حرب لبنان اقتربت... وتوقيتها رهن نتائج غزّة

على وقع التهديدات الإسرائيلية... ورغم تردّد إيران

جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
TT

حرب لبنان اقتربت... وتوقيتها رهن نتائج غزّة

جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)

دخلت إسرائيل و«حزب الله» اللبناني في وضع اشتباك يومي مستمر، هو الأول من نوعه منذ انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006. وعلى الرغم من هذا الوضع، لم تؤدِ الاختراقات التي تحصل - حتى الساعة - إلى مواجهة شاملة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ويرى المتابعون والمحللون أن اشتعال الجبهة يبقى رهن تطوّرات معركة غزّة والنتائج التي ستخلص إليها. وحالياً، تتقاطع تقديرات على أن «سيناريو الحرب مع لبنان ما زال قائماً، بل ارتفعت حظوظه بعدما أعادت إسرائيل النظر في سياستها الدفاعية إثر عملية (طوفان الأقصى)، ورفضها العودة لإدارة الصراع وفق المعادلة التي كانت معتمدة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

تخطّت إسرائيل خلال الأيام الماضية «الخطوط الحمراء» التي رسمها الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، وحذّر من أن تجاوزها سيشعل الجبهة على نطاق واسع، وأهمها تنفيذ عمليات خارج «قواعد الاشتباك» واستهداف مدنيين لبنانيين، والتقدّم العسكري في غزّة.

غير أن نصر الله لم ينفّذ تهديداته رغم الأثمان الباهظة وخسارته 75 من مقاتليه في الجنوب. وفي هذا الإطار، ثمة مَن يرى وجود عوامل تضغط على «حزب الله» كي لا يذهب بعيداً، منها أن إيران – كما يبدو – لا تريد فتح جبهة جديدة، قبل أن تتوضّح صورة الحرب في غزّة.

وهنا يرى النائب السابق علي درويش، المقرّب من رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أن «اللقاءات والاتصالات التي أجراها رئيس الحكومة ميقاتي قبل القمّة العربية وخلالها حصّنت لبنان نسبياً من الانزلاق إلى الحرب، لكن لا ضمانات ثابتة لتحاشي الوقوع في المحظور».

ويؤكد درويش لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه، أن رئيس الحكومة «ناقش خلال اللقاءات التي عقدها أخيراً مع قادة عرب ومسؤولين دوليين موقف لبنان الرسمي والشعبي، وأبلغ الجميع أنه لا مصلحة لأحد بتوسيع رقعة الصراع، لأن نتائجه ستكون كارثية على المنطقة، لكن ذلك لن يمنع لبنان من الدفاع عن نفسه بوجه الاعتداءات الإسرائيلية». وأشار، من ثم، إلى أن «الدول المعنية بما يحصل بدت متفهمة للموقف اللبناني، ولمطالبة الرئيس ميقاتي بلجم التهور الإسرائيلي... لكنها لم تقدم ضمانات دائمة».

ضربة استباقية

من ناحية ثانية، صحيح أن الخطابين، اللذين ألقاهما الأمين العام لـ«حزب الله» خلال الأسبوعين الماضيين، اتسما بنبرة هادئة، غير أنّهما لم يبددا القلق من إمكانية استمرار التصعيد في الجنوب، بما ينذر بتدحرج الأمور. ولا يستبعد الدكتور سامي نادر، مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية» في بيروت، احتمال نشوب الحرب مع لبنان نتيجة الغليان العربي بسبب الكارثة الإنسانية التي تشهدها غزّة وارتفاع عدد الضحايا. ويوضح نادر لـ«الشرق الأوسط» أن «المقلق بالنسبة لنا يكمن في إعادة تقويم إسرائيل للموضوع الأمني والهلع الذي يعيشه سكان المستوطنات الشمالية والتأثيرات النفسية لعملية (طوفان الأقصى) عليهم، وكيف يتخيّل هؤلاء أن (حزب الله) سيدخل مناطقهم كما حصل في مستوطنات غلاف غزّة». وأردف نادر أن إسرائيل «دخلت مرحلة إعادة النظر بكل سياستها الدفاعية وعقيدتها الأمنية»، متوقفاً عند ما سرّب عن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من «احتمال توجيه ضربة استباقية للبنان، غير أن التدخل الأميركي ما زال يلجم هذا الاحتمال حتى الآن».

المواجهة الكبرى

في هذه الأثناء، لا يكتفي المسؤولون الإسرائيليون بالتهديدات العسكرية، بل إنهم يمارسون حرباً نفسيّة ضدّ الشعب اللبناني. وبالفعل، تكاد لا تخلو تصريحات بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ورئيس الأركان من التلويح بضرب البنى التحتية اللبنانية وقصف العاصمة بيروت، إذا ما نفّذ «حزب الله» وعده بضرب تلّ أبيب ومواقع استراتيجية في العمق الإسرائيلي. وحول هذا الأمر، قال الدكتور رياض قهوجي، مدير «مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري» في حوار مع «الشرق الأوسط» شارحاً أن «فرضية اندلاع الحرب بين لبنان وإسرائيل ما زالت قوية جداً وقابلة للاشتعال بأي لحظة».

ويتابع قهوجي مشدداً على أنه «طالما هناك قصف يومي على الحدود بين لبنان وإسرائيل، فإن احتمال وقوع الخطأ الذي يؤدي إلى الانزلاق نحو الحرب ومواجهة كبرى يبقى قائماً». ثم يستطرد: «لا يمكن أن تكون هناك عمليات قصف يومية ونتوقع أن تبقى الأمور تحت السيطرة».

وفق رأي قهوجي، فإن «(حزب الله)، ومثله إسرائيل، خرقا قواعد الاشتباك التي كانت سائدة منذ انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006... وهذا يحصل عندما يجد أحدهما نفسه متألماً من ضربات العدو». كذلك لفت إلى أن «(حزب الله) وجّه ضربات قاسية لإسرائيل باستهدافه مواقعها المكشوفة، من واقع قدرته على مراقبة تحركات الجنود الإسرائيليين، وقتل عدد منهم، وهذا أمر موجع للإسرائيلي».

تثبت موازين القوى

في أي حال، «لن تكون مرحلة ما بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كما قبلها»، على حدّ تعبير بعض المتابعين لتطورات الحرب على جبهتي عزّة ولبنان. إذ إن الجيش الإسرائيلي، الذي تلقى الضربة الأقوى منذ تأسيسه، سيسعى إلى استعادة صورته التي تهشّمت أمام مجتمعه. وضمن هذا الإطار يشدد الدكتور سامي نادر على أن «ثمّة قناعة لدى القيادتين السياسية والعسكرية في تلّ أبيب، بأنه لا يمكن العودة لإدارة الصراع كما كان في السابق، وهذا يضع على الطاولة إعادة حسم الملفات الأمنية بالقوة... من هنا يأتي تحذير الداخلي والخارجي لـ(حزب الله) بعدم الوقوع في الفخّ الإسرائيلي».

ثم يلفت نادر إلى أن إيران «ليست لها مصلحة بالانخراط في الحرب، لأنها تجد نفسها الآن رابحة بالنقاط، وهي تسعى الآن لوقف إطلاق النار وتثبيت موازين القوى التي كانت سائدة قبل 7 أكتوبر الماضي».

وفي حين تكثر الأسئلة عمّا ستقدم عليه إيران في حال نجحت إسرائيل في القضاء على حركة «حماس» في غزّة، وما إذا كانت ستستخدم جبهة لبنان عبر تدخّل واسع من قبل «حزب الله»، يعتقد الدكتور نادر أن إيران «غير مستعدّة للتضحية بـ(حزب الله) حتى لو خسرت (حماس) الحرب». إلا أنه استدرك قائلاً: «قد تضحّي إيران بالحزب في حالة واحدة، هي إذا أضحت طهران نفسها تحت النيران، وذهب (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو بعيداً باتجاه توجيه ضربات عسكرية قوية داخل إيران... ولكن حتى الآن لا يزال الرئيس الأميركي جو بايدن يلجم هذه الاندفاعة الإسرائيلية».

القوّة المُفرطة

على صعيد موازٍ، تدرك إسرائيل أن الحرب على الجبهة الشمالية ليست نزهة، وكلفتها ستكون مضاعفة مقارنة مع معركتها في غزّة، إلّا أن الإسرائيليين ربما يتقبّلون دفع الأثمان بدل البقاء في قلقٍ دائم. وهذا بالذات ما تطرقت إليه تقارير ودراسات أعدّها صنّاع القرار في تلّ أبيب.

وفي هذا الصدد، يلاحظ الدكتور رياض قهوجي أن «الجيش الإسرائيلي يسعى لاستعادة هيبته بعد عملية (طوفان الأقصى)، ويلجأ إلى الإفراط باستخدام العنف والمبالغة بالردّ وارتكاب المجازر بحق المدنيين في غزّة، لكن مشكلته الكبرى تبقى على الحدود الشمالية، إذ إنه لم يستطع حتى الآن التعامل معها... وهذه المخاوف تتزايد لدى سكان المستوطنات الشمالية، الذين يرفضون العودة إليها طالما أن خطر (حزب الله) ما زال موجوداً». وهنا يشدّد قهوجي على أن «هذه المخاوف بدأت تدفع بالإسرائيليين إلى المطالبة بإنهاء وجود الحزب كشرط أساسي لعودتهم إلى هذه المستوطنات».

السيناريو الأسوأ

وما يستحق الإشارة هنا، أنه منذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، أخلى الجيش الإسرائيلي أكثر من 10 آلاف إسرائيلي من المستوطنات الواقعة بالقرب من غلاف غزّة إلى مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر جنوب إسرائيل، وأيضاً أخلى 60 ألف مستوطن من المجمعات القريبة من الحدود مع لبنان إلى الداخل الإسرائيلي.

وحسب رأي قهوجي، فإن «قلق المستوطنين من العودة إلى مناطقهم في الشمال قد يدفع إسرائيل للقيام بعمل عسكري كبير مع (حزب الله)، فور انتهاء المعركة في غزة»، محذراً من أنه «قد نجد أنفسنا أمام هذا السيناريو عندما تشعر إسرائيل أنها باتت تسيطر على الوضع في غزة».

الحرب المدمّرة

أيضاً حول الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال جولته الأخيرة على الجبهة الشمالية مع لبنان، من أن «(حزب الله) يقترب من ارتكاب خطأ كبير، سيؤدي إلى تحويل بيروت إلى غزة ثانية». وتابع غالانت: «أقول لمواطني لبنان إن (حزب الله) يجرّ لبنان إلى حرب قد تندلع، وهو يرتكب الأخطاء... وإذا ارتكب هذه الأخطاء هنا فمن سيدفع الثمن، أولاً هم مواطنو لبنان، وما نقوم به في غزة نعرف كيف نكرره في بيروت». ثم تابع مهدّداً أن الطيارين الإسرائيليين «يجلسون داخل قمرات الطائرات المتأهبة للتوجه شمالاً، ولدينا كل ما يلزم لنفعل نفس ما نقوم به في الجنوب».

صحيح أن تهديدات غالانت هذه تأتي في سياق الحرب النفسية على الشعب اللبناني، بيد أنها قد تتحوّل إلى أمرٍ واقع، من هنا يجمع الخبراء العسكريون على أن الحرب المحتملة ستكون حرباً مدمّرة، بالنظر للسلاح المتطور الذي سيستخدمه الجانبان، أي إسرائيل و«حزب الله». ولذا ينبّه قهوجي إلى أن «(حزب الله) سيستخدم كل الأسلحة الاستراتيجية المتوافرة لديه من صواريخ دقيقة ومسيرات ومدافع، وربما سلاح دفاع جوّي». ويلفت إلى أن «إسرائيل ستلجأ إلى كثافة القصف الجوي والأحزمة النارية كالتي تستخدمها في غزة، بالإضافة إلى تدمير المجمعات السكنية والمباني وضرب البنى التحتية اللبنانية وارتكاب المجازر، واستخدام سياسة الأرض المحروقة».

عنصر المفاجأة

هذه الصورة السوداوية ترتسم في أذهان اللبنانيين الذين يشاهدون على مدار الساعة مجازر غزّة ومعاناة أبنائها وتدمير المستشفيات والمدارس ودور العبادة، ولذلك تعلو الأصوات التي تحذر «حزب الله» من الاستدراج إلى حرب كارثية.

ومجدداً، ينبّه قهوجي إلى أن إسرائيل «ستستفيد من الانقسامات اللبنانية حول الحرب، لتعزّز الانشقاق الداخلي وتزيد الضغط على الحزب، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني سيحمّله مسؤولية الانخراط في الحرب، وبالطبع، إسرائيل ستستغلّ ذلك، وتفاقم معاناة الشعب اللبناني».

تدرك إسرائيل أن الحرب على الجبهة الشمالية ليست نزهة وكلفتها ستكون مضاعفة مقارنة مع معركتها في غزّة

من جهة أخرى، يفترض مراقبو التطورات العمليات العسكرية على الجانبين اللبناني والإسرائيلي أن الدولة العبرية باتت أكثر جاهزية من أي وقت مضى لاحتمالات الحرب. ذلك أنها ما عادت تخشى عنصر المفاجأة الذي أنهكها في عملية «طوفان الأقصى»، بل تراقب أي تحرّك، ليس عند الخطّ الفاصل بينها وبين لبنان فقط، بل في القرى والبلدات اللبنانية القريبة من فلسطين المحتلّة. ولذا يذكّر قهوجي بأن «الجيش الإسرائيلي حشد أكثر من 200 ألف جندي على الجبهة مع لبنان، بالإضافة إلى إعلان تأهب كبير في سلاح الجوّ والقوة الصاروخية، أما السيناريو الأسوأ وفق التقديرات، فهو التوغّل الإسرائيلي في اجتياح برّي للبنان».

... والهجرة

أخيراً، تواجه الدولة العبرية راهناً معضلة هجرة الآلاف من أرضها إلى دولٍ أخرى. وتشير معلومات إلى أن أكثر من 230 ألف يهودي غادروا إسرائيل منذ عملية «طوفان الأقصى»، ويتوقع ارتفاع أعداد المغادرين مع استمرار الحرب على قطاع غزة، وتصاعد التوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان، والمواجهات المتواصلة في الضفة الغربية المحتلة.

وهنا يقول قهوجي: «إذا وقعت الحرب، لا سمح الله، فإن إسرائيل أعلنت استعدادها للدخول براً». ويتوقع أن «تلجأ إلى خلق واقع جديد في منطقة جنوب نهر الليطاني، لتكون هذه الحرب أكثر شراسة ودموية من حرب 2006، ولا سيما أن الإسرائيلي سيعمل على إعادة المستوطنين إلى مناطقهم في الشمال، ويثبت لهم أنه قادر على حمايتهم، كما أنه سيحاول استعادة الثقة بقدرة الجيش على الردع وحماية المجتمع الإسرائيلي وتشجيع الذين هاجروا من إسرائيل للعودة إليها مجدداً».

 

الرئيس نجيب ميقاتي (رويترز)

خطّة الدولة للمواجهة... «حبرٌ على ورق»

> في موازاة الجهود التي يبذلها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتجنيب لبنان خطر حرب إسرائيلية وتداعياتها المدمّرة، وضعت الوزارات والإدارات المتخصصّة موظفيها بجاهزية كاملة تحسباً لأي طارئ. إلا أن هذه الاستعدادات لا ترقى إلى مستوى الخطر الداهم، وتبقى من دون جدوى بغياب التجهيزات اللازمة.

وفي هذا الشأن، رأى رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان الوزير السابق محمد شقير خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن هذه التحضيرات «ما زالت حبراً على ورق... وإذا وقعت الحرب فليست لدينا ركيزة أساسية للوقوف عليها».

وأردف شقير أن «الناس ليست لديها الأموال لتكون قادرة على الصمود، كما أن التجار لا يملكون رأس المال الكافي لاستيراد البضائع والتخزين لفترة طويلة، ثم إن المواد المخزّنة في المستودعات لا تكفي لأكثر من شهر أو شهرين بأفضل الأحول، لكن الطامة الكبرى تكمن في شح المحروقات التي لا تكفي لأكثر من أسبوعين. وأعتقد أنه إذا فرض حصار بحري على لبنان فسنقع في الكارثة الكبرى، وعندها كلّ المصانع التي تحتاج إلى الفيول ستتوقف عن العمل».

وحقاً، الأضرار المتأتية عن انقطاع الفيول والمحروقات لا تقتصر على توقف المعامل والمصانع، بل ستعيق أيضاً حركة انتقال المواطنين بين المناطق، وستؤدي حتماً إلى انقطاع التيار الكهربائي. ويرى شقير - الذي شغل منصب وزير الاتصالات بين عامي 2018 و2019 - أن «الطامة الكبرى ستكون في انقطاع الاتصالات والعجز عن تشغيل مولدات الكهرباء في السنترالات الرئيسية ولدى شبكتي الهاتف الخلوي، ما قد يؤدي إلى عزل لبنان عن العالم».

الوزير السابق محمد شقير (الشرق الاوسط)

هذا، وتعقد الهيئات الاقتصادية راهناً اجتماعات أسبوعية بشكل منتظم لمواكبة التطورات والبحث في الخيارات المطروحة في ظلّ استقالة الدولة من مهمتها، أو إعلان عجزها عن التعاطي مع المستجدات لنقص الإمكانات المادية واللوجستية. ووفق شقير، فإن «الخطة التي وضعتها الدولة غير كافية للتعاطي مع الكارثة إذا وقعت، ويصعب تطبيقها في غياب التمويل. ثم إن أكثر من نصف سيارات الإسعاف التابعة للدفاع المدني وسيارات إطفاء الحرائق معطلة، والحكومة تقول إنها سترصد مبلغ 700 ألف دولار للدفاع المدني إذا وقعت الحرب، لكن المؤسف أن هذه الآليات تحتاج إلى ما بين شهر وشهرين لإصلاحها... فهل يعقل أن يرصد المبلغ عند وقوع الحرب؟».

ومن ثم يلفت الوزير السابق إلى أن «كل الآليات والمعدات العائدة للبلديات موضوعة خارج الخدمة، بينها بلدية بيروت التي تعدّ الكبرى والأكثر مسؤولية بين كل بلديات لبنان».

وإذا كان لبنان عاجزاً عن مواكبة الحرب، فكيف له أن يتعاطى مع نتائجها؟

هنا يذكر شقير أن «وضع لبنان في عام 2023 يختلف كلياً عما كان عليه في عام 2006، وبالتالي سيكون في أزمة كبيرة وغير محسوبة بعد الحرب». ويضيف أنه «خلال الحرب، قد تغلّب الدول الشقيقة والصديقة العامل الإنساني وتحاول مساعدة المدنيين عبر مؤسسات صحية ميدانية وأدوية وعلاجات للمرضى والمصابين، لكن السؤال الصعب، من سيعيد إعمار لبنان بعد الحرب؟... نحن الآن في وضع وظروف مختلفة عما كنّا عليه سابقاً».

 


مقالات ذات صلة

مايك هاكابي... سفير أميركا لدى إسرائيل «توراتي» ينكر وجود الشعب الفلسطيني

حصاد الأسبوع مايك هاكابي

مايك هاكابي... سفير أميركا لدى إسرائيل «توراتي» ينكر وجود الشعب الفلسطيني

كان من الممكن لسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أن يكون دبلوماسياً عادياً، بالكاد تحدث تصريحاته السياسية أثراً مهماً أو تلعب دوراً في كشف سياسات

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع الرئيس دونالد ترمب يقود حملة الجمهوريين ضد "قنون الرعاية الصحية"  - أوباما كير - (تلفزيون "آيه بي سي"

مواقف هاكابي نموذج لأميركا المحافظة الحالية

يؤمن مايك هاكابي بـ«التصميم الذكي» للوجود، ويرفض نظرية التطور الداروينية، كما ينكر خطر الاحتباس الحراري. عام 2004، نُقل عنه في برنامجه «أركنسو أسك»، وهو…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
حصاد الأسبوع من جلسات القمة العربية في بغداد (رويترز)

متغيرات إقليمية تهدد أوزان الأحزاب في موسم الانتخابات العراقية

أدت مجموعة من القضايا في العراق إلى تسخين الأجواء باكراً مع تحضير القوى السياسية لخوض الانتخابات المقبلة. وهذه الانتخابات تبدو مصيرية على كل الصعد،

حمزة مصطفى (بغداد)
حصاد الأسبوع لي جاي ميونغ

لي جاي ميونغ... الرئيس الكوري الجنوبي أمام تحدي إنقاذ الديمقراطية ومعركة الفساد

بعد ثلاث سنوات من التعرّض للهزيمة، نجح لي جاي ميونغ، مرشح «الحزب الديمقراطي» لمنصب الرئاسة في كوريا الجنوبية، في الفوز بأرفع منصب في البلاد. ويأتي انتخاب لي،…

براكريتي غوبتا ( نيودلهي)
حصاد الأسبوع صناعة السيارات في كوريا الجنوبية تواجه حرب واشنطن التجارية (نيوز1 كوريا)

العهد الجديد في كوريا الجنوبية أمام استحقاقات السياسة الخارجية

لم يُختبر لي جاي-ميونغ، رئيس كوريا الجنوبية الجديد، بعد فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، كونه لم يخض كثيراً في الشؤون الدولية إبان فترة عمله مسؤولاً محلياً.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

مايك هاكابي... سفير أميركا لدى إسرائيل «توراتي» ينكر وجود الشعب الفلسطيني

مايك هاكابي
مايك هاكابي
TT

مايك هاكابي... سفير أميركا لدى إسرائيل «توراتي» ينكر وجود الشعب الفلسطيني

مايك هاكابي
مايك هاكابي

كان من الممكن لسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أن يكون دبلوماسياً عادياً، بالكاد تحدث تصريحاته السياسية أثراً مهماً أو تلعب دوراً في كشف سياسات بلاده الخارجية، خصوصاً في أوقات الأزمات. لكن من يتابع صعود مسيرته وجذوره السياسية، يعثر على الأسباب التي دفعت به إلى واجهة الأحداث في خضم الحرب الإسرائيلية المندلعة مع إيران. فالجانب «التوراتي» في الرسالة الأخيرة التي وجهها هاكابي إلى الرئيس دونالد ترمب، لا يختصر أسباب صعوده إلى دائرة الضوء فقط، بل يكمن أيضاً في مجمل أفكاره التي أدت إلى اختياره سفيراً لدى إسرائيل في هذه المرحلة بالذات. وهي أفكار أقل ما يقال فيها إنها تحمل حقيقة رؤيته إلى معنى وجود دولة إسرائيل انطلاقاً من إيمانه بآيديولوجيا إنجيلية طهرانية، تدعو لتوفير الظروف المادية والتاريخية المواتية، تمهيداً لعودة ظهور «مسيح مخلص» على أرضها.

قبل تعيين مايك هاكابي سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل، تكلم صراحةً عن أن واشنطن ستُحدث تغييرات في الشرق الأوسط ذات «أبعاد توراتية»، معرباً عن دعمه خطة تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة.

الرجل معروف منذ زمن طويل بأنه أحد أعتى مؤيدي إسرائيل، وداعمي الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويكرّر أنه «لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية، بل هناك (يهودا والسامرة) - التسمية اليهودية التوراتية للضفة الغربية - ولا يوجد شيء اسمه استيطان غير قانوني، بل هناك مجتمعات وأحياء ومدن».

وبالفعل، يُعد هاكابي صهيونياً مسيحياً مُخلصاً، يعتبر من منطلق توراتي أن أرض إسرائيل «ملك للشعب اليهودي»، وكثيراً ما كان يُرشد الحجاج المسيحيين إلى إسرائيل منذ ثمانينات القرن الماضي. ومع ذلك، تتجنّب رحلات الحج التي كان يقودها زيارة مدينة بيت لحم، مسقط رأس المسيح (ع)، التي يسكنها الفلسطينيون بالكامل تقريباً.

أما إسرائيل الحديثة فقد وصفها هاكابي بـ«عظام يابسة تجسّدت»، مُنكراً وجود شعب فلسطيني، معارضاً قيام الدولة الفلسطينية، ورافضاً الهوية الفلسطينية بزعم أنها «أداة سياسية لمحاولة إجبار إسرائيل على التخلي عن الأرض»، ولذا دعم بشدة حربها ضد «حماس». وفي مطلع يونيو (حزيران) 2025، قال إنه إذا كانت فرنسا تريد دولة فلسطينية، فيتعين عليها أن «تنحتها» في الريفييرا الفرنسية.

رسالته لترمب

مع بدء إسرائيل حملتها العسكرية ضد إيران، وتصاعد الحديث عن وجود «وجهات نظر» مختلفة في إدارة ترمب، حول طبيعة «التورط» المقبول أميركياً في هذه المواجهة، وجه هاكابي رسالة إلى ترمب، حثّه فيها على «مشاركة» إسرائيل في حربها على إيران. وعُدّت رسالته غطاءً وتوجيهاً سياسياً للقاعدة الإيفانجيلية الكبيرة من أنصار «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة) الداعمة للرئيس، وتبريراً آيديولوجياً لهذا التدخل في مواجهة «الانعزاليين» الذين يفضلون شعار «أميركا أولاً».

في هذه الرسالة التي نشرها الرئيس ترمب على موقعه «تروث سوشيال»، ونشرها كذلك موقع البيت الأبيض، كتب هاكابي: «سيدي الرئيس، لقد نجاك الله (من محاولة الاغتيال) في بتلر، ببنسلفانيا، لتكون الرئيس الأكثر تأثيراً خلال قرن، وربما في التاريخ كله. لا أريد أن يتّخذ أحدٌ غيرك القرارات التي تقع على عاتقك. لديك أصواتٌ كثيرة تُخاطبك يا سيدي، لكن صوتاً واحداً فقط هو المهم: صوته (الله)».

وأضاف: «أنا خادمك المُعيّن في هذه الأرض، ومتاحٌ لك، لكنني لا أحاول أن أكون في حضرتك كثيراً لأني أثق بحدسك». ثم تابع: «لم يكن أي رئيس في حياتي في وضعٍ مثل وضعك. ولا حتى منذ (الرئيس) ترومان عام 1945. لا أسعى لإقناعك، بل لتشجيعك فقط. أعتقد أنك ستسمع من السماء، وهذا الصوت أهم بكثير من صوتي أو صوت أي شخص آخر. لقد أرسلتني إلى إسرائيل لأكون عينيك وأذنك وصوتك، ولأضمن أن علمنا يرفرف فوق سفارتنا. مهمتي هي أن أكون آخر مَن يغادر». وختم بالقول: «لن أتخلى عن هذا المنصب. عَلَمنا لن يُنزل! لم تسعَ إلى هذه اللحظة. هذه اللحظة سعت إليك! إنه لشرفٌ لي أن أخدمك!».

وبعد قليل، شاركت ابنته سارة ساندرز، حاكمة ولاية أركنسو، التي شغلت سابقاً منصب الناطقة باسم البيت الأبيض في عهد ترمب الأول، رسالته على حسابها على منصة «إكس» مع تعليق: «أبي رائع! أحبك وفخورة بك!».

بطاقة هوية

ولد هاكابي يوم 24 أغسطس (آب) 1955 في مدينة هوب الصغيرة بولاية أركنسو، وهي أيضاً مسقط رأس الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

والداه دورسي وايلز هاكابي ووالدته ماي (إلدر) هاكابي، كانا من الديمقراطيين الجنوبيين المحافظين. وهو من أصول إنجليزية وألمانية واسكوتلندية وآيرلندية، وتعود جذوره في أميركا إلى الحقبة الاستعمارية. أيضاً لديه أخت واحدة، اسمها بات، وهي معلمة في المدرسة الإعدادية.

هاكابي يستشهد بنشأته في الطبقة العاملة كسببٍ لآرائه السياسية؛ إذ عمل والده إطفائياً وميكانيكياً، وأمه موظفة في شركة غاز. وكانت وظيفته الأولى، في سن الرابعة عشرة من عمره، في محطة إذاعية، حيث كان يقرأ الأخبار والطقس.

هاكابي كان أول ذكور أسرته يُنهي دراسته الثانوية، ولقد شغل منصب نائب رئيس مجلس الطلاب في مدرسته الثانوية خلال العام الدراسي 1971 - 1972، ثم رئيساً للمجلس في العام التالي. وعام 1972 التحق بالهيئة الكنسية في كنيسة غاريت التذكارية المعمدانية في هوب.

في مايو (أيار) 1974، تزوّج هاكابي من جانيت ماكين، وعام 1975 تخرّج في جامعة أواتشيتا المعمدانية في أركادلفيا بأركنسو. وعام 1980 حصل على درجة الماجستير من المعهد اللاهوتي المعمداني الجنوبي الغربي في فورت وورث بولاية تكساس، ثم أصبح قسّاً معمدانياً مُرسَّماً، وقضى العقد التالي قسيساً في كنائس مختلفة أركنسو، ومديراً تنفيذياً في شركات إعلامية مسيحية محلية.

نشاطه السياسي

تزايد اهتمام مايك هاكابي بالعمل السياسي، منذ عام 1989، عندما انتُخب رئيساً لمؤتمر المعمدانيين في أركنسو. وعام 1992 حاول الترشح لمنصب سياسي، لكنه خسر معركته لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي. ولكن في العام التالي، فاز في انتخابات خاصة لشغل منصب نائب حاكم أركنسو الشاغر، إثر تولّي الديمقراطي جيم جاي تاكر، منصب الحاكم في أعقاب فوز بيل كلينتون الذي كان - إذ ذاك - حاكماً للولاية بالرئاسة الأميركية.

غير أن استقالة تاكر عام 1996 إثر إدانته بالاحتيال، جعلت هاكابي ثالث حاكم جمهوري لأركنسو منذ «مرحلة إعادة الإعمار (بعد الحرب الأهلية)» (1865 - 1877). وأُعيد انتخابه لولاية كاملة عامي 1998 و2002. وبصفته حاكماً، أجرى هاكابي تغييرات واسعة النطاق في نظام الرعاية الصحية بالولاية، وبرامج التعليم، والسياسات البيئية.

وبعدما أمضى هاكابي الحد الأقصى للولاية، وهو فترتان متتاليتان كل منهما أربع سنوات، انتهت فترة حاكميته عام 2007. وكان عام 2004 قد لفت الانتباه وطنياً على سيرته الشخصية، بعد فقده أكثر من 50 كيلوغراماً من وزنه إثر تشخيص إصابته بمرض السكري. ووثّق فقدانه للوزن في كتاب أصدره عام 2005 «توقف عن حفر قبرك بالسكين والشوكة: برنامج من 12 نقطة لإنهاء العادات السيئة وبدء نمط حياة صحي».

ومن بين كتب هاكابي الأخرى التي عكست آراءه الجمهورية اليمينية المتشددة «الشخصية هي القضية: كيف يمكن للأشخاص ذوي النزاهة إحداث ثورة في أميركا؟» (1997)، و«من الأمل إلى أرض أعلى: 12 خطوة لاستعادة عظمة أميركا» (2007)، و«الله والبنادق والحصى والمرق» (2015)، و«الثلاثة التي جعلت أميركا عظيمة: المسيحية والرأسمالية والدستور» الذي كتبه عام 2020 بالشراكة مع ستيف فيزيل.

خوضه الانتخابات الرئاسية

عام 2007، رشح مايك هاكابي نفسه للرئاسة في انتخابات 2008. وركّز برنامج حملته الانتخابية على تغيير مناهج التعليم، وإلغاء الضرائب الفيدرالية على الدخل والرواتب لصالح ضريبة مبيعات وطنية ثابتة، ومعارضة حقوق الإجهاض.

ومع أنه كان يُنظر إليه في البداية على أنه مرشح ضعيف الفرص، تلقت حملته دفعة قوية، أثر تصدّره الانتخابات التمهيدية للجمهوريين بولاية أيوا في مواجهة السيناتور الراحل جون ماكين. ومع أن هاكابي حافظ على المركز الثالث في معظم استطلاعات الرأي الوطنية، وتحقيقه انتصارات غير متوقعة في عدد من الولايات الجنوبية في انتخابات «يوم الثلاثاء الكبير»، لم يكن ذلك كافياً لهزيمة ماكين الذي انتزع بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري في مواجهة المرشح الديمقراطي باراك أوباما.

وفي ذلك العام، ألقى هاكابي خطاباً في المؤتمر الوطني الجمهوري لعام 2008، قال فيه: «أقول بصدق إنني أكنّ احتراماً كبيراً للإنجاز التاريخي الذي حققه السيناتور أوباما بترشيح حزبه، ليس بسبب لونه، بل لقلة اكتراثه به. وبغض النظر عن الحزب أو السياسة، فإننا نحتفل بهذا الإنجاز لأنه يرفع شأن بلدنا».

عودة للإعلام «التبشيري»

لاحقاً، أصبح هاكابي مساهماً في قناة «فوكس نيوز» اليمينية، وعُرض برنامجه الذي يحمل اسمه على تلك القناة عام 2008. وفي العام التالي، بدأ أيضاً بتقديم البرنامج الإذاعي «تقرير هاكابي»، وأطلق برنامجاً إذاعياً آخر خلال عام 2012.

ووسط تكهّنات متزايدة بترشحه للرئاسة عام 2016، بدأ هاكابي بتصفية مشاريعه الإعلامية المتنوعة، وبُثّت الحلقة الأخيرة من برنامجه على «فوكس نيوز» في يناير (كانون الثاني) 2015. وبعد أربعة أشهر، أعلن ترشحه للرئاسة ليتنافس مع نحو 20 مرشحاً جمهورياً، أحدهم دونالد ترمب. ووسط منافسة حامية بين المرشحين الجمهوريين، لم يحظَ هاكابي بدعم كبير، ما أدى إلى تسجيله أداءً ضعيفاً في الانتخابات التمهيدية في أيوا عام 2016، وعلى الأثر، أوقف حملته الانتخابية. ثم أيد دونالد ترمب، بعدما أصبح المرشح الجمهوري الذي فاز لاحقاً بالسباق الرئاسي على منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون.

بعد انسحاب هاكابي من السباق الرئاسي، عملت ابنته سارة ساندرز في فريق حملة ترمب، لتعيّن لاحقاً ناطقةً باسم البيت الأبيض، وهذا قبل أن تغادر المنصب وتفوز بمنصب حاكم ولاية أركنسو عام 2017. ومن جهة ثانية، منذ عام 2018 عاد برنامج هاكابي إلى التلفزيون، عُرض على شبكة «ترينيتي» الإعلامية المسيحية.

داعم مستمر لترمب

الرجل ظل داعماً بارزاً لترمب، حتى بعد خسارته انتخابات 2020 أمام جو بايدن، كما بقي محافظاً ومدافعاً عن سردية ترمب بخصوص تزوير الانتخابات. ثم إنه رفض إدانة الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير. وبعد وقت قصير من إعادة انتخاب ترمب لولاية ثانية عام 2024، رشحه الأخير لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل. وثبّت مجلس الشيوخ تعيينه في 9 أبريل (نيسان) 2025، بغالبية 53 صوتاً، بينهم صوت ديمقراطي واحد للسيناتور جون فيترمان، مقابل 46 صوتاً ديمقراطياً معارضاً.