العراق: السوداني يمسك رمّانتي بايدن وإردوغان بيد واحدة

وسط تراجع فرص خصومه في الحد من طموحاته

السوداني بصافح ضيفه الرئيس التركي إردغان في بغداد (آ ب)
السوداني بصافح ضيفه الرئيس التركي إردغان في بغداد (آ ب)
TT

العراق: السوداني يمسك رمّانتي بايدن وإردوغان بيد واحدة

السوداني بصافح ضيفه الرئيس التركي إردغان في بغداد (آ ب)
السوداني بصافح ضيفه الرئيس التركي إردغان في بغداد (آ ب)

بعد يوم من عودة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى بغداد، بعد زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، استغرقت أسبوعاً، زار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العاصمة العراقية. وبينما وصفت زيارة السوداني إلى واشنطن، وهي الأولى له منذ توليه منصبه أواخر عام 2022 بـ«الناجحة»، وصفت بـ«التاريخية» الزيارة التي قام بها الرئيس التركي، التي هي الثانية له منذ 13 سنة إلى العراق. وللعلم، كان رئيس الوزراء العراقي قد التقى في واشنطن الرئيس الأميركي جو بايدن، في وقت يواجه خصوماً واضحين وآخرين غامضين في الداخل وسط تأييد سياسي وشعبي كبيرين. ومعلوم أن بايدن يخوض معركة انتخابية مصيرية بالنسبة له ضد خصمه العنيد الرئيس السابق دونالد ترمب. أما فيما يتعلق بالرئيس إردوغان، فقد التقاه السوداني ورفع يده فيما بات أقوى سلاح يواجه به خصومه، وبعضهم من القوى التي تملك السلاح وتستخدمه أحياناً ضد الدولة، وهو مشروع «طريق التنمية».

تبدو رهانات كل من رئيس وزراء العراق محمد شيّاع السوداني، وضيفه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مختلفةً بشأن «طريق التنمية» الذي يسعى من خلاله الأول لتعزيز موقفه أمام من يلوح أمامه بين فترة وأخرى بورقة الانتخابات المبكرة. وفي المقابل، فإن الأمر بالنسبة لإردوغان جزءٌ من إرث سياسي يريد أن يبقيه لحزبه - حزب «العدالة والتنمية» - أمام خصومه من أحزاب المعارضة، بالأخص بعدما خسر أمامهم الانتخابات المحلية.

ووفقاً لهذه المعادلة الثلاثية، يبدو السوداني هو الرابح الأكبر من زيارته إلى واشنطن التي يرى المراقبون أنها وإن كانت لا تضيف الكثير إلى رصيد بايدن، فإنها حتماً تأتي بفائدة لا شك فيها إلى رصيد السوداني. كذلك، وفق المراقبين، فإن زيارة إردوغان البغدادية بالكاد تجعل كفته السياسية أمام خصومه المحليين راجحة حتى بعد توقيعه في بغداد على مشروع «طريق التنمية»، بعكس النفع الكبير المرتقب للسوداني في الداخل العراقي، لا سيما أن كثيرين يعدون «طريق التنمية» المشروع الأكبر بعد مشاريع مجلس الإعمار التي قادها في خمسينات القرن الماضي رئيس وزراء العراق (آنذاك) نوري السعيد.

تأييد شبه كامل من السنّة والكرد

المفارقة اللافتة أن الحراك السياسي والتنموي الذي يقوده السوداني منذ توليه السلطة في العراق، قبل نحو سنة ونصف السنة، يحظى بتأييد يكاد يكون كاملاً من قبل السنة والكرد، لكنه ما عاد يحظى بتأييد كامل من قبل القوى السياسية الشيعية. وما يستحق الذكر هنا أن القوى الشيعية، تحديداً قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي، التي كانت قد رشحته للمنصب، رغم أنها تبدو ظاهرياً داعمةً للسوداني، بما في ذلك زيارته إلى الولايات المتحدة - ولقد أصدرت بياناً بذلك - فإنها من الناحية العملية تبدو في وضع لا تُحسد عليه لجهة الخلافات في ما بين بعض أطرافها.

في المقابل، على الرغم من المطالب التي يعبّر عنها السنة والكرد، سواءً ما يخص عمل الحكومة أو المطالب التي تخص الشريك الشيعي في البرلمان أو ضمن «ائتلاف إدارة الدولة»، تظل المشكلة الحقيقية داخل الوسط الشيعي مختلفة وأكثر تعقيداً مما تبدو عليه ظاهراً. ونعم، كان هناك خلاف داخل البيت السني بشأن منصب رئيس البرلمان الشاغر حتى الآن. وأيضاً هناك الخلاف الكردي - الكردي بين الحزبين الرئيسين الذي يتركز اليوم بالدرجة الأولى على موضوع انتخابات الإقليم.

ولكن في ما يتعلق بالمكون الشيعي، في هذه الأثناء، فإن قوى «الإطار التنسيقي» تظهر نفسها بأنها موحدة داخل البرلمان بوصفها الغالبية... إلا أنها في واقع الأمر تتكون من ثلاث قوى تتنافس مرة وتتصارع مرة وهي: «الإطار التنسيقي» نفسه الذي يضم القوى والأحزاب المشاركة في البرلمان والحكومة، و«التيار الصدري» المنسحب من البرلمان وغير المشارك في الحكومة حالياً، والفصائل المسلحة التي لدى بعضها أجنحة في «هيئة الحشد الشعبي»... الذي هو مؤسسة أمنية رسمية لكنها تعلن دائماً أنها ليست جزءاً من العملية السياسية الحالية، وإن عملها في العراق ذو بُعد عقائدي.

من لقاء السوداني في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي بايدن (د ب أ)

حصاد السوداني

في أي حال، اليوم، بعد مرور أكثر من سنة ونصف السنة على تولي السوداني السلطة وتبنيه مصطلح «الدبلوماسية المنتجة»، يبدو رئيس الوزراء العراقي في وضع مريح لجهة ما بدا أنه حصادٌ لدبلوماسيته المنتجة. إذ زيارته للولايات المتحدة جاءت في أعقاب جدل حاد مع التحالف الدولي والولايات المتحدة نفسها بشأن توصيف التحالف الدولي وانتقال العلاقة معه إلى علاقة ثنائية.

ولقد كان الطلب العراقي بهذا الخصوص قد سبق زيارة السوداني بأكثر من شهر ونصف الشهر، حتى أن كثيرين لا سيما من خصوم السوداني، راهنوا على أن الزيارة لن تتم. ففي شهر فبراير (شباط) الماضي أعلنت الخارجية العراقية استئناف عمل اللجنة الثنائية بين العراق والتحالف الدولي، التي كان العراق قد أعلن عنها في بيان رسمي على لسان الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى الزيدي ووزارة الخارجية.

وكان من أول مؤشرات ذلك على أرض الواقع بدء هدنة بين واشنطن من جهة والفصائل المسلحة من جهة أخرى، وبتأثير من السوداني. وهو ما أعطته «كتائب حزب الله» مسمى «الدفاع السلبي» عقب بيانها الخاص بتعليق عملياتها قبل اغتيال القيادي فيها أبو باقر الساعدي. وفي سياق بدء عمل اللجنة العراقية - الأميركية لتحديد شكل العلاقة بين بغداد وواشنطن بعد نهاية التحالف الدولي، أكد الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»، أن «استئناف عمل اللجنة الثنائية العراقية - الأميركية مهمٌ جداً وخطوة فعالة من الحكومة العراقية، لوضع الجدول الزمني للانسحاب المنظم الذي قرّره رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في الخامس من يناير (كانون الثاني) 2024 لإنهاء مهام التحالف الدولي، ونقل العلاقات العراقية مع دول التحالف الدولي إلى علاقات طبيعية ثنائية، والعودة إلى مرحلة ما قبل سقوط الموصل للعلاقات المتكاملة وفقاً للمصالح الاستراتيجية الوطنية العراقية كمحدد استراتيجي لهذه العلاقات».

وأضاف علاوي أنه «بالإضافة إلى ذلك هناك تقييم التهديدات ومستواها التأثيري على مسرح العمليات التشغيلي، وتقييم قدرات التنظيم الإرهابي (داعش) في العالم وحجم تأثيره في العراق... إذ إن إنهاء مهام التحالف الدولي سيكون مدخلاً استراتيجياً لانتقال البلاد نحو الاستقرار والتقدم والازدهار الاقتصادي، بدلاً من العسكرة والتعبئة لمكافحة الإرهاب، وبذلك نغلق فصلاً من التعاون مع التحالف الدولي امتد لعشر سنوات».

من جهة ثانية، قال علاوي إن «العراق اليوم أفضل بقابلياته القتالية واستعداداته العسكرية، لبناء القدرات وإعادة التنظيم للقوات المسلحة... في مرحلة بناء السلام التي أعطت خبرةً وتمرساً كبيراً لمهارات القوات المسلحة العراقية في القتال وفرض القانون ومواجهة الإرهاب والتطرف العنيف». وأشار إلى أن «النظر إلى الدولة الطبيعية في الوضع العراقي... أمر مهم جداً في هذه اللحظة التاريخية، التي ينتظرها الشعب العراقي من أجل التركيز على بناء مصدّات أمنية فعالة للسيطرة على مكامن الإرهاب وتفكيكها وتفكيك البؤر الاستراتيجية والعقد الجغرافية التي تحتضن فلول التنظيم الإرهابي (داعش)». ولفت إلى أنه مع كل محاولات الفصائل المسلحة ثني السوداني عن استكمال إجراءاته في تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة، أو على صعيد فرض الهدنة مع الفصائل، فإن واشنطن بدتْ هي الأخرى جادة في التعامل مع تلك الفصائل بما لا يؤدي الى إفساد مهمتها في العراق والمنطقة.

واشنطن جادة

أما الدكتور عصام فيلي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، فقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الواضح أن الولايات المتحدة جادة في توجيه الضربات، لكن هذا الأمر يخضع في النهاية لعدة آراء داخل الإدارة الأميركية. إذ هناك من يَرى أن القصف الذي حصل للموقع الحدودي الأردني ـ السوري نفذه وكلاء إيران في المنطقة، وبالتالي، لا ينبغي أن تكون الضربة في العمق الإيراني كجزء من رغبة أميركية في أن لا يتوسع نطاق المواجهة».

ورداً على سؤال بشأن موقف الحكومة العراقية، ذكر فيلي أن «الحكومة العراقية، في إطار المعالجة، كانت قد رتّبت الأمر في ما يتعلق بالتحالف الدولي، وعبر اللجنة الثنائية التي جرى تفعيلها. لكن من ضمن قوات التحالف الدولي هناك الولايات المتحدة الأميركية التي لدى العراق معها اتفاقية، وهي التي تنص على إبلاغ أحد الطرفين في حال أراد أحدهما إنهاء الاتفاقية. ولذلك تم تشكيل اللجنة مع أن الضربة وقعت بعد 24 ساعة من بدء عمل اللجنة».

وبشأن تنظيم العلاقة بين واشنطن وبغداد، يرى فيلي أن «إعادة تفعيل عمل اللجنة الثنائية العليا بين العراق والولايات المتحدة الأميركية يعني أن الحكومة سائرة في نهجها في معالجة القضايا العالقة بين العراق وأميركا عبر آليات الحوار... في محاولة للتخفيف من حدة الضغط الذي تتعرض له الحكومة، بخاصة أن هذا الموقف جاء بناءً على مواقف القوى السياسية، بالذات (قوى الإطار التنسيقي) الشيعي التي ترى أن من الضروري مراعاة مصلحة العراق، بحيث تأخذ مساراً رسمياً بطريقة لا تثير حفيظة الأطراف الأخرى».

ثم تابع شارحاً: «ضمن هذا (الإطار)، أرى أن هذا النهج يسير بطريقة معقولة، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المطالب الرافضة للوجود الأميركي في العراق، والمطالبة بضرورة الانسحاب السريع. وفي مقابل ذلك هناك أطراف تريد بقاء القوات الأميركية، هم الكرد والسنة، الذين يرون أن أي محاولة للمعالجة السريعة غير البناءة يمكن أن تجر العراق إلى مساحات أخرى على الأصعدة المختلفة، في مقدمها البعد الاقتصادي والملفات الأخرى التي تحتاج إلى معالجات هادئة من دون فرض الإرادات من قبل هذا الطرف أو ذاك».

قوى «الإطار التنسيقي» تُظهر نفسها بأنها موحدةٌ داخل البرلمان بوصفها الغالبية...

إلا أنها في واقع الأمر تتكون من ثلاث قوى تتنافس مرة وتتصارع مرة



إنهاء مهام التحالف

!في السياق نفسه، عدَّ الدكتور إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخيارات أمام صانع القرار السياسي في العراق لإعادة التفاوض مع الأميركيين يمكن أن تبدأ بإنهاء مهام التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق. وربما يكون هذا التفاوض هو البداية للانطلاق نحو إعادة هندسة العلاقات بين واشنطن وبغداد». وأردف: «لكن الحكومة العراقية، حتى الآن، لا تملك رؤيةً واضحةً بشأن الاتجاه الذي يمكن أن تكون عليه العلاقات بين العراق وأميركا... هل هي علاقة صداقة أم شراكة استراتيجية أو تحالف، وإشكالية تحديد أي توصيف من هذه التوصيفات... هل هو من قرار الحكومة أم بعض الزعامات السياسية التي تسوّق نفسها على أنها معادية للأميركيين وترفض العلاقة معها بأي شكل كانت؟... هذه الإشكالية التي لم تتضح خيوط حلها لدى حكومة السوداني حتى الآن».

أما بشأن موضوع العقوبات على المصارف، فيرى العنبر أن «الخزانة الأميركية واضحة بشأن هذا الموضوع. إذ تعده مرتبطاً بتهريب الدولار إلى دول تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات. وعجز حكومة بغداد، تحديداً البنك المركزي العراقي، عن معالجة هذه المشكلة، هو السبب في العقوبات. ومن ثم فهذا الموضوع على امتداد أكثر من سنة هي عمر الحكومة، فشلت الحكومة في معالجته. وهذا الفشل في المعالجة لا يعطيها قوة في التفاوض بشأن هذا الموضوع». ومن ثم أوضح الأكاديمي العراقي «أن حكومة السوداني ممكن أن تنجح في إعادة رسم ملامح العلاقة مع واشنطن إذا تمكنت من إقناعهم بنقل العلاقة مع واشنطن من الجانب الأمني إلى الشراكة الاقتصادية».

في هذه الأثناء، ما بين رحلة السوداني إلى واشنطن وبين زيارة إردوغان الى بغداد، يبدو «حصاد» محمد شيّاع السوداني مستمراً لجهة ترسيخ أقدامه أمام خصومه وتقوية موقفه بالتزامن مع ما بات يحظى به من تأييد شعبي. ولكن في حين تمكن السوداني في واشنطن، خلال زيارته التي استغرقت 6 أيام، من حسم الكثير من النقاط العالقة بين البلدين، والتوقيع على عشرات الاتفاقات مع الحكومة الأميركية على صعيد عقود التسليح ومع الشركات الأميركية بشأن العديد من الميادين والفرص الاستثمارية في العراق، فإن الملفات التي كان حملها الرئيس التركي معه إلى بغداد ملفات مختلف عليها بين مختلف الأوساط العراقية.والواقع، أن المتغير المهم على صعيد العلاقات العراقية - الأميركية هو الموقف من الفصائل المسلحة التي تنادي بانسحاب كامل لما تبقّى من قوات أميركية في العراق تصنفهم بغداد بأنهم «مستشارون». وفي المقابل، المتغير الأهم في العلاقة بين بغداد وأنقرة هو الموقف من «حزب العمال الكردستاني» المختلف على توصيفه في العراق.

حقل كورمور للغاز بمحافظة السليمانية في كردستان العراق (رويترز)

الظاهر والخفي... في علاقات بغداد مع واشنطن

قبل أن تحط طائرة رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني في قاعدة إندروز الجوية بولاية ماريلاند الأميركية، كانت كل القوى السياسية والبرلمانية العراقية أعلنت تأييدها، ليس للزيارة وحسب... بل أيضاً لمخرجات تلك الزيارة قبل أن يبدأ رئيس الوزراء مباحثاته في اليوم التالي مع المسؤولين الأميركيين. ذلك أن البرلمان العراقي، المكوّن من 329 نائباً، أصدر بياناً أعلن فيه تأييده لزيارة السوداني. وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعي أصدرت بياناً أيّدت فيه مقدماً الزيارة ومخرجاتها. وأيضاً «ائتلاف إدارة الدولة»، الذي هو الكتلة البرلمانية الأكبر الداعمة للحكومة، أصدر هو الآخر بيان تأييد مما يعني أن السوداني وقبيل لقائه مع الرئيس الأميركي جو بايدن بات يحظى بإجماع عراقي شامل. إلا أن ما خفي من بعض الأمور كان مختلفاً عن ظاهرها، بما في ذلك هدنة الفصائل المسلحة مع القوات الأميركية، وما تعرّض له حقل كورمور الغازي في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق من قصف بطائرة مسيّرة بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بغداد بأيام قلائل. إذ وضع هذا الأمر مزيداً من علامات الاستفهام حيال ما يجري. وفي حين بدت عملية قصف حقل كورمور الغازي وكأنها جزءٌ من مساعي تقويض الأمن، فإنها من جهة أخرى تبدو جزءاً من عملية تصفية الحسابات في الداخل العراقي بين عدة أطراف تتداخل فيها المصالح وتتشابك مع أطراف خارجية، لا سيما تركيا وإيران، بخاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار طبيعة التصريحات والتصريحات المضادة لبعض الأطراف... من بينها أطراف كردية. ولكن ما أعلنه رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني خلال اجتماع «ائتلاف إدارة الدولة» الذي عُقد في القصر الحكومي ببغداد، والذي خصّص لمناقشة زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن وزيارة إردوغان إلى بغداد، هو أن الأجهزة الأمنية العراقية توصلت إلى خيوط أولية بشأن الجهة المتورطة في قصف الحقل الغازي في السليمانية. ومع أن السوداني ترك النهايات مفتوحةً بانتظار ما يمكن أن تسفر عنه النتائج، فإن ما أعلنه بدا رسالةً مبطنةً إلى الجهة المتورطة بالقصف، مضمونها أن الدولة العراقية تعرف هوية هذه الجهة بصرف النظر عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها ضدها الآن أو في المستقبل.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.