس تلك الموجودة في المدن الإيطالية الكبرى. قدّم لي موسكاس الذي بدأ رحلته في «سابوري دي سردينيا»، وهو متجر قريب للأغذية، الذي كان يضم «سابوريس» وجاره القريب «بيبيت»؛ طبقاً من الهليون البري من شمال سردينيا، وأشار إلى أنني كنت الشخص الوحيد غير السرديني في غرفة الطعام. ثم قال: «لقد أنشأنا هذا المكان لمجتمعنا. ونرحّب بالسياح أيضاً، لكننا نريد منهم أن ينغمسوا في ثقافتنا، في مكان خاص بنا».

مقارنة بالمدن الإيطالية الأخرى، قد تبدو المواقع الثقافية في كالياري قليلة بعض الشيء، رغم أن المتحف الأثري يحتوي على مجموعة رائعة من القطع الأثرية النوراجية والفينيقية والرومانية القديمة في سردينيا، بما في ذلك الرماة النوراجيون المنحوتون على الحجر، والمعروفون باسم عمالقة «مونتي براما». وفي أماكن أخرى، هناك مواقع مثل «غياردينو سونورو»، وهو تركيب خارجي من منحوتات حجرية لصنع الموسيقى من قِبل الفنان المحلي «بينوكيو سيولا»، وكاتدرائية الباروك مع قبوها المقوّس المغطى بالبلاط الذي يُصوّر ما يقرب من 200 قديس.

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

إنها مدينة يكون الاستمتاع بها بشكل أفضل من خلال التجول. يُعدّ شاطئ «بويتو» الذي يمتد لمسافة أميال مكاناً رائعاً للخروج في كالياري خلال الطقس الدافئ، مع نوادي الشاطئ ومطاعم المأكولات البحرية الكلاسيكية مثل مطعم «ريستورانتي كالاموسكا» على حافة الماء. تتجمع طيور الفلامنغو الوردية، وهي أكثر سكان المدينة تقديراً، بالقرب من مسطحات «مولينتارغيوس» الملحية. يتدفق السياح والسكان المحليون على حد سواء إلى حصن سانت ريمي، أفضل نقطة مراقبة في هذه المدينة ذات التلال المتحدرة. وفي وقت مبكر من المساء، تمتلئ ساحة «غيتانو أورو» بالشباب الذين يتجمعون حول بار «فينيريا فيلانوفا»، ويتوجهون لتناول العشاء في المطاعم الكلاسيكية مثل مطعم «تراتوريا ليليكو»، الذي يرجع تاريخه إلى عام 1938، أو أحد مطاعم الجيل الجديد مثل «ريتروبانكو»، و«وسابوريس».

في الوقت الحالي، لا تزال كالياري تبدو وكأنها مدينة تنتمي إلى سكانها، على عكس فلورنسا أو البندقية أو غيرهما من المدن التي يكتظ بها السياح. قال جوزيبي دي مارتيني، المدير العام لمطعم «ريتروبانكو»: «لكننا نريد زيادة الزوار هنا». وأضاف: «يجب أن تصبح كالياري عاصمة البحر الأبيض المتوسط».

يُعد جبن «لاي» سبباً كافياً لزيارة المنطقة. ففي «سينوس»، ورشته الصغيرة، يتبع تقليداً سردينياً قديماً لصنع الأجبان الطبيعية باستخدام الحليب الطازج من الأغنام التي تملكها عائلته. ويقول: «يُصبح الطعام المصنوع بطريقة واعية وسيلة لنقل الثقافة»، بينما كنا غارقين حتى مرافقنا في الحليب الساخن، ونسكب اللبن الرائب في وعاء نحاسي مسخن بالنار. يمكن للضيوف زيارة المتجر لتذوق أجبانه العتيقة الرائعة أو، كما فعلت، تجربة صناعتها بأنفسهم.

في منطقة «سولسيس» المجاورة، واجهت تفسيراً آخر لـ«سردينيا»، حيث يتم الجمع بين الحرف التقليدية والتصميم المعاصر بلا خجل. «بريتزايدا» هي الاستوديو الإبداعي لكل من «إيفانو أتزوري» و«كاير تشينڨن»، وهما مهاجران من كاليفورنيا وميلانو، يصممان وينتجان الأثاث مع الحرفيين المحليين. هذا الربيع، افتتح الثنائي «لوكسي بيا»، وهي مجموعة من بيوت الضيافة الحجرية المحيطة بها أشجار الزيتون والحقول الخضراء. أعادا بناء المساكن وفقاً للأسلوب التقليدي للمنطقة وملأوها بأسرّة «بريتزايدا» ذات الإطارات الخشبية المنحوتة المذهلة، وطاولات جانبية من الفلين المنحوت، وغير ذلك من القطع المعاصرة المصنوعة يدوياً.

طبيعة جميلة في واحدة من أكبر جزر إيطاليا (نيويورك تايمز)

لاحقاً، استقللت دراجة كهربائية للوصول إلى «تومبي دي جيغانتي»، وهو موقع «نوراجيكي» مع مسارات المشي لمسافات طويلة تطل على التلال المشجرة. تقع شواطئ الأحلام «بورتو بينو»، و«سو بورتو دي سو تريغو»، و«إيس سوليناس» في البحر الأبيض المتوسط على مسافة قصيرة بالسيارة، وكذلك مجتمع الصيد الغني بالتاريخ في جزيرة «سانت أنتيوكو»، المتصلة بالجزيرة الرئيسية عبر جسر بري رفيع.

في أعماق «سولسيس»، وهي منطقة معروفة بأعمال التعدين السابقة، وعلى طول الساحل الجنوبي الغربي، افتُتح «لو ديون بيسيناس» في مايو (أيار)، بوصفه فندقاً فخماً في مستودع سابق للتعدين، وهي محاولة طموحة لتحويل منطقة فارغة الآن من الصناعة إلى وجهة ذات طابع طبيعي. أصبحت الحديقة المحيطة جزءاً من درب المشي «سانتا باربرا»، باتباع المسارات التي كان يسير عليها عمال المناجم ذهاباً وإياباً من العمل. لكن موطن الجذب الحقيقي هو العزلة الرائعة للفندق وشاطئه المواجه للغروب، والمدعوم بشكل كبير ببعض أطول الكثبان الرملية في أوروبا «ربما الجزء الأكثر عزلة من ساحل سردينيا»، كما قالت المالكة «مارسيلا تيتوني»، التي قضت 10 سنوات في تجديد الفندق: «ما أفضل طريقة لإحيائه سوى من خلال الزوار وهذا العمل المفعم بالمحبة؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»