كيف تمضي أفضل 36 ساعة في قرطبة؟

رحلة إلى تاريخ الأندلس والقصص التي لا تنتهي

قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)
قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)
TT

كيف تمضي أفضل 36 ساعة في قرطبة؟

قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)
قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)

تهب رياح الابتكار مرة أخرى على أشجار البرتقال التي تظلل الممرات والساحات في قرطبة، وهي مدينة في منطقة الأندلس بجنوب إسبانيا. يمكن للزوار تتبع تاريخ قرطبة من أطلالها الرومانية إلى العمارة المغاربية التي خلفتها خمسة قرون من الحكم الإسلامي (عندما كانت المدينة واحدة من أكبر عواصم أوروبا وأكثرها حداثة وعالمية)، إلى كنائسها اللاحقة والقصور المسيحية.

ورغم أن كثيرا من المتنزهين النهاريين يتنقلون من مكان لآخر قبل حلول الظلام، فإن قرطبة اليوم تقدم عطاياها للمستكشفين لبضعة أيام: ليس فقط للاستمتاع بآثارها (المدينة بها أربعة مزارات خاضعة لحماية اليونسكو)، ولكن لمعرفة كيف يقوم الفنانون والطهاة الشباب بالتنقيب في ماضي المدينة الغني متعدد الثقافات. في فصل الشتاء، دائماً ما يكون هناك عدد أقل من الحشود وتعتدل درجات الحرارة، وأصبح الذهاب إلى قرطبة الآن أسهل (وأرخص) في ظل وجود مشغل جديد للسكك الحديدية عالية السرعة تمثل في شركة «أيريو» التي دخلت في منافسة على الأسعار مع شركة السكك الحديدية «رينفي».

لا ينبغي لأي زائر تخطي «كاتدرائية قرطبة وجامعها» وهما من مواقع التراث العالمي لليونسكو، حيث نرى المزج بين العمارة الإسلامية والمسيحية، وغابة الأعمدة غير محدودة العدد (حوالي 850 عموداً)، وأقواس حدوة الفرس باللونين الأحمر والأبيض. اذهب لزيارتها في وقت الغداء (يأكل الإسبان في وقت متأخر) يوم الجمعة عندما يكون هناك عدد أقل من الناس. بدأ بناء المسجد، الذي كان يوماً ما ثاني أكبر مسجد في العالم، حوالي عام 786 ميلادية، وتم تدوير المواد من كنيسة القوط الغربيين في «سان فيسنتي»، والتي حلت محلها. أصبح المسجد كاتدرائية عندما غزا المسيحيون المدينة عام 1236، وتم بناء كنيسة صغيرة ضخمة ذات أسقف مرتفعة تجمع بين الأنماط القوطية وعصر النهضة في عام 1523. (أسعار التذاكر: 13 يورو، حوالي 14 دولارا، بالإضافة إلى 3 يوروات لبرج الجرس. اشتر التذاكر عبر الإنترنت لتجنب الاصطفاف).

قرطبة مدينة الفن والتاريخ (نيويورك تايمز)

إذا لم تتسلق 191 درجة من درجات برج جرس الكاتدرائية والجامع، فإن قصر قرطبة المعروف الآن باسم قصر الملوك المسيحيين، هو قلعة في الجوار تعود هذه القلعة إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وبها أبراج أقصر وتطل على أسطح المدينة ذات القرميد الأحمر. بني قصر قرطبة في موقع قلعة رومانية على نهر «الوادي الكبير»، وكان القصر مقراً للملكية الإسبانية، وفي وقت لاحق، تحول إلى منشأة عسكرية وسجن. هناك تمثال يقع بين أشجار السرو والنوافير في الحديقة يحيي ذكرى لقاء جمع بين كريستوفر كولومبوس، والملك فرديناند والملكة إيزابيلا، التي أقنعها كولومبوس على مدى عدة سنوات بتمويل خطته للوصول إلى آسيا بالإبحار غرباً عبر المحيط الأطلسي. يتم ترميم أجزاء من قصر قرطبة، ولكن يمكن للزوار رؤية الحدائق وكذلك صالات العرض وأقسام كبيرة من أرضيات الفسيفساء الرومانية المكتشفة في جميع أنحاء المدينة وقد عُلقت الآن بوصفها لوحات على الجدران.

يظهر المعمار المغاربي والعربي في كل زاوية من قرطبة (نيويورك تايمز)

السبت

يمكنك السير عبر «الوادي الكبير» على الجسر الروماني الحجري بلونه العسلي وسط تكرار إيقاعي للأقواس. وقد تم ترميمه وإعادة بناء غالبيته، خاصة في القرن الثامن. عبر الجسر هناك «برج قلهرة» الحصين، الذي يضم متحفاً صغيراً عن العصر الذهبي متعدد الثقافات في قرطبة، مع دليل صوتي جذاب ونماذج للمباني، مثل «قصر الحمراء» في غرناطة مع نموذج لمنزل قرطبي بفناء. المكان يستحق الزيارة (4.5 يورو) فقط لإطلالة السطح على النهر باتجاه كاتدرائية المسجد والمدينة بالقرب من «مركز الأندلس للفن المعاصر» (مجاني) الذي تم افتتاحه في عام 2016.

تذوق طعم قرطبة بالتنقل بين المقاهي الثلاثة في «جوديريا». يقدم بار سانتوس الصغير «تورتيلا البطاطس» (الأومليت الإسباني) الأشهر في المدينة، وهي عجة بسمك ست بوصات تشبه تقريبا قرص الجبن (شرائح بسعر 2.80 يورو). وبجوار المقهى ستجد مطعم «إلتشوراسكو» الذي يحوي فرنا يعمل بالحطب، يقدم طبق رقائق الباذنجان المقلي (9.80 يورو) مع حساء «غازباتشو» السميك الغني بالطماطم مع رذاذ العسل. المقهى في «كازا بيبي دي لا جودر» يكتظ بالناس الذين يستمتعون بطبق «مازامورا»، وهو حساء اللوز يقدم مع مكعبات من معجون السفرجل الحلو (12 يورو) ومقبلات أخرى.

في ساحة جميلة معطرة بأشجار البرتقال والياسمين بعيداً إلى حد ما عن أنظار الحشود التي تتجول وسط المعالم الأثرية على طول ضفة النهر، ستجد «متحف خوليو روميرو دي توريس» (4.50 يورو). من بين أشهر رسامي قرطبة هناك روميرو دي توريس، الذي توفي عام 1930، المعروف بلوحاته القوية للنساء والتي تظهر فيها شخوص لوحاته تحدق في الناظرين. أمام المتحف ستجد متحفا آخر هو «متحف بلباو للفنون الجميلة» (1.50 يورو) الذي يسلط الضوء على الفنانين الإسبان غالبيتهم من عصر النهضة حتى وقتنا الحاضر. يمكنك أيضا العودة إلى بدايات المدينة الأولى المتمثلة في المتحف الأثري، على بُعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام، حيث تجد صفوفاً من المقاعد من المسرح الروماني القديم في قرطبة الذي يعرض منحوتات صغيرة منها تماثيل نصفية.

في حين يرى المتنزهون في النهار كاتدرائية قرطبة وجامعها فقط، فإن المركز الحقيقي للسكان المحليين في قرطبة يقع حول ساحة «بلازا دي لا تينديلاس» الكبيرة المليئة بالمحلات التجارية والمطاعم. (على الرغم من أنه يبدو وكأنه جزء جديد من المدينة، فقد عاش كولومبوس في مكان قريب في أواخر ثمانينات القرن الخامس عشر). ابدأ زيارتك بتفقد قصر «بالاسيو دي فيانا»، وهو قصر نبيل يعود إلى القرن الخامس عشر جرت توسعته وإعادة بنائه على مدى أكثر من 500 عام. ويضم القصر 12 حديقة تقليدية مصممة بشكل رائع يجري استخدامها بوصفها قاعات مفتوحة. يغلق القصر أبوابه في السابعة مساء، لكن المكان يتمتع بسحر خاص عند وقت الغروب. بالقرب من القصر تستطيع مشاهدة تمثال ليسوع محاط بمجموعة من الفوانيس الأنيقة يحيي بداخلك الذكريات المثيرة بعد حلول الظلام.

ساحة «بلازا دي لا كوريديرا» هي ساحة عامة كبيرة توفر مساحة كبيرة مفتوحة وسط شوارع وممرات قرطبة المتعرجة، تصطف على جانبيها الحانات والمقاهي التي تتراص مقاعدها في الخارج. في الأشهر الباردة، ابق دافئا بالتوجه إلى سلسلة الحانات الداخلية القريبة على طول طريق «كالي دياريو دي قرطبة»، وهو امتداد قصير لطريق رئيسية تنحدر إلى النهر. تبدو طريق «لابويمي» ذات الإضاءة الخافتة وكأنها غرفة معيشة مريحة، في حين يبدو مقهى «أولتيمو تانغو» المجاور، على الرغم من أنه أكبر وأكثر قتامة، فإنه يعج برواده الذين يتبادلون أطراف الأحاديث الحميمة. الحال تبدو أكثر ضجيجا شمالا في حي «كالي الفاروس»، حيث مقهى «أوتوماتيكو» الذي يجتذب محبي الفن في المدينة. يمكنك ختام الجولة في مقهى «كازا كوبا» المضيء، حيث تصدح الموسيقى الحية كل ليلة بتكلفة 5 يوروات فقط.

ممرات جميلة في قلب المدينة (نيويورك تايمز)

الأحد

بار «تابيرنا لا كوارتا» هو مقهى إسباني أنيق يفتح من الصباح الباكر حتى بعد منتصف الليل، وهو واحد من أفضل الأماكن في قرطبة لتناول وجبة إفطار بسيطة. والأفضل من ذلك أنه يضع رواده أمام أنقاض معبد روماني. مع هذا المنظر ومع تناول قهوة (1.50 يورو) ونصف كعكة محمصة مغطاة بالطماطم المبشورة الطازجة والمربى ورذاذ زيت الزيتون (3.50 يورو)، يحصل الزائر على جرعة مضاعفة من جاذبية المدينة التاريخية ومذاقها.

من بين التقاليد العظيمة والدائمة (أو على الأقل التي أعيد تنشيطها) للثقافات الرومانية والإسلامية هو عشق الحمامات الساخنة. فقد أحيا متحف «الحمامات العربية» (بسعر 3 يوروات)، وهو متحف صغير لكنه غني بالمعلومات، ذكريات بعض غرف الحمام الملكي السابق وأعادها للحياة، ليعرض كيف كان يجري الاستحمام مركزيا في الثقافة المحلية. على بعد 10 دقائق سيرا على الأقدام، سر وكأنك الخليفة في «حمام الأندلس» لتستمتع بجلسات الاستحمام لمدة 90 دقيقة، والتي يمكن أن تشمل علاجات المساج المختلفة (تبدأ الجلسات من 40 يورو). أو التجوال لمدة 15 دقيقة فقط خارج المدينة لاستكشاف البقايا الأثرية التي تعود للقرن العاشر من مدينة الزهراء (1.5 يورو، بالإضافة إلى 3 يوروات للحافلة ذهابا وإيابا) حيث مجمع قصور متطورة بناها عبد الرحمن الثالث، الخليفة الأول لقرطبة، عندما كان بلاط القصور الأندلسية الكبيرة تنافس نظيرتها في دمشق وبيزنطة باعتبارها الأقوى والأعظم في ذلك العصر.

أين تأكل؟

«مطعم المودين» هو حانة يرتادها السكان المحليون، به ردهة من طابقين غنية بالمساحات الخضراء.

يتميز مطعم «تيرا أوليا» بأطباقه الراقية التقليدية من مطبخه المفتوح.

«بار سانتوس» هو بار كلاسيكي معروف بتقديمه أطباق التورتيلا الإسبانية، عجة البطاطس السميكة.

بار «بويمي» حانة ذات إضاءة خافتة تقدم الشاي والقهوة.

مقهى «أوتوماتيكو» يرتاده محبو الفنون بالمدينة.

«كازا كوبا» مقهى كوبي يقيم الحفلات.

«تابيرنا لا كوارتا» مقهى وبار أنيق يعمل طوال اليوم، ويقدم المأكولات الإسبانية التقليدية، ويتميز بإطلالته على معبد روماني.

أين تقيم؟

يشتمل فندق «بالكون دي قرطبة» على 10 غرف مريحة موزعة على ثلاثة أفنية صغيرة على بُعد خطوات فقط من مبنى الكاتدرائية والجامع، مع تراس على السطح ومطعم ذي إطلالات خلابة على آثار المدينة. في فصل الشتاء، تبدأ الغرف من 195 يورو (حوالي 213 دولارا).

«هوسبيس بالاسيو دي باليلا» أول فندق خمس نجوم في قرطبة، يضم 53 غرفة في جزء من قصر تم ترميمه مع حدائق جميلة ومسبح بعيد عن صخب منطقة «جيدوريا» والكاتدرائية والجامع. تبدأ الغرف في الشتاء بحوالي 150 يورو.

فندق «فينتو 10» فندق رائع فئة الثلاث نجوم به ثماني غرف حديثة بنيت حول فناء بأعمدة تعود للقرن السادس عشر، حيث يتم تقديم وجبة الإفطار. هناك أيضا حمام سبا مع ساونا، وحوض استحمام ساخن، ومجموعة مختارة من جلسات التدليك. تبدأ الغرف من 70 يورو، ويغلق من 7 – 30 يناير (كانون الثاني).

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

السعودية تطلق رحلات مباشرة من الدمام إلى «مطار هيثرو» في لندن

الاقتصاد «مطار الملك فهد الدولي» في الدمام (واس)

السعودية تطلق رحلات مباشرة من الدمام إلى «مطار هيثرو» في لندن

أعلن «برنامج الربط الجوي» السعودي تدشين رحلات جوية جديدة تربط بين «مطار الملك فهد الدولي» بالدمام و«مطار هيثرو» في لندن، وذلك عبر «الخطوط الجوية السعودية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة سفينة أرويا السياحية (الموقع الرسمي)

بأمواج عربية... «أرويا كروز» تبحر بالسعودية نحو آفاق عالمية

بين أمواج البحر الأحمر الزرقاء وشواطئ المتوسط الحالمة، تبحر «أرويا كروز»، ليست حاملة على متنها آلاف الركاب فقط، بل رؤية طموحاً تسعى لإعادة تعريف السياحة البحرية

أسماء الغابري (جدة)
سفر وسياحة شاطئ خليج بارافوندل (الشرق الاوسط)

اكتشف أجمل الشواطئ وأكثرها شهرة في أوروبا

مع بدء أشعة الشمس في الظهور أخيراً في جميع أنحاء المملكة المتحدة، يخطط عشاق الشواطئ في كل مكان بفارغ الصبر لقضاء عطلاتهم الصيفية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج جاسم البديوي يلتقي المشاركين في اجتماع المديرين العامين للجوازات بدول الخليج (مجلس التعاون)

قريباً... إطلاق التأشيرة السياحية الخليجية

كشف جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون، عن إطلاق التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة خلال الفترة القريبة القادمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة تسلق مبنى O2 من النشاطات الجميلة في لندن (الشرق الأوسط)

تسلق قبة مبنى «O2 أرينا» وتمتع برؤية لندن من فوق

في قلب العاصمة البريطانية لندن، تقف قبة «O2 أرينا» الشهيرة كواحدة من أبرز معالم المدينة وأكثرها إثارة للفضول

جوسلين إيليا (لندن)

بأمواج عربية... «أرويا كروز» تبحر بالسعودية نحو آفاق عالمية

سفينة أرويا السياحية (الموقع الرسمي)
سفينة أرويا السياحية (الموقع الرسمي)
TT

بأمواج عربية... «أرويا كروز» تبحر بالسعودية نحو آفاق عالمية

سفينة أرويا السياحية (الموقع الرسمي)
سفينة أرويا السياحية (الموقع الرسمي)

بين أمواج البحر الأحمر الزرقاء وشواطئ المتوسط الحالمة، تبحر «أرويا كروز»، ليست حاملة على متنها آلاف الركاب فقط، بل رؤية طموحاً تسعى لإعادة تعريف السياحة البحرية في العالم العربي. ففي يونيو (حزيران) 2023، انطلقت أول سفينة سياحية عربية من جدة، لتصبح «أرويا» أيقونة بحرية تجسد روح الضيافة السعودية وأصالة الثقافة العربية على سطح المياه الدولية.

«أرويا» ليست مجرد سفينة. إنها تجسيد لحلم، بدأ مع «رؤية السعودية 2030»، حيث أُطلقت كعلامة تجارية مستقلة تحت مظلة «كروز السعودية»، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة. وقد اختير اسمها بعناية، دمجاً بين كلمتي «العربية» و«الرؤية»، لتكون رمزاً لتجربة عربية بهوية متجذرة وطموح عالمي.

منطقة ترفيهية للشباب (الشرق الأوسط)

وفي هذا السياق، يوضح لـ«الشرق الأوسط»، المدير التنفيذي للتسويق في «أرويا كروز» تركي قاري، أن «(أرويا) ليست مجرد وسيلة نقل بحري، بل تجربة سياحية عربية متكاملة، تعكس ثقافتنا وقيمنا وتفتح الباب أمام الضيوف لاكتشاف السعودية من زاوية جديدة ومختلفة. نحن نعيد تعريف العطلات البحرية بهوية سعودية أصيلة تليق بذوق المسافر العربي».

السفينة التي تمتد على 19 طابقاً بطول 335 متراً، تحتضن ما يزيد على 3,300 ضيف، ويخدمهم طاقم مكون من 1,600 فرد. وعلى متنها 1,678 كابينة وجناحاً، صُممت لتمنح الضيوف تجربة تجمع بين الراحة والفخامة، مستلهمة من الحفاوة السعودية الأصيلة.

تصميم لجدارية عن الحياة البحرية والصيد في المملكة (الشرق الأوسط)

الهوية أولاً

منذ اللحظة الأولى على متن «أرويا»، يتغلغل الحسّ السعودي في كل ركن. تصميم داخلي يستحضر الفن الوطني عبر جداريات تحاكي معالم المملكة، وخطوط عربية تتراقص على الجدران، وهوية بصرية تنسج بين الأمواج والخط العربي في لوحة متناغمة تعكس الحداثة.

وعلى طاولة الطعام، يستكمل الضيف رحلته الثقافية. ففي مطعم «إرث»، أول مطعم سعودي على سطح البحر، يمتزج الطهي بالفن، حيث تقدم الأطباق المحلية بنكهات غنية وشراكة مع هيئة فنون الطهي لتقديم تجربة طعام لا تُنسى، مع لمسات من منتجات علامات سعودية مميزة وركن خاص للقهوة السعودية.

جانب من المنطقة الترفيهية المخصصة للأطفال (الشرق الأوسط)

تجارب فاخرة بروح سعودية

«أرويا» ليست عنفوان بحر ومساراً سياحياً فقط، بل ملاذ للاستجمام أيضاً. «أرويا بلوسوم»، المنتجع الصحي العائم، يقدم علاجات مستوحاة من ورد الطائف والخزامى وزهور الصحراء، ليحظى الضيف برحلة داخلية إلى أعماق الراحة. أما تجربة «خزامى»، فتدعو الزوار إلى الفخامة المطلقة، مع أجنحة راقية وفيلات ملكية وخدمات شخصية مصممة بعناية. ويضيف قاري: «حرصنا على أن تكون كل تفصيلة في (أرويا) نابعة من فهم عميق لاحتياجات المسافر العربي، من خيارات الطعام والترفيه إلى مرافق مخصصة للعائلات والنساء والأطفال، ما يجعل التجربة متكاملة ومريحة وآمنة للجميع».ولأنر الخصوصية والاحتياجات المجتمعية في صلب الثقافة السعودية، خصصت السفينة مرافق للسيدات بمواعيد خاصة، ومناطق للأطفال والمراهقين، بما في ذلك أكبر مساحة ترفيهية للأطفال على سفينة سياحية في المنطقة.

جانب من المرافق الترفيهية المخصصة للعائلات (الشرق الأوسط)

رحلات بين القارات

أطلقت «أرويا كروز» أولى رحلاتها في ديسمبر (كانون الأول) 2024 من جدة، بجولات بحرية إلى شواطئ جزيرة صبا السعودية، ومن ثم إلى شرم الشيخ والغردقة والعين السخنة في مصر، والعقبة الأردنية. وعلى وقع نجاحاتها، تمددت إلى البحر الأبيض المتوسط صيف 2025، حيث تنطلق من ميناء غلاطة بورت في إسطنبول إلى وجهات مثل أثينا وميكونوس ورودس وكاش وبودروم والإسكندرية، قبل أن تعود إلى جدة عبر قناة السويس في رحلة فريدة مدتها 8 ليالٍ.

وتُخطط السفينة لتوسيع وجهاتها مستقبلاً نحو الخليج العربي، انطلاقاً من ميناء الملك عبد العزيز في الدمام، ما سيجعل من «أرويا» لاعباً رئيسياً في خريطة السياحة البحرية الإقليمية.

مسرح «أرويا» يستضيف عروضاً فنية موسيقية سعودية (الشرق الأوسط)

منصة ثقافية تبحر بالفن والتراث

ليست الترفيهات على متن السفينة محض وقت ممتع، بل وسيلة للتعبير عن ثقافة المملكة. مسرح «أرويا» يستضيف عروضاً موسيقية وفنية سعودية، والمحال التجارية تستلهم الأسواق التقليدية، فيما يعيش الضيوف رمضانات بحرية عبر ليالٍ مستوحاة من «الغبقة» و«القرقيعان»، في تجربة تستقطب عشرات الآلاف من الضيوف.

وفي لفتة رمزية تعكس الدمج بين الفن والضيافة، أحيا النجمان عبادي الجوهر وزينة عماد أمسية استثنائية خلال الرحلة الافتتاحية، جمعت بين البحر والموسيقى، في مشهد يعكس روح السعودية الجديدة.

«أرويا بلوسوم» منتجع صحي عائم (الشرق الأوسط)

السلامة أولاً... والراحة دوماً

لم تهمل «أرويا» الجانب الأهم في أي رحلة بحرية؛ السلامة. فقد زُوّدت السفينة بأحدث تقنيات الأمان، ومركز طبي شامل يعمل على مدار الساعة، مع طاقم مدرّب على الاستجابة للطوارئ، يضمن راحة وطمأنينة جميع الضيوف.

تُمثل «أرويا» رافداً اقتصادياً جديداً في المملكة، عبر خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتنشيط سلاسل الإمداد والخدمات المحلية. كما تعقد شراكات مع مؤسسات سعودية في المحتوى الثقافي، والخدمات التشغيلية، وتقديم المنتجات المحلية، لتتحول كل رحلة إلى منصة متنقلة تدعم الاقتصاد الوطني وتعزز الهوية السعودية عالمياً.

ويختتم تركي قاري: «نحن لا نُبحر نحو وجهات جديدة فقط، بل نُبحر بهويتنا وثقافتنا وأحلامنا، لنجعل من (أرويا) قصة سعودية تُروى من على سطح البحر، وتُحكى في أنحاء العالم».