تبرز دولة الكونغو برازافيل من بين الدول الأفريقية التي يعاني شعبها من أوضاع اقتصادية سيئة وفقر شديد، كما ترزح الدولة تحت عبء الديون، رغم كونها دولة نفطية وغنية بالموارد الطبيعية. ومع أن هذه البلاد سادس أكبر منتج للنفط في أفريقيا، يعاني حوالي نصف السكان من الفقر، كما أنها تصنف من بين أكثر الدول فساداً في العالم. إذ احتلت الكونغو، التي كانت تعرف قبل الاستقلال بـ«الكونغو الفرنسي»، ولاحقاً «جمهورية الكونغو»، المرتبة 165 من بين 180 دولة من حيث مستوى الفساد، وفقاً لتصنيف منظمة الشفافية الدولية في 2020. جاء ذلك رغم إعلان الرئيس دنيس ساسو نغيسو أخيراً اكتشاف رواسب نفطية جديدة من شأنها زيادة الإنتاج اليومي للجمهورية من 350 ألف برميل يومياً إلى 980 ألف برميل، ما يضاعف إيرادات الكونغو من قطاع النفط والغاز الطبيعي 3 مرات.
تقع جمهورية الكونغو في غرب وسط أفريقيا، وتحدّها الغابون والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا. أما عاصمتها فهي مدينة برازافيل، ولذا يُشار إليها أحياناً باسم الكونغو – برازافيل، للتمييز بينها وبين الكونغو الديمقراطية، التي عاصمتها كينشاسا، التي عُرفت قبل الاستقلال بـ«الكونغو البلجيكي»، كما حملت لفترة اسم زائير. وتقدّر مساحة البلاد بـ342 ألف كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها ما يقرب من 5.5 مليون نسمة، وفقاً لإحصاءات عام 2021. وينتمي السكان إلى 3 مجموعات عرقية رئيسة، هي الكونغو (الباكونغو) والتيكي (الباتيكي) والمبوتشي، وتضم كل منها مجموعات فرعية. وينتمي نحو 45 في المائة من السكان إلى شعب الكونغو، وهؤلاء مزارعون يسكنون غرب وجنوب غربي برازافيل، بينما ينتمي نحو 20 في المائة إلى شعب التيكي ويسكنون شمال برازافيل، ويعيشون على صيد الحيوانات والأسماك. ويشكل المبوتشي نحو 10 في المائة من السكان وكانوا في السابق يعتمدون على صيد الأسماك، أمَّا اليوم فيعمل كثير منهم حرفيين وموظفين في الوظائف الحكومية في المدن.
تاريخياً، كانت الكونغو برازافيل مستعمرة فرنسية سابقة استقلت عام 1960، والفرنسية ما زالت هي اللغة الرسمية للبلاد. ولقد اكتُشف النفط الخام في ساحل الكونغو، واليوم يشكل النسبة الكبرى من الصادرات السنوية للبلاد. ثم بدأت مصفاة البترول في ميناء بوانت نوار بتكرير النفط عام 1976، مساهمة بـ55 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، و85 في المائة من الصادرات، و80 في المائة من الموازنة، وفقاً لبنك التنمية الأفريقي. مع ذلك، ارتفعت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع الدولي بشكل طفيف من 52.0 في المائة عام 2021 إلى 52.5 في المائة عام 2022، وفق البنك الدولي. كذلك ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 6.2 في المائة عام 2022 (على أساس سنوي)، ما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلاد. ويعد توفير وجبة أو وجبتين من الغلال الأساسية يومياً بمثابة حرب يخوضها أرباب الأسر.
على صعيد متصل، على الرغم من خصوبة أرض الكونغو وإمكاناتها الزراعية الكبيرة، فإنها تعتمد إلى حد كبير على الواردات التي تكلف ما يقرب من 700 مليار فرنك أفريقي سنوياً. وفي سياق حرمان الكونغوليين من احتياجاتهم الأساسية، يصل معدل الحصول على الكهرباء إلى 66 في المائة من السكان في المناطق الحضرية، مقارنة بـ15 في المائة فقط في المناطق الريفية. ثم إن الوصول إلى المياه النظيفة أقل من الإمكانات الهيدرولوجية للبلاد، حيث إن لدى 74 في المائة من السكان فقط إمكانية الوصول إلى مصادر للمياه النظيفة، في حين أن الوصول إلى المياه في المناطق الريفية أقل بنسبة تصل إلى 46 في المائة، أيضاً وفق البنك الدولي.
هذا، وفي عام 2021، بلغ حجم الدَّين الوطني لجمهورية الكونغو حوالي 107.92 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقبله، عام 2019، أعادت الصين هيكلة دَين الكونغو، ما سمح للبلاد بالتوصل إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي حول التسهيل الائتماني الممدّد.