تناول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل يهدد الصحة العقلية للأطفال

ركزت الدراسة على تأثير دواء «فلوكستين» الذي يُستخدم عادة تحت أسماء منها «بروزاك» (غيتي)
ركزت الدراسة على تأثير دواء «فلوكستين» الذي يُستخدم عادة تحت أسماء منها «بروزاك» (غيتي)
TT

تناول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل يهدد الصحة العقلية للأطفال

ركزت الدراسة على تأثير دواء «فلوكستين» الذي يُستخدم عادة تحت أسماء منها «بروزاك» (غيتي)
ركزت الدراسة على تأثير دواء «فلوكستين» الذي يُستخدم عادة تحت أسماء منها «بروزاك» (غيتي)

كشفت دراسة أميركية عن دليل مباشر يؤكد أن استخدام مضادات الاكتئاب أثناء الحمل يمكن أن يؤثر على نمو دماغ الجنين، ويهدد الصحة العقلية للأطفال في المستقبل.

وأوضح الباحثون، خلال نتائج الدراسة المنشورة بدورية «نيتشر كميونيكيشنز»، أن «مضادات الاكتئاب يمكن أن تسهم في إصابة الأطفال باضطرابات الصحة العقلية في وقت لاحق من الحياة».

ويُعدّ الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً بين الحوامل، ويمكن علاجه باستخدام مضادات الاكتئاب، لكنّ ذلك يثير مخاوف حول تأثيرها على نمو الجنين.

وركزت الدراسة، التي نُشرت، الجمعة، على تأثير دواء «فلوكستين»، الذي يُستخدم عادة تحت أسماء؛ منها «بروزاك»، و«سارافيم» لعلاج الاكتئاب، وتأثير تناول هذا الدواء في الفترة المحيطة بالولادة على قشرة الفص الجبهي النامية لدى الأجنّة، وهي منطقة من الدماغ مسؤولة عن عدد من الوظائف، منها التخطيط والتنظيم وحلّ المشكلات واتخاذ القرار.

وبما أن «فلوكستين» يعمل عن طريق زيادة مستويات هرمون السيروتونين في الدماغ، وهو ناقل عصبي يلعب دوراً مهماً في تنظيم المزاج، فقد نظر الباحثون في تأثير السيروتونين على تطور قشرة الفص الجبهي.

ويقول الباحث الرئيسي للدراسة في جامعة كولورادو الأميركية، الدكتور وون تشان أوه: «من المعروف أن السيروتونين يلعب دوراً في نمو الدماغ، إلا أن الآليات المسؤولة عن هذا التأثير، وتحديداً في قشرة الفص الجبهي، لم تكن واضحة».

وأوضح، عبر موقع الجامعة، أن «قشرة الفص الجبهي هي منطقة الدماغ الأكثر تطوراً، وتلعب دوراً مركزياً في الإدراك عالي المستوى، لهذا السبب ركّزنا دراستنا على رصد التأثير على تلك المنطقة في الدماغ».

ورصد الباحثون تأثير نقص وزيادة السيروتونين على نمو الدماغ، واكتشفوا أن السيروتونين لا يشارك فحسب في وظائف المخ بشكل عام، بل يلعب أيضاً دوراً محدداً في التأثير على كيفية تغير وتكيف الروابط الفردية بين الخلايا العصبية، ما يسهم في قدرة الدماغ على التعلم والتكيف.

ووجد الباحثون أن السيروتونين يؤثر بشكل مباشر على الوصلات المتشابكة وغير الناضجة بقشرة الفص الجبهي، والتي إذا تعطلت أو حدث فيها خلل أثناء النمو المبكر، يمكن أن تسهم بعدد من اضطرابات الصحة العقلية في المستقبل.

واعتبر أوه هذه الدراسة «أول أدلة تجريبية على التأثير المباشر للسيروتونين على قشرة الفص الجبهي النامية عند تناول فلوكستين أثناء الحمل؛ لأن فلوكستين لا يعبر المشيمة فحسب، بل ينتقل أيضاً لحليب الثدي».

ورأى الباحث الرئيسي أن «فهم هذا الارتباط يمكن أن يساعد على التدخل المبكر، وتطوير علاجات جديدة لاضطرابات النمو العصبي التي تنطوي على خلل تنظيم السيروتونين لدى الأجنّة».

ووفق الباحثين، فإن المتخصصين في الرعاية الصحية يجب أن يشاركوا في اتخاذ القرار بشأن الرعاية الفردية للنساء الحوامل، بما في ذلك مناقشة الفوائد والآثار الجانبية لمضادات الاكتئاب، والتدخلات غير الدوائية المحتملة لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة.


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«مُستعد للرحيل»... سردية تشكيلية عن الهجرة ونوستالجيا القاهرة

ثيمات مسرحية وأغراض متنوعة في العمل التركيبي (الشرق الأوسط)
ثيمات مسرحية وأغراض متنوعة في العمل التركيبي (الشرق الأوسط)
TT

«مُستعد للرحيل»... سردية تشكيلية عن الهجرة ونوستالجيا القاهرة

ثيمات مسرحية وأغراض متنوعة في العمل التركيبي (الشرق الأوسط)
ثيمات مسرحية وأغراض متنوعة في العمل التركيبي (الشرق الأوسط)

تستقبل زائر معهد جوته الألماني بالقاهرة سيارة حمراء قديمة، فوق سقفها أغراض ومتعلقات شخصية متراصة بصورة تدعوك للتوقف وتأملها في محاولة لاستكشاف مغزى ما يطرحه الفنان المصري - الألماني سامح الطويل، بهذا التكوين في معرضه «مُستعد للرحيل»، الذي يستمر حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

تبدو السيارة القديمة كما يشي عنوان المعرض مُتأهبة للرحيل والمغادرة، لتكون بما يعلوها من أغراض تشبه المنحوتة أو أعمال التشكيل في الفراغ، ليصنع الفنان حالة تتقاطع مع تجربته الشخصية وانفعالاته بقرار الهجرة الذي اتخذه منذ سنوات، وكأن المشروع الفني ينطلق من سؤال: «ما الذي أريد أن أصطحبه معي من وطني وأنا أرحل بعيداً عنه؟»

يشير فنان الوسائط المتعددة سامح الطويل إلى السيارة التي تم اختيارها بموديل شركة نصر «128» التي تعد أكثر سيارة شعبية في تاريخ مصر، ويقول إنها تُعادل سنوات عمره، فهي تنتمي لفترة السبعينات التي وُلد فيها، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «السيارة تُعادل الانتقال الذي قمت به، والأغراض التي أحملها معي تُمثل هُويتي وتاريخي الشخصي الذي أريد أن أحمله معي وأنا أنتقل إلى بلد جديد بثقافة جديدة مُغايرة تماماً لما تربيت عليه».

مفردات شعبية وأغراض قديمة في العمل التركيبي «مستعد للرحيل» (الشرق الأوسط)

تبدو التفاصيل التي تحملها السيارة مُنتزعة من سياقات شخصية متعددة، بداية من أصابع البيانو، إلى قطعة خشب الأرابيسك، وهناك قماش الخيامية الشهير الذي يقول الفنان إنه «في مفارقة لافتة يُستخدم في مصر خلال مناسبات الفرح والعزاء على السواء، بالإضافة إلى استخدام مصابيح الإضاءة، في عملي التركيبي لتكسبه انفعالات لونية متباينة»، كما يشير إلى كرسي خشبي يرتبط عادة بالمقاهي الشعبية في مصر تحمله السيارة على سطحها، ويقول: «أردت لو أنني أصطحب معي القهوة البلدي التي لا يشبهها شيء، كما اصطحبت معي تفاصيل شرقية كالتي ارتبطت بها منذ سنوات طفولتي في منطقة الإمام الشافعي»، وصولاً إلى استخدام مُكبرات صوت، تبدو وكأنها تبعث نداءات المؤذنين، أو ربما الصوت الخاص للفنان الذي يحمله معه أينما ارتحل.

وتنتشر مفردات الطفولة في تفاصيل عديدة في العرض، منها الدُمى القطنية، وحتى لعبة «الديناصور» التي تحوّلت إلى أيقونة فنية يوظفها الفنان المصري الألماني في أعماله، ومن اللافت أيضاً استخدامه أقنعة مُجردة تستعيد روح المسرح، وكذلك «مانيكان» بشري مُفكك أعلى سطح السيارة، الذي يقول إنه «كان يريد توظيفه بوصفه عنصراً بشرياً في العمل التركيبي»، فيما تظل دلالة كل عنصر في العمل متروكة للمتلقي الذي يمكنه تفسير العمل بوصفه تجربة سفر أو هجرة أو حتى انتقال للعالم الآخر: «رغم ذاتية الفكرة فإنها تظل لها تأويلاتها الخاصة عند كل متلقٍ، فبمجرد أن انتهيت منه صار مفتوحاً للتلقي الفني الخاص بكل متفرج على حدة». هكذا يقول الفنان الذي حصل على دبلوم عالٍ من أكاديمية الفنون الجميلة فى ميونيخ بألمانيا، وتابع دراسات الماجستير الحرة فى تاريخ فنون الوسائط في جامعة الدانوب كرمس في النمسا.

وسائط جديدة في معرض «مستعد للرحيل» (الشرق الأوسط)

ويضفي عرض العمل التركيبي «مستعد للرحيل» داخل الساحة المفتوحة لمعهد جوته (وسط القاهرة) ملامح عرض مسرحية على العمل الذي يتحاور مع المحيط المفتوح من عمارات قديمة تحيط بالمعهد الألماني العريق، لتبدو السيارة بوصفها جزءاً من هذا السياق الثقافي المُتسع.

ويبحث الفنان عن طرق متعددة للتعبير عن فلسفته الفنية عبر وسائط مختلفة، منها النحت والرسم والتصوير والقوالب الفنية التجريبية، وكذلك تقنيات الفيديو، ومنها مشروعه الذي يتم عرضه بعنوان «باتجاه عقارب الساعة» الذي يطرح من خلاله أفكاراً حول الوجود والموت والحياة بوصفها دائرة غامضة متصلة، دون أن يستخدم حواراً منطوقاً في فيلمه القصير، فيما يعتمد على لغة الجسد ودراما أشخاص الفيلم الذين يجسدون مرادفات أخرى لثيمة الرحيل.