لوران غباغبو... رئيس كوت ديفوار السابق الطامح للعودة إلى الأضواء

يسعى مجدداً للسلطة رغم «عدم أهليته» قانونياً

عام 2002 اتُّهم أنصار غباغبو بتنفيذ هجمات معادية للأجانب في المناطق التي يسيطرون عليها وكذلك ضد أولئك الذين يتحدرون من الشمال ذي الغالبية المسلمة
عام 2002 اتُّهم أنصار غباغبو بتنفيذ هجمات معادية للأجانب في المناطق التي يسيطرون عليها وكذلك ضد أولئك الذين يتحدرون من الشمال ذي الغالبية المسلمة
TT

لوران غباغبو... رئيس كوت ديفوار السابق الطامح للعودة إلى الأضواء

عام 2002 اتُّهم أنصار غباغبو بتنفيذ هجمات معادية للأجانب في المناطق التي يسيطرون عليها وكذلك ضد أولئك الذين يتحدرون من الشمال ذي الغالبية المسلمة
عام 2002 اتُّهم أنصار غباغبو بتنفيذ هجمات معادية للأجانب في المناطق التي يسيطرون عليها وكذلك ضد أولئك الذين يتحدرون من الشمال ذي الغالبية المسلمة

طامحاً في العودة إلى الأضواء بعد سنوات السجن، يسعى رئيس كوت ديفوار السابق لوران غباغبو إلى الترشح لرئاسة البلاد في الانتخابات المقرر عقدها العام المقبل، وهذا رغم «لا أهليته» كونه سبق الحكم عليه بالسجن في اتهامات بـ«السرقة». ويسعى الرئيس السابق (79 سنة) إلى الصعود مرة أخرى إلى قمة السلطة في البلد الواقع غرب أفريقيا، بعد مراحل هبوط وصعود وسمت حياته السياسية، وحولته من معارض إلى رئيس ومن ثم إلى سجين. وفي العاشر من مارس (آذار) الحالي، أعلن حزب «الشعوب الأفريقية - ساحل العاج» المعارض، موافقة غباغبو على الترشح في الانتخابات الرئاسية المتوقع إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، ما أثار تساؤلات حول إمكانية تحقيق ذلك قانونياً، وما إذا كان الرئيس السابق الذي لم يتمكن من الإدلاء بصوته في الانتخابات المحلية التي جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، قادراً بالفعل على المنافسة على كرسي الحكم، لا سيما أن حزبه فشل في الفوز في الانتخابات المحلية وطعن في نتائجها.

على الرغم من أن لوران غباغبو، الذي حكم كوت ديفوار في الفترة من عام 2000 وحتى عام 2011، برأته المحكمة الجنائية الدولية عام 2019، من اتهامات بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» إبان أحداث العنف الدموية التي أعقبت الانتخابات في 2010 و2011، فإنه أدين في بلده عام 2018، بتهمة «سرقة» البنك المركزي لدول غرب أفريقيا عام 2011، وحكم عليه بالسجن لمدة عشرين سنة.

بيد أن غباغبو لم ينفذ العقوبة، وذلك لكون الرئيس الحالي لكوت ديفوار الحسن واتارا أصدر عام 2022 قراراً بالصفح عنه، الأمر الذي جنبه السجن لكنه لم يلغ العقوبة.

جدير بالذكر، أنه بموجب القانون في كوت ديفوار «لا يحق لأي شخص محكوم أن يترشح للانتخابات». لكن على ما يبدو، فإن لدى حزب الرئيس السابق، «حزب الشعوب الأفريقية - ساحل العاج»، رأياً آخر؛ إذ أعلن عزمه عقد «مؤتمر استثنائي لتسمية غباغبو مرشحاً رسمياً». وعدّ الانتخابات الرئاسية والاستحقاقات الانتخابية الأخرى خلال عام 2025 «أولوية».

ليس هذا فحسب، بل أشار الحزب أيضاً إلى أنه «سيسعى إلى إعادة تسجيل اسم غباغبو على لائحة الانتخابات»، بعدما جرده الحكم الصادر في 2018 من حقوقه المدنية والسياسية، وبالتالي شطب اسمه من اللوائح الانتخابية.

خلفية شخصية

ولد لوران غباغبو يوم 31 مايو (أيار) 1945، لعائلة كاثوليكية كانت تعيش في قرية ماما، القريبة من بلدة غانيوا بوسط غرب كوت ديفوار. وهي منطقة اشتهرت بزراعة الكاكاو.

بعدها تلقى تعليماً كلاسيكياً واختار المجال الأكاديمي لا سيما، بحصوله على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة باريس - السوربون، حيث كان أقرانه يلقبونه بـ«شيشرون»، (الفيلسوف والخطيب الروماني)، بسبب حبه للغة اللاتينية إبان فترة دراسته. وبالفعل، بدأ حياته المهنية محاضراً جامعياً، وسُجن لمدة سنتين في عام 1971 بتهمة «التدريس الهدام». وكان اسمه الحركي، وقتها، «الأخ الأصغر». أما على الصعيد العائلي، فغباغبو أب لابنتين من زوجته سيمون، وابن من زواج أول بسيدة فرنسية، اسمه ميشال هو كاتب ونائب عن «الجبهة الشعبية لساحل العاج».

نقابات ويسار

عبر الحركة النقابيّة خطا غباغبو أولى خطواته السياسية، مكرّساً اسمه بوصفه معارضاً سياسياً يسارياً دخل في مواجهات مع السلطة أدت إلى سجنه.

وفي الثمانينات من القرن الماضي، شارك في النشاط النقابي بين الأكاديميين. وكان من أوائل الذين تحدّوا الرئيس المؤسس لساحل العاج «أبو الأمة» فيليكس هوفويت بوانيي، من خلال تأسيسه سراً حزب «الجبهة الشعبية» في نظام دولة الحزب الواحد التي يرأسها بوانيي، ما أدى إلى سجنه ثم نفيه إلى فرنسا عام 1982.

بعد ست سنوات عاد غباغبو إلى كوت ديفوار، وعام 1990 بدأ العمل السياسي علناً، مع ظهور نظام التعددية الحزبية الذي حارب من أجله، ودشن حزب «الجبهة الشعبية الإيفوارية». وفي حينه، واجه بوانيي في أول انتخابات تعدّدية عرفتها البلاد عام 1990، إلا أنه خسر.

المعارض رئيساً

ولكن، بعد 20 سنة أمضاها في مقعد المعارضة، وصل لوران غباغبو إلى السلطة، مع انتخابه رئيساً يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2000. ولقد جاء فوزه في ظل ظروف «كارثية» باعترافه؛ إذ ملأت الاحتجاجات شوارع أبيدجان، في أعقاب فوزه على الجنرال روبير غيي، الذي قاد انقلاباً عسكرياً في ديسمبر (كانون الأول) 1999، ورفض أن يعترف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية.

وهكذا، دخلت كوت ديفوار في مرحلة من العنف السياسي عقبت تلك الانتخابات، التي استُبعد منها الرئيس الحالي (الذي كان وقتها رئيساً للوزراء) الحسن واتارا، كما استبعد الرئيس الأسبق للبلاد هنري كونان بيدييه، الذي أطاح به الجنرال غيي.

استمرّت أحداث العنف، وفي سبتمبر عام 2002، شهدت كوت ديفوار حركة «تمرد» للإطاحة بغباغبو، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، وإن استطاعت فرض سيطرتها على شمال البلاد.

يومذاك، كان غباغبو يرى أن «واتارا يقف خلف ذلك التمرد». وفي مواجهة المتمردين، اعتمد غباغبو على جماعة «الوطنيين الشباب»، الذين أشعلوا النار في الشوارع.

ومن ثم، بعد انتخابه رئيساً، قال غباغبو إنه سيكسر تقليد «عبادة الحاكم»، مشدداً على أنه «لم يعد من الضروري وضع صور الرئيس في الأماكن العامة والمكاتب». وأضاف أن «وسائل الإعلام الوطنية لن تضطر بعد الآن إلى ذكر الرئيس في جميع البرامج الإخبارية».

غير أن العكس حدث، ففي أثناء وجود غباغبو في السلطة، سلطت معظم نشرات الأخبار الضوء على الأنشطة اليومية التي يمارسها الرئيس.

من جهة ثانية، خلال تاريخه السياسي اتخذ غباغبو موقفاً قومياً معادياً للأجانب، حتى اتُّهم بـ«ركوب موجة كراهية الأجانب» التي اجتاحت البلاد إبان حكم الرئيس الأسبق كونان بيدي، الذي أعلى من مفهوم «الإيفواريين»، لمنع واتارا - وهو مسلم له روابط عائلية وإثنية مع بوركينا فاسو المجاورة - من الترشح للانتخابات الرئاسية في التسعينات من القرن الماضي.

الحرب الأهلية الثانية

وعندما اندلعت أحداث العنف في كوت ديفوار، أو ما يعرف بـ«الحرب الأهلية الثانية»، عام 2002، اتُّهم أنصار غباغبو بتنفيذ هجمات معادية للأجانب في المناطق التي يسيطرون عليها، وكذلك ضد أولئك الذين يتحدرون من الشمال ذي الغالبية المسلمة، والمهاجرين من الدول الأفريقية المجاورة والغربيين.

في حينه قسم التمرد كوت ديفوار إلى نصفين مع سيطرة المتمردين على شمال البلاد، مع العلم أن قوات غباغبو لم تتمكن قط من استعادة السيطرة على الشمال. وهكذا، عام 2007، وقّع غباغبو اتفاق سلام مع المتمردين.

من الرئاسة إلى السجن

وكما رفض الجنرال غيي من قبل الاعتراف بخسارته الانتخابات أمام غباغبو، فعل الأخير الشيء نفسه، عندما رفض الاعتراف بفوز الحسن واتارا في الانتخابات الرئاسية عام 2010. غير أن واتارا، الذي كان يُنظر إليه دولياً على أنه الفائز في الانتخابات التي أجريت قبل خمسة أشهر، استطاع بدعم حلفائه المتمردين وبمساندة فرنسا، إجبار غباغبو في أبريل (نيسان) 2011، على التنحي عن منصبه، بل أُلقى القبض عليه في مخبأ بالقصر الرئاسي عبر قوات الأمم المتحدة والقوات المدعومة من فرنسا.

أدى الصراع على السلطة في ذلك الوقت إلى مقتل نحو 3000 شخص. وللعلم، كان غباغبو يزعم أن «النزاع حول رئاسة البلاد هو في الأصل صراع من أجل السيادة الإيفوارية والأفريقية». ومن ثم اتهم فرنسا والولايات المتحدة بالوقوف ضده. وكان يقول إن «كوت ديفوار أمة باركها الله، وإن المستعمرين الجدد يريدون السيطرة عليها بسبب حقول الكاكاو والنفط».

في أي حال، سجن غباغبو في كورهوغو (شمال كوت ديفوار) أولاً، ثم نقل إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، حيث أصبح أول رئيس دولة سابق يحاكم هناك.

وخلال المحاكمة سعى إلى التأكيد على «نزاهته»، دافعاً بـ«مؤامرة» أدت إلى اعتقاله من قصر الرئاسة، تقف خلفها فرنسا، الدولة التي استعمرت كوت ديفوار سنوات حتى استقلالها عام 1960.

لكن حجة المؤامرة لم تفلح، وأيّد الاتحاد الأفريقي النتيجة التي توصلت إليها الأمم المتحدة بأن غباغبو خسر الانتخابات وعليه أن يتنحى.

وعام 2013، في أول تصريحات له عقب تنحيه عن السلطة، ادعى غباغبو، أمام المحكمة الجنائية الدولية أنه كان دائماً «يناضل من أجل الديمقراطية». ووفق الـ«بي بي سي» تكلم الرئيس السابق لنحو 15 دقيقة، وبدا «سياسياً واثقاً من نفسه، وليس شخصاً يواجه تهماً خطيرة». وكان أنصاره يتابعونه وينظرون إليه بإعجاب شديد خلال حديثه مع القضاة.

ومما قاله غباغبو للمحكمة إنه لم يكن الشخص الأكثر ثراء أو الأكثر موهبة، وإنه دخل عالم السياسة «لتكريس حياته للدفاع عن الديمقراطية».

بعد ذلك، عانى غباغبو من اضطرابات ما بعد الصدمة في السجن، لكن القضاة رفضوا في عام 2015 طلبه بالحصول على إفراج مؤقت لأسباب صحية. وظل في السجن إلى أن برأته المحكمة عام 2019. وهنا نشير إلى زوجة غباغبو، سيمون، سياسية أيضاً، ورآها كثيرون القوة المتشددة الحقيقية وراء زوجها، والسبب المباشر وراء منع زوجها من التخلي عن منصبه.

وحقاً، كانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرة اعتقال بحق سيمون أيضاً، لكن حكومة كوت ديفوار رفضت تنفيذها، مكتفية بإصدار حكم محلي عليها بالسجن 20 سنة؛ لدورها في أعمال العنف التي أعقبت انتخابات 2010.

ولاحقاً، في أغسطس (آب) 2018، أصدر الرئيس واتارا عفواً رئاسياً عن سيمون، في خطوة قيل إنها استهدفت «تعزيز المصالحة».

عودة لملعب السياسة

إبان فترة السجن خسر لوران غباغبو قيادة حزب «الجبهة الشعبية الإيفوارية» الذي أسسه سابقاً أمام حليف سابق له، لكنه «ظل يحتفظ بقاعدة كبيرة من المؤيدين». وحسب معلقين، «يجسد غباغبو القطيعة مع الإرث الاستعماري الفرنسي»، ما يجعله «يحظى بشعبية لدى الأجيال الشابة». كذلك ارتبطت شعبيته بمواقفه الصاخبة وشخصيته الخطابية.

وهذه الشعبية بدت واضحة في الاستقبال الحافل الذي حظي به عقب عودته إلى البلاد عام 2021، بعد غياب استمرّ عشر سنوات، لا سيما في قريته ماما، وفي أحياء الطبقة العاملة في أبيدجان، كبرى مدن البلاد وقاعدتها الكبرى، بما فيها معقله يوبوغون.

وإثر العودة دشن السياسي المخضرم، فور عودته إلى كوت ديفوار، «حزب الشعوب الأفريقية - ساحل العاج». وأبدى رغبته في المشاركة في الحياة السياسية، ما عُدّ إشارة إلى أنه «لا يرغب في الانتقام»، بل بالعكس يسعى لـ«المصالحة الوطنية» في بلد لا يزال يمزقه العنف السياسي العرقي الذي صبغ تاريخه في السنوات الـ20 الماضية.

على المستوى الشخصي عرف غباغبو بأنه «سريع الغضب»، ولا سيما ضد من كان يصفهم بـ«الصحافيين المتغطرسين»، لكنه في المقابل اشتهر بابتسامة عريضة وضحكة سهلة عفوية، وقدرة على التواصل الفطريّ مع الناس، كما عرف بمصافحاته القوية. ومن جوانب شخصيته أنه يعشق الموسيقى والطعام الجيد. ما لقب في قريته بـ«أسد أفريقيا»، و«وودي ماما»، وهي عبارة تعني «رجلاً حقيقياً» بلغة مجموعته العرقية «البيتي».

اليوم، يعود غباغبو، الذي خاض من قبل حملته الانتخابية تحت شعار «إما ننتصر وإما ننتصر»، إلى الساحة السياسية لاعباً عنيداً، يطرح نفسه «مدافعاً عن المظلومين»، و«اشتراكياً مسالماً»، لكن خصومه يتهمونه بأن له «صلات بجماعات عنف مسلح»، وأنه زعيم كان مستعداً لتدمير بلاده من خلال رفض قبول الهزيمة في صناديق الاقتراع.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».