محمية «نبق»... عنوان للسياحة الطبيعية في مصر

تزخر بشواطئ خلابة وحيوانات وطيور نادرة

الجبال والمياه في ثنائية ساحرة (صور الخبير السياحي محمد النجار)
الجبال والمياه في ثنائية ساحرة (صور الخبير السياحي محمد النجار)
TT

محمية «نبق»... عنوان للسياحة الطبيعية في مصر

الجبال والمياه في ثنائية ساحرة (صور الخبير السياحي محمد النجار)
الجبال والمياه في ثنائية ساحرة (صور الخبير السياحي محمد النجار)

«جنة عذراء لم تطأها كثير من الأقدام بعد»... هكذا تصف المواقع العالمية المختصة في السفر والسياحة، محمية «نبق»، بجنوب سيناء المصرية، فضلاً عن شهادات من أسعده الحظ وزارها، فتكفيك جولة سريعة بين ربوعها لتتأكد بنفسك أن هذا الوصف لا يحمل مبالغة، نظراً إلى أنها تضم عشرات الأنواع النادرة من الحيوانات والطيور والغابات، إلى جانب الشواطئ الخلابة والشعاب المرجانية، التي تجعل منها مركزاً عالمياً للغوص.

في محمية «نبق» أنت هنا على موعد خاص مع متعة السفاري، وسط كثبان رملية وغابات «المانغروف» وسحر الأمواج الفيروزية، ولذة اكتشاف كائنات حية لا تخطر على بال أحدهم. ووفق البوابة الإلكترونية لمحافظة جنوب سيناء، فإن المحمية تقع على بعد 35 كيلومتراً شمال مدينة شرم الشيخ، ذات الشهرة العالمية بصفتها وجهة سياحية دولية، ومع ذلك لا يعرف كثير من السياح أن ثمة جنة عذراء وقطعة من الجمال الباهر تقع على مرمى حجر منهم، وتحديداً على بعد 15 دقيقة من مكان إقامتهم.

وشهد عام 1992 إعلان «نبق» محمية طبيعية تمتد على مساحة 600 كيلومتر (كلم) مربع، منها 440 كم2 في اليابسة، إضافة إلى 130 كم2 في النطاق المائي، وهي تطل على خليج العقبة في المنطقة ما بين شرم الشيخ ودهب ووادي «أم عدوي» بجنوب سيناء. وكان لافتاً أنه في أواخر عام 2010 استُخدمت المحمية لتكون شواطئ آمنة للسياح لممارسة رياضة السباحة، عقب حادثة هجوم سمكة قرش على شواطئ شرم الشيخ.

ألوان الأسماك والشعب المرجانية تميز محمية نبق (صور الخبير السياحي محمد النجار)

ومن المشاهد المألوفة في المحمية، أن ترى عيون السياح تلمع وهم يعقصون رؤوسهم بالمناديل والأربطة الملونة، والحماس الصاخب يُلوّن نبرتهم وهم يديرون محركات سياراتهم من فئة الدفع الرباعي، وينطلقون في رحلات سفاري عبر الكثبان الرملية التي تتراءى على مدى خط الأفق في تكوينات بديعة كأنها لوحات نحتتها يد الطبيعة. ويشمل البرنامج، الذي غالباً ما تنظمه شركات مختصة، دخول الأودية بين الجبال المحيطة بالمكان. وكثيراً ما يحلو للبعض ترك سيارات الدفع الرباعي؛ حيث يستقلون الدراجات النارية، ويمارسون هواية التزحلق على الرمال، ويبدو الأمر مثيراً حين يقارن السائح الأوروبي بين التزحلق على الجليد في بلاده والتزحلق على الرمال في مصر.

لا تكتمل تجربة اكتشاف تلك المحمية بخصوصيتها وتفردها إلا بزيارة «الكانيون»، وهو شق يقع بين الجبال؛ تكوَّن نتيجة الزلازل قديماً، ويحتوي مناظر ومشاهد نادرة مثل أحجار الغرانيت والبازلت التي تظهر بين جنباته. كما يُمكنك التعرف على الحياة الطبيعية لبعض السكان من قبائل البدو التي تعيش هنا في أعداد قليلة للغاية. تجلس معهم، وتتناول مشروب الشاي و«الحبق»، وهو نوع من النباتات الطبية التي تنمو في المكان، قبل أن تستكمل الرحلة، وتنتقل من الصحراء إلى البحر لتمارس رياضة الغوص بين الشعب المرجانية.

يشير موقع الهيئة المصرية للاستعلامات إلى أن «نبق» تتميز بتعدد الأنظمة البيئية، فهناك على سبيل المثال البيئة الصحراوية الجبلية بكثبانها الرملية عند وادي «كيد»، والتي تتخللها وديان زاخرة بنباتات طبيعية، إضافة إلى نباتات «المانغروف» أو «أفيسينيا مارينا». أما الغوص في قاع الخليج بهذه المنطقة فيضمن لك جولة لا تُنسى بين الشعاب المرجانية والأسماك الملونة واللافقاريات والمحاريات.

ولهواة الحياة البرية الفريدة من نوعها، يمكنهم مراقبة كثير من الحيوانات التي تعيش بين الصحراء والجبال بالمحمية، مثل الغزلان والإبل النوبية والتياتل والثعالب والوبر، فضلاً عن كثير من أنواع القوارض والزواحف. وتهاجر إلى «نبق» أنواع الطيور المختلفة، ومن أبرزها العقاب النسارية والخواضات وطائر البلشون.

ويقول الناشط في مجال السياحة والآثار محمد النجار لـ«الشرق الأوسط»: «محمية (نبق) مكان ساحر يكاد يكون لا مثيل له، حتى إنني زرته 10 مرات حتى الآن. هناك أكواخ خشبية مجهزة لاستضافة السياح الذين سيبهرهم الطابع الفطري البدائي للمكان، وكذلك أشجار المانغروف النادرة التي لا تنمو إلا على شاطئ البحر الأحمر». ويضيف: «المحمية تُمثل إغراءً لا يمكن مقاومته لهواة الغطس والتصوير؛ حيث التقطتُ كثيراً من الصور الساحرة، ومقاطع الفيديو المبهرة».

ويعد الغطاء النباتي من أبرز ما تضمه المحمية؛ حيث يشتمل على نحو 134 نوعاً من النباتات؛ منها نحو 86 نوعاً على الأقل اندثرت تماماً في الأماكن الأخرى، وتجري دراسة تنمية وإكثار ما تبقى منها في «نبق».

ويعد «نبات المانغروف» الأشهر في هذا السياق، فهذه المنطقة هي آخر امتداد استوائي لنموه في المحيط الهندي والبحر الأحمر. وطبقاً لخبراء زراعيين، تعيش أشجار «المانغروف» في المياه المالحة أو قليلة الملوحة، خصوصاً عند مصبات السيول في البحر؛ حيث يمكنها استخلاص المياه العذبة والتخلص من الملح عبر أوراقها. وتعدّ تلك الأشجار ذات فوائد جمة على المستوى الجيولوجي، فضلاً عن دورة الكائنات الحية، فهي تفيد في تثبيت الخطوط الساحلية، وتساعد على استبقاء الرواسب، كما تعد غابات «المانغروف» مناطق مهمة لتوالد الأسماك واللافقاريات ومستوطنات لأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة والمقيمة. ويبلغ أقصى ارتفاع لشجرة المانغروف نحو خمسة أمتار.



«القاصوف»... صفحات من تاريخ لبنان الذهبي

فيروز حاضرة في ثنايا فندق القاصوف (الشرق الاوسط)
فيروز حاضرة في ثنايا فندق القاصوف (الشرق الاوسط)
TT

«القاصوف»... صفحات من تاريخ لبنان الذهبي

فيروز حاضرة في ثنايا فندق القاصوف (الشرق الاوسط)
فيروز حاضرة في ثنايا فندق القاصوف (الشرق الاوسط)

يُعدُّ فندق «القاصوف» في بلدة ضهور الشوير، من الأقدم في لبنان والشرق الأوسط، شهرته ملأت الدنيا، وشغلت الناس على مدى سنوات طويلة، قبل أن تدمّره الحرب.

يُشرف الفندق على منظر طبيعي خلّاب، يقع بين شجر الصنوبر، تم بناؤه في عام 1923 من قِبل جان القاصوف؛ أحد أبناء البلدة. شهد مناسبات ونشاطات سعيدة ازدحمت بها قاعته الكبرى وجدرانها المقصّبة، غنّت في رحابه كوكب الشرق أم كلثوم، وكذلك محمد عبد الوهاب، ونزلت في رُبوعه أهم الشخصيات السياسية والفنية من لبنان والعالم العربي، وفي مُقدّمتهم الملك فاروق.

فندق القاصوف من الخارج (الشرق الاوسط)

اليوم يقف الفندق مهجوراً بعد أن دمَّرته الحرب في السبعينات، صار يملكه الوزير السابق إلياس بوصعب، فحِصَّته منه تبلغ 1200 سهم تماماً، كما حصة المالك الآخر للفندق إيلي صوايا، حُكي كثيراً عن إعادة ترميمه، لينتصب من جديد مَعلَماً سياحياً في بلدة ضهور الشوير، ولكن بسبب أزمات اقتصادية وأوضاع غير مستقرة في لبنان بقي على حاله.

يشير نائب رئيس بلدية ضهور الشوير، جو شوقي صوايا، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الفندق الذي كان يُعرف بـ«لوكندة القاصوف»، شهد أيام العِزّ للبنان، وأقامت فيه شخصيات معروفة كالملك فاروق وشارل ديغول وغيرهما. ويتابع: «اليوم يشهد نشاطات فنية وثقافية، ففي أيام عطلة الأسبوع تُقام فيه حفلات موسيقية».

وبعض الأحيان يستضيف الفندق حفلات أعراس إذا ما سمح المالكون بها، فبعض أبناء البلدة أقاموا حفلات زفافهم فيه؛ لأنه كان يمثّل لهم حلم الطفولة.

نزلت في الفندق شخصيات مهمة وملكات جمال (الشرق الاوسط)

شُيِّد «القاصوف» من الحجر الصخري المكعَّب، على مساحة تبلغ نحو 11 ألف متر مربع، ويتألف من نحو 70 غرفة، وقاعة حفلات تتّسع لـ300 مدعوّ، وهو يعود لآل القاصوف الذين بنوه في العشرينات من القرن الماضي، وقبل شرائه من قِبل مالكيه الجُدد جرى بيعه للبناني من آل الخوري، وآخر من الجنسية الأردنية.

ولم تقتصر الحفلات الترفيهية في الفندق على الغناء فقط، فاتُّخِذ منه مسرح لفنانين لبنانيين وعرب، وشكَّل ساحة لتصوير الأفلام والمسلسلات، كان من زُوّاره أيضاً أسمهان، التي صوّرت داخله لقطات من آخر فيلم لها «غرام وانتقام»، وحضن أيضاً حفلات لفريد الأطرش، ونجاح سلّام، ونور الهدى، وشادية، وغيرهم.

ويشير أحد مخاتير البلدة مخايل صوايا، إلى أن هذا الفندق، وبحسب ما كان يُخبره والداه، شهد أول مؤتمر طبي في الشرق العربي، وكذلك انتخاب أول ملكة جمال في لبنان عام 1935، وانتُخِبت يومها جميلة الخليل التي غنَّى لها الراحل محمد عبد الوهاب «الصبا والجمال بين يديك»، من كلمات الشاعر الأخطل الصغير.

واحدة من صالات القاصوف (الشرق الاوسط)

لا يزال فندق «القاصوف» قِبلة السيّاح العرب، ووجهةً مُحبَّبة للبنانيين، ولو لرؤيته من بعيد؛ كي يتعرّفوا إلى مكان يتذكّره أهاليهم بفرح، فيلتقطون صوراً تذكارية في باحته، وأمام مدخله الرئيسي. وتبلغ مساحته نحو 11 ألف متر مربع، وتحيط به أشجار الصنوبر، ويشرف على منظر طبيعي جميل.

ومن سكانه الدائمين صورتان لفيروز والراحل زكي ناصيف على مدخل قاعته الكبرى، وكانت قد شهدت في السنوات الأخيرة نشاطات فنية، كحفل انتخاب ملكة جمال المغتربين، وكذلك استضافت حفلات موسيقية بينها «تعا ما ننسى»، في تحية للموسيقار الراحل ملحم بركات، والأغنية اللبنانية، وعُزفت يومها مقطوعات لعمالقة الفن اللبناني، أمثال الراحلين: وديع الصافي، ونصري شمس الدين، وزكي ناصيف، وصباح، وفيلمون وهبي، وغيرهم.

ويتحدث أهالي بلدة ضهور الشوير اليوم بحسرة عن مَعلَم سياحي عريق ينتظرون ترميمه كي يُعِيد الحياة السياحية إلى بلدتهم، وتقول ابنة البلدة جيسي صوايا: «إنه موقع سياحي يعني لنا الكثير؛ لما شهد من مناسبات هامة في الستينات والسبعينات، ونتمنّى أن يستعيد بريقه، فنَنعَم من جديد بأيام شبيهة بالحقبة الذهبية اللبنانية».