الهند... ثقافتها متنوعة وتناقضاتها مذهلة وصادمة

جولة على أجمل المدن التاريخية في البلاد

أغرا الجميلة (شاترستوك)
أغرا الجميلة (شاترستوك)
TT

الهند... ثقافتها متنوعة وتناقضاتها مذهلة وصادمة

أغرا الجميلة (شاترستوك)
أغرا الجميلة (شاترستوك)

​تشتهر الثقافة الهندية بتنوعاتها المذهلة وتناقضاتها الصادمة، بجانب أنها مسقط رأس ومهد بعض الثقافات والأديان الكبرى في العالم.

ويمكن معاينة الحراك الثقافي الذي لا مثيل له في البلاد، في شكل عدد لا يحصى من عناصر الجذب المتنوعة. ومع حلول الشتاء وانتهاء بطولة كأس العالم للكريكيت الرائعة للرجال، تجذب الهند زائرين من جميع أنحاء العالم، بتنوعاتها التي لا تُعد ولا تحصى من التقاليد والطقوس، والتي تنعكس على المناطق المتنوعة للتراث الثقافي الهندي.

دلهي من أجمل المدن الثقافية في الهند (شاترستوك)

إجمالاً، تضم الهند 40 موقعاً مدرجاً في قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، منها 32 موقعاً على صلة بالسياحة الثقافية على وجه التحديد.

وإذا كنت تبحث عن أفضل أماكن التراث الثقافي الهندي، فعليك الانطلاق في جولة عبر مجموعة من الأماكن، تعتبر شاهداً على الهندسة المعمارية المذهلة والتراث الثقافي الثري للبلاد.

المؤكد أنك ستنبهر بالتجارب المذهلة التي ستخوضها في الهند الساحرة. وفيما يلي سنبذل قصارى جهدنا لإلقاء نظرة خاطفة على بعض أماكن التراث الثقافي الهندية البارزة:

الهند متنوعة من حيث الثقافة (شاترستوك)

دلهي

تعد دلهي واحدة من المناطق القديمة البارزة، والتي استعادت جمالها الثقافي وطورته عبر التاريخ، مع تعاقب إمبراطوريات مختلفة عليها. تتمتع المدينة بجمال فوضوي متنوع. ويتمثل أحد جوانب دلهي المميزة في الهندسة المعمارية ذات الطراز القديم والممرات المتعرجة القديمة، والأسواق القديمة، والمجتمعات التقليدية. ولا تزال دلهي القديمة تحتفظ بقيمها التقليدية، في الوقت الذي تزدهر فيه نيودلهي بالتحديث. وبفضل هذا التنوع الثقافي، تحولت دلهي إلى نقطة جذب سياحية بارزة.

تبدو دلهي عاصمة الهند الجميلة بمثابة بوتقة ينصهر فيها كثير من الثقافات. وخضعت المدينة لحكم كثير من السلالات، بما في ذلك الراجبوت والخلجيون والمغول. وتنعكس تأثيرات مختلف هذه السلالات على كثير من المعالم الأثرية بالمدينة. وفي هذا الإطار، تعد بوابة الهند، والقلعة الحمراء، ومقبرة همايون، وقطب منار، من أشهر المعالم الثقافية في دلهي.

ويعود تاريخ حضارة دلهي إلى عام 50 قبل الميلاد. وتمخض التاريخ الثري للمدينة عن كثير من الفنون والحرف المثيرة للاهتمام، بما في ذلك تلك المستوحاة من الثقافات المجاورة. بوجه عام، تعد الحرفة الفنية الأكثر شهرة في دلهي، صناعة الحلي والمجوهرات. ولا تزال مجوهرات ميناكاري وكوندان تعد تذكاراً مهماً وإرثاً تتناقله الأجيال داخل كثير من العائلات.

مدينة سانشي ستوبا الأثرية (شاترستوك)

راجستان

تحظى الولاية بكثير من الأماكن المختلفة التي تحمل بداخلها عظمة التاريخ والتراث. تمتد جذور التراث الثقافي بالمدينة إلى نحو 5 آلاف عام، وتعد نموذجاً مثالياً لمزيج مثالي من التقاليد والتاريخ ونمط الحياة المعاصر. ويمكن العثور على بعض أفضل المدن الثقافية على مستوى الهند داخل هذه الولاية.

وتمتلئ راجستان بنكهات متنوعة، وروحها مفعمة بالحيوية، على نحو يندر وجوده بالعالم. ومع أنها ولاية صحراوية، فإنها غنية بالتقاليد النابضة بالحياة، والمهرجانات الكبرى، والأطعمة الشهية، والتاريخ المجيد.

وينعكس التاريخ الثقافي الثري للمدينة على الفساتين ذات الألوان النابضة بالحياة، إضافة إلى الموسيقى والرقصات الشعبية والمأكولات المحلية، وصولاً إلى مهرجانات راجستان، ما يجعل راجستان واحدة من أفضل الأماكن في الهند للاستمتاع بالتعرف على الثقافة والتراث.

مدينة خاجوراهو القديمة (شاترستوك)

ومن أبرز الأماكن على هذا الصعيد داخل راجستان، حصن عامر، وقلعة مهرانغاره، وقلعتا جايسالمر وتشيتورجاره، وجال محل، وقصر بحيرة أودايبور.

كما تشهد راجستان عقد كثير من المهرجانات والمعارض، منها مهرجان الإبل، ومهرجان مروار، ومهرجان بوشكار. كل هذا يجذب كثيراً من الزوار إلى ولاية راجستان؛ لأنه يسمح لهم بالتعرف على ثقافة الولاية النابضة بالحياة. كما يمكن للسياح تجربة بعض الأطعمة اللذيذة من المطبخ الراجستاني المشهور ببهاراته المتنوعة وحلاوة مذاقه.

أغرا الجميلة (شاترستوك)

أغرا

تشكل أغرا بجانب دلهي وراجستان، المثلث الذهبي للسياحة الثقافية في الهند.

تقع أغرا على ضفاف نهر يامونا، وتعد من بين الوجهات السياحية الشهيرة في الهند التي تستقبل حشوداً كبيرة من المسافرين كل عام، بفضل تاريخها الغني وتراثها الثقافي المتنوع.

زيارات ثقافية لا تحصى ولا تعد في الهند (شاترستوك)

ويعود تاريخ المدينة إلى العصور القديمة، وقد ورد ذكرها في ملحمة قديمة، تدعى «ماهابهاراتا»، والتي تعرف كذلك باسم «أغرافانا». وخلال فترة العصور الوسطى، كانت أغرا مدينة بارزة تتبع سلطنة دلهي، وخضعت لحكم سلالات مختلفة.

وبدأت الفترة الأكثر أهمية في تاريخ أغرا بتأسيس إمبراطورية المغول في أوائل القرن السادس عشر. وأثرت كل سلالة حاكمة على ثقافة المدينة. ويمكن رؤية انعكاسات هذه الحقبة في الهندسة المعمارية والفنون والحرف اليدوية والموسيقى والرقص، وحتى الطعام في أغرا.

وفي ظل وجود كثير من الحكام البارزين الذين حكموا المدينة، تعد أغرا موطناً لكثير من المعالم الأثرية المهمة، منها 3 معالم مدرجة في قائمة مواقع التراث العالمي لـ«اليونيسكو»: تاج محل، وقلعة أغرا، وفاتحبور سيكري. ولا تكتمل الرحلة إلى أغرا دون زيارة هذه الأماكن التي ستعيدك إلى عصر ماضيها المجيد.

ماديا براديش

ينظر كثيرون إلى ماديا براديش باعتبارها قلب الهند. وهي ثرية بالتراث الهندي القديم. ويتميز كل ركن في هذه الولاية الهندية بهندسة معمارية مذهلة تستحق أن تعشقها، بدءاً من المعابد القديمة والمساجد الكبيرة وحتى القصور الرائعة والحصون المنيعة التي لا يمكن اختراقها. وهنا، سنعرض بعض الأماكن ذات الأهمية التراثية الثقافية الكبيرة.

خاجوراهو: أرض معابد كاماسوترا

جرى بناء معابد خاجوراهو منذ نحو ألف عام على يد حكام تشانديلا، وهي أحد مواقع التراث العالمي لـ«اليونيسكو» في ولاية ماديا براديش. كما جرى بناء معظم معابد خاجوراهو بين عامي 950 و1050 تحديداً على يد أسرة تشانديلا. وذكرت السجلات التاريخية أن موقع معبد خاجوراهو كان يضم 85 معبداً بحلول القرن الثاني عشر، موزعة على مساحة 20 كيلومتراً مربعاً. ومع ذلك، لم ينج منها اليوم سوى نحو 25 معبداً، موزعة على مساحة 6 كيلومترات مربعة.

ومن بين أكثر السمات التي يعشقها الزور في هذه المعابد، المنحوتات ذات التفاصيل الدقيقة المنقوشة على الجدران الخارجية. وتصور التصميمات داخل مجموعة معابد خاجوراهو مراحل مختلفة من الحياة، بما في ذلك المتعة والروحانية، ومنحوتات الحوريات الراقصة، وتماثيل الحوريات اللاتي يرتدين قطعاً جميلة من الحلي حول خصورهن ومعاصمهن وأعناقهن وأذرعهن وأرجلهن.

جدير بالذكر أن المنطقة برمتها ظلت مهجورة بعد القرن الرابع عشر، وكانت غير معروفة على الإطلاق للعالم الخارجي، حتى اكتشفها ضابط شاب في الجيش البريطاني يدعى تي إس بيرت عام 1838.

بعد سقوط أسرة تشانديلا في القرن الثالث عشر، اختفت المعابد عن العالم الخارجي بسبب الغابات والشجيرات الكثيفة التي نمت حولها. وظلت هذه المعابد مخفية عن أنظار العالم حتى الخمسينات من القرن الماضي، وكان الصحافيون والمصورون الأجانب فقط هم الذين نشروا الصور للعالم. وبعد عقود قليلة فقط من استقلال الهند عن بريطانيا عام 1947، جرى فتح المكان أمام الزائرين، وذلك بعد بناء مرافق كافية للنقل للوصول إلى هناك.

بهيمبيتكا: الملاجئ الصخرية القديمة

تحتضن ولاية ماديا براديش، أحد أكثر أماكن التراث الثقافي التي يجب زيارتها والأكثر شعبية في الهند.

يوجد موقع بهيمبيتكا الأثري داخل محمية راتاباني للحياة البرية المكونة من صخور الحجر الرملي، على سفوح سلسلة جبال فينديا. ويرجع تاريخ اكتشاف الموقع لعام 1957. ومع ذلك، فإن الأهمية الحقيقية لموقع بهيمبيتكا لم تتضح سوى في السبعينات، الأمر الذي تم تتويجه بإدراجها في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي عام 2003. يحتوي موقع بهيمبيتكا على أقدم فن صخري معروف في الهند، كما أنه أحد أكبر مجمعات ما قبل التاريخ. ويعود تاريخ أقدمها إلى العصر الحجري القديم المتأخر. وتتسم اللوحات المنتمية إلى العصر الحجري الأوسط بأنها أصغر حجماً، والعصر النحاسي (أوائل العصر البرونزي)، وتعرض مفاهيم البشر الأوائل عن الزراعة.

ومن بين 750 ملجأ صخرياً، تزينت جدران 500 منها برسومات مثيرة للاهتمام، ويقدر عمر أقدمها بنحو 30 ألف عام. ومع ذلك، فإن 15 كهفاً منها فقط متاحة أمام الزائرين. وتمتاز الرسومات الموجودة في الكهوف بالتنوع الشديد في طبيعتها؛ خصوصاً بالنظر إلى أن الكهوف موجودة منذ آلاف السنين. اللافت أن الرسومات تتميز بشكل أساسي باللونين الأحمر والأبيض، مع الاستخدام العرضي للأخضر والأصفر، مع موضوعات مستوحاة من الأحداث اليومية للأشخاص الذين عاشوا في الكهوف، بما في ذلك الولادة والصيد والرقص والموسيقى وركوب الخيل والفيلة وقتال الحيوانات وجمع العسل. كما جرى تصوير حيوانات، مثل النمور والأسود والخنازير البرية والفيلة والظباء والكلاب والسحالي والتماسيح بكثرة. ويعد الشتاء أفضل موسم لزيارة بهيمبيتكا؛ حيث تتمتع المنطقة بمناخ لطيف وأجواء جميلة.

وتوفر الكهوف لمحة نادرة عن سلسلة من التطور الثقافي من البدو الرّحل الأوائل إلى المزارعين المستقرين إلى التعبيرات الروحانية. واللافت أن التقاليد الثقافية الحالية للشعوب الزراعية التي تسكن القرى المحيطة بالمنطقة تشبه تلك الممثلة في الرسومات.

سانشي ستوبا (موقع بقائمة التراث العالمي)

تحتل سانشي ستوبا مكانة فريدة بين المواقع التاريخية داخل ولاية ماديا براديش. ويعود تاريخ بناء الموقع إلى القرن الثالث قبل الميلاد.

جرى تصنيف سانشي ستوبا الواقعة على قمة أحد التلال، واحدةً من بين مواقع التراث العالمي من قبل «اليونيسكو». وقد جرى إنشاؤها بأمر الإمبراطور أشوكا من سلالة موريان. وتعد المنحوتات والآثار الموجودة في الموقع مثالاً رائعاً لتطور الفن والهندسة المعمارية البوذية.

وجرى تشييد هذه القبة النصف كروية التي يزيد ارتفاعها على 50 قدماً، وقطرها أكثر من 30 متراً، تبجيلاً لـ«الإله بوذا»، وتضم كثيراً من الآثار البوذية المهمة. ومن المفترض أن تكون بمثابة تلة دفن مقدسة لبقايا «الرب بوذا» الموزعة.

هامبي الأثرية (شاترستوك)

هامبي

مدينة الأطلال هامبي من مواقع التراث العالمي لدى «اليونيسكو» في ولاية كارناتاكا بجنوب الهند. وتضم أكثر من 500 من المعالم الأثرية والمعالم السياحية، ما يجعل المدينة كلها عامل جذب سياحي. وتمتاز هامبي بتوازن نموذجي بين التاريخ والمغامرة، وهما وجهان مختلفان للسياحة. وتحوي المدينة مزارات يجب ألا يفوّتها المرء، وأشياء لا حصر لها للقيام بها. كانت هامبي عاصمة إمبراطورية فيجاياناجار، وتقع على ضفاف نهر تونغابهادرا في ولاية كارناتاكا. وتعد أنقاض القصور في هامبي والمعابد والمباني الملكية بمثابة شاهد على ثروة وعظمة أباطرة فيجاياناجار.

نالاندا (ثاني أكبر جامعة هندية قديمة)

يضم الموقع الأثري في نالاندا ماهافيهارا بقايا أثرية لمؤسسة رهبانية ومدرسية يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، واستمرت حتى القرن الثالث عشر الميلادي. تبرز نالاندا باعتبارها أقدم جامعة في شبه القارة الهندية. وشاركت الجامعة في النقل المنظم للمعرفة على مدى فترة متواصلة استمرت 800 عام.

يتضمن الموقع أبراجاً وأضرحة، إضافة إلى مبانٍ سكنية وتعليمية، وأعمال فنية مهمة من الجص والحجر والمعادن. اشتهرت جامعة نالاندا خلال العصور القديمة، وبنت لنفسها مكانة أسطورية لمساهمتها في التعليم والثقافة والحضارة.

وجرى إدراج موقع نالاندا الأثري في قائمة التراث العالمي عام 2009. وكان مخصصاً في المقام الأول للدراسات البوذية، إلى جانب التعليم في الفنون الجميلة والطب والرياضيات وعلوم الفلك والسياسة وفنون الحرب.

اليوم، يفد السياح لمشاهدة أنقاض مجمع الجامعة الذي أحرقه الغازي بختيار خلجي بحلول نهاية القرن الثاني عشر، وأحرق معه طلاباً ومعلمين وغيرهم أحياء. ويقال إن المكتبة كانت مجموعة ضخمة من الكتب، لدرجة أن النيران ظلت مشتعلة بها طيلة 6 شهور بعد إضرام النار فيها.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

«نيرفي»... تحفة فنية إيطالية وادعة على المتوسط

نيرفي منطقة سياحية جميلة في إقليم ليغوريا (أدوبيستوك)
نيرفي منطقة سياحية جميلة في إقليم ليغوريا (أدوبيستوك)
TT

«نيرفي»... تحفة فنية إيطالية وادعة على المتوسط

نيرفي منطقة سياحية جميلة في إقليم ليغوريا (أدوبيستوك)
نيرفي منطقة سياحية جميلة في إقليم ليغوريا (أدوبيستوك)

الصفات المشتركة التي تربط ما بين مدن إيطاليا وأرجائها كافة هي الجمال وروعة الطبيعة ولذة الطعام، لكن إذا أردنا التعرف على الفوارق فهي كثيرة؛ وذلك لأن لكل مدينة وقطاع في إيطاليا نكهتها الخاصة. لروما ألقها، فيها تشتم رائحة التاريخ قبل رائحة البيتزا، وفي مناطق الشمال تختلف المناظر ويختلف المطبخ، وفي صقلية تشعر وكأنك في بلد عربي وتتذوق نكهة الشرق في أطباقها... ولائحة الفوارق تطول.

ساحة جنوا وتمثال يجسّد أزمة المهاجرين في أوروبا (الشرق الأوسط)

رحلتنا الأخيرة إلى إيطاليا هذه المرة بدأت من جنوا (Genova) التي تعدّ واحدة من أهم المدن الإيطالية تاريخياً وثقافياً، وتقع إلى شمال غربي إيطاليا على الساحل الليغوري؛ فهي مهد كريستوفر كولومبوس وموطنه بحيث يعتقد بأن المستكشف الشهير وُلد فيها أو بالقرب منها، وهذا الأمر يعطي هذه المدينة مكانة بارزة في تاريخ الاستكشاف.

كامولي من مدينة لصيادي الأسماك إلى وجهة سياحية رائعة (الشرق الأوسط)

ومن جنوا وعلى بعد نحو عشرين دقيقة بالسيارة وصلنا إلى منطقة نيرفي Nervi، حيث حططنا رحالنا لتكون هذه المنطقة نقطة اكتشاف أهم الوجهات السياحية القريبة وعلى رأسها منطقتا «سانتا مارغاريتا» ومرفأ «بورتو فينو» و«جنوا» و«كامولي».

يتميز كابيتولو ريفييرا بأثاثه الإيطالي الجميل (الشرق الأوسط)

أما عنوان الإقامة، فكان في أجدد فندق من فئة بوتيك وتكلله 5 نجوم، يستمد من الريفييرا الإيطالية اسمه ومن الذوق الإيطالي تصميمه، اخترنا «كابيتولو ريفييرا» Capitolo Riviera؛ لأنه عنوان إيطالي بامتياز ويتمتع بموقع مميز مباشرة على البحر وعلى بعد دقيقة مشي فقط من محطة القطار التي تساعدك على التنقل في جميع أرجاء ليغوريا براحة وسرعة تامة.

جنوا مدينة كريستوفر كولومبوس (الشرق الأوسط)

كابيتولو ريفييرا هو ثمرة جهد دام لأكثر من أربع سنوات لترميم وتغيير ملامح المبنى الذي كان في الماضي فندقاً أيضاً، لكن المالكين الجدد للمشروع من بينهم الرئيس التنفيذي باولو دوراغروسا وزوجته اللبنانية سابين غنطوس غيَّروا معالمه بشكل تام ليكون عنواناً راقياً ومميزاً في قطاع ليغوريا، لدرجة أن كل من زاره علق بأنه عنوان لا يوجد له منافس في تلك المنطقة نسبة للمفردات الإيطالية الراقية فيه المتمثلة بالديكور الإيطالي التي تعبق منه رائحة الجلد الطبيعي والأثاث المصمم خصيصاً للفندق من ماركة (تاكيني) و«ترو ديزاين» و«كاسينا» والبهو المفتوح والعصري والحديقة الخارجية وبركة السباحة التي تطل على المركز الصحي الذي تم حفره تحت الأرض بشكل يتناغم مع باقي أرجاء الفندق المؤلف من 37 غرفة.

الحدائق المحيطة بكابيتولو ريفييرا على الساحل الليغوري (الشرق الأوسط)

عندما تصل إلى المدخل يستقبلك فريق العمل بزي موحد وبتصميم جميل يتناغم مع ألوان اللوبي المميز بجدرانه وأسقفه الخرسانية والتي تركها مصمم الديكور مكشوفة ومن دون طلاء لتعطي نوعاً من الحداثة وتبث روحاً يانعة في المكان. الموظفون يتقنون لغات عدة بما فيها العربية ليكون التواصل أسهل بالنسبة للزوار من منطقة الشرق الأوسط.

اختيار هذا الفندق يناسب السياح الذين ينوون السفر من منطقة إلى أخرى في إيطاليا لأنه يقع في وسط مناطق سياحية عدّة قريبة يسهل الوصول إليها عن طريق السيارة أو القطار.

جنوا مدينة تاريخية عريقة (الشرق الأوسط)

وتقول سابين غنطوس إن الصعوبة كانت في بذل جهد كبير لخلق مشروع أنيق وبالوقت نفسه صديق للبيئة؛ ولهذا لا يوجد أي أثر للبلاستيك في الفندق وتم التركيز على خلق واحة خضراء تبدأ من بهو الفندق الرئيسي لتكون مرآة للمساحة الخارجية المليئة بالخضرة والأشجار، وأضافت غنطوس بأن المصاعب التي واجهتها مع زوجها باولو منذ بداية المشروع إلى جانب مستثمرين هو الحفاظ على هوية وكيان المبنى مع القيام بتوسيعه وحفر طابق إضافي تحت الأرض تم تحويله مركزاً صحياً وسبا وغرفاً للعلاجات مع مخرج مباشر إلى الحدائق وبركة السباحة.

البهو الرئيسي في كابيتولو ريفييرا (الشرق الأوسط)

ويضم الفندق أيضاً مطعماً مميزاً يطلق عليه اسم «بوتانيكو» Botanico يشرف عليه الشيف الإيطالي جيوفاني أستولفوني ويقدم فيه الغداء والعشاء، وأطباقه إيطالية تقليدية مع لمسة عصرية جداً، الأمر واضح من طريقة التقديم والوصفات التي يشدد فيها الشيف على الألوان، فلا تفوت على معدتك فرصة تذوق الريزتو مع البيستو الأشهر في جنوا المزين بالزهور القابلة للأكل التي تزرع في حديقة الفندق.

كامولي الشهيرة بأبنيتها الملونة (الشرق الأوسط)

الغرف تختلف فيما بينها من حيث الديكور والحجم، لكنها كلها تحمل نفس توقيع شركة تصميم الأثاث الإيطالية وتتمتع بشرفات تطل على الحديقة وبركة السباحة التي تصدح في أرجائها أنغام الموسيقى الإيطالية الكلاسيكية لتعطي المكان رونقاً جميلاً يلفّ بظلال شجرة وارفة تتمركز في الوسط وتدور حولها حركة الضيوف والأثاث الخارجي.

أجمل ما يمكن أن تقوم به هو المشي بين ثنايا ممرات الشاطئ «باسيجياتا دي نيرفي» الممتدة على طول الساحل، حيث تستطيع الاستمتاع بإطلالات رائعة على البحر المتوسط، وفي نهاية هذا الممشى تصل إلى مرفأ نيرفي الصغير، القريب من المحال الصغيرة التي تبيع الأجبان محلية الصنع والبوتيكات المتخصصة ببيع الألبسة الإكسسوارات الإيطالية.

مرفأ كامولي في ليغوريا (الشرق الأوسط)

ماذا تزور في نيرفي؟. حدائق نيرفي (Parchi di Nervi) تحتوي على مجموعة من الحدائق الجميلة التي تطل على البحر، مثل حديقة نيرفي (Giardino di Nervi) وحديقة سونيرمو.

. فيلا دوريا بوندام (Villa Doria Pamphili) قصر تاريخي يعود إلى القرن السابع عشر، تحيط به حدائق واسعة. يمكن للزوار استكشاف المعمار الرائع والاستمتاع بالمشاهد الجميلة.

. كنيسة سانتا مارغريتا (Chiesa di Santa Margherita) كنيسة تاريخية جميلة تقع في قلب نيرفي. تتميز بتصميمها المعماري الفريد وتفاصيلها الجميلة.

. حديقة ميوسي (Parco della Musica) تقدم حفلات موسيقية ومناسبات ثقافية، وهي مكان رائع للاسترخاء والاستمتاع بالطبيعة.

جنوا مدينة مليئة بالممرات الضيقة والمحال التجارية الصغيرة (الشرق الأوسط)

ماذا تزور في جنوا؟

. تقع جنوا القديمة (Genova Vecchia) على بعد مسافة قصيرة بالسيارة أو القطار، يمكنك زيارة المعالم التاريخية مثل الكاتدرائية (Cattedrale di San Lorenzo) وقصر دوكال (Palazzo Ducale).تلقب بـ«لا سوبيربا» La Superba، والذي يعني «المتكبرة» أو «المهيبة»؛ وذلك بسبب تاريخها العظيم وقوتها الاقتصادية والسياسية خلال العصور الوسطى، عندما كانت جمهورية بحرية قوية تنافس مرافق بحرية أخرى مثل البندقية وبيزا.

أهم ما تشتهر به جنوا الميناء البحري، وهو واحد من أكبر وأهم المواني البحرية في إيطاليا وأوروبا. تاريخياً، لعب دوراً رئيسياً في التجارة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط وأوروبا، وما زال حتى اليوم مركزاً بحرياً مهماً.

ساحل ليغوريا في إيطاليا يزخر بالمناطق الجميلة (الشرق الأوسط)

تتميز المدينة بشوارعها الضيقة والمعروفة باسم «كاروجي» والمباني القديمة التي تعود إلى العصور الوسطى وعصر النهضة. تضم المدينة الكثير من الكنائس والقصور التاريخية الفخمة، مثل قصر دوكالي وكاتدرائية سان لورينزو، وكلها مفتوحة أمام الزوار ويمكن الدخول إليها بسعر لا يتخطى العشرة يوروهات تخولك زيارة ثلاثة قصور.

أما بالنسبة للمطبخ فتشتهر جنوا بصلصة البيستو المصنوعة من الريحان الطازج والثوم والصنوبر وزيت الزيتون والجبن. وتشتهر أيضاً بخبز الفوكاشيا الرقيق المحشو بالجبل (تجدر الإشارة إلى أن طريقة أهل جنوا في تصنيع هذا الخبز تختلف عن باقي مناطق البلاد).

غرف نوم وديكورات صديقة للبيئة (الشرق الأوسط)

وتضم جنوا أيضاً الكثير من المعالم التاريخية والسياحية مثل المدينة القديمة والأكواريوم الذي يعدّ من الأكبر في أوروبا. بالإضافة إلى أسواقها الجميلة المخصصة للمشاة.

ماذا تزور في بورتو فينو؟. بورتو فينو (Portofino) تعدّ من بين أجمل الأماكن على الساحل الإيطالي، وتشتهر بالمرفأ الأشبه بخليج صغير يقصده أثرياء العالم بيخوتهم لتناول الغداء في أحد المطاعم المحاذية للماء والمطلة على المباني الملونة، ويعد مكاناً مثالياً للتنزه وتناول الطعام.

كامولي السياحية (الشرق الأوسط)

. سانتا مارغريتا ليغوريا (Santa Margherita Ligure) تقع بالقرب من بورتو فينو، وهي مكان رائع للتسوق وتناول الطعام والتمتع بالشواطئ.

«كامولي»:

بلدة صغيرة تقع في إقليم ليغوريا على الساحل الشمالي الغربي لإيطاليا، وتبعد نحو عشرين دقيقة من محطة القطار في نيرفي، تعدّ واحدة من الوجهات الساحلية الرائعة التي تجذب الزوار بسبب جمالها الطبيعي ومعمارها الساحر، بالإضافة إلى ثقافتها البحرية العريقة. إليك أبرز مميزاتها:

تضم البلدة ميناءً تقليدياً صغيراً مخصصاً لقوارب الصيد واليخوت، وهو مكان مثالي للتنزه والاستمتاع بمشهد البحر والقوارب الملونة.

تشتهر كامولي بأبنيتها الملونة (الشرق الأوسط)

تشتهر كامولي بتاريخها العريق كقرية صيد، ولا يزال للصيد دور كبير في حياة السكان المحليين. يُقام في البلدة سنوياً مهرجان السمك (Sagra del Pesce)، حيث يتم قلي السمك في مقلاة ضخمة وسط الساحة.

المنازل في كامولي مطلية بألوان زاهية ومميزة، وهذه المنازل القديمة بنيت بشكل متلاصق ومتدرج على طول الساحل، وهو أسلوب يعكس الطابع التقليدي للمنطقة.

على الرغم من أن الشواطئ في كامولي صغيرة وصخرية مقارنة بالشواطئ الرملية، فإنها تظل مثالية لمحبي الغوص والسباحة بفضل مياهها الصافية.

البلدة مجهزة بعدد من الفنادق والمطاعم التي تقدم أطباقاً بحرية تقليدية، حيث يمكنك تذوق المأكولات المحلية الشهيرة مثل الباستا مع البيستو وفواكه البحر.