خصوصية الكويت بعد الأحداث و«المتلازمة الثلاثينية»

الدكتور عبد الله سهر (الشرق الأوسط)
الدكتور عبد الله سهر (الشرق الأوسط)
TT

خصوصية الكويت بعد الأحداث و«المتلازمة الثلاثينية»

الدكتور عبد الله سهر (الشرق الأوسط)
الدكتور عبد الله سهر (الشرق الأوسط)

> ليست الكويت وحدها التي تعيش تداعيات التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، بل يشمل ذلك جميع دول المنطقة. لكن الكويت لها خصوصيتها من حيث إنها خلال هذه الفترة تمرّ في انتقال سياسي داخلي بعد انتخابات مجلس الأمة التي حدثت بتاريخ 4 أبريل (نيسان) 2024.

ولا شك أن الكويت كبقية الدول الخليجية تتأثر بوقائع السياسة الإقليمية والدولية التي تشهد هي الأخرى اضطرابات كبيرة تمتد من المسرح العسكري في الحرب الروسية الأوكرانية إلى الحرب الفلسطينية - الإيرانية - الإسرائيلية، وكذلك في المسرح الاقتصادي العالمي الممتد من المواجهة بين الصين والولايات المتحدة على رقعة التجارة العالمية البحرية والبرية والمالية. وما يتوّج تلك الأحداث هو الهجوم الصاروخي الذي شنّته إيران على إسرائيل، والذي يعدّ أيضاً من ملامح تصاعد دخان المعارك في المنطقة منذرةً بـ«بسيناريوهات» متعددة ومعقدة.

إذن، هناك أحداث ساخنة تحيط بالكويت من الداخل والخارج، ما يجعلها من أكثر الدول حساسية وتأثراً في المنطقة الخليجية الاستراتيجية.

الحقيقة، لم تكن هذه الظروف الأولى من نوعها، حيث تجتمع متغيرات وتحديات داخلية وخارجية تحيط بالكويت، بل هي متكررة على مدى أكثر من 100 سنة منذ أن تقلد الشيخ مبارك الصباح الحكم عام 1896 حين شهدت الكويت مشكلات داخلية، وأحاطت بالمنطقة تحديات خارجية، تمثلت في تصاعد حدة الصراع بين بريطانيا والدولة العثمانية وحلفائهم الميدانيين في هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة.

ثم تكررت الأحداث الداخلية والتحديات الخارجية في حقبة الثلاثينات من القرن الماضي منذ طالبت الحكومة الملكية العراقية بالكويت إلى عام 1938 حين حدثت المواجهة بين مجلس الشورى وحاكم الكويت حينها الشيخ أحمد الجابر. ومن ثم، تكررت في بداية الستينات عندما استقلت الكويت، وسرعان ما واجهت تهديدات عبد الكريم قاسم بضمّها إلى العراق، وبروز الدعوات لوضع النظام الدستوري والبرلماني. ثم عاودت المشكلات الداخلية والتحديات ذاتها الظهور عام 1990، وتمثلت في أحداث «دواوين الاثنين» ومطالباتها بعودة الديمقراطية، والتحدي الخارجي الذي تمثل في العدوان العراقي على الكويت، وفي الوقت الراهن تعاود المشكلات الداخلية والتحديات الخارجية تكرار نفسها بشكل مختلف. والملاحظ مما تقدم أن هذه الأحداث تتكرر كل 30 سنة تقريباً... وبالتالي، يصدق وصفها بـ«متلازمة الكويت الثلاثينية».

لكن في المقابل، من الخبرات الماضية، استطاعت القيادة الكويتية أن تخرج من كل هذه التجارب إلى آفاق جديدة لتنطلق إلى فضاء رحب جديد. وهذه المرة، الكويت على موعد للخروج من تلك الضغوط بفضل قيادتها الحكيمة والمتّزنة التي صنعت منها دولة مهمة وكبيرة، على الرغم من صغرها الجغرافي.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)
TT

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في المائة مقابل 33 في المائة للديمقراطيين المسيحيين، و15 في المائة للاشتراكيين، و11 في المائة لحزب «الخضر».

لكن اللافت أن الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي لا يحظى حتى الآن بنسبة كافية لدخوله البرلمان الفيدرالي، فتأييده يقف عند 4 في المائة فقط، علماً بأن القانون يشترط الـ5 في المائة حداً أدنى لدخول البرلمان. كذلك سقط حزب «دي لينكا» اليساري المتشدد دون عتبة الـ5 في المائة، إذ يسجل حالياً نسبة تأييد لا تزيد على 3 في المائة بعد انقسامه، وتأسيس زارا فاغنكنيشت حزبها الشعبوي الخاص، الذي لا يبدو أيضاً -حسب الاستطلاعات- أنه سيحصل على نسبة أعلى من 4 في المائة. بالتالي، إذا صدقت هذه الاستطلاعات، فإن أربعة أحزاب فقط ستدخل البرلمان المقبل من أصل سبعة ممثَّلة فيه اليوم. وسيقلص هذا الاحتمال الخليط المحتمل للمشاركة في الحكومة الائتلافية القادمة، بسبب رفض كل الأحزاب التحالف مع حزب «البديل لألمانيا» رغم النسبة المرتفعة من الأصوات التي يحظى بها. وعليه، قد يُضطر الديمقراطيون المسيحيون إلى الدخول في ائتلاف مع الاشتراكيين و«الخضر» مع أنهم يفضلون أصلاً التحالف مع الليبراليين الأقرب إليهم آيديولوجياً.