تحمل فترة الأعياد سؤالاً واحداً يتكرر كل عام، في هذه الفترة: «أين تمضي سهرة العيد»؟ فالأصدقاء يستشيرون بعضهم البعض. والجيران يتداولون عناوين تفيدهم. فيما تتابع شريحة من اللبنانيين مواعيد حفلات غنائية يحييها نجوم لبنانيون وعرب. فأيام الأعياد برأيهم يجب أن تواكبها نشاطات لا تشبه باقي أيام السنة. ولا تغيب بالطبع السهرات البيتوتية التي تختارها الغالبية في ظل أزمة اقتصادية يواجهونها منذ أكثر من سنتين.
تقول آمال وهي ربة منزل وأم لشاب وصبية: «سهرات أعياد الميلاد وطعام الغداء في اليوم التالي نمضيه عادة في أجواء عائلية. وفي ليلة رأس السنة يمضونها أولادي خارج البيت، فيقصدون مع أصدقائهم مطعماً أو كازينو لبنان للاستمتاع بسهرة مع نجم يحبونه. أما أنا وكعادتي من كل سنة أتمسك بتمضية هذه السهرة في البيت. ولذلك أشتري ثياب نوم جديدة (بيجاما) تشير ألوانها إلى المناسبة. وهكذا أستقبل العام الجديد بزي جديد أمام شاشة التلفزة».
أما نتالي فتؤكد أن أجمل سهرات رأس السنة تمضيها مع عائلتها والأقرباء في البيت. «أزين منزلي ليكون بأبهى حلة ولا أنسى شراء (كوتيون) لنمرح عند منتصف الليل احتفاء بوداع عام واستقبال آخر. عادة ما أحضّر بنفسي أطباق الطعام وتكون بغالبيتها خفيفة تتألف من السلطات الـ(أكزوتيك). وطبعاً طبق (ديك الحبش) يجب أن يتصدر مائدة الطعام مع حلو العيد المعروف بـ(الجبل الأبيض)».
ينتعش لبنان في فترة الأعياد بحركة سياحية داخلية ملحوظة. فمناطقه بغالبيتها تتزين في هذه المناسبة. تضاء الشوارع وترتفع شجرات الميلاد وينتشر «سانتا كلوز» على الطرقات. وهذه الأجواء تمتد من الساحل إلى الجبل بحيث تضفي الفرح والبهجة على الناس.
بعض اللبنانيين يحجزون لهم غرفة في فندق ويمضون سهرة العيد في مطعمه أو بهوه. وتقول ساميا: «أحب هذا النوع من السهرات في الأعياد في مكان بعيد عن العاصمة. أتوجه إلى منطقة الأرز أو إهدن مع عائلتي. أحياناً ترافقنا عائلة أو أكثر من أصدقائنا. فنجتمع أمام الموقدة، ونتناول طعام العيد سوياً في بهو الفندق».
البحث عن الابتسامة ليلة العيد
في ظل أزمات اقتصادية وسياسية وحرب يعيشها اللبنانيون باتت اليوم الضحكة نادرة في حياتهم. واللافت أن معظمهم هذا العام فكّر في تمضية سهرة الأعياد في أجواء كوميدية.
ولوحظت غزارة إعلانات تجارية تدعوهم لتمضية ليلة رأس السنة في أجواء ضاحكة. ويقول منير مراد لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما يدور حولنا يسهم في كسر قلوبنا وإصابتنا بالإحباط. لذلك قررت هذا العام البحث عن سهرة تبث الفرح بين أفراد عائلتي ولو لساعة من الوقت. ورأيت في العرض المسرحي الكوميدي لفادي رعيدي في فندق بورتيميليو في الكسليك العنوان الأفضل».
«فادي رعيدي شو» لن يكون الوحيد على الساحة اللبنانية، إذ تم تنظيم أكثر من عرض لنجوم كوميديين. وخصصت الـ«إتش فيلادج» في منطقة جونية سلسلة عروض من هذا النوع، استهلته منذ منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) بعروض لعباس جعفر وآمال طالب. ومع ندي أبو شبكة وأريج الحاج خصص الجمعة من 22 و29 ديسمبر (كانون الأول) من آخر أسبوعين من الشهر الحالي لهما. فيما اختارت فؤاد يمين وجاد كرم مع فريق تمثيلي لإحياء سهرتي السبت الواقعتين في 23 و30 ديسمبر (كانون الأول).
العنوان القريب رغبة كثيرين
يفضل بعض اللبنانيين في هذه الفترة من السنة البحث عن مكان قريب من أماكن إقامتهم، يمضون فيه سهرة رأس السنة. فسكان منطقة الشمال كما أهالي بيروت والضبية والزلقا وأنطلياس وجونية، يفضلون عناوين محلات سهر لا تتطلب منهم قيادة سياراتهم لساعات طويلة. ومن هذا المنطلق تحجز العائلات لقضاء سهرات الأعياد. حتى إن بعضهم يفضل أن يستبدل سهرة العيد في 31 ديسمبر (كانون الأول) بما يسمونه «ماينيس وان» أي بليلة 30 أو «ماينيس 2» في 29 ديسمبر (كانون الأول). فيحتفلون بالسنة الجديدة قبل غيرهم، ويوفرون على أنفسهم زحمة السير على الطرقات. وكذلك تكون أسعار السهرات أقل من غيرها، إذ تبدأ بثمن تذكرة لا يتجاوز الـ30 والـ40 دولاراً للشخص الواحد. ويقول سامي لـ«الشرق الأوسط»: «اخترت حفلة من هذا النوع يحييها الفنان سيف نبيل والـ(دي جي) أصيل في مطعم (أو بيروت). وهو يقع في منطقة أنطلياس بالقرب من بيتي في بلدة رومية».
بيوت الضيافة تزدهر حجوزاتها
يقصد بعض اللبنانيين مناطق ساحلية كالبترون وجبيل وأخرى جبلية كعين زحلتا وبيت الدين، ويختارون بيت ضيافة فيها، فيكون مقر إقامتهم لليلة 31 ديسمبر (كانون الأول) وأول يوم في السنة الجديدة. وعادة ما يقصدون هذه البيوت مع أصدقاء أو أقرباء لهم.
وبحسب بيت الضيافة «ديميتريادس» في بلدة غبالة الكسروانية فإن الحجوزات على أشدها في هذه الفترة. وتقول موريال صاحبة البيت لـ«الشرق الأوسط»: «جميع الغرف تم حجزها ولم يعد لدينا أي مكان شاغر لفترة الأعياد. هناك مجموعات تأتينا لاستقبال السنة الجديدة. ويتوزعون على كامل أرجاء بيت الضيافة عندنا».
تكلفة الغرفة الواحدة كما تذكر لنا موريال لا تتجاوز الـ30 دولاراً. وفي فترة الأعياد ولأن زوارها مجموعات وأصدقاء تكون الأسعار بالجملة. «لقد دفع 18 شخصاً حجزوا سوياً عندنا مبلغ 660 دولاراً لليلة واحدة. وهو سعر جيد ومقبول في مثل هذه الفترة من السنة». واللافت أنه في هذه الفترة تغيب أي خدمات مقدمة من قبل أصحاب «ديميتريادس». فلا وجبة إفطار ولا خدمة ترتيب للغرف تكون متوفرة.
وتطول لائحة بيوت الضيافة في لبنان ومن بينها «بيبلوس» في مدينة جبيل و«بيت النبع» في عين زحلتا. وكذلك بيوت «لبس» في بيت الدين و«دماسك روز» في جونية و«سيتي غيست هاوس» في مدينة طرابلس. وجميعها تشهد موسماً مزدهراً في أيام الأعياد.