إليز ستيفانيك... هل تكون مرشحة ترمب لمنصب نائب الرئيس الأميركي إثر جنوحها لليمين المتشدد؟

وصفها بـ«القاتلة» بعد إطاحتها رؤساء جامعات كبرى بحجة «معاداة السامية»

عارضت بشدة محاول عزل ترمب الأولى عام 2019 المتصلة بـ«فضيحة» أوكرانيا ودعمت محاولاته لإلغاء الانتخابات الرئاسية عام 2020
عارضت بشدة محاول عزل ترمب الأولى عام 2019 المتصلة بـ«فضيحة» أوكرانيا ودعمت محاولاته لإلغاء الانتخابات الرئاسية عام 2020
TT

إليز ستيفانيك... هل تكون مرشحة ترمب لمنصب نائب الرئيس الأميركي إثر جنوحها لليمين المتشدد؟

عارضت بشدة محاول عزل ترمب الأولى عام 2019 المتصلة بـ«فضيحة» أوكرانيا ودعمت محاولاته لإلغاء الانتخابات الرئاسية عام 2020
عارضت بشدة محاول عزل ترمب الأولى عام 2019 المتصلة بـ«فضيحة» أوكرانيا ودعمت محاولاته لإلغاء الانتخابات الرئاسية عام 2020

مع اقتراب موعد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الأميركي، منتصف الشهر المقبل، لتثبيت ترشيح دونالد ترمب لخوض الانتخابات الرئاسية، تزايدت التكهنات والترشيحات عن هوية «نائب الرئيس» الذي سيُدرج اسمه على بطاقات الاقتراع الخريف المقبل. وبينما ينتقد العديد من المراقبين «تأخر» ترمب في تسمية نائبه العتيد، على الرغم من انسحاب كل منافسيه الجمهوريين من السباق منذ مارس (آذار) الماضي، يرى آخرون أنه تأخير «طبيعي» بالنظر إلى شخصيته و«شروطه» التي تقوم على «الولاء» الكامل. ثم أنه بعدما نجح في السيطرة على قاعدة الحزب، وأزاح معارضيه «المعتدلين» في قيادته، استبعد في الوقت نفسه كل الشخصيات المحتملة؛ لضمان ألا تتكرر تجربته «المريرة» مع نائبه السابق مايك بنس، الذي رفض الموافقة على طلبه لإنكار فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتجهت الأنظار نحو إليز ستيفانيك، النائبة الجمهورية عن ولاية نيويورك، التي وصفها الرئيس السابق دونالد ترمب بـ«القاتلة» (من منطلق الإعجاب بها)، بعدما صعدت أسهمها بشكل كبير إثر استجوابها ثلاثة رؤساء جامعات كبرى في جلسة استماع بالكونغرس بتهمة «معاداة السامية» في الحرم الجامعي؛ وذلك على خلفية الاحتجاجات الطلابية التي اندلعت نصرة للفلسطينيين بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة. وبالفعل، أدّت جلسات الاستجواب إلى استقالة ليز ماغيل، رئيسة جامعة بنسلفانيا، وكلودين غاي رئيسة جامعة هارفارد.

ولقد حظي الدور الذي لعبته ستيفانيك في جلسة الاستجواب، بتأييد واسع من «اللوبي الإسرائيلي – الأميركي»، ومن إسرائيل ذاتها. وبدلاً من إبداء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو امتنانه لإدارة بايدن على «الخدمات» الكبيرة التي أسدتها لإسرائيل إبان هذه الحرب، اختار نتنياهو الاحتفاء بستيفانيك ومنحها شرفاً استثنائياً بإلقاء خطاب أمام الكنيست. وفي الكنيست انتقدت النائبة الجمهورية الرئيس الأميركي بشدة، وأثنت على ترمب مع أنه «ليس لها أي موقف في السياسة الخارجية على الإطلاق»، فكانت «الشخص الذي يذل نفسه ليصبح نائباً لترمب»، بحسب صحيفة «النيويورك تايمز».

بطاقة شخصية

وُلدت إليز ماري ستيفانيك في مدينة ألباني، عاصمة ولاية نيويورك، يوم 2 يوليو (تموز) 1984. وهي تدّعي أن والدها كينيث من أصل تشيكي، ووالدتها ميلاني من أصل إيطالي. لكن سجلات الأنساب تظهر أن عائلة والدها جاءت من إقليم غاليسيا الذي يتوزع بين جنوب شرقي بولندا وغربي أوكرانيا.

تزوجت ستيفانيك يوم 19 أغسطس (آب) 2017، من ماثيو ماندا، الذي يعمل في مجال التسويق والاتصالات. وفي ديسمبر 2018، انتقلت وزوجها إلى شويلرفيل، بالقرب من ساراتوغا سبرينغز بشمال شرقي ولاية نيويورك، حيث أنجبا عام 2021 طفلاً واحداً هو صموئيل ألبرتون. واعتباراً من عام 2022، يعمل زوجها مديراً للشؤون العامة في المؤسسة الوطنية لرياضة الرماية، وهي جمعية تجارية لمصنعي الأسلحة النارية.

أما على الصعيد التعليمي، فقد أنهت ستيفانيك تعليمها الثانوي في مدرسة أكاديمية ألباني للبنات، وهي مدرسة خاصة عريقة. ثم التحقت بجامعة هارفارد، حيث تخرّجت بدرجة بكالوريوس في الإدارة العامة عام 2006. وخلال تلك الفترة انتُخبت نائبة لرئيس معهد هارفارد للسياسة في عام 2004، وحصلت من الجامعة على تنويه مشرّف لجائزة القيادة النسائية، وهي جائزة طلابية للقيادة والمساهمة في النهوض بالمرأة. بعد هارفارد، عملت في واشنطن لمدة ست سنوات قبل دخولها عالم السياسة، وحسب قولها فإنها فكّرت لأول مرة بالعمل في الخدمة العامة والسياسة إثر هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وللعلم، ضُمّت ستيفانيك إلى اللجنة الاستشارية العليا في معهد هارفارد للسياسة بعد فترة قصيرة من انتخابها، بيد أنها أقيلت من اللجنة عام 2021 إثر اعتراضها على الأصوات الانتخابية لولاية بنسلفانيا بعد اقتحام مبنى الكابيتول.

البدايات السياسية

في مستهل سجلّ تدرّج إليز ستيفانيك السياسي انضمامها إلى إدارة جورج بوش «الابن»، كموظفة في مجلس السياسة الداخلية، وعملت لاحقاً في مكتب جوشوا بولتن، رئيس أركان البيت الأبيض.

وفي عام 2009، أسّست مدوّنة لتعزيز آراء «النساء المحافظات والجمهوريات»، سمّتها على اسم رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر. وأدارت التحضير لمناظرات الحملة الرئاسية التي خسرها المرشح الرئاسي الجمهوري - يومذاك - ميت رومني ونائبه بول ريان عام 2012، أمام الرئيس باراك أوباما.

وبعد سنتين، في العام 2014، انتُخبت ستيفانيك وهي لا تزال في سن الثلاثين لأول مرة نائباً في مجلس النواب؛ ما جعلها أصغر امرأة تحظى بعضوية الكونغرس في ذلك الوقت، وأول امرأة تشغل مقعدها عن دائرتها في مجلس النواب.

وهنا تجدر الإشارة، إلى أنه عندما انتُخبت ستيفانيك نائبةً كانت تعتبر جمهورية محافظة معتدلة. إلا أنها مع صعود أسهم دونالد ترمب وفوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2016، تحوّلت تدريجياً ولكن بشكل صريح نحو اليمين المتشدد، وانضمت إلى فريقه خلال رئاسته الأولى، وأعادت تصنيف نفسها كواحدة من كبار حلفائه في الكونغرس.

جمهورية ملتزمة

وحقاً، لدى مراجعة مسيرة ستيفانيك فإنها تكشف في بداياتها التزاماً لافتاً بـ«أجندة» الحزب الجمهوري ما قبل «الهيمنة الترمبية»، فهي - على سبيل المثال - عام 2017، ورغم فشل المحاولة، صوّتت ملتزمة بالسياسة الحزبية لإلغاء «قانون الرعاية الصحية» (أوباما كير) من أجل تمرير قانون الرعاية الصحية الأميركية الذي يرعاه الجمهوريون في مجلس النواب.

وفي العام نفسه، عارضت «الأمر التنفيذي» الذي أصدره الرئيس ترمب بفرض حظر مؤقت على السفر والهجرة إلى الولايات المتحدة من مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة، غير أنها رفضت إدانة «سياسة فصل العائلات» التي اتبعتها إدارة ترمب، ونشرت بياناً صحافياً تشيد به، بعدما وقّع ترمب «أمراً تنفيذياً» لتعليق عمليات الفصل واحتجاز العائلات.

ثم في العام 2019، صوّتت ستيفانيك مع 14 جمهورياً وجميع الديمقراطيين في مجلس النواب لتجاوز «حق النقض» الذي استخدمه ترمب على إجراء يلغي إعلان الأخير حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية. وعارضت التفويضات الفيدرالية الخاصة بلقاح «كوفيد - 19» لأصحاب العمل في القطاع الخاص.

وإلى جانب ما يقرب من 170 عضواً آخر في الكونغرس، وقّعت ستيفانيك على مذكرة للمحكمة العليا تجادل فيها بأن الكونغرس لم يمنح الحكومة سلطة فرض تفويض باللقاح. لكنها في مارس (آذار) 2021، صوّتت مع جميع الجمهوريين في مجلس النواب، ضد «قانون خطة الإنقاذ» الأميركية لعام 2021، وهو مشروع قانون إغاثة بقيمة 1.9 تريليون دولار من فيروس «كوفيد - 19». وبعدما كانت تدعم قانون «داكا» صوتت عام 2021 ضد قانون «دريم» (الحالمين بالجنسية).

أيضاً، صوّتت ستيفانيك مع ثمانية جمهوريين لمصلحة قانون المساواة وقدّمت مشروع قانون «الإنصاف للجميع»، الذي من شأنه حظر التمييز ضد المثليين، مع تضمين استثناءات للمجموعات الدينية والشركات الصغيرة ذات المؤسسات الدينية. إلا أنها عام 2021، عادت فصوّتت ضد «قانون المساواة»، على الرغم من دعمه التشريع نفسه. وعام 2022، صوّتت مع 47 نائباً جمهورياً لمصلحة قانون احترام الزواج، الذي من شأنه أن يقنّن الحق في زواج المثليين في القانون الفيدرالي.

دعم قوي لترمب

عارضت ستيفانيك بشدة محاول عزل ترمب الأولى عام 2019، المتصلة بـ«فضيحة» ترمب وأوكرانيا، ودعمت محاولاته لإلغاء الانتخابات الرئاسية عام 2020، معترضة على الأصوات الانتخابية في ولاية بنسلفانيا.

وبعد تورّط أنصار ترمب في الهجوم على مبنى الكابيتول عام 2021، وتشكيل مجلس النواب الذي كان يسيطر عليه الديمقراطيون، لجنة للتحقيق في الهجوم، أكدت وقوفها مع ترمب عبر تصويتها وجميع القادة الجمهوريين الآخرين في مجلس النواب ضد إنشاء اللجنة. لكن 35 عضواً جمهورياً صوّتوا مع جميع الديمقراطيين البالغ عددهم 217 عضواً على إنشائها. وبعدما بدأت اللجنة تحقيقاتها في الهجوم، قالت ستيفانيك إن رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، هي المسؤولة عنه.

ستيفانيك بدلاً من تشيني

في مايو (أيار) عام 2021، انتُخبت ستيفانيك رئيسة للمؤتمر الجمهوري بمجلس النواب، بعد إقالة النائبة ليز تشيني بسبب معارضة الأخيرة لترمب، وبذا صارت ثالث أرفع مسؤول جمهوري، على الرغم من سنّها البالغ في ذلك الوقت 37 سنة. وإبّان ظهورها في برنامج إذاعي مع ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين السابق لترمب، أكدت ستيفانيك على «حاجة الحزب الجمهوري إلى الالتفاف» حول الرئيس السابق. وحين تحدّى النائب تشيب روي ترشيح ستيفانيك لأخذ منصب تشيني، ندّد ترمب به، وأكد تأييده لها. ومن ثم، في أعقاب فوزها، شكرته قائلة: «الرئيس ترمب هو القائد الذي يتطلع إليه الناخبون الجمهوريون». وهنا علّق جاك كولينز، أستاذ العلوم السياسية في كلية سيينا، بالقول إن تسليمها منصبها الجديد يشير إلى أن قادة الحزب يريدون أن تكون جزءاً من «الجيل المقبل من القادة الجمهوريين».

وبالفعل، بعد أسبوعين فقط من انتخاب ستيفانيك رئيسةً للمؤتمر الجمهوري، ذكرت صحيفة «بوليتيكو»، أنها كانت مسؤولة عن نشر قصص سلبية عن جيم بانكس، الذي كان من المنافسين المحتملين لهذا المنصب، ومساعده باكلي كارلسون، نجل مقدم البرامج الشهير السابق لمحطة «فوكس نيوز»، تاكر كارلسون. وقوبل هذا باستياء من قِبل حلفاء دونالد ترمب «الابن»، الذين أبلغوا ستيفانيك أن هجماتها على ابن كارلسون تجاوزت الحدود. ولكن بعد الانتخابات النيابية عام 2022، أعيد انتخابها رئيسةً للمؤتمر الجمهوري، متغلبة على بايرون دونالدز.


مقالات ذات صلة

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)
حصاد الأسبوع الرئيس عبد المجيد تبّون (رويترز)

فوز منتظر للرئيس عبد المجيد تبّون في انتخابات الرئاسة الجزائرية

يتوجه الجزائريون اليوم إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيس جديد. وهذه هي ثاني استحقاقات رئاسية بعد الحراك الذي طال سنتين تقريباً، وشهد خروج ملايين الجزائريين إلى

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع  تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة

إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

رغم تعهّد النقيب إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، بألا يبقى في السلطة، فإنه مدّد فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، راهناً إجراء الانتخابات التي كان من

فتحية الدخاخني (القاهرة)

ألينا حبّة محامية ترمب ومستشارة حملته الأولى ... هل ستساهم في جَسر هوّته مع الناخبات؟

ألينا حبّة
ألينا حبّة
TT

ألينا حبّة محامية ترمب ومستشارة حملته الأولى ... هل ستساهم في جَسر هوّته مع الناخبات؟

ألينا حبّة
ألينا حبّة

منذ قرّر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب منتصف عام 2015 الترشّح للمرة الأولى في سباق الرئاسة الأميركية، كان يؤخذ عليه تعامله مع النساء، ولم يتوانَ عن توجيه النقد لهنّ، وبالأخص، اللاتي اتهمنه بالاعتداء الجنسي. ورغم محاولات ترمب تصوير الاتهامات التي وُجّهت وتوجّه إليه، بأنها «اضطهاد سياسي»، لم يستطع التخلي عن أسلوبه الخاص في تقريع منافسيه، حتى ولو أفقده ذلك ميزات لا يزال الناخبون الأميركيون - ولا سيما قاعدته الشعبية - يرون أنها قد تكون كافية لتمكينه من العودة إلى البيت الأبيض. وهو بدلاً من التطرق إلى المواضيع التي يقول الناخبون إنهم يهتمون بها كثيراً، فإنه غالباً ما كان - ولا يزال - يتورّط في مواجهات بدت خياراً استراتيجياً، وسط خوضه سباقاً محتدماً مع نائبة الرئيس كمالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، ويواجه ما يمكن أن يكون فجوة تاريخية مع النساء، وسط سعيه لجذب الناخبات في نوفمبر (تشرين الثاني).

مع تسلّم كمالا هاريس لواء ترشيح الحزب الديمقراطي، وقولها إنها عملت في وقت ما في سلسلة «ماكدونالد» للوجبات السريعة، ثم إعلانها أنها تخاطب النساء مع جيل من أقرانها جئن من بيئات اجتماعية وسياسية «متواضعة»، بدأ السباق على كسب أصوات الناخبات، وكأنه مواجهة مع فئة أخرى من النساء... يسعى ترمب من خلالهن إلى تغيير الصورة النمطية التي وسمت علاقته بهنّ.

هكذا، صعدت سارة ساندرز هاكابي، حاكمة ولاية أركنسو والناطقة السابقة باسم البيت الأبيض، ولورا لومر، مناصرة «نظريات المؤامرة» اليمينية المتطرفة، والمحامية ألينا حبّة. والثلاث آتيات من أصول «أرقى» اجتماعياً إلى دائرة الضوء، في مسعى من الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي للحزب الجمهوري، لجَسر الهوة التي يعانيها ترمب مع الناخبات، عبر الدفع بهن إلى مواقع متقدمة في حملته الانتخابية.

قبل نحو 3 أشهر، أعلنت حملة ترمب أن ألينا حبّة، المحامية والناطقة القانونية باسمه، باتت مسؤولة عن دور رئيسي جديد، سيكون محوَرياً في إعادة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض. وراهناً، تعمل حبّة «مستشارة أولى» لحملة إعادة انتخاب ترمب، وهذه ترقية تأتي بعد حصولها على اعتراف وطني بدورها القانوني في فريقه على مدى السنوات القليلة الماضية. وبالتالي، غدت حبّة من العناصر الرئيسية في فريق الرئيس السابق، وقد تلعب دوراً محورياً في حال عودته رئيساً للولايات المتحدة، مرّة أخرى.

إلا أن صعود ألينا حبّة، المحامية الأميركية ذات الأصول العراقية، يسلّط الضوء على كثرة من الأميركيين ذوي الأصول العربية المهاجرة ومسيراتهم، الذين انحازوا إلى الخطاب الشعبوي المناهض للهجرة.

عن ألينا حبّة؟ولدت ألينا سعد حبة عام 1984 في مدينة ساميت بولاية نيوجيرسي، لوالدين من الكاثوليك الكلدانيين الذين فرّوا من العراق في أوائل الثمانينات، أما والدها فهو الدكتور سعد حبّة، الطبيب المتخصص بأمراض الجهاز الهضمي.

تخرّجت ألينا في مدرسة كينت بليس الخاصة في نيوجيرسي عام 2002. ثم التحقت بجامعة ليهاي المرموقة، في ولاية بنسلفانيا، وتخرّجت فيها عام 2005 بدرجة البكالوريوس في العلوم السياسية.

وبعد التخرج، عملت بين عامي 2005 و2007، في صناعة الأزياء وإنتاج الإكسسوارات والتسويق مع شركة «مارك جاكوبس» إحدى العلامات التجارية الرائدة في أميركا. وقالت في تصريح لها، إنها على الرغم من استمتاعها بصناعة الأزياء، قررت مواصلة تعليمها العالي، والالتحاق بكلية الحقوق، لأسباب مالية. وبالفعل، حصلت على إجازة في القانون جامعة وايدنر، القريبة من مدينة فيلادلفيا، عام 2010. ومن ثم، عملت لفترة وجيزة كاتبةً قانونية لدى قاضي المحكمة العليا في نيوجيرسي آنذاك، يوجين كودي الابن، ثم رئيسة للمحكمة المدنية العليا في مقاطعة إسكس بنيوجيرسي، من عام 2010 إلى عام 2011.

بدأت حبّة عملها الخاص محاميةً في نهاية 2011، عندما انضمت مساعدةً في شركة «تومبكن ماغواير»، حتى بداية 2013. وبعدها التحقت بشركة محاماة أسسها زوجها السابق حتى عام 2020، قبل أن تغادرها وتؤسس شركتها الخاصة. ووفقاً لموقعها الإلكتروني، تشغل حبّة حالياً منصب الشريك الإداري لشركة «حبّة مادايو وشركاؤهم» القانونية، وتتمتع بخبرة في التقاضي وتأسيس الشركات، والعقارات التجارية، وقانون الأسرة، وصناعة الخدمات المالية والقضايا المتعلقة بالبناء.

وفي سياق متّصل، حصلت ألينا حبّة على رخصة لممارسة المحاماة في ولايات نيويورك ونيوجيرسي وكونكيتيكت. وعملت محاميةً رئيسية في ثلاث قضايا، منها دعوى جماعية فيدرالية ضد دار رعاية في نيوجيرسي متهمة بارتكاب العديد من مخالفات الإهمال وانتهاكات الاحتيال على المستهلك. وشغلت أيضاً منصب المستشار العام لشركة تدير مرائب السيارات مملوكة من زوجها الثاني غريغ روبن.

التقرّب من ترمبسياسياً، يرى البعض أن ميول حبّة سرعان ما برزت عبر محاولتها التقرّب من الرئيس السابق. وكانت قد انضمت عام 2019 إلى نادي ترمب الوطني للغولف بيدمينستر في نيوجيرسي، وتعرّفت عليه هناك.

غير أنها لم تتولَ أي عمل قانوني لصالح ترمب عندما عيّنها، خلال سبتمبر (أيلول) 2021، ضمن فريقه القانوني لتحلّ محل العديد من المحامين المعروفين الذين عملوا لدى ترمب لسنوات عديدة، قبل انسحابهم من خدمته، ومنهم مارك كاسويتز، وتشارلز هاردر، وجوانا هندون، ومارك موكاسي، وجاي سيكولو ولورانس روزين.

وبعد فترة وجيزة، رفعت حبّة دعوى قضائية بقيمة 100 مليون دولار نيابةً عن ترمب ضد صحيفة «النيويورك تايمز»، وثلاثة مراسلين للصحيفة، وابنة أخت ترمب، ماري ترمب. إلا أن القاضي ردّ الدعوى. ثم عملت حبّة لصالح ترمب في القضية التي كانت رفعتها سومر زيرفوس ضده عام 2017 بتهمة التشهير. وفي ذلك العام رمى ترمب زيرفوس بـ«الكذب»، بعدما اتهمته بتقبيلها وملامستها من دون موافقتها، عندما كانت متسابقة في برنامجه التلفزيوني الشهير «ذي أبرينتيس».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، رفعت حبّة دعوى مضادة ضد زيرفوس؛ بحجة أنها كانت تحاول خنق حق ترمب في حرية التعبير، لكن القضية أوقفت بعدما سحبت زيرفوس دعوتها.

محامية ترمب الأولىوهكذا، حظيت حبّة بثقة ترمب، بعدما ساعدته ومثّلته في دعاوى قضائية عدة، بينها قضية التصريح الكاذب لقيمة أصوله التي طلبت منه البنوك تقديمها سنوياً للتأكد من أن لديه الأموال الكافية لسداد قروضها. واستأنفت دون نجاح أمر محكمة يطلب من ترمب وأبنائه الإدلاء بشهادة تحت القسم حول التقييمات التي وقّعوا عليها عند تقديم تلك الإقرارات. وبعدما استجوبت ليتيشيا جيمس، المدعية العامة لنيويورك، ترمب في أغسطس (آب) 2022، قادت حبّة الدفاع عنه، لينقل عنها لاحقاً إدلاؤها بتعليقات عنصرية ضد جيمس، واصفة إياها بـ«العاهرة السوداء»، وأنها «شخص مريض».

بعدها، في سبتمبر 2022، رفض قاضي المحكمة الجزئية الأميركية دعوى رفعتها حبّة لمصلحة ترمب ضد هيلاري كلينتون وجون بوديستا (الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي) وجايك سوليفان (مستشار الأمن القومي الحالي)، وديبي واسرمان شولتز، والعديد من المسؤولين الديمقراطيين، للمطالبة بتعويضات عن أدوارهم المزعومة في التخريب على حملته الرئاسية عام 2016.

وخلص القاضي إلى أن شكوى ترمب لم تكن كافية من جميع النواحي، محتفظاً بالحق في فرض عقوبات على محامي ترمب. وهو ما حصل بعد شهرين، حين فرض غرامات عليهم، من بينهم ألينا حبّة، ومايكل ماديو، وبيتر تيكتين وجيمي آلان ساسون. وفي يناير (كانون الثاني) 2023، أمر القاضي كلاً من ترمب وحبّة وشركتها بدفع 938 ألف دولار تكاليف قانونية لـ31 متهماً، بينهم اللجنة الوطنية الديمقراطية وهيلاري كلينتون ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي. هذا، وكانت حبّة، أحد أعضاء فريق الدفاع عن ترمب في قضية «شراء الصمت» التي رفعتها ضده وربحتها ممثلة أفلام إباحية، وغرّم عليها بقيمة 83.3 مليون دولار.

أبواب الشهرة والثروة... فُتحتلا شك في أن تعيين ترمب ألينا حبّة محامية له، فتح أمامها أبواب الشهرة والثروة، لتبرز على الساحة العامة باعتبارها، أبرز الناطقين باسمه والمدافعين عنه. وهي الآن مستشارة أولى للجنة العمل السياسي في حركة «ماغا» (لنعيد أميركا عظيمة) الناشطة لدعم إعادة انتخابه، الأمر الذي رفع ثروتها الشخصية؛ إذ تجاوز دخلها السنوي 200 ألف دولار، وحصلت على أكثر من 3.5 مليون دولار مقابل عملها مستشارةً، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».

أيضاً، منذ أصبحت حبّة مساعدة قانونية رئيسة لترمب، انجذبت أكثر فأكثر إلى دائرته، وصارت من الشخصيات التي يتكرر ظهورها في نواديه، بنيوجيرسي وفلوريدا. وفي عيد ميلادها خلال فبراير (شباط)، نشرت صورة لها جالسة إلى جانبه.

وبعد كلمة حبّة في الليلة الأخيرة من مؤتمر الحزب الجمهوري، يوم 15 يوليو (تموز)، وإثر تعرّض ترمب لمحاولة الاغتيال الأولى، قالت لشبكة «فوكس نيوز» عندما سُئلت عن شعورها إزاء الضمادة التي وضعها على أذنه المصابة ودخل قاعة المؤتمر وسط هتافات مؤيديه وتصفيقهم: «أعتقد أن أفضل كلمة لوصف ذلك هي تأثّرت... أعتقد أن أميركا يمكن أن ترى أن الرئيس ترمب مختلف اليوم». وتابعت: «لم أظن قَطّ في حياتي أنني سأعيش ذلك، ناهيك بأن أعيشه وأقول هذا صديقي... كان ذلك صعباً جداً بالنسبة لي. إنه أمرٌ مؤلم، لكنني فخورة به».

صوت ترمب في المستقبلعدّت حبّة ترقيتها إلى «مستشارة أولى» لحملة إعادة انتخاب ترمب بأنها «شرف عظيم»، وتعهّدت بأنها ستوفر لها، كأم، الفرصة لمناقشة القضايا المهمة للنساء في جميع أنحاء البلاد. كما أعلنت استعدادها لمواصلة دورها محاميةً له، في القضايا الجارية التي تشارك فيها، لكنها تخطط أيضاً لأن تصبح الآن «صوتاً للرئيس ترمب» من أجل التكلّم عن مجموعة واسعة من القضايا.

يبقى القول، أن حبّة تصف نفسها، كاثوليكيةً، بأنها «متدينة للغاية»؛ ما يجعل رسالتها المحافظة قريبة من اتجاهات كثيرين من المسيحيين العرب الأميركيين، الذين يعتبرون ترمب ممثلاُ لهم في هذا المجال. وهي، رغم تمكّنها من الحفاظ على خصوصية حياتها العائلية حتى الآن، فقد قالت في نوفمبر الماضي لصحيفة «النيويورك بوست» اليمينية إن لديها ثلاثة أطفال، مراهق يبلغ من العمر 14 سنة، وابن يبلغ من العمر تسع سنوات، وابنة تبلغ سبع سنوات من زوجها الأول ماثيو آيت، الذي تطلقت منه عام 2019. وفي عام 2020 تزوّجت من غريغ روبن، زوجها الثاني، ويعيشون في برناردزفيل بنيوجيرسي. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن حبّة تعتبر صديقة مقربة من إريك نجل دونالد ترمب. وظهرت مع كيمبرلي غيلفويل، خطيبة دونالد ترمب «الابن» في العديد من المناسبات.