«رأس محمد»... وجهة عشاق الغوص والمغامرة

محمية مصرية تزخر بعجائب الطبيعة

طبيعة ساحرة في رأس محمد (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)
طبيعة ساحرة في رأس محمد (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)
TT

«رأس محمد»... وجهة عشاق الغوص والمغامرة

طبيعة ساحرة في رأس محمد (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)
طبيعة ساحرة في رأس محمد (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)

تصفها المواقع السياحية العالمية، بأنها «جنة الله على الأرض»، دون أدنى مبالغة، فهنا أنت وجهاً لوجه أمام سحر طاغ للطبيعة قلما تجد له مثيلاً في المنطقة. إنها محمية «رأس محمد» جنوب سيناء المصرية، التي تفاجئك بمياه فيروزية تشف عن شِعاب مرجانية، كأنك أمام لوحة عظيمة رسمتها يد الطبيعة. ثمة مجرى مائي يشق طريقه وسط الصحراء وأسماك غريبة الأشكال، مبهرة الألوان، تلوح أمامك وشواطئ رملية دافئة تغريك بالمشي حافي القدمين.

بقعة صحراوية فريدة من نوعها هي تلك التي تحوي شبه جزيرة «رأس محمد»، على بعد 12 كيلومتراً من مدينة «شرم الشيخ» ذات الشهرة العالمية. تتميز الجزيرة التي أُعلنت محمية عام 1983 بموقع جغرافي عبقري جاء نتيجة التقاء خليجين، هما خليج السويس شرقاً وخليج العقبة غرباً.

تفرُّد البيئة البحرية للمكان جعله موطناً أساسياً لأكثر من 1000 نوع من الأسماك لا يعيش معظمها خارج مياه البحر الأحمر. هكذا يجد عشاق الغوص ضالتهم في التمتع بكائنات وشعاب لا مثيل لها في مكان آخر، فضلاً عن أسماك مثل «الملاس»، و«الكشر» و«النهاش» و«العبية» و«الفراشة» و«الببغاء»، وهي أسماك تعيش وتتوالد في الشعاب أو في حشائش قاع البحر التي تجاورها، كما سيجد الغواص نفسه على موعد مع السلاحف البحرية أو «الترسة»، مثل «سلحفاة منقار الصقور» و«السلحفاة الخضراء» و«السلحفاة جلدية الظهر».

جمال الشِّعاب المرجانية (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)

وطبقاً للهيئة المصرية العامة للاستعلامات، تبلغ مساحة المحمية نحو 200 كم مربعاً، منها نحو 75 كم مربعاً في الجزء البري، ونحو 125 كم مربعاً في الجزء البحري، وتوجد بها قناة المانجروف التي تفصل بين جزيرتي «رأس محمد» و«البعيرة».

وبحسب الهيئة أيضاً، تعدّ «رأس محمد»، ثاني أهم محمية طبيعية على مستوى العالم عبر أكثر من 30 عاماً في الحقبة الماضية، لا يسبقها في هذا السياق سوى محمية «أولورو - كاتا بارك تجوتا» الواقعة بأستراليا. وتجسد المحمية نظاماً «إيكولوجياً» متكاملاً يشمل البحر بمياهه الزرقاء ذات الدرجات المتعددة، والجبال والصخور والنباتات كالمانجروف والشورى، وكذلك درجات الحرارة المعتدلة، والهواء النقي.

كما تعد ثالث أهم وأشهر موقع غطس على مستوى العالم؛ إذ تشمل أكثر من 12 شاطئاً تجمع ثلاث بيئات في تشكيلة رائعة من الطحالب البحرية والشِّعاب المرجانية والأسماك ذات الألوان الزاهية؛ مما يجعلها وجهة عظيمة لغواصي العالم.

كسائح، لا يمكن أن تزور «شرم الشيخ» دون أن تمر بـ«رأس محمد»، وليس غريباً أن آلاف الزوار يأتون من حول العالم خصيصاً لزيارة المحمية مباشرة لممارسة أنشطة مختلفة تتجاوز فكرة الغوص، مثل سياحة اليخوت أو التخييم في الصحراء، لا سيما بعد تطوير تلك الوجهة الفريدة وتزويدها بالمظلات اللازمة ودورات المياه وتحديد مسارات الزيارة وفق نظام إرشادي متطور، وكذلك استحداث موقف ضخم لانتظار السيارات.

وتعد «البحيرة المسحورة» أحد أهم مزارات وجهتك هنا؛ فهي بِركة مائية كبيرة يتغير لونها على مدار اليوم الواحد نحو 7 مرات، كما أنها غنية بالأملاح؛ ما يجعلها مقصداً طبياً للذين يعانون أمراض الروماتيزم وآلام الظهر والساقين، ولا تكتمل زيارتك للمحمية دون الغطس في عيون المياه الكبريتية التي يقدر عددها بـ15 عيناً تتدفق منها المياه الساخنة القادمة من مغارة بأحد الجبال، من سلاح فعال كذلك لعلاج آلام العظام، كما أن الاسترخاء على الشواطئ الرملية الناعمة والاستمتاع بمنظر المياه الشفافة كالكريستال وهى تلتقي بالتشكيلات الصخرية يعد هدفاً ممتعاً في حد ذاته.

روعة البيئة البحرية في رأس محمد (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)

ولمن يريدون قضاء عطلة غير تقليدية ويرغبون في إضفاء طابع المغامرة على رحلتهم، لا بد لهم من الغوص في «ممر جاك» الذي يعدّ أحد مراكز الغطس المميزة في منتزه محمية «رأس محمد»، هنا أنت على موعد مع تجربة مبتكرة وفريدة، بل وربما الوحيدة من نوعها، حيث يتطلب الوصول إلى الممر اجتياز كهف بعمق خمسة أمتار تتخلله أشعة الشمس التي تتهادى أمامك بوضوح مثل سبيكة ذهبية في عمق المياه عبر الشقوق.

سحر المياه وشِعاب مذهلة (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)

ولا يقتصر سحر المكان على البيئة البحرية؛ فالبيئة البرية تحتفظ بسحرها هي الأخرى، حيث تشمل العديد من الحيوانات والزواحف والحشرات والثدييات، مثل الثعلب الأحمر، الضبع، الغزال، التيتل النوبي، وهي كائنات لن يتسنى لك رؤيتها في أي مكان آخر بمصر.

جمال قناة المانجروف (حساب محمية رأس محمد على «فيسبوك»)

وإذا كانت مياه المحمية وبرها تزخران بالعجائب، فإن سماءها هي أيضاً تدلي بدلوها، حيث تستضيف في العديد من المواسم الكثير من الطيور المهاجرة والنادرة مثل «اللقلق» الأبيض والأسود و«البمشون» الأبيض والرمادي و«البشاروش»، فضلاً عن طيور النورس.


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السفر مع أفراد العائلة يمكن أن يكون أمراً صعباً بشكل خاص (رويترز)

لإجازة عائلية من دون مشكلات... ضع 7 حدود قبل السفر وخلاله

حتى أجمل التجارب في الأماكن الخلابة يمكن أن تنهار أمام الخلافات العائلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة المدينة القديمة في ميكونوس الأكثر زحمة في الجزيرة (شاترستوك)

ميكونوس... جزيرة ترقص مع الريح

بعد أيام من الراحة والاستجمام في سانتوريني، جزيرة الرومانسية والهدوء والتأمل، أكملنا مشوارنا في التنقل ما بين أجمل جزر اليونان، واخترنا ميكونوس.

جوسلين إيليا (ميكونوس-اليونان)
العالم جواز سفر سنغافوري (أ.ف.ب)

سنغافورة تُتوج بلقب صاحبة أقوى جواز سفر في العالم

تفوقت سنغافورة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لتصبح صاحبة أقوى جواز سفر في العالم حيث يمكن لحاملي جواز سفر سنغافوري دخول 195 دولة دون تأشيرة دخول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
TT

ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

يحتار «البلوغرز» والمدوّنون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أي موضوعات عليهم مقاربتها لاستقطاب متابعين لهم. وغالباً ما تأتي الأفكار متشابهة. ولكن المخرجة اللبنانية ستيفاني قبلان عرفت كيف تنطلق في هذا الإطار، واختارت الإضاءة على لهجات المناطق اللبنانية بوصفها محتوى لمنشوراتها الإلكترونية. ومنذ إطلالتها الأولى عبر حساباتها على «تيك توك» و«إنستغرام» و«فيسبوك» حصدت النجاح. نجاح لم يقتصر على متابعيها من لبنانيين، وإنما شمل بلداناً عربية وغربية، أعجب المقيمين فيها بسبب المحتوى المرتبط بالجذور. فاللهجات كما اللغات تحيي تراث الأوطان وتقاليدها. ومن هذا الباب بالذات، تفاعل متابعو ستيفاني معها؛ إذ راح كل منهم يطالبها بزيارة بلدتهم أو بلادهم.

كل ينتمي إلى مكان ما يحمل خصوصية في عاداته وتقاليده. وتشكل اللهجة التي يتحدثون بها علامة فارقة لهم، فتشير إلى انتمائهم بوضوح مطبقين من خلالها مقولة «من لهجتهم تعرفونهم».

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

استهلت قبلان مشوارها هذا من عقر دارها مدينة البترون. هذه البلدة التي تشكل مسقط رأسها تتمتع بلهجة شمالية مشهورة بها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أهل البترون يحشرون حرف الشين في كل كلمة ينطقون بها. (أيش) و(ليش) و(معليش) و(أبعرفش) و(أبديش) وغيرها. ولكل منطقة مصطلحات خاصة تُعرف بها. فإذا أخذنا كلمة طاولة نجدها بعدة نسخ: (سكملة) و(وقافة) و(ترابيزة)، حتى الساندويتش له أسماء مختلفة كـ(لفافة) و(عروس) و(لقمة). جذبتني هذه اللهجات وقررت أن أغوص فيها من باب الإضاءة عليها».

تعد ستيفاني ما تقوم به جسر تواصل بين مختلف بلدات لبنان ومدنه. وكذلك وسيلة لتعريف جيل الشباب إلى أصولهم وتقاليدهم. فجولاتها لم تقتصر فقط على مدينة البترون وإنما طالت قراها وجرودها. وزارت مناطق أخرى تقع في جنوب لبنان مثل مدينة جزين. تروي لـ«الشرق الأوسط» كيف اختارت هذا المحتوى. فهي إضافة إلى شغفها بالإخراج كانت تتمنى لو درست الترجمة. تجيد التكلم بخمس لغات، وفي الوقت نفسه تحب اكتشاف لهجات موطنها. «هذا المجال واسع جداً ويتعلق بالتاريخ والجغرافيا لكل منطقة. هناك احتلالات وانتدابات شهدها لبنان، أثرت في لهجات مناطقه وعلى عادات أهله. وعندما نتعمّق في هذا الموضوع يصبح الأمر بمثابة متعة. فلا أشبع من البحث عن قاموس كل بلدة ومصطلحاتها الخاصة بكلمات تستخدمها في أحاديثها».

تسير ستيفاني في شوارع مدينتها التي تعج بسيّاح عرب وأجانب. وكذلك بزوّار من المنطقة وجوارها، خصوصاً من بيروت. وأول سؤال تطرحه على الزائر «إنت من وين؟»، ومن هناك تنطلق بتحضير محتواها الإلكتروني. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أحب هذا التفاعل المباشر مع الناس. واكتشاف لهجتهم أمر يعنيني كثيراً؛ لأنني أتوق إلى التعرف على لبنان بأكمله».

عندما تلتقي زائراً غير لبناني يأخذ الحديث معه منحى آخر. «أحيانا أستوقف شخصاً من الأردن أو مصر أو العراق. وبالصدفة أدرك أنه غير لبناني ونبدأ معاً في التكلم عن لهجته. وتفاجأت بوجود كلمات متشابهة نستخدمها جميعاً في بلداننا العربية. فكلمة (ليش) رائجة جداً في المنطقة العربية. وكل منا يلفظها على طريقته».

توقع ستيفاني كل منشور لها بكلمة «وهيك». فصارت بمثابة «توقيع» خاص بفيديوهات مصورة تختتمها بها. كما عمدت إلى طبع سلسلة قمصان قطنية تحمل هذه الكلمة وغيرها من عبارات بترونية مثل «أيش في». «انطلقت في هذه الخطوة من باب تحقيق انتشار أوسع للهجاتنا اللبنانية، وأطلقت عليها اسم (كلمات)». من تصميمها وتوقيعها باتت هذه القمصان تطلب من مدن لبنانية وعربية. وتتابع: «في إحدى المرات ارتديت قميصاً كتب عليه عبارة (وهيك). فوصلتني مئات الرسائل تطالبني بواحدة منها. من هناك بدأت هذه الفكرة تشق طريقها ولاقت تجاوباً كبيراً من متابعيَّ».

عبارة «أيش ما أيش؟» مشهورة في البترون (الشرق الأوسط)

وتخطط ستيفاني حالياً لتوسيع فكرة محتواها؛ ليشمل التقاليد العريقة.

«لقد جسست النبض حول هذا الموضوع في مناسبة عيد الفطر وأعياد رأس السنة وغيرها، وتفاعل معي المتابعون من خلال تعريفي على عبارات يستخدمونها للتهنئة بهذه المناسبات. وأفكر في توسيع نشاطاتي لأقف على عادات وتراث بلدي وغيره».

في المخابز والمقاهي، كما على الطرق وفي الأزقة والأحياء الشعبية، تتنقل ستيفاني قبلان. تحمل جهازها الخلوي وتسجل أحاديث لأهل بلدة معينة. تبدأ بسؤال «شو أشهر الكلمات عندكم؟»، وتوضح: «الجميل في الموضوع أن الناس تحب التحدث معي في هذا الإطار. وهو ما أكد لي نظريتي أن الشعب اللبناني محب وقريب إلى القلب. ومهما اختلف موقع البلدة، بعيدة كانت أو قريبة، فالجميع يكون مرحباً ومضيافاً، ويتفاعل بسرعة بعرض لهجته».

تفكر ستيفاني بتوسيع محتوى صفحاتها الإلكترونية ليشمل بلداناً عربية (الشرق الأوسط)

تشير ستيفاني إلى أن هذا المحتوى يزوّدها بثقافة لبنانية لم تكن تتوقعها. «تخيلي أن لبنان مع كل صغر مساحته يملك هذا الكمّ من اللهجات المختلفة. وبعض بلداته تتمسّك باستعمال كلمات قديمة ورثها أباً عن جد، كي يكمل مشوار اللهجات هذا. إنه أمر رائع أن أكتشف كل هذا الحب للبنان من أبنائه. فأسعد بالتحدث معهم، وعلينا أن نكون فخورين بلهجاتنا ونعمل على الحفاظ عليها دائماً».