فنادق فاخرة تفرض مبلغاً مادياً للانضمام لبرنامج الولاء الخاص بها

حصول الزبائن عليها بالمجان أصبح شيئاً من الماضي

من فنادق مجموعة «إينسمور» في دبي (خدمة تريبيون ميديا)
من فنادق مجموعة «إينسمور» في دبي (خدمة تريبيون ميديا)
TT

فنادق فاخرة تفرض مبلغاً مادياً للانضمام لبرنامج الولاء الخاص بها

من فنادق مجموعة «إينسمور» في دبي (خدمة تريبيون ميديا)
من فنادق مجموعة «إينسمور» في دبي (خدمة تريبيون ميديا)

كانت سلسلة مقاهٍ مثل «Pret a manger» و«Panera» و«Au Bon Pain»، هي صاحبة الفكرة، وتمكنت من زيادة عدد روادها بعرض مشروبات مجانية عليهم مقابل رسوم شهرية. انضم مطعم «سويت غرين» إلى هذا التوجه خلال فصل الربيع الحالي من خلال منح العملاء تخفيضات على أطباق السلطة في إطار عضوية «سويت باس بلاس» التي تبلغ قيمة رسوم الحصول عليها 10 دولارات شهرياً. تعمل مجموعة فنادق «إنيسمور» Ennismore حالياً على تطوير النموذج من خلال تطبيقه على الفنادق الأنيقة. من بين الـ75 فندقاً والـ150 مطعماً التابعة لمجموعة «إنيسمور»، بعض من الأسماء التجارية الأكثر شعبية وتفرداً من بينها «ذا هوكستون»، و«21 سي ميوزيم هوتيلز»، و«إس أو هوتيلز»، و«إس إل إس»، و«ماما شيلتر».

على عكس أكثر برامج الولاء الخاصة بالفنادق، التي يكون الانضمام إليها مجانياً وتقدم للمسافرين المزيد من الحوافز عند تمديد فترة الإقامة والإنفاق باستخدام البطاقات الائتمانية، يطلب البرنامج الخاص بمجموعة «إنيسمور»، الذي تم الإعلان عنه مؤخراً والمسمى «ديس لويالتي» (عدم الولاء)، من الأعضاء دفع 216 دولاراً سنوياً أو 18 دولاراً شهرياً، ومن ثم تبدأ القيمة في التزايد تدريجياً. يحصل الأعضاء على 5 مزايا بسيطة دون تواريخ انقطاع أو توقف، وهي الحصول على حسم نسبته 50 في المائة عند الإقامة في فنادق جديدة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الافتتاح، وحسم نسبته 20 في المائة عند الإقامة للمرة الأولى في أي فندق من فنادق «إنيسمور»، وحسم 10 في المائة عند العودة إلى الإقامة، وحسم 10 في المائة أيضاً على المأكولات والمشروبات في أي فنادق أو مطاعم تابعة للمجموعة، حتى وإن لم يكن الشخص نزيلاً، في أي يوم من أيام السنة.

يقول شاران باسريشا، مؤسس مجموعة «إنيسمور» والرئيس التنفيذي المشارك لها: «لطالما أذهلتني نماذج الاشتراك التي تقدم شكلاً مجتمعياً». مع ذلك كان العائق هو كيفية إنشائه برنامجاً قائماً خارج البرنامج القوي لـ«أكور»، الشركة العملاقة الفرنسية التي تعمل في مجال الفندقة، التي تمتلك حصة متحكمة في «إنيسمور». وأضاف: «عندما كان لدينا ثمانية أو عشرة فنادق فقط، لم يكن لينجح تطبيق برنامج ولاء خارج شركة (أكور)»، لكن مع توسع مجموعة الفنادق لتشمل 10 أسماء تجارية مختلفة وعشرات الأصول، رأى باسريشا صورة مختلفة تلوح في الأفق. يوضح قائلاً: «لقد ظللنا في حيرة لوقت طويل، حيث أخذنا نفكر في كيفية الجمع بين الناس. خطرت ببالنا فكرة نموذج الاشتراك الذي يكافئ النزيل في حالة عدم الولاء، ومحاولة تجربة أماكن جديدة».

تلك الفكرة مماثلة على نحو ما لفكرة برنامج «إيبيك باس» الناجح الذي قدّمه منتجع «فيل»، التي تشجع المتزلجين على تقبل اسم تجاري جديد من بين عشرات منتجعات التزلج، وبمجرد التزامهم به، تحثّهم على تجربة أكبر قدر ممكن من الجبال أو إنفاق المال به. بالنسبة إلى «إنيسمور»، يمكن أن يتخذ شكل التشجيع حسماً قدره 80 دولاراً عن كل ليلة يتم قضاؤها في غرفة يبلغ سعر الليلة فيها 800 دولار في «إس إل إس باها مار» في جزر البهاما، أو ربما الحصول على كوب من القهوة مجاناً.

تتمثل الصعوبة الوحيدة في الأمر بضرورة قيام المسافرين بحجز الإقامة في الفندق على الموقع الإلكتروني «ديس لويالتي دوت كوم»، ولن يحصلوا على أي نقاط لا محدودة «لايف ليميتليس» من «أكور»، ولا توجد أي طريقة للتلاعب بالنظام أو خداعه. إن دفع 18 دولاراً شهرياً يجعل برنامج «ديس لويالتي» (عدم الولاء) نموذجاً شاملاً على عكس النشرات الإعلانية الشائعة، أو برامج الولاء الخاصة بالفنادق، التي تتطلب إنفاق مبلغ محدد أو إقامات/رحلات جوية لصعود سلم المزايا. ويقول باسريشا: «إن هذا البرنامج مخصص للأشخاص الذين يحبون تجربة الأشياء والأمور الجديدة. إذا أردت أن تذهب إلى الفندق نفسه، فلك ذلك، لكن إذا ذهبت إلى واحد من الـ30 فندقاً التي يتم افتتاحها سنوياً من باريس حتى سنغافورة، سوف تزداد مدخراتك».

وفي الوقت الذي يستعد فيه باسريشا لإيقاف برامج الولاء التقليدية، سوف يضيف بالتأكيد مصدراً جديداً للعائدات. أوضح قائلاً: «إذا نظرت إلى عملنا بوصفنا شركة فندقة عالمية، سوف تجد أن مصادر العائدات الخاصة بنا أكثر تنوعاً من الشركات المنافسة التقليدية مما يتيح لنا التفكير بشكل مسؤول بدرجة أكبر بشأن نموذج العمل الخاص بنا». كذلك أشار إلى منح جمعيات خيرية، تعمل على تحسين الأحياء التي تقع فيها الفنادق التابعة للشركة، 5 في المائة من عائدات الاشتراكات. وسوف تبدأ مجموعة «إنيسمور» قريباً تنفيذ برنامج «ديس لويالتي دروبس»، وهي تجارب متاحة فقط لأعضاء موقع «ديس لويالتي دوت كوم». ويقول باسريشا إن تلك التجارب سوف تكون تجارب لا يمكن شراؤها بالمال، مثل الإقامة في فندق مع أصحاب، وارتياد مكان من الصعب جداً الحصول على حجز به. يمكن أن يحدث ذلك في أي من الثلاثين دولة التي توجد فيها فنادق أو مطاعم تابعة لمجموعة «إنيسمور».

فندق موندريون في الدوحة (خدمة تريبيون ميديا)

مع ذلك لا يعدّ تقديم برامج ولاء مختلفة عن تلك التي تقدمها فنادق مثل «ماريوت» و«حياة» وحتى «أكور» مهمة سهلة. مع ذلك يؤكد باسريشا أن طريقة تفكير عملائه مختلفة عن طريقة تفكير المتعاملين مع أسماء تجارية أكبر. ويوضح قائلاً: «لقد شهدنا خلال مرحلة ما بعد (كوفيد) تحولاً كبيراً بين الأشخاص الذين يسافرون لأماكن أبعد، ويقيمون لفترات أطول، ويقومون بمزيد من الأمور. إنهم يعيدون تقييم ما يمثل أهمية بالنسبة إليهم، ويريدون القيام بمغامرات جديدة. من المؤكد أن الحصول على حسم نسبته 50 في المائة في المنتجع السياحي الجديد في المالديف، الذي من المقرر افتتاحه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، ويضم غرفاً يبدأ سعر الإقامة لليلة واحدة في إحداها 1282 دولاراً، أمراً مملاً.

* خدمة «تريبيون ميديا»



«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
TT

«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

في أفلام «الأبيض والأسود» المصرية القديمة، تطل ضاحية «المعادي» بقصورها الفخمة وفيلاتها الفسيحة وشوارعها المظللة. واليوم حين تزور هذه الضاحية، جنوب القاهرة، يفاجئك أنها لا تزال تحتفظ بطابعها العريق، مع لمسات حياتية عصرية؛ فتستمتع فيها بالأجواء الهادئة الممتزجة بوسائل الراحة الحديثة، مجسدةً تلاقي الماضي والحاضر.

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

عندما أقام الخديوي إسماعيل مدينة «حلوان» لتكون مشتى للعائلة الملكية والنبلاء، تحولت المعادي المجاورة من قرية ريفية تتمتع بجمال الطبيعة والمساحات الخضراء، إلى محطة رئيسية في طريق الوصول إلى حلوان. يقول الباحث في التاريخ أمجد عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تتجول في شوارع المعادي تشعر أنك عدت سنوات طويلة للوراء، إلى أجواء الزمن الجميل؛ حيث الهدوء والرقي والمباني الكلاسيكية، والأشجار العتيقة».

بمرور السنوات ازدادت أعداد هذه الأشجار؛ فحين تسير في شوارع المعادي تنبهر بجمال وألوان البونسيانا والجاكرندا والأكاسيا، كما يستوقفك منظر الأشجار المثمرة، مثل المانجو والتوت والنبق والليمون والجوافة. وإذا صادفتَ أحد سكانها في الطريق وسألته عن السر، يقول لك بفخر: «عندما بدأ السكان يقطنون المعادي حدث فيما بينهم ميثاق شرف غير مكتوب، مفاده أن كل من يبني بيتاً أو ينتقل إلى منزل بها، عليه أن يزرع شجرة من اختياره؛ ما جعل المكان كالجنة».

زواحف وحيوانات لهواة السياحة البيئية في محمية وادي دجلة (تصوير: محمد وجيه)

للأماكن القديمة مميزاتها الاستثنائية بالنسبة لكثيرين؛ وليس من الغريب -وفق أمجد- أن تحتفظ المعادي بكل سماتها الأساسية؛ لأنها مكان عريق يرجع إلى عام 1903، فقد كانت في الأصل منطقة زراعية تعبر منها المراكب بين شاطئي النيل، وكان ذلك وراء تسميتها «المعادي»، فهي كلمة مأخوذة من «معدية» الركاب النيلية.

يقول عبد المجيد: «شهدت تطويراً كبيراً عام 1890 لتلائم الطبقة الأرستقراطية التي تمر بها إلى حلوان، إلى أن سكنها أبناء هذه الطبقة؛ حيث قام المهندس الكندي ألكسندر آدامز بتخطيطها، مستلهما طابع القرى الإنجليزية، ومن ثم تميزت المعادي ببيوتها ذات الطابقين والحدائق الخلفية الواسعة. والمفاجأة أن المؤرخ الراحل موفق بيومي قدَّم وثيقة تاريخية تثبت إنشاء أول محطة طاقة شمسية بالمعادي عام 1911؛ لذلك كله فإن الضاحية مسجلة بوصفها منطقة ذات قيمة تراثية».

وحين تزور هذه الضاحية، فإنك تشعر بكل هذا العبق التاريخي والثراء الجمالي للمكان. ورغم نشأة امتدادات لها يرتبط اسمها بها، فإن «المعادي القديمة» لا تزال ملاذاً للأثرياء والجاليات الأجنبية.

المعادي حنين للزمن الجميل (تصوير: مي تركي)

إذا كنتَ من عشاق القراءة، فإنك حين إقامتك في هذا الحي لفترة طويلة أو قصيرة، أو حتى عند زيارته لبضع ساعات، حتماً ستشعر بنوستالجيا غامرة؛ فهنا على سبيل المثال عاش «المغامرون الخمسة» أبطال السلسلة البوليسية الشهيرة في الوطن العربي.

الفنون والتعلم

يجد الأفراد الذين لديهم شغف بالفن ضالتهم في المعادي؛ حيث تحتضن الضاحية فرصاً لا حصر لها للتعلم والإبداع، بدءاً من البازارات الموسمية، وحتى العروض المتنوعة للفنانين المحليين والأجانب. وتزخر بمراكز ثقافية، بعضها فيلَّات قديمة قرر أصحابها تحويلها إلى ساحات للفن، تقدم العروض السينمائية والمسرحية والفنون الحركية التشكيلية، والكتب، وورشات العمل للأطفال والكبار وفصول الرقص، مثل السالسا، والتانغو، والرومبا، فضلاً عن تنظيم أسواق المنتجات اليدوية التقليدية.

«فيلا بيل إيبوك» له طابع خاص في المعادي (صفحة الفندق على فيسبوك)

متعة التسوق

إذا قررتَ الإقامة لفترة في المعادي، فلن تحتاج إلى الخروج بعيداً للتسوق؛ فكل شيء حولك رهن إشارتك، من العلامات العالمية أو المنتجات المحلية. تضم المعادي كثيراً من مجمعات التسوق. وبجانب المولات ستجد متاجر تتخصص في القطع اليدوية الفريدة التي تجمع بين الحرفية التقليدية والجماليات الحديثة. وتشتهر المعادي أيضاً بمتاجر أخرى تبيع منتجات عالية الجودة للعناية الشخصية بأسعار معقولة، مقارنة بالمراكز التجارية.

المعادي حي له سمات خاصة (تصوير: عمر المصري)

التخييم

الاستمتاع بأجواء الصحراء والتخييم في مصر لا يشترط أن تتوجه إلى خارج العاصمة؛ ففي قلب المعادي توجد «محمية وادي دجلة»، وهي من أفضل أماكن التخييم؛ لتمتعها بالطقس المعتدل؛ فهي مناسبة للزيارة في الصيف والشتاء؛ لاحتوائها على تجويفات في الجبل تجعل الجو رطباً حتى مع ارتفاع درجة الحرارة.

داخل المحمية، اترك نفسك لجمال الطبيعة، واستمتع بالهدوء والاسترخاء، وشاهد عن قرب حيوانات وطيور نادرة، سواء كان ذلك سيراً، أو باستخدام الدراجات في المحمية؛ ما يجعل المغامرة أكثر متعة.

فيلَّات محاطة بالأشجار والزهور (تصوير: مي تركي)

جبل الخشب

لا تغادر المعادي بعد زيارة المحمية؛ فإذا كنت من عشاق السياحة البيئية، فأمامك مكان آخر ينتظرك، وهو محمية «الغابة المتحجرة» التي تكونت عبر ملايين السنين، ويُطلق عليها في كثير من المراجع العلمية اسم «جبل الخشب»؛ حيث تعد أثراً جيولوجياً نادراً.

طعام مختلف

لا يوجد في السفر والرحلات أروع من تناول الطعام اللذيذ بعد يوم مليء بالحركة والتنقل. في المعادي أمامك عدد مذهل من المطاعم، وخيارات الطعام التي لا حصر لها. يتوفر كل شيء، بدءاً من المخبوزات الطازجة الساخنة القادمة من مختلف مطابخ العالم، مروراً بأطباق اللحوم المختلفة والأسماك والبيتزا، فضلاً عن مطاعم المأكولات العالمية، مثل السوشي الطازج والأطباق الفنزويلية والبرتغالية وغير ذلك، وصولاً إلى أحدث اتجاهات السلطات والأكل النباتي والصحي.

في مطاعم المعادي انغمس في روعة مذاق أطباق من مختلف مطابخ العالم (تصوير مي تركي)

جولة نيلية

من أروع الأنشطة هناك، الاستمتاع بالإطلالة الساحرة على ضفاف النيل، على متن إحدى البواخر الثابتة أو المتحركة؛ حيث المنظر الخلاب والنسيم المنعش. وهناك يمكنك الاختيار بين تشكيلة متنوعة من أشهى الأطباق، بينما تستمتع عيناك بجمال الطبيعة، وستعيش أيضاً أجواء فنية مميزة؛ حيث تقدم البواخر برامج استعراضية فلكلورية، مثل عروض التنورة على أنغام الموسيقى.

وإذا كنت تبحث عن إقامة مختلفة تجمع بين الرفاهية ودفء البساطة المصرية، فأنصحك بالابتعاد عن الفنادق العالمية الفخمة، واختيار أحد فنادق المعادي القديمة، في فيلات أنيقة مفعمة بذكريات أُسر عريقة، عاشت فيها عشرات السنوات، ومنها فندق «فيلا بيل إيبوك» الذي يعود إلى عشرينات القرن الماضي، وتحيط به المساحات الخضراء.