كيف تمضي أفضل 36 ساعة في قرطبة؟

رحلة إلى تاريخ الأندلس والقصص التي لا تنتهي

قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)
قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)
TT

كيف تمضي أفضل 36 ساعة في قرطبة؟

قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)
قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)

تهب رياح الابتكار مرة أخرى على أشجار البرتقال التي تظلل الممرات والساحات في قرطبة، وهي مدينة في منطقة الأندلس بجنوب إسبانيا. يمكن للزوار تتبع تاريخ قرطبة من أطلالها الرومانية إلى العمارة المغاربية التي خلفتها خمسة قرون من الحكم الإسلامي (عندما كانت المدينة واحدة من أكبر عواصم أوروبا وأكثرها حداثة وعالمية)، إلى كنائسها اللاحقة والقصور المسيحية.

ورغم أن كثيرا من المتنزهين النهاريين يتنقلون من مكان لآخر قبل حلول الظلام، فإن قرطبة اليوم تقدم عطاياها للمستكشفين لبضعة أيام: ليس فقط للاستمتاع بآثارها (المدينة بها أربعة مزارات خاضعة لحماية اليونسكو)، ولكن لمعرفة كيف يقوم الفنانون والطهاة الشباب بالتنقيب في ماضي المدينة الغني متعدد الثقافات. في فصل الشتاء، دائماً ما يكون هناك عدد أقل من الحشود وتعتدل درجات الحرارة، وأصبح الذهاب إلى قرطبة الآن أسهل (وأرخص) في ظل وجود مشغل جديد للسكك الحديدية عالية السرعة تمثل في شركة «أيريو» التي دخلت في منافسة على الأسعار مع شركة السكك الحديدية «رينفي».

لا ينبغي لأي زائر تخطي «كاتدرائية قرطبة وجامعها» وهما من مواقع التراث العالمي لليونسكو، حيث نرى المزج بين العمارة الإسلامية والمسيحية، وغابة الأعمدة غير محدودة العدد (حوالي 850 عموداً)، وأقواس حدوة الفرس باللونين الأحمر والأبيض. اذهب لزيارتها في وقت الغداء (يأكل الإسبان في وقت متأخر) يوم الجمعة عندما يكون هناك عدد أقل من الناس. بدأ بناء المسجد، الذي كان يوماً ما ثاني أكبر مسجد في العالم، حوالي عام 786 ميلادية، وتم تدوير المواد من كنيسة القوط الغربيين في «سان فيسنتي»، والتي حلت محلها. أصبح المسجد كاتدرائية عندما غزا المسيحيون المدينة عام 1236، وتم بناء كنيسة صغيرة ضخمة ذات أسقف مرتفعة تجمع بين الأنماط القوطية وعصر النهضة في عام 1523. (أسعار التذاكر: 13 يورو، حوالي 14 دولارا، بالإضافة إلى 3 يوروات لبرج الجرس. اشتر التذاكر عبر الإنترنت لتجنب الاصطفاف).

قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)

إذا لم تتسلق 191 درجة من درجات برج جرس الكاتدرائية والجامع، فإن قصر قرطبة المعروف الآن باسم قصر الملوك المسيحيين، هو قلعة في الجوار تعود هذه القلعة إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وبها أبراج أقصر وتطل على أسطح المدينة ذات القرميد الأحمر. بني قصر قرطبة في موقع قلعة رومانية على نهر «الوادي الكبير»، وكان القصر مقراً للملكية الإسبانية، وفي وقت لاحق، تحول إلى منشأة عسكرية وسجن. هناك تمثال يقع بين أشجار السرو والنوافير في الحديقة يحيي ذكرى لقاء جمع بين كريستوفر كولومبوس، والملك فرديناند والملكة إيزابيلا، التي أقنعها كولومبوس على مدى عدة سنوات بتمويل خطته للوصول إلى آسيا بالإبحار غرباً عبر المحيط الأطلسي. يتم ترميم أجزاء من قصر قرطبة، ولكن يمكن للزوار رؤية الحدائق وكذلك صالات العرض وأقسام كبيرة من أرضيات الفسيفساء الرومانية المكتشفة في جميع أنحاء المدينة وقد عُلقت الآن بوصفها لوحات على الجدران.

يظهر المعمار المغاربي والعربي في كل زاوية من قرطبة (نيويورك تايمز)

السبت

يمكنك السير عبر «الوادي الكبير» على الجسر الروماني الحجري بلونه العسلي وسط تكرار إيقاعي للأقواس. وقد تم ترميمه وإعادة بناء غالبيته، خاصة في القرن الثامن. عبر الجسر هناك «برج قلهرة» الحصين، الذي يضم متحفاً صغيراً عن العصر الذهبي متعدد الثقافات في قرطبة، مع دليل صوتي جذاب ونماذج للمباني، مثل «قصر الحمراء» في غرناطة مع نموذج لمنزل قرطبي بفناء. المكان يستحق الزيارة (4.5 يورو) فقط لإطلالة السطح على النهر باتجاه كاتدرائية المسجد والمدينة بالقرب من «مركز الأندلس للفن المعاصر» (مجاني) الذي تم افتتاحه في عام 2016.

تذوق طعم قرطبة بالتنقل بين المقاهي الثلاثة في «جوديريا». يقدم بار سانتوس الصغير «تورتيلا البطاطس» (الأومليت الإسباني) الأشهر في المدينة، وهي عجة بسمك ست بوصات تشبه تقريبا قرص الجبن (شرائح بسعر 2.80 يورو). وبجوار المقهى ستجد مطعم «إلتشوراسكو» الذي يحوي فرنا يعمل بالحطب، يقدم طبق رقائق الباذنجان المقلي (9.80 يورو) مع حساء «غازباتشو» السميك الغني بالطماطم مع رذاذ العسل. المقهى في «كازا بيبي دي لا جودر» يكتظ بالناس الذين يستمتعون بطبق «مازامورا»، وهو حساء اللوز يقدم مع مكعبات من معجون السفرجل الحلو (12 يورو) ومقبلات أخرى.

في ساحة جميلة معطرة بأشجار البرتقال والياسمين بعيداً إلى حد ما عن أنظار الحشود التي تتجول وسط المعالم الأثرية على طول ضفة النهر، ستجد «متحف خوليو روميرو دي توريس» (4.50 يورو). من بين أشهر رسامي قرطبة هناك روميرو دي توريس، الذي توفي عام 1930، المعروف بلوحاته القوية للنساء والتي تظهر فيها شخوص لوحاته تحدق في الناظرين. أمام المتحف ستجد متحفا آخر هو «متحف بلباو للفنون الجميلة» (1.50 يورو) الذي يسلط الضوء على الفنانين الإسبان غالبيتهم من عصر النهضة حتى وقتنا الحاضر. يمكنك أيضا العودة إلى بدايات المدينة الأولى المتمثلة في المتحف الأثري، على بُعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام، حيث تجد صفوفاً من المقاعد من المسرح الروماني القديم في قرطبة الذي يعرض منحوتات صغيرة منها تماثيل نصفية.

في حين يرى المتنزهون في النهار كاتدرائية قرطبة وجامعها فقط، فإن المركز الحقيقي للسكان المحليين في قرطبة يقع حول ساحة «بلازا دي لا تينديلاس» الكبيرة المليئة بالمحلات التجارية والمطاعم. (على الرغم من أنه يبدو وكأنه جزء جديد من المدينة، فقد عاش كولومبوس في مكان قريب في أواخر ثمانينات القرن الخامس عشر). ابدأ زيارتك بتفقد قصر «بالاسيو دي فيانا»، وهو قصر نبيل يعود إلى القرن الخامس عشر جرت توسعته وإعادة بنائه على مدى أكثر من 500 عام. ويضم القصر 12 حديقة تقليدية مصممة بشكل رائع يجري استخدامها بوصفها قاعات مفتوحة. يغلق القصر أبوابه في السابعة مساء، لكن المكان يتمتع بسحر خاص عند وقت الغروب. بالقرب من القصر تستطيع مشاهدة تمثال ليسوع محاط بمجموعة من الفوانيس الأنيقة يحيي بداخلك الذكريات المثيرة بعد حلول الظلام.

ساحة «بلازا دي لا كوريديرا» هي ساحة عامة كبيرة توفر مساحة كبيرة مفتوحة وسط شوارع وممرات قرطبة المتعرجة، تصطف على جانبيها الحانات والمقاهي التي تتراص مقاعدها في الخارج. في الأشهر الباردة، ابق دافئا بالتوجه إلى سلسلة الحانات الداخلية القريبة على طول طريق «كالي دياريو دي قرطبة»، وهو امتداد قصير لطريق رئيسية تنحدر إلى النهر. تبدو طريق «لابويمي» ذات الإضاءة الخافتة وكأنها غرفة معيشة مريحة، في حين يبدو مقهى «أولتيمو تانغو» المجاور، على الرغم من أنه أكبر وأكثر قتامة، فإنه يعج برواده الذين يتبادلون أطراف الأحاديث الحميمة. الحال تبدو أكثر ضجيجا شمالا في حي «كالي الفاروس»، حيث مقهى «أوتوماتيكو» الذي يجتذب محبي الفن في المدينة. يمكنك ختام الجولة في مقهى «كازا كوبا» المضيء، حيث تصدح الموسيقى الحية كل ليلة بتكلفة 5 يوروات فقط.

ممرات جميلة في قلب المدينة (نيويورك تايمز)

الأحد

بار «تابيرنا لا كوارتا» هو مقهى إسباني أنيق يفتح من الصباح الباكر حتى بعد منتصف الليل، وهو واحد من أفضل الأماكن في قرطبة لتناول وجبة إفطار بسيطة. والأفضل من ذلك أنه يضع رواده أمام أنقاض معبد روماني. مع هذا المنظر ومع تناول قهوة (1.50 يورو) ونصف كعكة محمصة مغطاة بالطماطم المبشورة الطازجة والمربى ورذاذ زيت الزيتون (3.50 يورو)، يحصل الزائر على جرعة مضاعفة من جاذبية المدينة التاريخية ومذاقها.

من بين التقاليد العظيمة والدائمة (أو على الأقل التي أعيد تنشيطها) للثقافات الرومانية والإسلامية هو عشق الحمامات الساخنة. فقد أحيا متحف «الحمامات العربية» (بسعر 3 يوروات)، وهو متحف صغير لكنه غني بالمعلومات، ذكريات بعض غرف الحمام الملكي السابق وأعادها للحياة، ليعرض كيف كان يجري الاستحمام مركزيا في الثقافة المحلية. على بعد 10 دقائق سيرا على الأقدام، سر وكأنك الخليفة في «حمام الأندلس» لتستمتع بجلسات الاستحمام لمدة 90 دقيقة، والتي يمكن أن تشمل علاجات المساج المختلفة (تبدأ الجلسات من 40 يورو). أو التجوال لمدة 15 دقيقة فقط خارج المدينة لاستكشاف البقايا الأثرية التي تعود للقرن العاشر من مدينة الزهراء (1.5 يورو، بالإضافة إلى 3 يوروات للحافلة ذهابا وإيابا) حيث مجمع قصور متطورة بناها عبد الرحمن الثالث، الخليفة الأول لقرطبة، عندما كان بلاط القصور الأندلسية الكبيرة تنافس نظيرتها في دمشق وبيزنطة باعتبارها الأقوى والأعظم في ذلك العصر.

أين تأكل؟

«مطعم المودين» هو حانة يرتادها السكان المحليون، به ردهة من طابقين غنية بالمساحات الخضراء.

يتميز مطعم «تيرا أوليا» بأطباقه الراقية التقليدية من مطبخه المفتوح.

«بار سانتوس» هو بار كلاسيكي معروف بتقديمه أطباق التورتيلا الإسبانية، عجة البطاطس السميكة.

بار «بويمي» حانة ذات إضاءة خافتة تقدم الشاي والقهوة.

مقهى «أوتوماتيكو» يرتاده محبو الفنون بالمدينة.

«كازا كوبا» مقهى كوبي يقيم الحفلات.

«تابيرنا لا كوارتا» مقهى وبار أنيق يعمل طوال اليوم، ويقدم المأكولات الإسبانية التقليدية، ويتميز بإطلالته على معبد روماني.

أين تقيم؟

يشتمل فندق «بالكون دي قرطبة» على 10 غرف مريحة موزعة على ثلاثة أفنية صغيرة على بُعد خطوات فقط من مبنى الكاتدرائية والجامع، مع تراس على السطح ومطعم ذي إطلالات خلابة على آثار المدينة. في فصل الشتاء، تبدأ الغرف من 195 يورو (حوالي 213 دولارا).

«هوسبيس بالاسيو دي باليلا» أول فندق خمس نجوم في قرطبة، يضم 53 غرفة في جزء من قصر تم ترميمه مع حدائق جميلة ومسبح بعيد عن صخب منطقة «جيدوريا» والكاتدرائية والجامع. تبدأ الغرف في الشتاء بحوالي 150 يورو.

فندق «فينتو 10» فندق رائع فئة الثلاث نجوم به ثماني غرف حديثة بنيت حول فناء بأعمدة تعود للقرن السادس عشر، حيث يتم تقديم وجبة الإفطار. هناك أيضا حمام سبا مع ساونا، وحوض استحمام ساخن، ومجموعة مختارة من جلسات التدليك. تبدأ الغرف من 70 يورو، ويغلق من 7 – 30 يناير (كانون الثاني).

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

رحلة إلى «موجيف» على خطى «إميلي إن باريس»

سفر وسياحة مناظر خلابة صيفا وشتاء (الشرق الاوسط)

رحلة إلى «موجيف» على خطى «إميلي إن باريس»

عند أسفل قدم جبل Mont Blanc المهيب في فرنسا، على الحدود مع سويسرا وإيطاليا يقع منتجع «موجيف» Megeve الراقي الذي يجتازه نهران جبليان.

جوسلين إيليا (موجيف - فرنسا)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي يجتمع مع عدد من المستثمرين في المنطقة الشرقية (واس)

الخطيب يؤكّد الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاع السياحي بالسعودية

أكد وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، الفرص الكبيرة التي تتوفر للاستثمار في القطاع، خلال لقائه عدداً من المستثمرين ورواد الأعمال بالمنطقة الشرقية.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد إحدى الجلسات الحوارية في مؤتمر مسارات العالم في البحرين (الشرق الأوسط)

«الربط الجوي» يعقد 116 اجتماعاً لتعزيز وتنمية الوجهات الجوية المباشرة للسعودية

اختتم برنامج الربط الجوي مشاركته في فعاليات معرض ومؤتمر مسارات العالم، المقام في مملكة البحرين.

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الاقتصاد جناح «برنامج الربط الجوي» في «مؤتمر مسارات العالم» المقام بالبحرين (الشرق الأوسط)

«الربط الجوي» يتفاوض مع شركات عالمية لتوسيع الرحلات البينية مع السعودية

عقد «برنامج الربط الجوي» السعودي اجتماعات ثنائية مكثفة مع كبرى شركات النقل الدولية المشاركة في «مؤتمر مسارات العالم».

بندر مسلم (المنامة)
الاقتصاد صورة لوزيرة السياحة البحرينية فاطمة الصيرفي مع مسؤولي برنامج الربط الجوي السعودي خلال مؤتمر مسارات العالم (الشرق الأوسط) play-circle 00:46

السعودية تستقطب شركات طيران وتفتح مسارات جديدة في 2024

تحدّث الرئيس التنفيذي لبرنامج الربط الجوي السعودي، ماجد خان، لـ«الشرق الأوسط»، عن نجاح البرنامج، هذا العام، في جذب 12 شركة طيران.

بندر مسلم (المنامة)

كيف تُمضي أجمل 36 ساعة في فيينا؟

متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)
متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)
TT

كيف تُمضي أجمل 36 ساعة في فيينا؟

متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)
متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)

تتشبث فيينا، عاصمة النمسا، بالتقاليد. استنشق الروائح الخالدة فقط للكستناء المشوية في أسواق عيد الميلاد، التي تنتشر بجميع أنحاء المدينة في شهر ديسمبر (كانون الأول) من كل عام.

فيما يخص كثيراً من زوار المدينة، غالباً ما تكون المدينة بمثابة محطة توقف لفترة قصيرة، في إطار جولة سريعة عبر دول وسط أوروبا، ما يترك قليلاً من الوقت لاستكشاف الكثير خارج القلب التاريخي لفيينا، الذي يحمل اسم «الضاحية الأولى».

ومع ذلك، يبقى هناك الكثير مما يُمكِن رؤيته والقيام به داخل ضواحيها الأخرى، بما في ذلك بعض المؤسسات الثقافية المنشأة حديثاً. على سبيل المثال، أعيد افتتاح متحف فيينا، الذي يعد الوجهة الأولى لراغبي التعرف على تاريخ المدينة، هذا الشهر، بعد أعمال تجديد استمرت 3 سنوات، بينما جرت إضافة «بيت شتراوس»، وهو متحف وقاعة حفلات موسيقية أقيم تكريماً لعائلة شتراوس الموسيقية، إلى قائمة مزارات المدينة الثقافية، في أكتوبر (تشرين الأول).

متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)

استكشف الألفيات

أعيد افتتاح «متحف فيينا»، الذي يركز على تاريخ المدينة، في 6 ديسمبر، في كارلسبلاتز، ساحة واسعة، بها كنيسة على الطراز الباروكي، مع كثير من الأجنحة الجديدة وتراس كبير، ما يضاعف حجمه السابق تقريباً. ينفرد المتحف بخطوطه المستقيمة والخرسانة البيضاء، التي تميزه عن العجائب الفخمة التي أقامها آل هابسبورغ، السلالة التي حكمت النمسا لأكثر من 600 عام، مثل «متحف بلفيدير لتاريخ الفن». وتتبع المعروضات الجديدة الدائمة بالمتحف، حيث الدخول مجاني، تاريخ فيينا عبر مجموعة متنوعة من الأشياء، بما في ذلك الجدار الخارجي لمتجر اضطر رجل أعمال يهودي إلى تصفيته قبل أن يفرّ من النمسا، بعد ضمّ البلاد إلى ألمانيا النازية.

اللافت أن أهل فيينا العاديين يشكلون محور الاهتمام هنا بقدر ما تشكله النخبة. على سبيل المثال، توجد لوحة لغوستاف كليمت معلقة بالقرب من سرير قابل للطي، يعود تاريخه إلى أوائل القرن العشرين كان يستخدمه الخدم.

فيينا عاصمة جميلة صيفا وشتاء (نيويورك تايمز)

جرّب الوجبات الخفيفة اليابانية

بالتأكيد، طبق «شنيتزل» جيد، لكن المشهد العام المرتبط بالطعام في فيينا يقدم أكثر من لحم العجل المخبوز. انظر، على سبيل المثال، إلى «كيكو با»، وهو مطعم ياباني تتميز قائمته بالوجبات الخفيفة اليابانية، التي جرى إعدادها من مكونات نمساوية. من بين أشهر أطباقه «تارتار اللحم البقري» (16.90 يورو، أو نحو 18 دولاراً)، مع قليل من كريمة الخرشوف، وقطع من عشب البحر المجفف المقرمش. كما يحوّل المطعم سمك البحر النيء إلى طبق «سيفيتشي» لذيذ (16.90 يورو). كما يغطي «أودون كاربونارا» الكريمي (15.90 يورو) بالثوم المعمر، الذي يهيمن على أطباق المطبخ النمساوي، ورقائق البونيتو ​​والأعشاب البحرية المجففة.

تناول وجبة خفيفة من «الكيسكراينر»، وهي نقانق محشوة بالجبن (13.90 يورو)، أو فطائر الحنطة السوداء (13.50 يورو).

استمتع بأجواء «غورتل»

على طول قسم طويل من طريق غورتل الدائري، الذي يفصل بين أحياء فيينا الداخلية والخارجية، يمر قطار المترو فوق جسر. وفي الأسفل، بين الأقواس، تتخذ المقاهي موطناً لها. وفي عطلات نهاية الأسبوع، تنتشر الموسيقى الحية في الشارع، جنباً إلى جنب مع رواد الحفلات.

وعلى بعد دقائق سيراً على الأقدام شمالاً يقع «فينستر 99»، مقهى صغير بجدران مزخرفة بالرسومات الغرافيكية، التي غالباً ما تتميز بعروض موسيقى «الروك»، علاوة على كثير من الأماكن الأخرى للرقص أو الاسترخاء.

فيينا مشهورة بخبزها ومخبوزاتها (نيويورك تايمز)

تذوق خبز فيينا

يفتخر النمساويون كثيراً بخبزهم ويعتزون به، ولهم كل الحق في ذلك، فرغيف الخبز البني السميك المحشو بالبذور في فيينا ينافس نظيره من الخبز الفرنسي في باريس. وتقدم بعض المخابز في المدينة، بما في ذلك سلاسل مثل «أوفرل» و«جوزيف بروت» و«فيلزل»، قوائم إفطار كاملة. ويقدم أحد المخابز الصغيرة التابعة لـ«أوفرل»، في الضاحية الثالثة من المدينة، الذي يتميز بتصميم بسيط وعدد من الألوان المحايدة، الإفطار حتى الساعة 6:30 مساءً. وهنا، يشمل إفطار المخبوزات (17.50 يورو) لفائف الخبز والزبدة الحامضة والمربى والجبن من جبال الألب واللحم. أما النسخة النباتية (15.50 يورو) فتحل كرات جبن الماعز محل اللحم.

اشترِ سلعاً معاداً تدويرها

في الضاحية السابعة الأنيقة، تتوافر المعاطف والسترات الصوفية السميكة بكثرة. وتركز سوق أعياد الميلاد في «سبيتلبيرغ»، والممتدة على طول شارع جانبي مرصوف بالحصى، على السلع المعاد تدويرها، خلال عام 2023. داخل خيمة، ستجد منتجات صوف منغولية، كما تضم السوق كشكاً يبيع السكاكين المصنوعة من قطع غيار السيارات. واحرص على وجود نقود معك، لأن بعض الأكشاك لا تقبل البطاقات. كما تضم السوق كثيراً من متاجر التحف والبوتيكات القريبة، بما في ذلك «فولتا فيينا»، المتخصص في السلع المنزلية، ويبيع مزهريات منحوتة وأكواباً وشمعدانات. وهناك متاجر متخصصة في بيع حقائب جلدية ناعمة ومجوهرات ذهبية دقيقة وهدايا غريبة، مثل الشموع على شكل أجساد نسائية، علاوة على «لوف ذي شوب»، الذي يبيع الملابس ذات الألوان الزاهية، بما في ذلك السترات الصوفية المحبوكة وفساتين الحفلات، من الدول الاسكندنافية.

تعرّف على عائلة شتراوس

قد يبدو أن الموسيقى الكلاسيكية قديمة الطراز، لكن قبل 200 عام، كانت أي شيء إلا ذلك. فلم يكن هناك عند أهل فيينا في القرن التاسع عشر شيء يحبون قضاء وقتهم الحرّ فيه أكثر من الرقص على أنغام الفالس الرومانسي أو الرقص السريع المليء بالحيوية. يستخدم منزل شتراوس، وهو متحف وقاعة موسيقية في مبنى جميل يعود للقرن التاسع عشر، التكنولوجيا والصور التاريخية والصوت ببراعة لمشاركة قصة عائلة فيينية ذائعة الشهرة. يعدّ يوهان شتراوس، وابنه يوهان شتراوس الثاني، مؤلف رقصة فالس «الدانوب الأزرق»، من قبل بعض المؤرخين أول نجوم موسيقى البوب في العالم، فقد قاموا بطبع صور لأنفسهم على النوتة الموسيقية، المعروضة في المتحف، وجابوا العالم لإقامة الحفلات الموسيقية والمهرجانات (23 يورو للبالغين).

استمتع بالمناظر على متن قارب

يقع «بادشيف فاين»، وهو قارب به مطعم، راسياً في القناة الطويلة التي تمر عبر وسط فيينا. يمكن من سطح القارب رؤية المباني المهيبة في المركز التاريخي مقابل الجدران المزخرفة بالرسومات الغرافيكية للقناة، ما يُجسد الشعور الفخم لفيينا، وربما غير المُرتب بعض الشيء. صدق أو لا تصدق، يمكنك السباحة في المسبح غير المدفأ على السطح على مدار العام، ولكن إذا لم تكن من عشاق الغطس في المياه الباردة للغاية، فلا تقلق، من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مارس (آذار)، يقدم قارب «بادشيف» عدة ملاءات مجعدة (من 30 إلى 45 يورو لاستئجار ملاءة واحدة لمدة 30 دقيقة) أثناء السباحة.

احتفال حتى الفجر

فيينا ليست برلين عندما يتعلق الأمر بثقافة النوادي الليلية، ولكن هناك بعض الأماكن التي تقترب منها. إذا كنت تبحث عن تجربة الرقص الصاخب حتى الفجر، فإن ملهى «داس فيرك»، على ضفاف قناة الدانوب، هو المكان المناسب لذلك، رغم أنه على عكس بعض النوادي الحصرية في برلين، لا يهتم الراقصون في «داس فيرك» بمظهر ملابسك. هنا، لا يبدأ الحفل قبل الساعة الحادية عشرة مساء، عندما يصبح الجمهور مفتوناً بالدي جي، أو بعروض الأضواء على الجدران المحيطة. إذا أخذت استراحة في الخارج، فتأكد من زيارة المعرض الفني في الهواء الطلق. منذ عدة سنوات، تمت دعوة فناني الشارع من جميع أنحاء العالم لتزيين جدران المباني حول «داس فيرك» بلوحات جدارية كبيرة. وتبلغ تكلفة الدخول من 10 إلى 15 يورو.

رحلة عبر الزمن على فنجان قهوة

تعود ثقافة المقاهي في فيينا إلى القرن السابع عشر. وفي عام 2011، حصلت على تصنيف التراث الثقافي غير المادي لليونسكو. وترسل كتيبات السفر السياح إلى مقهى «سنترال»، حيث كان «سيغموند فرويد» أحد رواده، ومقهى «لاندتمان»، وهو نقطة لقاء السياسيين. لكن أهل فيينا يميلون إلى تفضيل المقاهي الأرخص والأكثر غباراً والمتهالكة قليلاً، مع النوادل الذين يبدو أنهم يفضلون القيام بأي شيء آخر. جرّب مقهى «روديغرهوف»، الذي تأسس عام 1902، حيث توجد الصحف على حوامل خشبية قديمة الطراز، ووجبة الإفطار بسيطة. سيكلفك المزيج؛ القهوة مع الحليب المبخر والرغوة، مع بيضة ولفافتين مع الزبدة والمربى أو العسل، 7.10 يورو. لا تفوّت الطبق الفييني الكلاسيكي؛ بيضتين مقشرتين مسلوقتين يقدمان في كوب واسع الحواف مع ملعقة. المقهى يقبل الدفع النقدي فقط.

استمتع بدفء الساونا

عندما يكون الطقس بارداً ومخيفاً، لا شيء يضاهي جلسة الساونا وحمام الماء الساخن. يعدّ منتجع «ثيرم فاين» المكان الأمثل للعناية الذاتية في الصباح. قد لا يكون هذا المكان فاخراً بدرجة الخمس نجوم، لكنه نظيف وواسع، ويضم مقهى، ومطعماً، وإطلالات على الحديقة الخارجية، ومناطق هادئة مع شلالات صغيرة. ويوفر المجمع حمامات السباحة والساونا وأحواض الجاكوزي الساخنة. ويقدم المنتجع الصحي خدمات التقشير والتدليك، لكن تأكد من حجز الخدمات مقدماً. تبلغ رسوم الدخول لمدة تصل إلى 3 ساعات 28 يورو، وتكلفة الساونا 12 يورو إضافية. كما تبلغ تكلفة إيجار المنشفة 6 يورو.

أماكن تناول الطعام

رايز: صالة موسيقية وبار حيث يشغل منسقو الأغاني الموسيقى الإلكترونية التجريبية.

فينستر 99: بار شعبي ومتواضع مع أجواء ودية، يستضيف الحفلات الموسيقية ويتميز بسياسة الدفع حسب الرغبة.

أوفرل: مخبز بتصميم بسيط، يقدم مجموعة واسعة من الخبز، وقائمة إفطار طوال اليوم في اثنين من فروعه.

مونتي أوفيليو: بار ومقهى يأخذ ثقافة «الأبيريتيفو» الإيطالية على محمل الجد، مع الجبن واللحوم المستوردة من إيطاليا.

مقهى روديغرهوف: تأسس عام 1902، ويوفر تجربة المقهى الفييني النموذجي، مع إفطار بسيط والقهوة النمساوية.

أماكن الإقامة

روزوود فيينا: فندق فاخر في مبنى من عصر النهضة الكلاسيكية الجديدة، تم تجديده من القرن التاسع عشر، حيث تم ترميم الغرف بشكل بديع مع إشارات تصميمية إلى التاريخ الفييني. يوفر البار في الطابق العلوي إطلالات رائعة على المركز التاريخي.

فندق إنديغو فيينا - ناشماركت: فندق أنيق ومريح من فئة 4 نجوم، يقع على مسافة قصيرة بالمترو من الدائرة الأولى، ويمكن الوصول منه إلى المتاجر والبارات والمطاعم في أحياء المدينة العصرية سيراً على الأقدام.

* خدمة «نيويورك تايمز»