رغم عدم امتلاك مصر سلاسل جبلية ضخمة مثل تلك الموجودة في بعض الدول الأخرى، فإن لديها مجموعة متنوعة من الوجهات الجبلية المميزة، التي تلبي احتياجات ورغبات السائحين من محبي التسلق وعُشّاق التحديات والمشي لمسافات طويلة والصعود للقمة، وكذلك محبي التأمل والاسترخاء والاستجمام في أحضان الطبيعة، ما يجعلها وجهة سياحية واعدة لمحبي رياضة تسلق الجبال.
وتعمل مصر على تطوير سياحة الجبال، من خلال إنشاء عديد من المرافق السياحية، مثل الفنادق والمنتجعات السياحية، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية في هذه المناطق، لا سيما شبه جزيرة سيناء، ما يجعل سياحة الجبال من الأنشطة السياحية التي يمكنها أن تسهم في جذب مزيد من السياح إلى مصر.
«الشرق الأوسط» تستعرض خلال السطور التالية أشهر الوجهات الجبلية الرائعة، وأهم الأنشطة السياحية المرتبطة بها.
- جبل موسى
في صحراء سيناء الشاسعة، وتحديداً في مدينة سانت كاترين، يظهر جبل موسى بوصفه معجزةً طبيعيةً وتاريخيةً، يمتزج فيها الطابع الروحاني بجمال الطبيعة الخلابة، إذ إنه يعد أكثر الجبال الموجودة في جنوب سيناء شهرةً، ويعدّ واحداً من أبرز المعالم الدينية والسياحية حول العالم.
يستقي الجبل اسمه من نبي الله موسى، الذي كان يعتلي هذا الجبل لكي يناجي ربه فيكلمه تكليماً، وأعطى ذلك للمكان أهميةً دينيةً وروحانيةً خاصةً، ليصبح محط جذب للسائحين من جميع أنحاء العالم، الباحثين عن تجربة سياحية تمتزج فيها الروحانية والإثارة بالطبيعية.
يحمل الجبل أهمية دينية أخرى، حيث يوجد في سفحه مقام النبي هارون عليه السلام، لكن بعض الروايات تشكّك في صحة ذلك، وتعدّ أنه مجرد مقام رمزي.
إلى جانب الأبعاد الدينية، يتميز جبل موسى بأنه وجهة ذات أهمية بالنسبة لمحبي تسلق الجبال؛ بسبب منحدراته الحادة وصخوره الرملية، ما يجعله معلماً جذاباً لعشاق المغامرات ورحلات التسلق. ولتسهيل وصول الزوار إلى جبل موسى، تم تطوير بنية السياحة في المنطقة، بما في ذلك وسائل النقل والإقامة، كما يمكن للزوار الاستمتاع برحلات السفاري والتجول في الصحراء.
غالباً ما تبدأ الرحلات إلى جبل موسى قبل منتصف الليل، للحاق بمشهد شروق الشمس أعلاه، ومع الوصول إلى قمة الجبل، على ارتفاع 2285 متراً فوق سطح البحر، يستطيع الزائر أن يشاهد أبدع منظر تراه العين، خصوصاً في الصباح الباكر والشمس ترسل أشعتها على الجبال المتراكمة فوق بعضها بعضاً على مدى النظر، كما يمكن الاستمتاع بإطلالات خلابة على صحراء سيناء وخليج العقبة.
يُنصح عند تسلق الجبل ارتداء حذاء رياضي، مع التخفف من الأحمال، مع ارتداء حقيبة على الظهر حتى لا تسبب إعاقة عند الصعود، مع ارتداء جاكت لبرودة الطقس أعلى الجبل، كما عليك اصطحاب كاميرا ذات جودة عالية تُمكّنك من التقاط الصور المتنوعة ومقاطع الفيديو الفريدة، التي توثّق لهذه المغامرة.
- جبل سانت كاترين
يبرز جبل سانت كاترين أو كما يُسمى أحياناً «جبل القديسة كاترينا»، بوصفه واحدةً من أهم الوجهات السياحية والروحانية في مصر، يقع جبل سانت كاترين في جنوب سيناء، ويعد أعلى قمة جبلية في مصر، حيث يصل ارتفاعه إلى نحو 2629 متراً فوق سطح البحر.
يتميز جبل سانت كاترين بجماله الخلاب وتضاريسه الفريدة، وهو موطن لعديد من الظواهر الطبيعية الرائعة والمحميات الطبيعية. يعدّ الجبل مقدساً في عديد من الأديان، حيث يقع دير سانت كاترين في قلبه، الذي يُعدّ واحدةً من أقدم دور الرهبان في العالم.
يجذب الجبل السائحين والمسافرين الباحثين عن تجربة فريدة ومميزة، حيث يتوجه كثيرون إلى جبل سانت كاترين؛ للاستمتاع بالمشاهد الخلابة للمناظر الطبيعية، وللمشاركة في رحلات التسلق والمغامرات الجبلية، كما يتيح ارتفاع الجبل رؤية خليج السويس وخليج العقبة من قمته، ويُمكن أيضاً مشاهدة تساقط الثلوج فوق جبل سانت كاترين في فصل الشتاء.
كذلك فهو مكان مثالي لرؤية وتأمل النجوم، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بمراقبة السماء اللامعة واستكشاف أسرار الكون في جو هادئ ومليء بالسكون.
- جبل أم شومر
يقع جبل أم شومر في جنوب سيناء، ويطل من الشرق على مدينة الطور، ويبلغ ارتفاعه 2586 متراً فوق سطح البحر، وهو ثاني أعلى جبل في مصر بعد جبل سانت كاترين. يتكون جبل أم شومر من صخور بركانية قديمة، ويتميز بمنحدراته الحادة وتشكيلاته الصخرية المميزة، كما يضم عديداً من الكهوف والمغارات.
يتمتع جبل أم شومر بأهمية تاريخية وثقافية كبيرة، حيث كان مركزاً لعبادة الإله «آمون» أحد أهم الآلهة المصرية في العصور القديمة، كما ورد ذكره في عديد من النصوص الدينية، مثل التوراة والإنجيل.
في العصر الحديث، أصبح جبل أم شومر من أشهر الوجهات السياحية في سيناء، حيث يجذب عديداً من الزوار من مختلف أنحاء العالم؛ للاستمتاع بطبيعته الخلابة وممارسة الأنشطة الترفيهية المختلفة، مثل التخييم والمشي لمسافات طويلة والتسلق، حيث يتميز الجبل بمنحدراته الحادة وتشكيلاته الصخرية المميزة، كما أنه يوفر لمتسلقه إطلالة رائعة على مدينة الطور والمناطق المحيطة بها. ولتسهيل تلك الأنشطة تتوفر في المنطقة عديد من المطاعم والمقاهي التي تقدم خدماتها للزوار.
- جبل المدورة
يقع ضمن محمية وادي الريان في محافظة الفيوم، وهو جبل يتخذ الشكل الدائري، ومنه استمد اسمه (المدورة)، وهو عبارة عن تكوين صخري أكثر من كونه جبلاً حقيقياً.
يسهُل تسلق «المدورة» والوصول إلى أعلى نقطة ارتفاع به، ما يُمكّن من رؤية رمال صحراء وادي الريان بلونها الذهبي وزرقة مياه بحيرة قارون وشلالات وادي الريان، وهي الوجهات السياحية المميزة في الفيوم.
يتسم جبل المدورة بالتكوينات الصخرية، حيث يعود إلى 45 مليون عام، إلى فترة ما قبل العصر الأيوسيني، وينتشر في المنطقة المحيطة به ما يُعرف بـ«قرش الملك»، الذي يشبه في شكله العملات المتحجرة، كما تقابله 3 هضاب قريبة الشبه بالأهرام.
يعد جبل المدورة منطقة جذب سياحي، حيث تستغل منطقة الجبل في رحلات السفاري، وتقوم بعض الأفواج بتنظيم مسابقات للتزلج على الرمال بجواره، كما يوجد أسفل الجبل شاطئ بطول نحو 500 متر، يمتاز بأنه مظلل بظل الجبل.
- جبل الجلالة
يعد جبل الجلالة من أكثر الأماكن بمدينة العين السخنة استقطاباً للزوّار، نظراً للقرب من العاصمة القاهرة (نحو 133 كيلومتراً شرقاً على ساحل البحر الأحمر)، حيث يقصده الزوار على مدار العام؛ لإقامة رحلات السفاري وركوب السيارات الجبلية والاستمتاع بالكثبان الرملية.
يُقدّر ارتفاع الجبل بنحو 1.2 كيلومتر، ويشتهر بقيمته التاريخية والدينية؛ بسبب ما تذكره المراجع التاريخية من مرور النبي موسى من ذلك الجبل متجهاً للبحر.
يتميز جبل الجلالة بتنوع تضاريسه، إذ يضم مجموعة من الوديان والشلالات والبحيرات، فضلاً عن انتشار مجموعة من النباتات والحيوانات البرية بين أرجائه.
يمكن ممارسة عدد من الأنشطة عند زيارة جبل الجلالة، منها ركوب دراجات الدفع الرباعي، وممارسة صيد الحيوانات والطيور البرية، أما عند الوصول إلى قمة الجبل فسيكون من الرائع الاستمتاع بالإطلالات البانورامية على ساحل البحر الأحمر وخليج السويس، خصوصاً أن الجبل يحتوي على أماكن مخصصة من أجل الجلوس، وأخرى من أجل التنزه، كما يمكن التخييم أعلى الجبل وكذلك المبيت.
تجري الحكومة المصرية حالياً أعمال إنشاء مدينة الجلالة الجديدة بمحيط الجبل، ومن المقرر أن تضم المدينة عديداً من المرافق السياحية، والاقتصادية، والسكنية. وتتوقع الحكومة المصرية أن تصبح مدينة الجلالة الجديدة إحدى أهم الوجهات السياحية في مصر خلال السنوات المقبلة.
- جبل الموتى
من المهم عند زيارتك إلى واحة سيوة، في صحراء مصر الغربية، أن يكون جبل الموتى ضمن برنامج الرحلة. اكتسب الجبل اسمه بسبب كثرة المقابر وغرف الدفن المنحوتة في التكوينات الصخرية، التي يتكون منها الجبل، وهي المقابر التي تمثل أهمية خاصة لعلماء الآثار، إذ يعود تاريخها إلى فترات مختلفة، وتوفر لمحة عن التأثيرات الثقافية والتاريخية المتنوعة التي شكّلت المنطقة على مدى آلاف السنين.
إحدى المقابر البارزة بالجبل هي «مقبرة سي آمون»، التي يعتقد بأنها تنتمي إلى فرد رفيع المستوى من الأسرة السادسة والعشرين. وتُزيِّن المقبرة لوحات ملونة تصور مشاهد من الحياة اليومية والطقوس الدينية والرحلة إلى الحياة الآخرة، وهي جداريات تقدم للزائر معلومات قيمة عن معتقدات وعادات المصريين القدماء، ولمحة عن المعتقدات والطقوس والحياة اليومية للأشخاص الذين سكنوا هذه المنطقة الصحراوية النائية.
أما الصعود إلى قمة الجبل، البالغ ارتفاعه 50 متراً، فيمنحك التمتع بالهواء النقي، إلى جانب رؤية مشهد خلاب لواحة سيوة من أعلى لا ينسى، خصوصاً أبرز معالمها؛ معبد أجورمي وقلعة شالي القديمة، كما تستطيع مشاهدة بحر الرمال الأعظم بين مصر وليبيا.