ضريح «أغا خان»... نقطة اجتماع الطبيعة بالتاريخ والعلاج

يقع فوق ربوة في أسوان مطلة على نهر النيل

إطلالة جميلة على رأس الربوة (الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان على «فيسبوك»)
إطلالة جميلة على رأس الربوة (الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان على «فيسبوك»)
TT

ضريح «أغا خان»... نقطة اجتماع الطبيعة بالتاريخ والعلاج

إطلالة جميلة على رأس الربوة (الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان على «فيسبوك»)
إطلالة جميلة على رأس الربوة (الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان على «فيسبوك»)

من فوق ربوة عالية تطل على البر الغربي لنهر النيل في مدينة أسوان (جنوب مصر)، وبالقرب من المدخل الجنوبي لحديقة «النباتات» ذات الشهرة العالمية، يرقد رفات الأغا خان الثالث، السلطان محمد شاه الحسيني، زعيم الطائفة الإسماعيلية، الذي وُلد عام 1877 بمدينة كراتشي بالهند آنذاك. وللموقع السياحي ميزة ثلاثية، تجتذب الزائرين إليه، فإلى جانب عراقته التاريخية وروعة المبنى التي تشبع محبي الأماكن الأثرية، وبما يتضمنه من قصص تاريخية، فإن الطبيعة الساحرة للموقع، على نهر النيل أضافت له طابعاً فريداً، فضلاً عن شهرته في «العلاج بالرمال».

تصل إلى مكان الضريح على متن مراكب شراعية في نهر النيل بصحبة «المراكبية» من أهالي أسوان بملابسهم البيضاء، وبشرتهم السمراء الجذابة، وبمجرد أن تصعد تلة الرمال وتقترب من المكان تأخذك الرهبة، فالمقبرة مبنية من نوعية فاخرة من الرخام المرمري الأبيض، أما الضريح فمبني من الحجر الجيري الوردي.

الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان على فيسبوك

بساطة التصميم تزيده جمالاً، وحين تعرف أن رائد التصميم المعماري في مصر، د. فريد شافعي (1907 - 1985)، خلفه، تدرك أن اختيار الطراز الفاطمي بحسه المصري الإسلامي لم يأتِ من فراغ. وليس ببعيد من المكان، تنهض فيلا «دار السلام» التي بناها الأغا خان، وهو لقب يعني «السيد» أو «النبيل»، وكذلك المسجد الذي يحمل اسمه، لكن ما منح ذلك المزار السياحي أسطورته الخالدة هي قصة الحب التي تقف خلفه.

وبحسب باحثين ومؤرخين، بدأت القصة في فرنسا، حيث فتاة بسيطة تدعى لافيت لابروس تعمل بائعة للورد، لكنها تتمتع بجمال أخاذ. شاركت في مسابقة لملكات جمال الريفيرا الفرنسية عام 1930 وحصدت المركز الأول وهي ابنة الرابعة والعشرين، وبهذه الصفة تلقت دعوة للمشاركة في إحدى حفلات عيد الميلاد الملكية بمصر، حيث كان اسم «الأغا خان» يتصدر قوائم المدعوين. ومنذ اللحظة الأولى التي وقعت عيناه عليها، اشتعل قلب الرجل بشرارة الحب، وسرعان ما اتخذ قراره بالزواج منها لتتحول بائعة الورد، ابنة سائق الترام البسيط، إلى واحدة من أثرياء العالم.

عنوان مهم لمحبي الآثار (الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان على «فيسبوك»)

عام 1954، كان الوجيه الثري قد ملّ فشل الأطباء في معالجة آلام الروماتيزم والعظام التي يعاني منها. وبينما هو مقيم بفندق «كتراكت» الأشهر بأسوان في الشتاء، وصف له طبيب شعبي من أهل النوبة دفن نصفه الأسفل في رمال جبال أسوان لمدة 3 ساعات على مدار أسبوع كامل. كانت النتيجة مذهلة، فها هو المريض الذي يجلس على كرسي متحرك يعود إلى حاشيته في الجناح الملكي ماشياً على قدميه وسط تهليل وصياح أتباعه.

عشق المكان، وأوصى بأن يُدفن فيه. وحين رحل عن عالمنا 1957، نفذت الوصيةَ الزوجةُ المخلصةُ التي أشهرت إسلامها وحظيت بلقب «البيجوم»، وهو لقب ملكي أرستقراطي يستخدم في آسيا، وأصبحت كنيتها «أم حبيبة». رفضت أن تتزوج وظلت توقد الشموع، كما حرصت على وضع وردة حمراء من نوع «رونرا بكران» على قبره كل يوم في التاسعة صباحاً سواء بنفسها أو عبر عمال ينفذون تعليماتها.

ضريح أغا خان حيث يجتمع التاريخ مع العلاج (الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان على «فيسبوك»)

وكانت تأتي مرة كل عام إلى أسوان في مركب من شراع أصفر اللون يتميز عن بقية الأشرعة البيضاء ليعرف أهل أسوان أنها قد وصلت. يحدث هذا في الشتاء، حيث تغير الوردة بيدها وتضعها في إناء من الفضة مليء بالمياه فوق المقبرة. وحين ماتت عام 2000، كانت قد أوصت بأن تُدفن إلى جوار زوجها في المكان نفسه ليكتمل قوس رحلة عنوانها «الحب الأسطوري والوفاء الأبدي».

على هذه الخلفية، يمكن للسائح أن يقف على أطلال الماضي، وكذلك الاستفادة من إمكانات السياحة العلاجية الهائلة. وبحسب خيري محمد علي، رئيس غرفة شركات السياحة بأسوان، فإن الرمال الصفراء الناعمة في أسوان يمكنها علاج الروماتيزم والصدفية وآلام العظام، وغيرها من الأمراض الجلدية.

وتقتضي عملية العلاج بالرمل دفن جسم المريض بالكامل في الرمال، ما عدا الرأس، مع أهمية أن يتم ذلك في توقيت لا تشتد فيه حرارة الشمس، مثل ساعات الصباح الأولى أو قبيل الغروب، لمدة تتراوح ما بين 10 و15 دقيقة، بعدها يتم لف المريض عقب الخروج من الحمام الرملي مباشرة بهدف حمايته من التيارات الباردة، مع إعطائه مشروبات دافئة لرفع المناعة، مثل القرفة، مع الامتناع عن شرب المياه لمدة لا تقل عن ساعتين.

وتعد أسوان من أجمل الوجهات السياحية المصرية، خصوصاً في الشتاء، حيث تنعم بالطبيعة الساحرة الخلابة، والمعابد الفرعونية، والمتاحف التراثية، وجلسات الاستشفاء الطبيعي. ومن أبرز المزارات هناك بجانب ضريح «الأغا خان»، جزر «سهيل»، و«الفنتين»، و«النباتات»، ومتاحف «النوبة»، و«أسوان»، و«النيل»، فضلاً عن «المسلة الناقصة» و«قبة الهوا» ومعبدي «أبو سمبل» و«فيلة».


مقالات ذات صلة

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
سفر وسياحة البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، تتنافس بلدات ومدن لبنانية على اجتذاب الزوّار. مدينتا جبيل والبترون كما زغرتا تشكّل وجهات سياحية داخلية محببة.

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

مع اقتراب عيد الميلاد، قد يكون من السهل الوقوع في أحلام اليقظة حول عطلة شتوية مستوحاة مباشرة من السينما: عطلة تتميز بالطقس الثلجي المثالي، والشوكولاته الساخنة

مادلين فيتزجيرالد (نيويورك)
سفر وسياحة فندق ذا لانغهام جاكارتا (الشرق الأوسط)

أفكار لإقامة تليق بأعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

اكتشفْ سحر موسم الأعياد في فندق إنيالا هاربور هاوس بمالطا

«الشرق الأوسط» (لندن)

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
TT

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)

مع اقتراب عيد الميلاد، قد يكون من السهل الوقوع في أحلام اليقظة حول عطلة شتوية مستوحاة مباشرة من السينما: عطلة تتميز بالطقس الثلجي المثالي، والشوكولاته الساخنة، وأكشاك العصير، وصفوف من أشجار الصنوبر، وخيوط من الأضواء الخيالية وحتى نهاية البصر.

مما لا شك فيه أن الأميركيين ينفقون الكثير من المال في عيد الميلاد، فقد سجل تجار التجزئة ما يصل إلى 960 مليار دولار من مبيعات موسم الأعياد، ولكن من الصعب حتى على أكثر المراكز التجارية الفاخرة تنوعاً أن تتطابق مع سحر سوق الكريسماس الأوروبي.

نشأت الأسواق في ألمانيا أواخر العصور الوسطى، وعادة ما تُقام تقليدياً خلال الأسابيع الأربعة من التقويم الكنسي. واليوم، تبدأ العديد من الأسواق في نوفمبر (تشرين الثاني)، وتُختتم معظمها بحلول ليلة رأس السنة الجديدة. وتوفر أسواق الكريسماس للأهالي والمسافرين، على حد سواء، فرصة لشراء الهدايا، والاحتفال بالأطعمة الموسمية، والتزلج على الجليد، ومشاهدة الموسيقى والعروض الراقصة.

إذا كنت تخطط لعطلة أوروبية سحرية، فاستمر في القراءة لمعرفة المزيد عن أسواق عيد الميلاد الأكثر إثارة للاهتمام للزيارة في ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

أسواق بروكسل (غيتي)

بروكسل، بلجيكا

في عام 2023، تدفق أكثر من أربعة ملايين شخص إلى بروكسل بين 24 نوفمبر و31 ديسمبر؛ لزيارة «مهرجان العجائب الشتوية» الشهير في المدينة. تنتشر هذه النسخة البلجيكية لسوق عيد الميلاد عبر مواقع متعددة في عاصمة البلاد، بما في ذلك «غراند بلاس»، و«بورس»، وميدان سانت كاترين، و«مارشيه أو بواسون». وفي العام الماضي تمكن المسافرون من تناول أطعمة بلجيكية مثل الشوكولاته والوافل، بينما كانوا يشاهدون شجرة عيد الميلاد التي يبلغ طولها 72 قدماً والمهد بالحجم الطبيعي.

فرانكفورت، ألمانيا

يعود تاريخ سوق عيد الميلاد في فرانكفورت إلى أواخر القرن الرابع عشر عندما سُمح لسكان المدينة فقط بالتسوق لشراء السلع المصنوعة يدوياً قبل حلول أشهر الشتاء الطويلة. واليوم، تتفاخر المدينة باستقبال الضيوف في موسم الأعياد، ويمتد السوق عبر أنحاء عديدة من المدينة.

ترينتو في إيطاليا (غيتي)

ترينتو، إيطاليا

يُشار إلى مدينة ترينتو أحياناً باسم «مدينة الكريسماس»، في منطقة ترينتينو ألتو أديجي الجبلية في شمال إيطاليا حيث ساحة فييرا، وساحة سيزار باتيستي المليئة بأكشاك بيع السلع المصنوعة يدوياً المحلية، في حين أن نوافير المدينة مزينة بالأضواء.

أسواق العيد في ستراسبورغ، فرنسا (غيتي)

ستراسبورغ، فرنسا

ستراسبورغ تعرف أيضاً باسم «عاصمة عيد الميلاد» نظراً لضخامة تماثيل عيد الميلاد التي تعود إلى القرن السادس عشر. ويستطيع المسافرون التزحلق على الجليد أو مشاهدة عروض موسيقية ليلية قبل التجول في سوق الليل المضاء، ورؤية شجرة عيد الميلاد التي يبلغ طولها 98 قدماً، ويوجد في السوق أكثر من 300 شاليه خشبي لبيع الحلوى التقليدية والهدايا المناسبة لعيد الميلاد.

فيينا، النمسا

من الصعب تخيل سوق لأعياد الميلاد ورأس السنة أكثر سحراً من السوق الموجود بقصر بيلفيدير في فيينا. يخدم القصر الباروكي الضيوف ويقدم لهم الأطعمة النمساوية الشهية، مثل الفطائر الرقيقة مع مربى البرقوق، وطبق ليبيركاس، وهي نسخة راقية من فطيرة اللحم. يمكن للمسافرين التجول في المجموعة الفنية بالقصر، والتسوق لشراء الحرف التقليدية، والاستماع إلى الموسيقيين الذين يؤدون العروض الحية الليلية.

خدمة «تريبيون ميديا»