مظلوم عبدي قائد «قسد»... الذي وقّع اتفاق الدمج في الدولة السورية مع رئيسها أحمد الشرع

قواته تسيطر على مناطق واسعة بشمال شرقي سوريا

مظلوم عبدي
مظلوم عبدي
TT
20

مظلوم عبدي قائد «قسد»... الذي وقّع اتفاق الدمج في الدولة السورية مع رئيسها أحمد الشرع

مظلوم عبدي
مظلوم عبدي

تصدّر اسم مظلوم عبدي، القائد العام لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على صعيد الساحة السورية، بعد توقيعه اتفاق الدمج ضمن مؤسسات الدولة السورية مع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، ليس كفصيل عسكري، كما سبقه باقي الفصائل المسلحة، ولكن ككتلة عسكرية واحدة. جاء هذا مع تأكيده على وحدة الأراضي ورفض التقسيم، ولقد نشر تغريدة له على حسابه في منصة «إكس»، أكد فيها المضي قدماً في هذه الفترة الحساسة، للعمل من أجل ضمان مرحلة انتقالية تعكس تطلعات كل السوريين في العدالة والاستقرار؛ إذ قال: «نحن ملتزمون ببناء مستقبل أفضل، يضمن حقوق جميع السوريين، ويحقق تطلعاتهم في السلام والكرامة». واعتبر عبدي الاتفاق فرصة حقيقية وتاريخية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوّناتها، وتضمن حسن الجوار، في إشارة إلى «الجارة» الإقليمية تركيا.

وُلد مظلوم عبدي عام 1967 في قرية حلنج بريف مدينة عين العرب (كوباني) لعائلة سورية كردية، وتلقى تعليمه الجامعي في قسم الهندسة المدنية بجامعة حلب خلال ثمانينات القرن الماضي، ونشط هناك سياسياً في الجامعة. ولم يلبث أن اعتقله النظام السوري السابق غير مرة بسبب نشاطه المعارض. ومن ثم غادر سوريا قبل أن يعود إليها مع بداية الثورة في ربيع 2011، ويغدو من أبرز الشخصيات العسكرية.

«وحدات حماية الشعب»

برز عبدي بوصفه قائداً عسكرياً منذ بداية الحرب السورية في أعقاب تأسيسه ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية بنهاية 2012، ثم شكّلت «الوحدات» فيما بعد ميليشيا أوسع قاعدة هي ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

«قسد» أسسها عبدي عام 2015، بالتحالف مع فصائل عربية ومسيحية بدعم من «قوات التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة. وذكر في البيان التعريفي الأول بـ«قسد» أنها تكتل عسكري وطني يضم الأكراد والعرب والتركمان والسريان، وأنها تهدف إلى القضاء على تنظيم «داعش».

غير أنه بعد انسحاب قوات نظام الأسد من المناطق ذات الكثافة الكردية، فُتح المجال أمام عبدي وأكراد سوريا لتوطيد نفوذهم، وتأسيس إدارة شبه ذاتية في ظل استمرار الدعم الأميركي. وحالياً يقدّم مظلوم عبدي نفسه على أنه شخصية قيادية كردية تسعى إلى الدفاع عن قضية الأكراد السوريين واستعادة حقوقهم التي سلبتها الحكومات المتعاقبة، بينما تصنفه تركيا على قوائم الإرهاب ووضعته على لوائحها الحمراء، ولقد طالبت الولايات المتحدة بتسليمه أكثر من مرة.

أسس تفاهمه مع نظام دمشق الجديد

تنظيمياً، نجح عبدي في المحافظة على هيكلية «قسد» بوصفها كتلة عسكرية واحدة في الجيش الجديد لسوريا، وإبقاء هياكل الإدارة الذاتية المدنية وإلحاقها - كما هي - بوزارات الحكومة، على أن يخدم مقاتلو «قسد» في مدنهم وبلداتهم بشمال شرقي سوريا، والحصول على حصة ثابتة من الثروات النفطية والاستراتيجية، مع الاحتفاظ بسيطرتها على المعابر الحدودية وإدارتها، ونصوص في الدستور تضمن حقوق الأكراد القومية والاعتراف بلغتهم الأم.

يرى عبدي أن سوريا الجديدة لا يمكن أن تنعم بالسلام من دون حل القضية الكردية سلمياً. وهو يطالب علناً بتأسيس سلطة لا مركزية، والاعتراف بحقوق الشعب الكردي القومية والثقافية والسياسية في الدستور الجديد، وفي المقابل تعهد بأنَّ الجانب الكردي سيسعى لأن يكون جزءاً من الحكم الجديد في دمشق.

واقعياً، يراهن عبدي على وجود القوات الأميركية وتحالفه معها تحت عباءة «قوات التحالف الدولي» في حربها ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، إلى جانب التعداد العسكري لقواته وانتشارها وتوزّعها في 3 محافظات متصلة جغرافياً، وتشكل مناطق سيطرته الحالية نحو 20 في المائة من مساحة البلاد، وإلى القدرات القتالية والآيديولوجية لغالبية المقاتلين، بالذات الأكراد منهم الذين يتولون قيادة «قسد»، والذين خضعوا لتدريب الجيوش النظامية من قبل قوات التحالف، وتحديداً الولايات المتحدة.

يراهن عبدي على وجود القوات الأميركية وتحالفه معها تحت عباءة «قوات التحالف الدولي» في حربها ضد تنظيم «داعش»

شريك رئيس لواشنطن

يقود عبدي قوات تمتلك أسلحة متطورة ثقيلة حصلت عليها من قوات التحالف، وكان لافتاً إعلان «قسد» أخيراً امتلاكها طائرات مسيّرة، ومضادات للطيران المسير وأسلحة نوعية غربية، في مواجهة التهديدات التركية وأي تهديدات قد تأتي من أي فصيل عسكري منافس.

وحقاً، أصبح عبدي شريكاً محلياً رئيسياً للتحالف الدولي وواشنطن، وقاد حروباً ومعارك ضد التنظيم؛ أبرزها معركة عين العرب (كوباني) مسقط رأسه حيث دافع عن مدينته باستماتة، ودحر فلول «داعش» ملحقاً به أكبر انتكاساته في أوج تقدمه العسكري. وفي عامي 2016 و2017 سيطر عبدي على محافظة الرقة ومدينتي الطبقة (جنوبي نهر الفرات) ومنبج (في ريف حلب الشرقي)، وقاد معركة الباغوز والقضاء على خلافة «داعش» المزعومة، وسيطر على مناطقها الجغرافية والعسكرية عام 2019.

غير أن اتهام تركيا «قسد» وقائدها مظلوم عبدي بالإرهاب، واعتبارها امتداداً لحزب «العمال الكردستاني» المحظور لديها، شكّلا تحدياً كبيراً في تقدم العلاقة مع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع؛ إذ يخوض حزب «العمال الكردستاني» التركي تمرداً عسكرياً منذ 45 سنة راح ضحيته عشرات الآلاف. وفي المقابل، تهدد أنقرة بشن هجوم بري عسكري جديد على غرار العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا، ضد «قسد» في المناطق الخاضعة لنفوذها. وبالفعل، سيطرت تركيا خلال السنوات الماضية عبر عملية «غصن الزيتون» على مدينة عفرين، مارس (آذار) 2018، وفي عملية «نبع السلام» سيطرت مع حلفائها على مدينتي رأس العين (بمحافظة الحسكة)، وتل أبيض (بمحافظة الرقة).

عبدي أعرب أخيراً عن اعتقاده بأنَّ سلطة دمشق بقيادة الشرع «تتعرّض لضغوط من جانب تركيا» بهدف اتخاذ خطوات ضد المناطق التي تسيطر عليها «قسد». وأشار إلى أنَّ قواته في واقع الأمر في «حالة حرب» مع تركيا، داعياً إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين، وهو ما ترفضه أنقرة.

ترتيب علاقة

من جهة ثانية، يرى مراقبون أن أولويات الشرع وعبدي تبقى عند حدود ترتيب العلاقة بين العاصمة دمشق ومناطق الإدارة الذاتية في القامشلي والرقة، تفاوضياً عبر الحوارات المباشرة. ويعتبرون أن طريق الحوارات السياسية والتوافقات سيظل أقل كلفة من مواجهة عسكرية محتملة مع تركيا، نظراً لأهمية مناطق سيطرة «قسد» وعديدها وتحالفاتها المحلية والدولية.

عبدي قال بعد عقده أول لقائه مع الشرع في «قصر الشعب» بدمشق خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، إن اللقاء كان إيجابياً، وأعلن عن اتفاقه مع السلطة الجديدة على وحدة وسلامة الأراضي السورية، ورفض أي مشاريع تقسيم تهدد وحدة البلاد.

ولكن هذا، في حين تدور معارك في الشمال السوري بين المقاتلين الأكراد وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وهذه الأخيرة تحاصر مدينة عين العرب (ريف حلب الشمالي الشرقي)، كما انتزعت مدينة منبج القريبة بعدما سيطرت على بلدة تل رفعت الاستراتيجية بريف حلب الشمالي، وباتت هذه المدن السورية خاضعة للنفوذ التركي.

قوات منضبطة وإدارة مدنية... ودعم أميركي

لقد نجح مظلوم عبدي في جعل «قسد» قوة عسكرية منضبطة وفق قواعد الجيوش النظامية، مهمتها حماية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وبناء نظام إداري محلي يغطي مناطق سيطرتها. وأيضاً نجح عبر هذه الإدارة في توفير الخدمات بشكل أفضل من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ودفع رواتب أعلى (مليون ومائتي ألف) تعادل 120 دولاراً أميركياً، ولدى هذه الإدارة اليوم نحو 250 ألف موظف بينهم 100 ألف عسكري وعنصر أمن، وفق تقرير للمجلس الأوروبي للشؤون الخارجية.

هذا، ويرى البعض أن ما يميّز النموذج السياسي لـ«قسد» والإدارة الذاتية بقيادة عبدي هو ابتعاده عن السعي لتأسيس دولة قومية كردية منفصلة، وهو خيار استراتيجي واقعي يعكس حقائق الجغرافيا والديموغرافيا. وتقوم رؤيته على مفهوم ديمقراطية 

 

الشعب و«إدارة لا مركزية» تعطي أولوية للمجالس المحلية والتشاركية المجتمعية، ومبادئ المساواة بين الجنسين ورئاسة مشتركة بين الرجل والمرأة، والتعددية العرقية والدينية بوصفها ركائز أساسية للحكم.

وعموماً، حافظ هذا الزعيم الكردي على الأمن والأمان في معظم المناطق الخاضعة لنفوذه، رغم بقاء الوضع في بعض المناطق متقلباً وسط استمرار نشاط خلايا «داعش»، والتهديدات التركية بشن عملية عسكرية واسعة ضد تلك المناطق، ما دفع واشنطن، شريكته الأساسية، إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لتجنب مواجهة عسكرية كبرى في هذه الفترة الحساسة بتاريخ سوريا.

بالفعل، يتمتع عبدي بدعم كبير من الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي إلى جانب علاقاته المتوازنة مع روسيا. وعلى الرغم من الانسحاب الجزئي للقوات الأميركية من سوريا في 2019، استمرت العلاقة بين عبدي وواشنطن، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب وضمان استقرار مناطق سيطرة «قسد»، ولديه اليوم علاقات وثيقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أثني على دوره في محاربة «داعش»، ما أثار غضب أنقرة.

ولكن، المؤكد أن توقيت توقيع الاتفاق بين الشرع وعبدي مثّل لحظة فارقة للدولة السورية الجديدة، ورفع معنويات السوريين، ووفّر دفعة لسلطة الحكم الانتقالي، معزّزاً فرصها في العبور بسلام من المرحلة الانتقالية.

 


مقالات ذات صلة

وجهاء القرداحة يسلمون الأمن العام السوري «مسيّرات انتحارية»

المشرق العربي إدارة الأمن العام تتسلم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا)

وجهاء القرداحة يسلمون الأمن العام السوري «مسيّرات انتحارية»

تقع جرائم جنائية يومية بسبب انفلات السلاح في بعض المناطق السورية، فالمشاحنات والمشكلات التي قد تحل بالكلام، تشهد استخدام سلاح وإطلاق نار أو رمي قنبلة.

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي نازحون سوريون لجأوا إلى مدرسة في قرية المسعودية بمنطقة عكار شمال لبنان... 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 21 ألف شخص فروا من سوريا إلى لبنان مطلع مارس

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم (الثلاثاء)، إن أكثر من 21 ألف شخص فروا من الأعمال العدائية في سوريا هذا الشهر بحثاً عن الأمان في لبنان المجاور.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ديبرا تايس أمام صورة لابنها الصحافي أوستن تايس واشنطن 2023 الذي اختُطف أثناء تغطيته الأحداث في سوريا عام 2012 (رويترز)

إبعاد المقاتلين الأجانب بين شروط أميركية لتخفيف العقوبات على سوريا

أبلغ ستة أشخاص مطلعين «رويترز»، أن الولايات المتحدة سلمت سوريا قائمة شروط تريد من دمشق الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بيروت)
المشرق العربي امرأة سورية تبكي ابنها الذي قُتل في القصف الإسرائيلي على قرية كويا في جنوب سوريا (أ.ب)

الخارجية السورية تدعو لفتح تحقيق دولي حول «الانتهاكات» الإسرائيلية

نددت سوريا، اليوم الثلاثاء، بأحدث الهجمات الإسرائيلية على أراضيها، ودعت السوريين إلى رفض أي محاولات «لتهجيرهم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي ياسر الفرحان  المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري خلال مؤتمر صحافي في دمشق الثلاثاء (رويترز)

لجنة تقصي أحداث الساحل السوري: الوقت مبكر للإفصاح عن نتائج التحقيقات

أعلنت لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، الثلاثاء، معاينة 9 مواقع والاستماع لشهادات الجهات الأمنية والعسكرية والمدنية في اللاذقية.

موفق محمد ( دمشق)

علامات استفهام حيال الخطاب «الترمبي» وتأثير شعبويته على الديمقراطيات الهشّة

قناة بنما (آ ب)
قناة بنما (آ ب)
TT
20

علامات استفهام حيال الخطاب «الترمبي» وتأثير شعبويته على الديمقراطيات الهشّة

قناة بنما (آ ب)
قناة بنما (آ ب)

> بعد شهرين على عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، تظل ملامح سياسته الأميركية اللاتينية وإمكانيات تحقيق أهدافها، موضع ترقب. وكأمثلة، هناك انتظار معرفة خطوات الإدارة الجديدة تجاه كوبا وفنزويلا، وتطورات ملف الهجرة والحملة المعلنة على التنظيمات الإجرامية التي لا يكفّ الرئيس الأميركي عن اتهامها بإغراق سوق الولايات المتحدة بالمخدرات الممنوعة.

وليس واضحاً بعد مآل الحرب التجارية المفتوحة مع المكسيك، وما إذا كانت واشنطن قد اكتفت بما أثمرته مباحثات وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو في بنما لانتهاء ما تعده واشنطن «السيطرة الصينية» على القناة، وما الدور الذي ستلعبه الأنظمة التي أعلنت تحالفها مع «العهد الترمبي» مثل النظامين الأرجنتيني والسلفادوري.

ترقّب كبير أيضاً ما زال يخيّم على العلاقات مع البرازيل، حيث يقيم ترمب صلات وطيدة مع عائلة الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو، الذي جرّده القضاء مؤخراً من حق الترشّح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي المقابل، اختار الرئيس البرازيلي الحالي لويس أيناسيو لولا، جانب الحذر حتى الآن في مواقفه من سياسات ترمب التي لم تفتح أي معركة تجارية مع بلاده بعكس ما فعلت مع المكسيك.

وهنا يقول الخبراء في العلاقات بين واشنطن وحكومات أميركا اللاتينية إن العامل الرئيس الذي سيحكُم السياسة الأميركية اعتباراً من الآن مع بلدان المنطقة هو الدور الصيني ومدى تغلغله فيها. ولا شك في أن أسلوب ترمب وخطابه الأميركي اللاتيني يخرجان كلياً عن المألوف الدبلوماسي في علاقات واشنطن مع جيرانها.

ومن الواضح أن «عقيدة ترمب» بشأن أميركا اللاتينية تنطلق من مقتضيات سياسته الداخلية، إذ يطرح ترمب أمام ناخبيه -وبخاصة قاعدته الشعبية اللاتينية اليمينية التي لعبت دوراً حاسماً في وصوله إلى البيت الأبيض- وعوداً تكاد تكون حربية لكنها مجرد خطابية في الجوهر -في مسائل التصدي للملفات الإقليمية الشائكة مثل كوبا وفنزويلا والمخدرات والهجرة. وهو حريص على أن تكون على تعارض تام مع سياسات أسلافه الديمقراطيين، ولكن غالباً في الظاهر وليس في المضمون.

هذه السياسة الأميركية «الجديدة» إزاء الجوار الأميركي اللاتيني، في حُلتها الترمبية، وانحيازها الفاضح إلى جانب الأنظمة اليمينية المتطرفة والشعبوية، تزيد من مخاوف المراقبين بشأن مستقبل الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان في المنطقة، بعد عقود من الإنجازات التي سجلتها غالبية البلدان الأميركية اللاتينية في هذه المجالات.

وإذ تقبِل عدة بلدان في المنطقة على انتخابات عامة هذه السنة والتي تليها، يتخوّف كثيرون من حملات انتخابية تنطلق تحت شعارات شعبوية متطرفة مثل «المكسيك أولاً» و «البرازيل أولاً»، وبتمويل خارجيّ سخيّ -خصوصاً في البلدان التي ما زالت أنظمتها الديمقراطية هشة، أو تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.

ويزيد من خطورة تداعيات هذه السياسة إزاء المنطقة أن البلدان الأميركية اللاتينية ما زالت تتلمّس -بصورة منفردة- طريقتها الذاتية للتعامل مع «الهجمة الترمبية»، والرد على التهديدات والشروط التي تفرضها، وليس في الأفق ما يؤشر إلى احتمال التوافق قريباً على موقف إقليمي مشترك، على الأقل من العناوين الكبرى لهذه الهجمة.