موسم الثلج في لبنان... «مقاومة» بالحياة والأمل

احتفال بكفردبيان «عاصمة المصايف الشتوية العربية» بحضور سعودي

الأرز بعظمته مغموراً بالثلوج (الأب إيلي قرقماز)
الأرز بعظمته مغموراً بالثلوج (الأب إيلي قرقماز)
TT

موسم الثلج في لبنان... «مقاومة» بالحياة والأمل

الأرز بعظمته مغموراً بالثلوج (الأب إيلي قرقماز)
الأرز بعظمته مغموراً بالثلوج (الأب إيلي قرقماز)

يردّ اختيار منطقة كفردبيان اللبنانية المكلّلة بالثلوج، «عاصمة المصايف الشتوية العربية 2024»، الاعتبار للبنان المُتمسّك بالحياة. كان الأحد 24 فبراير (شباط) مشمساً، فأضافت الأشعة الآتية من السماء اللمعان على المساحة البيضاء الشاسعة حين احتشد المحتفلون بالتقدير المُستحَق، من بينهم السفيران السعودي وليد البخاري والمصري علاء موسى. وزير السياحة وليد نصار حضر وسط غياب رسمي. يُخبر «الشرق الأوسط» بأنّ الأمل «مقاومة أيضاً».

المدى الشاسع حين تباغته الشمس (صفحة مختار كفردبيان وسيم مهنا في «فيسبوك»)

يذكّر بانتخاب «المنظّمة العالمية للسياحة»، بلدة بكاسين اللبنانية من بين الأجمل في العالم عام 2021، لتُميَّز بلدة دوما في البترون، العام الماضي، بالتصنيف نفسه. هذا العام، وضمن برنامج احتفالي حدَّد نقطة انطلاقه من بلدية كفردبيان، قبل المرور بمحطّات سياحية مغمورة بالأبيض، من بينها آثار فقرا الرومانية، أعلنت «منظمة السياحة العربية» البلدة الشهيرة في الشمال اللبناني «عاصمة السياحة العربية الشتوية لعام 2024»، فإذا بنصار يؤكد أنّ «المقوّمات موجودة، ولبنان محبوب، بانتظار الخلاص السياسي».

يصف علاقته بالسفيرين السعودي والمصري بـ«الشخصية»، ويتحدّث عن «جهود نبذلها لإعادة لبنان إلى الخريطة السياحية». يقول إنّ الوزارة تعمل على مشاريع مستدامة، وتتواصل مع منظّمات عربية وعالمية لاستعادة الثقة. بالنسبة إليه، «علينا الاستعداد، فنقابل عودة السواح بجاهزية تامة. نعمل كأنْ لا أزمات سياسية تنغّص كل شيء».

أمام عظمة اللون الأبيض وانعكاس الشمس على الجبال، احتفلت كفردبيان بالإشادة العربية. من لقاءاته مع السفراء العرب، وبينهم البخاري، يؤكد أنّ «الغياب عن لبنان نحن سببه. هم يحبّوننا، وعلينا عدم التفريط بهذه المودّة. أعمل مع رؤساء الهيئات السياحية في السعودية والإمارات وقطر لنعيد بناء الجسور».

الأبيض الناصع ينال التقدير المُستَحق (صفحة مختار كفردبيان وسيم مهنا في «فيسبوك»)

يدرك أنّ الحرب في الجنوب اللبناني وغزة الفلسطينية استنزافٌ ينهك السياحة ويضرب قطاعات. مع ذلك يعلن: «الأمل شكل من أشكال رفض الاستسلام. مبادلة المحبة ينبغي ألا تكون بالإضرار بالمصالح وتخريب العلاقات. نعمل لئلا تطول إقامتنا على الهامش، فنجنّب لبنان البقاء خارج دوائر الحلّ».

يعتب البعض على التمسّك بمظهر حياة بينما الموت عميم. يصف منتقدي كل مبادرة لعودة لبنان إلى عزّه، بـ«الشعبويين»، ويشير إلى «مزايدات لا تعود بالفائدة على البلد». مجرّد وجود ممثل عن السفير الفلسطيني في احتفال كفردبيان، يكفي برأي نصار لردع المزايدين. ذلك لا يعني عدم التعاطف وتبرير المأساة: «نستطيع مراعاة الآخرين من دون أن يتناقض العطف مع النهوض ببلدنا وانتشاله من الهامش».

مشهد من الزعرور (تصوير رنا سماحة - «فيسبوك»)

الاستمرار هو الخيار

من حلبة التزلّج في مزار كفردبيان، تصف نيكول واكيم الموسم بالجيد. تُخبر «الشرق الأوسط» أنه «رغم مزاج الحرب والتخوّف من تمدّدها، نستطيع الاستمرار». يُسعدها الحضور الدبلوماسي في يوم تتويج المنطقة عاصمة شتوية، وتأمل بأن يشكّل وجود السفير السعودي بداية لعودة السياح الخليجيين.

تصف مشهدية الزوار في عطلة نهاية الأسبوع: «نحو 5000 سيارة تملأ المكان، والفنادق محجوزة بالكامل». تُلمح إلى «قسوة الأسعار» على بعض اللبنانيين، «لكنهم يحتاجون إلى متنفّس. كثيرون يأتون إلى كفردبيان بدل السفر، فينفقون كأنهم مسافرون. اللبناني بارع في التأقلم، لا يكتفي بالتفرّج على دولاب الأيام وهو يدوسه».

مشهد من ثلج الأرز وقرميده (الأب إيلي قرقماز)

جو خليل من صفحة «ماونتن ليب دوت كوم» يميل إلى الشكوى. هو من منظّمي نشاطات سياحية لزوّار فاريا ومزار كفردبيان، ومَن يؤجّرون أدوات تزلّج. يقول: «نتطلّع لعودة السياح، ومع ذلك نرضى بالقليل. لم يتساقط الثلج بكثافة هذا العام، ونحن في الأسفل بعض الشيء مقارنة بحلبة التزلّج. نسعى إلى سدّ التكاليف مع أرباح بالحدّ الأدنى».

يعترف أيضاً بـ«قسوة الأسعار»: «الليلة في الشاليه قد تصل إلى 300 دولار. البعض لا يتحمّل. لكن فلنأخذ المصاريف في الحسبان: ثمة وقود المولّدات، والتدفئة، وجرف الثلج... نأمل بانفراج سياسي».

يشكو أنّ موسم التفاح إنْ تكدّس، يرمي المزارعون رزقهم على الطرقات، فتعوّض الدولة الخسائر، «أما نحن فندفع غالياً ثمن الصيانة ونسدّد الضرائب المرتفعة، والدولة لا تلتفت. مع ذلك خيارنا الوحيد أن نستمر».

كفردبيان من فوق الغيم (صفحة مختار كفردبيان وسيم مهنا في «فيسبوك»)

الأرز... «السياح المحلّيون» ينقذون الموسم

من كفردبيان إلى الأرز، حيث الثلوج تحتضن الشجر المتجذّر في الأرض. يقول مدير منتجع «المحطة» إيلي فخري لـ«الشرق الأوسط» إنّ الموسم واعد، وأفضل مما سبق. هو أيضاً يتحدّث عن التأقلم: «اعتاد اللبنانيون على دولار الـ90 ألفاً، وباتوا ينفقون بشكل مريح. في السابق، استكثروا دفع الـ10 دولارات. اليوم يعدّون الـ50 دولاراً مسألة عادية. أسعارنا مقبولة بالنسبة إلى مَن يدفعون بهذه العملة. لكننا خسرنا الزبون الذي ينفق بالعملة اللبنانية. هذه الفئة لا تقصد حلبة التزلّج».

يسمّي اللبنانيين المتردّدين إلى كفردبيان «سياحاً محليين»، ويقول إنّ نسبتهم «90 في المائة». يشرح أنّ الثلج المتراكم في شهر ديسمبر (كانون الأول) هو المُعوَّل عليه لنجاح الموسم، «لكنه لم يتساقط كما المُتوقَّع، ومرَّت فرصة الميلاد ورأس السنة مسجّلةً خسائر». يأمل بما يعوّض قبل نهاية مارس (آذار) وذوبان الأبيض الناصع.

كفردبيان عاصمة المصايف الشتوية (صفحة مختار كفردبيان وسيم مهنا في «فيسبوك»)

الزعرور... ليت الثلج يدوم

إلى منطقة الزعرور ومزارها. يميّز المدير العام لفندق «لو غران شاليه - نادي الزعرور» زياد كعدي، بين متزلّج في الحلبة، وهواة اللعب بالثلج. يصف الموسم بالقصير، «فالثلج لم يتساقط بكثافة». لا يعني الاكتظاظ دائماً ضخّ المال في حلبات التزلّج، «فالبعض يأتي للغداء وليلهو قليلاً مع الأولاد، والآخر لالتقاط الصور وتمضية الوقت مكتفياً بالتهام (ساندويتش) فقط». هو أيضاً يرجو تحسُّن الأحوال، ويأمل بعاصفة تغمر المكان بثلج طويل العمر.


مقالات ذات صلة

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

شمال افريقيا اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق أحد اللنشات السياحية بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم بالبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)

تركي آل الشيخ و«براذرز ديسكفري» يكشفان عن «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض»

في حدث يجمع المتعة والإثارة، سيكون زوار موسم الرياض 2024 على موعد لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة «هاري بوتر: موسم الرياض».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
سفر وسياحة قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات وفاقت شهرتها حدود البلاد

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.