القموعة قطعة من الجنة بين حنايا لبنان

فيها غابة العذر الفريدة من نوعها في المنطقة

سهل القموعة بمشهديته الجميلة (خاص علي أيوب من القموعة)
سهل القموعة بمشهديته الجميلة (خاص علي أيوب من القموعة)
TT

القموعة قطعة من الجنة بين حنايا لبنان

سهل القموعة بمشهديته الجميلة (خاص علي أيوب من القموعة)
سهل القموعة بمشهديته الجميلة (خاص علي أيوب من القموعة)

سيتبدل مفهومك تماماً عن الطبيعة اللبنانية عندما تزور بلدة القموعة في قضاء عكار، فغاباتها الكثيفة ترتدي في كل فصل من السنة لوناً مغايراً يعلمك أنك في موسم الصيف أو الخريف أو الربيع أو الشتاء. موقعها على مسافة نحو ساعتين من العاصمة بيروت، يتميز بطقسه البارد حتى في أشد درجات حرارة الصيف، كما تتضمن مواقع أثرية وسهول وجبال يسرح نظرك في استكشافها سيراً على الأقدام أو بالسيارة.

غابة العذر (خاص علي أيوب من القموعة)

غابة العذر

لعل المحطة الأهم التي تستوقفك في القموعة هي «غابة العذر» التي تمتد على آلاف الكيلومترات. وتكمن ميزتها باحتوائها على أكثر من 50 ألف شجرة من نوع العذر. كما ينبت فيها 36 صنفاً من الأزهار والنباتات والفطريات التي صنفتها الـ«يو إن دي بي» الأميركية بالنادرة من نوعها في العالم.

تمتاز الغابة بارتفاع أشجارها التي يتجاوز عمر بعضها الألف عام، وتتراوح بين 20 و30 متراً.

وتعد «غابة العذر» في القموعة وجهة سياحية يقصدها المقيمون كما السياح من كل حدب وصوب، فيها تحلو ممارسة هواية التخييم بحيث تنصب خيم خاصة لإمضاء أوقات ممتعة وسط الطبيعة. وهي محروسة ويشرف على أمنها رجال الشرطة في البلدة؛ ولذلك يقصدها الزوار ليلاً ونهاراً، وتؤمن لهم جميع الخدمات التي يطلبونها ويحتاجون إليها.

ميزة هذه الغابة المغمورة بأشجار العذر المنتصبة فيها، منافستها بطبيعتها لغابات أخرى عربية وعالمية؛ فهذا النوع من الأشجار لا يوجد إلا في القموعة اللبنانية وفي جزء من بريطانيا وفرنسا.

سهل القموعة بمشهديته الجميلة (خاص علي أيوب من القموعة)

سهل القموعة

يعد سهل القموعة من روائع الطبيعة اللبنانية، تتوسطه بحيرة في الشتاء تتحول إلى واحة خضراء في الصيف. ويظلل السهل أكثر من نوع من الأشجار مثل الشوح والصنوبر واللزاب، فتوفر لزواره جلسة ممتعة حتى في أشد حرارة الصيف، وتقصدها العائلات لتمضية أوقات مسلية بحيث يستمتعون مع أولادهم بركوب الأحصنة وممارسة رياضة السير على الأقدام.

وتؤلف أشجار الأرز في القموعة غابة ضمن غابة، يبلغ قطرها 6 أمتار وطولها 25 متراً، وعلى مبعدة أمتار عنها تنتصب غابة القموعة وفيها أنواع مختلفة من الأشجار كالسنديان والعفص والشوح... وغيرها، صنفها تقرير بيئي قام به عدد من الخبراء الفرنسيين بواحدة من الغابات الأجمل في العالم، فهي تحتوي على نحو 53 نوعاً من الأشجار.

غابة العذر كما تبدو في فصل الشتاء (خاص علي أيوب من القموعة)

أين تقيم في القموعة؟

تتألف القموعة من جبال وأودية ومنحدرات، وهي تنبثق عن بلدة فنيدق العكارية، كما تمر بها ينابيع كثيرة، أشهرها نبع فنيدق الذي يروي أراضيها الزراعية، ويؤمن مياه الشفة للبلدة. وإذا ما زرت القموعة فلا بد أن تمضي فيها أكثر من يومين كي تستطيع زيارة معالمها. وبضواحي سهل القموعة خصصت منطقة للإقامة تتألف من عشرات الأكواخ الخشبية الـ«بانغلوز». وتؤمن للمقيمين فيها جميع وسائل الراحة صيفاً وشتاءً، كما تتيح لهم تناول الفطور اللبناني العريق «الترويقة القروية». ويشارك في تحضير فطور الزبائن أهل فنيدق والقموعة، من مكونات الطبيعة التي تقطف من الأرض؛ فرائحة منقوشة الزعتر والكشك واللحم بعجين لا توازيها غيرها في المناطق اللبنانية، إذ يجري تحضيرها طازجة بجودة كبيرة، وتتلون بأطباق اللبنة البلدية والبيض المقلي ومربى التفاح.

المطاعم قعدات على مدّ النظر

أينما وجدت في القموعة وفي بلدة فنيدق بالتحديد، سيكون متاحاً لك تناول أنواع طعام مختلفة، فكل زاوية فيها تستطيع أن تفترش أرضها أو تجلس على مقاعد خشبية خصصتها البلدية لهذه الغاية. تستمتع مع أصدقائك بمائدة طعام تفتح الشهية يمكنك أن تحصل على مكوناتها بمساعدة أهل القموعة، لذلك يقصدها الناس لإقامة حفلات الشواء من لحوم ماعز وبقر وغنم ودجاج... وغيرها. وتتوزع في أرجاء المنطقة مخابز ومطاعم تحضر الأكلات البلدية السريعة، فيما أخرى كمطعم «الشير العالي» في بلدة حرار ويقع على ارتفاع 900 متر فوق البحر، يقدم المازات اللبنانية على أنواعها ومناقيش على الصاج وغيرها من الأطباق القروية.

مشهد من طبيعة القموعة (خاص علي أيوب من القموعة)

إقامة بيئية بامتياز

السياحة البيئية تطغى على زيارتك للقموعة، وتنقلك في أرجائها مستكشفاً آثارها الرومانية ومواقعها الدينية؛ فالغابات والينابيع والسهول والجبال التي تسودها تؤلف عنواناً فريداً لبيئة لبنان المتنوعة. كما أن الأولاد يستمتعون بالتعرف إلى الفراشات الملونة والسناجب التي تقفز في غاباتها، وفي إمكانهم أيضاً ارتياد الحديقة العامة ومدينة الملاهي في فنيدق كي يمضوا أوقاتاً ترفيهية لن ينسوها. كما يمكن لزائرها الوقوف على أعلى تلة في منطقة عكار «جبل عروبة» الذي يحتضن واحدة من القلاع الأثرية فيها. ومن هناك سيحلق نظرك في لوحة من الطبيعة تشكل جسر تواصل بين جبال لبنان الشرقية والغربية. أما الترحاب الذي يستقبلك به أهالي القموعة المعروفون بطيبتهم وحياتهم البسيطة، فيحفزك على القيام بنفس الرحلة مرة ثانية.


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السفر مع أفراد العائلة يمكن أن يكون أمراً صعباً بشكل خاص (رويترز)

لإجازة عائلية من دون مشكلات... ضع 7 حدود قبل السفر وخلاله

حتى أجمل التجارب في الأماكن الخلابة يمكن أن تنهار أمام الخلافات العائلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة المدينة القديمة في ميكونوس الأكثر زحمة في الجزيرة (شاترستوك)

ميكونوس... جزيرة ترقص مع الريح

بعد أيام من الراحة والاستجمام في سانتوريني، جزيرة الرومانسية والهدوء والتأمل، أكملنا مشوارنا في التنقل ما بين أجمل جزر اليونان، واخترنا ميكونوس.

جوسلين إيليا (ميكونوس-اليونان)
العالم جواز سفر سنغافوري (أ.ف.ب)

سنغافورة تُتوج بلقب صاحبة أقوى جواز سفر في العالم

تفوقت سنغافورة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لتصبح صاحبة أقوى جواز سفر في العالم حيث يمكن لحاملي جواز سفر سنغافوري دخول 195 دولة دون تأشيرة دخول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

برشلونة تفرض قوانين جديدة على السياح

زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)
زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)
TT

برشلونة تفرض قوانين جديدة على السياح

زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)
زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)

بعد المظاهرات التي شهدتها برشلونة الأسبوع الماضي؛ إذ تجمّع أكثر من 2800 متظاهر رشّوا السياح بمسدسات المياه، طالبين منهم «العودة إلى منازلهم»، كان لا بد من إجراء بعض التغييرات من قِبل السلطات الإسبانية؛ للحد من الكمّ الهائل من السياح الذين يتوافدون إلى برشلونة وغيرها من المدن والجزر السياحية الإسبانية.

وبينما أدان جوردي هيرو، وزير السياحة الإسباني، تصرفات المتظاهرين، واصفاً إياهم بأنهم لا يمثّلون ثقافة الضيافة في بلاده، إلا أنه كان لا بد من الامتثال إلى مطالب الشعب وإجراء التعديلات اللازمة فيما يخصّ موضوع تأجير البيوت لمدة زمنية قصيرة في المدينة، التي من شأنها أن ترفع أسعار تأجير العقار؛ ما يجعل الأمر صعباً جداً بالنسبة إلى الإسبان.

وابتداءً من السبت الموافق العشرين من يوليو (تموز) 2024 ستبدأ هذه الوجهات الإسبانية، مثل: برشلونة وإبيزا ومالقا، وغيرها من الأماكن المتضررة بسبب السياحة المفرطة؛ استراتيجيات غير مسبوقة ومبتكرة لا تهدف فقط إلى إدارة الحشود، وإنما أيضاً إلى الحفاظ على تراثها الثقافي، وحماية البيئة ونوعية الحياة لسكانها، من بينها منع السياح من شراء الكحول ما بين الساعة التاسعة والنصف مساء حتى الثامنة والنصف صباحاً، وهذا القانون موجه بطريقة غير مباشرة (للسبب الرئيس في مشكلة إسبانيا) إلى السياح البريطانيين والألمان الذين يأتون بأعداد كبيرة ويقضون أوقاتهم في الشرب في الحانات؛ ما يتسبّب في حدوث مشكلات كبيرة. كما ستُمنع القوارب التي تحيي الحفلات الصاخبة على متنها من الاقتراب من الشاطئ، وفرضت عليها مسافة يجب الالتزام بها.

زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)

تأجير الشقق للسياح من الأسباب المهمة التي دفعت بالإسبان إلى التظاهر، إلى جانب السياحة المفرطة من حيث عدد السياح الذين يأتون بوساطة البر والجو، بالإضافة إلى البواخر السياحية العملاقة التي يخرج منها آلاف الزوار يومياً؛ لذا أعلن عمدة برشلونة أن المدينة سوف تمنع تأجير الشقق للسياح بحلول عام 2028، وهي خطوة جذرية غير متوقعة في إطار سعيها لكبح جماح تكاليف السكن المرتفعة، وجعل المدينة صالحة للعيش بالنسبة إلى السكان.

تنظيم السياحة سيتضمن تدابير، مثل: الحد أو حتى إلغاء الإيجارات قصيرة الأجل، وما يُعرف بـ«إيربي إند بي»، ووضع حد أقصى لعدد غرف الفنادق، وهذا الأمر متروك للسلطات المحلية والإقليمية التي تعوّل كثيراً على المردود السياحي، ولكن يجب عليها في الوقت نفسه الاستماع إلى حاجة الشعب ومتطلباته.

الاكتظاظ السياحي ليس سوى جزء من المشكلة، فالجانب الآخر هو أزمة الإسكان الحادة، لا سيما بالنسبة إلى الشباب الذين يضطرون إلى العيش في بيت العائلة حتى سن الثلاثين وأكثر بسبب ارتفاع الأسعار.

ردات الفعل في بريطانيا إزاء هذه القوانين والمظاهرات الموجهة «ضمنياً» ضدهم، جعلت بعضهم يمتعض من تصرّفات الشعب الإسباني المستاء من السياحة المفرطة ويكره السياح، ولهذا السبب يفكر عدد منهم في إلغاء حجوزاتهم إلى إسبانيا، والتوجه إلى أماكن أخرى لتمضية إجازات الصيف.

ويقول إندرو ميللر (25 عاماً)، وهو بريطاني مقيم في لندن، إن الأمر سهل «لا تذهب إلى إسبانيا» بل اذهب إلى بلد آخر، ورأى أن ما تفعله إسبانيا والإسبان تجاه السياح وفرض القوانين الصعبة ضدهم من شأنه أن يؤثر في اقتصاد البلاد قريباً، مضيفاً أن إسبانيا وغيرها من البلدان التي تمتعض من وجود السياح «ستندم في نهاية المطاف».

السياحة جزء لا يتجزّأ من الاقتصاد، والقوانين التي تسنّها إسبانيا قد تبطِئ عجلة الاقتصاد؛ ولكنها حاجة ملحة لتحويل السياحة المفرطة إلى سياحة منظمة.

المعنيّون بأزمة السياحة في إسبانيا هم البريطانيون والألمان (شاترستوك)

يُشار إلى أنه في أبريل (نيسان) الماضي، أعلن مجلس المدينة في مدريد التي تضمّ أكثر من ألف شقة سياحية -أي ضعف عدد الشقق السياحية في برشلونة-، أنه سيعلّق مؤقتاً منح تراخيص سياحية جديدة.

في العام الماضي، زار نحو 26 مليون سائح برشلونة، حسب مرصد السياحة في المدينة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن عدد سكان برشلونة 1.7 مليون نسمة، وهذا ما يفسّر امتعاض الشعب من الزحمة التي يتسبّب بها السياح وما يتبعها من مشكلات وضوضاء.