قبل أيام فقط من فوز النائب الجمهوري مايك جونسون بمنصب رئيس مجلس النواب الأميركي، أرسل الرئيس الجديد رسالة إلى زملائه يوضح فيها خطة لإكمال عملية الميزانية من خلال طرح 12 مشروع قانون مخصصات فردية على النواب. وهي عملية تحتل اليوم أهمية قصوى، نظرا لاقتراب موعد إغلاق الحكومة مجددا، في ظل أزمة مديدة تعانيها كل الإدارات الأميركية في إقرار الموازنات السنوية.
وكأحد مشاريع القوانين الأولى بعدما أصبح رئيسا، صوّت جونسون مع غالبية ساحقة من الحزبين لتزويد إسرائيل بالدعم في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل عام 2023. وهو كان قد زار إسرائيل في فبراير 2020، واصفا الرحلة بأنها "تحقيق نبوءة الكتاب المقدس".
بيد ان القضية الأولى التي قد يتعيّن على جونسون مواجهتها بصفته رئيساً لمجلس النواب، هي تمويل أوكرانيا، التي تترافق اليوم مع انقسام سياسي بين الجمهوريين أنفسهم وبينهم وبين الديمقراطيين، على تلبية طلب إدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطية مساعدة بقيمة 106 مليارات دولار، لمواصلة دعم كييف ومساعدة إسرائيل وتايوان وأمن الحدود. إذ عارض إنفاق المزيد من الأموال على الحرب، بينما يواصل آخرون في حزبه الدعوة لمزيد من التمويل. ومن المرجح أن تكون هذه المسألة في قلب المفاوضات لتمويل الحكومة وتجنب إغلاقها في 17 من الشهر الجاري.
على الرغم من ذلك، قال جونسون بعد انتخابه، إنه "منفتح على المباحثات" في ما يتعلق بطلب الرئيس بايدن. إلا أن قضية أوكرانيا تعد تذكيراً بأن جونسون، مثل سلفه كيفن مكارثي، ربما يواجه صعوبة مع أعضاء حزبه المتشددين. ذلك انه على الرغم من خلفيته، فإن أكبر تهديد له قد يأتي من النواب اليمينيين المتشددين، مثل النائب ماثيو غايتس، لأن جونسون سيحتاج على الأرجح، إلى التسوية في بعض الأحيان مع الديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ ومع البيت الأبيض... رغم وعوده لإصلاح الموازنة، على امل ان يكون مجلس النواب في وضع أفضل في ظل النظام العادي.
في أي حال، يبدو من الصعب التوفيق بين الالتزام المفترض بالإصلاحات الإجرائية للحكومة الجيدة وبين التكتيكات المثيرة للفوضى والخلاف. وفي حين ان التفاصيل تختلف حسب السنة، ففي كثير من الحالات، تجري هذه العملية خلف أبواب مغلقة، حيث تتفاوض قيادة الحزب على فواتير الإنفاق المكونة من آلاف الصفحات والتي تسمح بالإنفاق الفيدرالي التقديري الذي يمكن أن يتجاوز تريليون دولار. ويتم بعد ذلك تقديم هذه المقترحات المكلفة والمعقدة لأعضاء الكونغرس ويطلب منهم التصويت لصالحها أو ضدها، وأحيانا في وقت متأخر من الليل، مما يترك المشرعين غير ملمين تماماً بما يصوتون عليه.
لذا، في حين حدد جونسون جدولاً زمنياً طموحا من شأنه أن يسمح افتراضيا لمجلس النواب بالنظر في جميع مشاريع قوانين الاعتمادات بشكل فردي، أقرت الرسالة نفسها بأن إجراء إنفاق مؤقت آخر لتمديد التمويل الحكومي حتى يناير (كانون الثاني) أو أبريل (نيسان) 2024، قد يكون ضرورياً لتجنب إغلاق الحكومة في 17 من الشهر الجاري. وللوفاء بهذا الجدول الزمني الطموح، سيحتاج جونسون إلى توحيد الجمهوريين المعتدلين واليمينيين في مجلس النواب خلف أجندة ميزانية واحدة.
وما يستحق الإشارة هنا، أنه خلال السنوات الأخيرة، ثبت أن هذه مهمة صعبة حتى بالنسبة للرؤساء الجمهوريين الأكثر خبرة. وعلى النقيض من ذلك، قد يكون جونسون الذي هو الجمهوري الأقل خبرة... قادرا على استغلال افتقاره إلى الخبرة بشكل جيد. هذا وكان أحد وعوده الاساسية هو تحقيق اللامركزية في السلطة، ما سيمنح اللجان وأعضاء الكونغرس الأفراد المزيد من السلطة للتفاوض وكتابة مشاريع القوانين. ورغم ذلك، يرى البعض في هذا طريقاً إلى المزيد من الفوضى، ويجادلون من واقع خبرتهم بأن مجلس النواب لن ينجز إلا القليل من دون توجيه قوي من مكتب رئيس المجلس.