تفجيرات واغتيالات في الجزائر لكن «الحرب الأهلية ما زالت بعيدة»

السفير البريطاني: الإرهابيون لن ينجحوا في تحويل الجزائر إلى بلد لا يمكن حكمه (3 من 3)

قوات أمن جزائرية في حي باب الوادي الذي كان يُعد معقلاً لـ الجبهة الإسلامية للإنقاذ في العاصمة الجزائرية في 17 يناير عام 1992 (أ.ف.ب / غيتي)
قوات أمن جزائرية في حي باب الوادي الذي كان يُعد معقلاً لـ الجبهة الإسلامية للإنقاذ في العاصمة الجزائرية في 17 يناير عام 1992 (أ.ف.ب / غيتي)
TT

تفجيرات واغتيالات في الجزائر لكن «الحرب الأهلية ما زالت بعيدة»

قوات أمن جزائرية في حي باب الوادي الذي كان يُعد معقلاً لـ الجبهة الإسلامية للإنقاذ في العاصمة الجزائرية في 17 يناير عام 1992 (أ.ف.ب / غيتي)
قوات أمن جزائرية في حي باب الوادي الذي كان يُعد معقلاً لـ الجبهة الإسلامية للإنقاذ في العاصمة الجزائرية في 17 يناير عام 1992 (أ.ف.ب / غيتي)

فيما كانت بريطانيا تناقش كيفية تعاملها مع الإسلاميين المتشددين واستقبالهم، وتحلل «اعترافات» المتورطين في تفجيرات إرهابية لتحديد ما إذا كانت قد انتُزعت منهم تحت التعذيب أم لا، لم يكن هناك من شك أن الجزائر كانت تشهد، منذ بداية تسعينات القرن الماضي، حقبة دموية امتدت لسنوات وباتت تُعرف لاحقاً بـ«العشرية السوداء».

فقد كانت تتوالى يومياً أخبار التفجيرات والاغتيالات التي تقوم بها جماعات مسلحة ضد قوات الأمن على وجه الخصوص، ولكن أيضاً ضد المثقفين والإعلاميين والنقابيين الذين يُنظر إليهم على أنهم يساندون الحكم الجزائري. كان مناصرو «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، الحزب الإسلامي الذي كان على وشك الفوز بالسلطة قبل إلغاء الانتخابات في يناير (كانون الثاني) 1992، يقفون وراء كثير من عمليات العنف تلك، كما حصل في تفجير مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية في أغسطس (آب) من ذلك العام.

لكن كانت هناك أيضاً جماعات مسلحة أخرى تتخذ مواقف أكثر تشدداً بكثير من «جبهة الإنقاذ» وتقوم ببعض أبشع عمليات العنف التي شهدتها البلاد في تلك الحقبة، برز منها آنذاك «الجماعة الإسلامية المسلحة» (الجيا) التي نجحت لاحقاً (عام 1994) في توحيد جزء من «الإنقاذ» وجماعات أخرى تحت رايتها في إطار ما عُرف آنذاك بـ«لقاء الوحدة». بدت الجزائر في ظل الاغتيالات والتفجيرات شبه اليومية كأنها ذاهبة إلى «حرب أهلية». ظهر انطباع أيضاً بأن الإسلاميين المتشددين يمكن أن ينجحوا في الاستيلاء على السلطة وإطاحة الحكومة المدعومة من الجيش والتي تولّت الحكم عقب تنحي الرئيس آنذاك الشاذلي بن جديد.

كانت تلك إلى حد كبير الصورة التي بدت بها الجزائر آنذاك، على الأقل في كثير من وسائل الإعلام الدولية. لكنها كانت صورة خاطئة، كما أكد السفير البريطاني لدى الجزائر كريستوفر باتيسكوم. أقر السفير، في مراسلات مع وزارة الخارجية بلندن (محفوظة في الأرشيف الوطني البريطاني)، بأن الجزائر تشهد بالفعل أحداث عنف دامية، لكنه تحدث أيضاً عن «الحياة العادية» التي تعيشها العاصمة الجزائرية، مضيفاً أن «الحرب الأهلية» التي يجري الحديث عنها «ما زلنا بالتأكيد بعيدين (عنها) جداً».

عنصر أمن يوقف رجلين من الإسلاميين المشتبه بهم عقب صلاة الجمعة في باب الوادي بالعاصمة الجزائرية يوم 31 يناير 1992 (أ.ف.ب / غيتي)

وبالإضافة إلى قضية الوضع الأمني، تكشف مراسلات السفير أيضاً أن البريطانيين كانوا يبدون آنذاك «تحفظاً» في مواجهة ضغوط فرنسية لتقديم مساعدات مالية من المجموعة الأوروبية للحكومة الجزائرية. وكما هو معروف، كانت السلطات الجزائرية بحاجة ماسة آنذاك لتلك المساعدات، سواء لجهة تمويل حربها ضد الجماعات المسلحة أو لجهة إطلاق مشروعات يمكن من خلالها إرضاء شرائح من المواطنين الذين يمكن أن يستقطبهم الإسلاميون في ظل تردي الأوضاع في البلاد.

الوضع الداخلي في الجزائر

كتب السفير كريستوفر باتيسكوم، في الأول من مارس (آذار) 1993، رسالة إلى أس. فولر في قسم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية في لندن، قائلاً:

«الوضع الداخلي في الجزائر

1- جزيل الشكر لرسالتكم في 17 فبراير (شباط) بخصوص المراجعة السنوية ولملاحظاتكم التي تمتدح تقريرنا عموماً.

2- أتفق إلى حد كبير مع ما تقول في الفقرة 2 من رسالتكم بخصوص الحالة الأمنية. مستوى الأحداث الإرهابية بقي إلى حد كبير من دون تغيير على مدى الشهور الـ12 الماضية مع تسجيل سيل ثابت من الهجمات الخفيفة، واغتيالات الشرطيين، وتفجيرات في أماكن عامة... إلخ، تقطعها أحداث كبيرة أحياناً، على غرار قنبلة المطار في أغسطس (آب)، والكمين الذي قُتل فيه 5 شرطيين في ديسمبر (كانون الأول)، وقتل 4 شرطيين آخرين بهجوم بالرشاشات في الجزائر العاصمة الشهر الماضي، ومحاولة الاغتيال الفاشلة ضد الجنرال نزار (الجنرال خالد نزار، وزير الدفاع آنذاك). أشك كثيراً فيما إذا كان يمكن أبداً للسلطات أن تضع حداً لمثل هذه الحوادث، أكثر مما يبدو أن السلطات الأمنية البريطانية قادرة على منع الهجمات الإرهابية للجيش الجمهوري الآيرلندي في المملكة المتحدة. ولكن في حين أن الوضع الأمني في الجزائر بدا، قبل سنة أو نحو ذلك، كأنه متجه للانفلات كلياً، يبدو لي الآن أن الإرهابيين لن ينجحوا في تحويل الجزائر إلى بلد لا يمكن حكمه أو إرغام الحكومة على تغيير جذري في مسارها. ورغم استمرار حظر التجول وانتشار حواجز التفتيش التي يحرسها شرطيون تبدو عليهم معالم القلق، أعتقد أن معظم زائري الجزائر العاصمة يفاجأون بالحياة العادية بشكل عام هنا. ما زلنا بالتأكيد بعيدين جداً عن الحرب الأهلية التي غالباً ما نرى مكتوباً عنها في تحليلات الصحف الغربية.

قادة جبهة الإنقاذ وبينهم عباسي مدني وعلي بن حاج في 13 مارس 1990 في البليدة (غاما-رافو غيتي)

3- من الواضح أن على المرء أن يضع عدداً من التحفظات (عن هذه الخلاصات). التقارير عن الحوادث الأمنية التي نقرأ عنها في الصحف غير كاملة بشكل واضح ومصممة لطمأنتنا بأن الحكومة لها اليد الطولى. نحن لا نتجول كثيراً في المناطق الشعبية بالعاصمة، ولا في المدن الأخرى، ولا نحتك بالدوائر الإسلامية. توقعاتي أنه رغم كل ما حصل فإن التأييد الشعبي للجبهة الإسلامية للإنقاذ يبقى قوياً، وهذا يبدو ما يؤكده تردد الحكومة في المخاطرة بأي نوع من الانتخابات. لكنني أسجل مدى إعجابي بالطريقة التي واصلت فيها قوات الأمن أعمالها خلال سنة بالغة الصعوبة وبطريقة محافظتها على معنوياتها رغم المشاكل التي كان عليها التعامل معها ومع استمرار الهجمات عليهم (عناصر قوات الأمن). كما أنهم حققوا عدداً من النجاحات اللافتة. معركتهم مع الإرهابيين من المرجح أن تستمر لبعض الوقت ويبقى فيها التوازن بين الطرفين. لكنني أواصل الاعتقاد بأن قوات الأمن هي التي تتفوق تدريجياً (كما قلت في مراسلتي) وليس العكس، رغم أنني لا أتوقع أن يكون النجاح سريعاً، وقد يكون، كما أفترض، هذا النجاح قابلاً لأن ينعكس.

4- إنني أتفق، أو على الأقل أقبل، النقاط الأخرى التي وردت في رسالتكم لكنني سأبدي ملاحظة واحدة بخصوص الفقرة 4. النقطة الآنية التي تشكل محور القضية ستكون على الأرجح ليس كمية الأموال الجديدة من المجموعة الأوروبية (رغم أنني أوافق على أن الفرنسيين ربما سيضغطون من أجل هذا أيضاً) لأن الإفراج عن الدفعة الثانية من مدفوعات القرض من المجموعة الأوروبية يبدو أنه جعل هذه المسألة مشروطة باتفاق مع صندوق النقد الدولي، والإفراج المماثل عن قرض بـ70 مليون وحدة مالية أوروبية لمساعدة برنامج الحكومة لبناء المساكن. لقد اتخذت حتى الآن موقفاً متحفظاً من هاتين المسألتين، لكن ليس لدي شك في أننا سنواجه ضغطاً منسقاً ليس في وقت بعيد من أجل أن نكون أكثر مرونة. سي. باتيسكوم».

طالبات في العاصمة الجزائرية... الحياة عادية في نظر البريطانيين رغم تصاعد أعمال العنف في بدايات تسعينات القرن الماضي (سيغما / غيتي)

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الوحدة المالية الأوروبية (The European Currency Unit (ECU)) كانت آنذاك وحدة قياس للعملة في أوروبا قبل اعتماد عملة «اليورو» وقبل تحوّل المجموعة الأوروبية إلى الاتحاد الأوروبي. ودعا البروتوكول الرابع للمجموعة الأوروبية (يغطي الفترة من 1992 إلى 1996) إلى معاملة أكثر سخاء إزاء الدول المتوسطية مثل الجزائر والمغرب وتونس. وزاد البروتوكول إنفاق المجموعة الأوروبية بـ28 في المائة عما كان في البروتوكول الثالث، وقدّم تمويلاً لمشروعات تقوم بها الجزائر وشركاؤها في اتحاد المغرب العربي. وسمح البروتوكول الرابع أيضاً للجزائر بالحصول على قروض أكبر والسحب من مخصصات بـ70 مليون وحدة عملة أوروبية، مقارنة بـ54 مليون وحدة أوروبية في البروتوكول الثالث. وجاء ذلك التحرك آنذاك بموازاة تحرك موازٍ على خط البنك الدولي الذي زاد مساعداته للجزائر في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي.

وليس واضحاً في الواقع سبب التحفظ البريطاني عن التحرك الفرنسي لتقديم المساعدات المالية الأوروبية للجزائر. لكن المعروف أن الإسلاميين المتشددين كانوا يوجهون اتهامات آنذاك للدول الأوروبية التي تقدم دعماً للحكومة الجزائرية بأنها تدعم «حكم العسكر». كما وجّه متشددون تهديدات بالانتقام من الدول التي تقدّم مساعدات للسلطات الجزائرية، وهو أمر قد يكون أثار مخاوف لدى بعض الدول التي خشيت أن تقديمها مساعدة للجزائر يمكن أن يؤدي إلى قيام متشددين بتنفيذ اعتداءات على مصالحها أو رعاياها.


مقالات ذات صلة

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

تحليل إخباري يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

بعد 3 سنوات على خروج الائتلاف الغربي من أفغانستان وسط فوضى عارمة مع سيطرة «طالبان» على كابل، باتت الحركة محاوراً غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

تحريك دعوى قضائية في ألمانيا ضد 3 مراهقين للاشتباه بإعدادهم لهجوم إرهابي إسلاموي

حرك الادعاء العام الألماني دعوى قضائية ضد 3 مراهقين من ولاية شمال الراين-ويستفاليا بتهمة الإعداد لهجوم إرهابي إسلاموي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف )
شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )

«لندنستان»... قصة الجدل البريطاني حول «الحوار مع المتشددين»

عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة... وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)
عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة... وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)
TT

«لندنستان»... قصة الجدل البريطاني حول «الحوار مع المتشددين»

عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة... وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)
عمر بكري يلقي كلمة في مؤتمر لجماعة إسلامية متشددة... وبجواره أبو حمزة المصري (غيتي)

مثّل هذان الرجلان في الصورة (أعلاه)، وعلى مدى سنوات، رمزاً لتحوّل العاصمة البريطانية إلى معقل للمتشددين الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي. يقضي الأول، أبو حمزة المصري (يمين الصورة)، حكماً بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة بعد إدانته بالإرهاب.

أما الآخر، السوري عمر بكري، فسجن بدوره لسنوات في لبنان بتهم إرهاب أيضاً (خرج من السجن في مارس / آذار الماضي). ولكن قبل أن يجد هذان الرجلان نفسيهما وراء القضبان، شكّلا، مع آخرين، لنحو عقدين من الزمن تقريباً، وجهاً لما يسميه منتقدون «لندنستان». وفي حين أن هناك من سيجادل بأن هذه الصفة ليست صحيحة تماماً وبأن لندن هي في الواقع تجربة بريطانية ناجحة للتعايش بين الديانات والثقافات المختلفة، فإن ما يبدو مؤكداً في الحقيقة هو أن العاصمة البريطانية تحوّلت منذ تسعينات القرن الماضي إلى ساحة ينشط فيها خليط واسع من مؤيدي تيارات الإسلام السياسي والجماعات التي تُطلق على نفسها وصف «الجهادية» لكنها مصنّفة إرهابية أو متشددة من قِبل الكثير من الحكومات، بدايةً في العالم العربي ولاحقاً في الدول الغربية نفسها.

ولكن كيف تحوّلت لندن إلى «لندنستان»؟ هل كانت الحكومة البريطانية واعية لهذا التحوّل نحو التشدد الذي يتم على أراضيها؟ هل كانت تستضيف الإسلاميين لاستخدامهم «ورقة» في تعاملاتها مع قضايا الشرق الأوسط، كما يعتقد بعضهم؟ أم أنها لم تعرف بمدى خطورة «ضيوفها» المتشددين سوى في وقت متأخر وبعدما تجذّر هؤلاء على أرضها وبدأوا ينخرطون في عمليات عنف وإرهاب في بلدانهم الأصلية وفي البلدان الغربية أيضاً؟

تسلّط «الشرق الأوسط» الضوء على هذه القضية من خلال نشرها سلسلة وثائق حكومية بريطانية كانت مصنفة سرية وباتت متاحة في الأرشيف الوطني بلندن. تكشف هذه الوثائق عن أن جدلاً داخلياً ساد أروقة الحكومة البريطانية في شأن التعامل مع مسألة الإسلاميين في بداية تسعينات القرن الماضي. دعا تيار في الحكومة إلى الحوار معهم، بما في ذلك مع المتشددين منهم، على أساس أن التحدث معهم يمكن أن يحل أي إشكالية بين الطرفين، خصوصاً أنه «ليس هناك تضارب ضروري بين المصالح الغربية والإسلام»، بحسب ما جادل أنصار هذا الرأي.

في المقابل، كان هناك تيار آخر ينتقد هذا المنطق ويعدّ أن هناك محاولة متعمدة من بعض المسؤولين البريطانيين لمحو الفوارق الموجودة مع الإسلاميين المتشددين، ويشير إلى ضرورة أخذ مثالَي السودان وإيران في الحسبان عند التعامل مع تيارات الإسلام السياسي، في إشارة إلى أن وصول الإسلاميين للسلطة سيعني رفضهم التخلي عنها لاحقاً، مثلما فعل نظام الرئيس عمر البشير بعد استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري في الخرطوم عام 1989، وكما فعل من قبل الإسلاميون الإيرانيون بقيادة آية الله الخميني بعد إطاحتهم نظام الشاه في طهران عام 1979.

وفي الواقع، بدأ هذا الجدل بين المسؤولين البريطانيين على خلفية النزاع الأهلي الذي بدأ في الجزائر عقب إلغاء الجيش، في يناير (كانون الثاني) 1992، انتخابات كان الإسلاميون على وشك الفوز بها. فقد لاحظ البريطانيون أن مناصرين لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، الحزب الذي حظرته السلطات الجزائرية عقب إلغاء الانتخابات، بدأوا يطلبون تأشيرات للمجيء إلى المملكة المتحدة، قبل طلبهم اللجوء السياسي على الأرجح، وهو أمر لم تعرف سفارة المملكة المتحدة في الجزائر طريقة التعامل معه، فطلبت الحصول على تعليمات من وزارة الخارجية في لندن. وكان لافتاً أن رد الخارجية أشار إلى أن وزير الداخلية البريطاني فقط هو من يستطيع منع أشخاص معينين من الدخول إلى المملكة المتحدة، وإلى أن أي حظر يجب أن يشمل أشخاصاً بأسمائهم وليس منظمات؛ إذ إن «جبهة الإنقاذ» كانت آنذاك محظورة فقط في الجزائر وليس في بريطانيا. كما كشفت المداولات البريطانية الداخلية عن أن حكومة لندن أبلغت السفارة في الجزائر بأنه ممنوع عليها أن تشارك الأوروبيين في معلومات مستقاة من طلبات التأشيرة (الفيزا) التي يتقدم مناصرو «الإنقاذ» للحصول عليها، لكنها سمحت بإبلاغ الأوروبيين فقط بأن شخصاً ما رُفض أو قُبل، وبشرط ألا تكون المعلومة المقدمة للدول الأوروبية عن هذا الشخص (وهل هو من إسلاميي «جبهة الإنقاذ» أم لا) مستقاة من أوراق طلب التأشيرة التي قدّمها.

شعار «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في الجزائر

إشكالية التأشيرات... إسلاميو «جبهة الإنقاذ»

كان موضوع التأشيرات محور مراسلات بين الخارجية البريطانية والسفارة في الجزائر. ففي ديسمبر (كانون الأول) 1992، كتب د. آي. ليوتي، المسؤول بقسم الهجرة والتأشيرات، إلى كريستوفر باتيسكوم، سفير المملكة المتحدة في الجزائر (من عام 1990 إلى 1994) يرد فيها على برقية وجّهها الأخير إلى قسم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بالخارجية البريطانية بعنوان «طلبات التأشيرة لناشطي الجبهة الإسلامية للإنقاذ» (مؤرخة بتاريخ 8 نوفمبر/تشرين الثاني). قال ليوتي في رسالته إلى السفير:

1- لقد أكد المستشارون القانونيون أننا، من منطلق (مبدأ) الخصوصية، ممنوعون أن نكشف عن معلومات واردة في طلبات الحصول على التأشيرة. ولكن، لن يكون هناك اعتراض على أن تبلغ زملاءك في المجموعة الأوروبية (التي تحوّلت لاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي)، على سبيل المثال، أن ناشطاً معروفاً في الجبهة الإسلامية للإنقاذ تقدم بطلب تأشيرة للمملكة المتحدة، وأن تخبرهم بنتيجة هذا الطلب. (أفترض هنا أن معلوماتنا عن أن مقدّم الطلب هو ناشط في الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تأت من طلب التأشيرة نفسه).

2- قد يبدو لزملائك في المجموعة الأوروبية أننا نضع عراقيل بطريقة غير ضرورية لأننا لا نستطيع أن ننضم إلى حظر (أوروبي) شامل على إصدار تأشيرات لأعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ. ولكن القرارات في خصوص استبعاد أفراد من القدوم إلى المملكة المتحدة على أساس أن مجيئهم لا يخدم الصالح العام (الفقرة 86 من قوانين الهجرة) لا يمكن أن تؤخذ سوى بالنسبة إلى أشخاص محددة أسماؤهم (سلفاً). وهذه القرارات تؤخذ دائماً من وزير الداخلية شخصياً. ليس هناك بند في القواعد يتعلق بحظر تام على منظمات.

3- إذا تلقيت طلب تأشيرة زيارة من ناشط معروف في الجبهة الإسلامية للإنقاذ وتعتقد أنه/أنها سيطلب اللجوء بعد وصوله إلى المملكة المتحدة، فيجب رفض الطلب بموجب القواعد المعتمدة (كونه ليس زائراً حقيقياً). وإذا تلقيت طلبات تأشيرة من ناشطين يمكن أن يسبب وجودهم هنا ضرراً خطيراً للعلاقات الثنائية (مع الجزائر)، رجاء عدم التردد في إحالتهم إلى قسم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وقسم الهجرة واللجوء في وزارة الخارجية

التوقيع: د. آي. ليوتي

الأصولية الإسلامية وانعكاستها على السياسة البريطانية (الشرق الأوسط)

«الأصولية الإسلامية وتداعياتها على السياسة البريطانية»

الجدل حول موضوع التأشيرات فتح باباً لجدل أكبر عن حدود التعامل مع الإسلاميين وأطيافهم، رصدته الوثائق التي سجلت مكاتبات بين مسؤولين بريطانيين، تعقيباً على خلاصات ورشة عمل تناولت الموضوع، لكن لم تتضح تفاصيل عقدها من الوثائق.

الوثيقة الأولى التي سجلت هذا الجدل كانت برقية من السفير باتيسكوم إلى مارك إيليوت، نائب وكيل وزارة الخارجية (عمل لاحقاً سفيراً في إسرائيل والنرويج)، بتاريخ 3 نوفمبر، جاء فيها:

رسالتكم المؤرخة في 9 أكتوبر (تشرين الأول): الأصولية الإسلامية وتداعياتها على السياسة البريطانية

1- شكراً لكم لإرسالكم نسخة من رسالتكم في 9 أكتوبر إلى ميغ روثويل ولدعوتكم إلى تلقي تعليقات عليها. أعتذر مسبقاً لخوضي محاولة ثانية في هذه المسألة، ولكن آمل أن أكون معذوراً بما أن الأصولية كان لها هذا التأثير المؤلم على الجزائر على مدى السنوات الأربع الماضية.

2- يبدو لي أن علينا أن نكون حذرين جداً في خصوص المصطلحات وماذا نعني بها. الإسلامي والإسلاموي (الذي أضعه مرادفاً للأصولي) يبدوان متشابهين كثيراً ولكنّ هناك فارقاً كبيراً جداً بينهما، وهذا الفارق حقاً هو ما تدور حوله هذه المشكلة. ورقة قسم الأبحاث والتحليل تقرّ بوجود هذا الفارق، لكنه يبدو كمن يحاول محوه من خلال وصفاته، مثلاً عندما يقول إنه ليس هناك تضارب ضروري بين التطلعات الأوروبية والإسلامية (الفقرة 8) وبحديثه عن كيفية التعامل مع الأقليات المسلمة في أوروبا (الفقرة 6). وعن الدول المسلمة إلى جنوبنا وشرقنا (الفقرة 8). لست واثقاً كلياً من أنك لا تفعل الشيء نفسه في الفقرة 2 من رسالتك عندما تتحدث عن الترويج للتفاهم المتبادل والتعايش سوياً والمساهمة في تنمية الاقتصاد وأسواق الصادرات. على الأقل، في هذا الجزء من العالم الإسلاميون ليسوا في السلطة بعد وليس لديهم أسواق صادرات.

من الوثائق البريطانية بخصوص الأصولية وانعكاستها على السياسة البريطانية (الشرق الأوسط)

3- قد يبدو هذا كمن يتصيّد الأخطاء، لكن النقطة التي أثيرها بالغة الأهمية. طمس الفوارق يهدد بطمس أحكامنا ويساهم في الوصول إلى خلاصة يبدو أنني ألحظها في رسالتكم وفي ورقة قسم الأبحاث والتحليل بأنه ليس هناك شيء خبيث أو معادٍ لنا في الأصولية لا يمكن أن يشفيه حديث طيب مع الأصوليين. يبدو لي هذا الأمر تساهلاً خطيراً. على المرء أن ينظر فقط إلى إيران والسودان ليرى ماذا يحصل عندما تأتي أنظمة إسلاموية إلى السلطة. ربما لا يمكننا أن نوقف تقدم الأصولية، وحيث تستحكم فإن علينا بلا شك أن نتعايش معها كما نتعايش مع قوى أخرى غير مرحب بها حول العالم. ولكن لا يجب أن نقوم بأي شيء من أجل الدفع بها إلى الأمام، بل علينا حقاً أن نقوم بكل ما يمكننا أن نقوم به من أجل وقف تقدمها من خلال تشجيع الأنظمة الإسلامية على تبني سياسات ديمقراطية وليبرالية ستجلب لها تأييداً شعبياً وتقلل من الدعم للإسلاميين، وإلى الدرجة التي يمكننا أن نقوم بها، علينا أن ندعمهم بمساعدات مالية أكبر.

التوقيع: كريستوفر باتيسكوم قسم الأبحاث والتحليل...

أبو حمزة المصري يؤم المصلين أمام أحد مساجد لندن (غيتي)

الإسلام السياسي

وكانت برقية السفير باتيسكوم، المؤرخة في 3 نوفمبر، محور رد مطول من باسيل إيستوود، مدير قسم الأبحاث والتحليل بوزارة الخارجية. فقد كتب الأخير إلى مارك إيليوت، المسؤول في وزارة الخارجية، رسالة من ورقتين بتاريخ 9 نوفمبر تحت عنوان:

«الإسلام السياسي - برقية السيد باتيسكوم في 3 نوفمبر». وجاء في رسالة إيستوود:

1- السيد باتيسكوم يؤنبنا على عدم تعريفنا لمصطلحاتنا. إنني أقرّ بذنبي: لقد سعيت عمداً إلى تجنب بدء ورشة عملنا بدرس في التعريفات لأنني شعرت بأن ذلك سيعني أن البداية ستغرق في حذلقة لغوية (نقاش لغوي عميق). غالبية المتحدثين وأنا معهم سعينا إلى تجنب استخدام مصطلح «الأصولية الإسلامية» الذي يأتي منه معظم المشاكل (بما في ذلك برقية السيد باتيسكوم).

2- للتعويض عن هذا النقص، يمكن للمرء ربما أن يقوم بهذا التفريق داخل الطائفة الإسلامية الواسعة:

أ‌- العلمانيون: هم أولئك الذين يعترفون ويؤكدون على هويتهم الإسلامية، لكنهم يعتقدون في شكل إيجابي أن الإسلام من الأفضل أن يبقى خارج السياسة.

ب‌- المؤمنون لكنهم غير المسيّسين: هم أولئك الذين يكونون متدينين ويؤمنون نظرياً بتطبيق التعاليم الإسلامية على تنظيم المجتمع، لكنهم جوهرياً غير مسيسين.

ت‌- المتدينون المسيّسون لكنهم غير عنيفين: هم أولئك الذين يكون لديهم توجّه سياسي ويكونون متدينين، لكنهم يؤمنون بمسار تطوري والذين يسعون إلى تغيير الاتجاه السياسي للدول التي يعيشون فيها بوسائل غير عنيفة. الرجاء الانتباه إلى أن معظم من هم في هذه المجموعة سيكون لديهم صعوبات، من منطلق فقهي، بافتراض أنهم متى ما وصلوا إلى السلطة بوسائل ديمقراطية أو سلمية فإنهم يمكن أن يتخلوا عنها.

ث‌- الثوريون: هم أولئك الذين يدافعون عن استخدام العنف والثورة لتحقيق قيام نظام إسلامي في المجتمع. ربما في هذه الفئة يجب أن يُدرج «الأصوليون الإسلاميون»، على رغم أن المصطلح مفتوح على تفسيرات عدة، كلها من منطلق شخصي وكثير منها ينمّ عن ازدراء.

3- ناقشنا في ورشة العمل كل هذه الفئات. «الإسلام السياسي» يشملها جميعها، بما في ذلك، على سبيل المثال، المواقف الإسلامية التي تجد أنظمة علمانية نفسها مضطرة إلى تبنيها تجاه المسألة البوسنية مثلاً (أي أنه على هذا المستوى باتت – أي قضية البوسنة - اتجاهاً سائداً في الدبلوماسية الدولية). إن مصطلح «الإسلاميين» يمكن أن يشمل أشخاصاً من الفئات (ب وت وث).

بعض أتباع أبو حمزة المصري خلال صلاة أمام مسجد في شمال لندن في سبتمبر 2004 (أ.ف.ب / غيتي)

4- أعتقد أن ورشة العمل التي عقدناها خرجت بشعور أن:

- أولاً، أن هناك صعوداً عاماً للحماسة الإسلامية.

- ثانياً، أنه ليس هناك تضارب ضروري بين المصالح الغربية والإسلام.

- ثالثاً، أن الفئة (ث) ما زالت أقلية قليلة.

- رابعاً، أنه إذا لم يلعب الغرب أوراقه بذكاء فإننا نخاطر بدفع الأعداد الأكبر بكثير من الفئتين (ب وت) إلى الفئة (ث).

5- لم ألحظ في ورشة العمل اتجاهاً للمجادلة بأنه «ليس هناك أي شيء خطأ في الفئة ث لا يمكن لحوار جيد (أو لحديث طيب) أن يجد له حلاً» (بحسب ما جاء في الفقرة 3 من برقية السيد باتيسكوم). إنني أعتذر إذا كان غياب تعريف المصطلحات في ملاحظاتي ترك القرّاء بهذا الانطباع.

التوقيع: باسيل إيستوود

جدل بريطاني داخل في شأن التعامل مع الأصوليين (الشرق الأوسط)

«اختلافات مهمة في المصطلحات»

«اعتذار» باسيل إيستوود، مدير قسم الأبحاث والتحليل بوزارة الخارجية، جاء في ضوء مراسلات بين السفير باتيسكوم في الجزائر ووزارة الخارجية في لندن، بخصوص الإسلام السياسي والتعامل مع المتشددين. ففي 10 نوفمبر 1992، كتب مارك إيليوت في برقية إلى السفير البريطاني في الجزائر قائلاً:

عزيزي كريستوفر،

الأصولية الإسلامية

1- شكراً جزيلاً لمراسلتكم المؤرخة في 3 نوفمبر. إنني أتفهم في شكل كامل وأتعاطف إلى حد كبير مع النقاط التي أثرتها، وسنأخذها في الحسبان.

2- ربما ستودّ أن تطلع على ورقة باسيل ايستوود (المحضر المؤرخ في 9 نوفمبر، نسخة منه مرفقة بهذه الرسالة). لا أعتقد أن هناك في الحقيقة الكثير من الجدل بيننا، ولكن لا ضير من إبراز هذه الاختلافات المهمة في المصطلحات.

التوقيع: مارك ايليوت

«جبهة الإنقاذ» تطلب لقاء مع الحكومة البريطانية

نقاش في «الخارجية» حول استقبال قيادي في حزب مصنّف إرهابياً بالجزائر

الوثيقة المتعلقة بأنور هدام وطلب اللقاء مع الحكومة البريطانية

في ظل هذا الجدل حول الإسلام السياسي، تكشف وثائق الحكومة البريطانية عن نقاش حول عقد لقاء مع قيادي إسلامي جزائري فرّ من بلاده عقب إلغاء الانتخابات وبات أحد ممثلي «جبهة الإنقاذ» في المنفى. والجدل حول مثل هذا اللقاء الذي تم بطلب من أنور هدام، أحد النواب المنتخبين عن «جبهة الإنقاذ» في الدورة الأولى الملغاة من الانتخابات التشريعية عام 1992، هو أن هذا الحزب الإسلامي بات محظوراً في الجزائر بحجة تورطه في الإرهاب، ومثل هذا اللقاء بين ممثل لحزب «إرهابي» والحكومة البريطانية يمكن أن يسبب أزمة مع الحكومة الجزائرية التي كانت تأخذ على بريطانيا استضافتها الإسلاميين المتشددين وفتح أبوابها أمامهم.
في رسالة مؤرخة بتاريخ 12 أكتوبر 1992، كتب أف. جي. مارتن، من دائرة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية، رسالة إلى «السيد ريتشموند» المسؤول في القسم ذاته، مشيراً إلى تلقيه طلباً بعقد لقاء مع أنور هدام أحد المسؤولين البارزين في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». جاء في الرسالة:
«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»
1- تلقيت اليوم اتصالاً من كارولين داتون من المجلس الإسلامي (رقم الهاتف...) تطلب مني أن تعرف هل بإمكان أنور هدام أن يزورني. شرحت لها أنها اتصلت بي في وقت غير ملائم وأنني سأتصل بها لاحقاً. وصفت السيد هدام بأنه «رئيس البعثة البرلمانية لـ(جبهة الإنقاذ) في أوروبا وأميركا».
2- انتُخب السيد هدام نائباً عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ عن دائرة تلمسان في 26 ديسمبر. وبحسب تقرير صحافي أخير، رفض خرق القانون واللجوء إلى العنف، لكنه يتفهم لماذا اختار بعض أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ اللجوء إلى الخيار الأخير (العنف). وهكذا يبدو السيد هدام ينتمي إلى الفرع المعتدل في الجبهة الإسلامية للإنقاذ. في رسالة بتاريخ 11 أبريل (نيسان)، وصف السيد بلومفيلد (القائم بالأعمال في الجزائر) السيد هدام بأنه المتحدث باسم الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الخارج، وبأن مقرّه فرنسا. أعتقد أن السيد هدام زار المملكة المتحدة في أبريل. (لديه تأشيرة تسمح بدخول متعدد للولايات المتحدة ويُعتقد أنه سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية وكندا في وقت سابق من هذه السنة).
3- الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بالطبع، تم حظرها من السلطات الجزائرية في الربيع. وتبعاً لذلك؛ السفارة حُرمت من الوصول إلى ما بقي من قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ. سيكون هناك، تبعاً لذلك، مبرر للقاء السيد هدام، خصوصاً كوننا دعونا في السابق إلى أن يعاود النظام (الجزائري) الحوار السياسي مع المعتدلين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
4- (الفقرة الرابعة ما زالت الرقابة البريطانية تمنع نشرها)
5- السيد هدام موجود في لندن كل هذا الأسبوع».
وعلى الورقة نفسها، تم الرد من السيد ريتشموند (السير ديفيد ريتشموند لاحقاً، وقد عمل في مناصب كثيرة من دول عربية وفي وزارة الخارجية، قبل الانتقال للعمل سفيراً لدى الاتحاد الأوروبي ولاحقاً إلى القطاع الخاص). كتب ريتشموند بخط يده قائلاً: إن «إحدى الخلاصات الأولية للعمل الذي قمنا به عن الإسلام السياسي هو أن علينا أن نقيم حواراً مع الإسلاميين، لكن لا يمكننا أن نتجاهل «أكس» (إشارة رمزية إلى شخص لم يذكر اسمه). وبما أن هذا هو أول اتصال، أتساءل عما إذا لم يكن من الأفضل أن نبدأ بالسيد شيبمان (أحد المسؤولين في وزارة الخارجية) ونرى ماذا سيحصل. علينا أن نشدد (أمام هدام) على (ضرورة) معارضة العنف».