هولندا: قوى اليمين تعدّ العدة لانتخابات نوفمبر رغم تحسن فرص تحالف العمال - «الخضر»

بين «سندان» طالبي اللجوء و«مطرقة» نقص المساكن

مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)
مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)
TT

هولندا: قوى اليمين تعدّ العدة لانتخابات نوفمبر رغم تحسن فرص تحالف العمال - «الخضر»

مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)
مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)

أسقطت سياسة الهجرة واللجوء حكومة هولندا، ومعها رئيس الحكومة مارك روته الذي يحكم بلاده منذ 13 سنة، والذي كان حتى استقالته، صاحب ثاني أطول فترة لرئيس حكومة في أوروبا، بعد رئيس الحكومة المجري فيكتور أوربان. ومع أن بناء الائتلاف الحكومي في ولاية روته الرابعة استغرق وقتاً قياسياً لامس الـ300 يوماً (أو 9 أشهر)، بعد انتخابات عام 2021، فإن الخلافات حول قانون لمّ شمل أسر اللاجئين أسقطت الحكومة في وقت قياسي. كذلك لم يزد عُمر الائتلاف على بضعة أيام بعد سنة ونصف سنة فقط، ويومذاك فاجأ بناؤه كثيرين داخل هولندا. واليوم، يبدو أن حزباً واحداً، بالتحديد، سيكون في طليعة المستفيدين من مغادرة روته السياسة ودعوته إلى انتخابات نيابية في نوفمبر (تشرين الثاني). هذا الحزب هو «حركة المواطنين المزارعين» الذي أسس قبل 4 سنوات فقط، وهو تنظيم شعبوي يميني تحوّل إلى واحد من المنافسين الأساسيين في الانتخابات المقبلة في هولندا.

استقالة مارك روته جاءت بعدما اصطدم برفض أحد شركائه الثلاثة في الحكومة، القبول بفرض مهلة سنتين على اللاجئين قبل أن يتمكنوا من طلب لم شمل عائلاتهم. ومع أن الزعيم المستقيل عُرف بمهارته في تخطّي عقبات صعبة في الماضي، فإنه عجز هذه المرة عن إقناع شركائه في الحكومة بدعمه. كذلك عجز عن تخطي الضغوط داخل حزبه للتخلّي عن مساعيه بتشديد قوانين الهجرة، فوجد نفسه مضطراً للاستقالة. والآن سيبقى روته على رأس «حكومة تصريف» الأعمال حتى الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل، المفترض أن تتيح تشكيل حكومة جديدة. ولكن في نظام أفرز أكثر من 17 حزباً لم يتمكن أي منها أبداً من الفوز بغالبية مطلقة في البرلمان، قد يستغرق تشكيل الحكومة العتيدة عدة أشهر... سيظل خلالها روته على رأس حكومة «تصريف الأعمال» حتى الصيف من العام المقبل.

ديلان يشيلغوز – زيغيريوس (آ.ن.ب)

تحالف غير متماسك

من ناحية ثانية، مع أن انهيار حكومة روته شكّل مفاجأة لكثيرين، فإن المراقبين داخل هولندا يقولون إن الائتلاف الذي قاده قام منذ البداية على تحالف هش تشوبه الخلافات، ما جعل سقوطه مسألة وقت لا غير؛ إذ إنه في حين كان «حزب الشعب للحرية والديمقراطية» بقيادة روته، يضغط مع حزب آخر من يمين الوسط داخل الحكومة بتجاه تشديد قوانين الهجرة، كان الاتحاد المسيحي (أيضاً من اليمين الوسط) وحزب «الديمقراطيون 66» (يسار الوسط) يشدّان في الاتجاه المعاكس. واللافت أنه على الرغم من ميل الأحزاب اليمينية عادة إلى تشديد قوانين الهجرة، فإن الاتحاد المسيحي المشارك في الحكومة رفض دعم روته من مبدأ رفضه تفريق العائلات وتشتيتها.

هذه الخلافات حول قوانين الهجرة واللجوء سلطت، في الواقع، الضوء على أزمة عادت إلى الواجهة في هولندا لتغدو الملف الأول من حيث الأهمية للناخب الهولندي، وفق آخر استطلاع للرأي نشره معهد في العاصمة أمستردام. فلقد نقلت وسائل إعلام هولندية عن الباحث بيتر كان، قوله إن «مسألة الهجرة واللجوء هي القضية الأهم بالنسبة للناخبين، خاصةً، بعد انهيار الحكومة». وبحسب الباحث، فإن حزب روته سيكون من المستفيدين مما حصل، مع أن زعيمه المستقيل نفسه أعلن أنه سيغادر الحلبة السياسية نهائياً، ولن يقود حزبه في الانتخابات المقبلة.

تركية - كردية لاجئة في الواجهة

وحقاً، رشّح الحزب - الذي يتمتع بأكبر كتلة نيابية هولندية حالياً - وزيرة العدل ديلان يشيلغوز - زيغيريوس لترؤس لائحة الحزب وتقوده في الانتخابات المقبلة. ويشيلغوز - زيغيريوس، المولودة في العاصمة التركية أنقرة، وصلت طفلة إلى هولندا ضمن عائلة أب تركي كردي يساري طلب اللجوء السياسي فيها. ومع أنها توافق روته في مواقفه حول الحد من اللاجئين، فليس واضحاً بعد ما إذا كانت ابنة العائلة اللاجئة من تركيا، ستتمكن من جمع الناخبين حول الحزب الذي قاده سلفها طوال 17 سنة.

روته نجح، بلا شك، خلال السنوات الـ13 التي قاد فيها هولندا، بأن يرسم لنفسه صورة الرجل العادي القريب من المواطن، الأمر الذي ساعده على التغلب على عدة فضائح كادت تطيح به خلال حكوماته السابقة. ولقد عُرف عنه أنه كان غالباً ما يتنقل بين بيته ومقر عمله ممتطياً دراجته الهوائية، بل شوهد ذات يوم وهو يمسح أرضية مدخل البرلمان بنفسه بعدما سقط من يده فنجان قهوته، بينما اصطف المنظفون بالقرب منه وهم يصفقون له. كذلك، ظل روته يدرّس مرة أسبوعياً في مدرسة بمدينة لاهاي، صباح كل اثنين، قبل أن يتوجه إلى المكتب، وهي مهنة قد يتفرّغ لها بعد اعتزاله السياسة.

فرانتس تيمرمانز

من منجزاته دولياً

من ناحية أخرى، يرى مراقبون في هولندا أن الزعيم المستقيل نجح إبان سنوات حكمه في أن يحوّل هولندا إلى لاعب أكبر من حجمه الحقيقي على الساحة الأوروبية، كما أنه «شبّك» تحالفات من دول داخل الاتحاد الأوروبي تؤمن بالمبادئ نفسها حول تقليص الإنفاق والدَّين العام. وبالتالي، فغيابه سيترك فراغاً على الساحة الدولية، ويهدّد بتقليص دور هولندا مرة جديدة. ولكن، في المقابل، تفتح استقالة روته الباب مرة جديدة أمام أحزاب اليسار الوسط، وخاصة حزب العمال الذي شارك في السلطة للمرة الأخيرة عام 2002. فقد أعلن فرانتس تيمرمانز، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، نيته العودة إلى السياسة الهولندية وترؤس تحالف العمال مع حزب «الخضر» في انتخابات نوفمبر المقبلة. وحسب المتابعين، ما زال تيمرمانز - الذي شغل سابقاً منصب وزير الخارجية - يحظى بشعبية واحترام لا بأس بهما. ويبدو، فعلاً، أن اختيار تيمرمانز لقيادة تحالف العمال - «الخضر» رفع حظوظ الحزبين شعبياً. ذلك أن آخر استطلاعات الرأي أظهر أن التحالف اليساري - الوسطي يتصدّر الأحزاب المتنافسة، وسيفوز بـ28 مقعداً من أصل 150 في البرلمان، بزيادة 11 مقعداً عن المقاعد التي لدى الحزبين حالياً. وبيّن الاستطلاع نفسه أن حزب روته تحت قيادة يشيلغوز - زيغيريوس سيحل ثانياً بـ25 مقعداً. أما المرتبة الثالثة، بعدد مقاعد يصل إلى 21 مقعداً، فستكون لحزب «حركة المواطنين المزارعين» الذي أسس عام 2019 من قلب حركة المزارعين المعارضة لقرارات أصدرتها الحكومة تفرض على المزارعين تخفيض انبعاثات غاز النيتروجين الناتج عن مزارع الأبقار، بهدف خفض التلوث.

هذا، وكانت خطط الحكومة - التي كانت قد أجُبرت على إدخالها بعد قرارات أوروبية - قد أثارت جدلاً شديداً بين المزارعين الهولنديين الذين سيخسر كثيرون منهم مزارعهم بسبب تخفيض نسبة انبعاثات النيتروجين. وتترأس «حركة المواطنين المزارعين» اليوم صحافية سابقة اسمها كارولين فان دير بلاس، نجحت بقيادة الحزب الفتيّ لتحقيق أول انتصاراته في مارس (آذار) الماضي، بانتخابات المجلس الأدنى، حيث أصبح أكبر حزب ممثَّل فيه. ومع أن الحزب أسس أصلاً للدفاع عن المزارعين فقد جعلته طبيعة الشعبوية يستفيد أيضاً من الجدل الدائر حول اللاجئين.

اللجوء... اللجوء... اللجوء

جدير بالذكر أن هولندا شهدت جدلاً واسعاً في العام الماضي، بسبب نقص أماكن الإيواء والسكن للاجئين ما دفع بالمئات منهم لافتراش الأرض خارج أحد أكبر مراكز استقبال اللاجئين لعدة أشهر. بل توفي رضيع يبلغ من العمر 3 أشهر في المركز بسبب الاكتظاظ. ثم إن طالبي لجوء اضطروا للعيش في العراء لأشهر خارج مركز «تير أبيل» في محافظة خرونينخن (أقصى شمال هولندا)، المركز الرئيس والأكبر لاستقبال اللاجئين في هولندا، وصفوا الظروف التي تركوا فيها بأنها «غير إنسانية». وللعلم، فإن المركز المؤهل لاستيعاب ألفي لاجئ يُعد النقطة الأولى للاجئين حين يتقدمون بطلباتهم، وينتظرون فيه البت فيها. وبالفعل، انتقدت منظمات إنسانية الظروف الصحية التي ترك فيها اللاجئون، من دون القدرة على الاستحمام أو استخدام حمامات، والنوم في الخارج لأشهر، حتى المرضى منهم، ما يعني أن خطر انتقال الأمراض المعدية بينهم كان مرتفعاً. هذا، وبات قرابة الـ700 لاجئ معظمهم من دول عربية كاليمن وسوريا ودول فقيرة مثل أفغانستان، في العراء، بينما كان اللاجئون الأوكرانيون يحظون بمعاملة مختلفة، ويصار إلى توزيعهم على مساكن تابعة للبلديات المختلفة.

الحكومة الهولندية برّرت - آنذاك - الازدحام الشديد في مركز اللاجئين الرئيس المذكور، بإقفال العديد من مراكز الاستقبال إبان جائحة «كوفيد - 19»، وببقائها مقفلة بعد انحسار الجائحة. ولكن، ما يزيد الوضع سوءاً أن هولندا تعاني من نقص حاد ودائم على صعيد المساكن، ما يعني أن اللاجئين الذي يُمنحون أوراق إقامة بعد أشهر قليلة من وصولهم، لا يستطيعون العثور على أماكن ينتقلون إليها، فيضطرون إلى البقاء في مراكز اللجوء.

وبالفعل، تسببت هذه الفوضى في مركز لجوء «تير أبيل» ووفاة الرضيع بإعادة ملف اللاجئين إلى الواجهة. وفي حينه، تعهّد روته بوضع حد لأعداد اللاجئين نتيجة «عجز البلاد عن استيعابهم» كما قال. ومن ثم، جاء اقتراح وقف لمّ شمل العائلات لمدة سنتين ضمن الإجراءات التي تعهد باتخاذها لتخفيض أعداد اللاجئين، بيد أن الخلافات داخل حكومته الائتلافية أدت في النهاية إلى استقالته.

استفادة اليمين

على أي حال، استفاد حزب روته من أزمة اللاجئين، وأيضاً «حركة المواطنين المزارعين» من الأحزاب التي قد تكسب كثيراً من هذه الأزمة. فحزب «حركة المواطنين المزارعين»؛ كونه تنظيماً شعبوياً صريحاً يؤمن بمعالجة أزمة اللاجئين «في دول المنبع»، أي بتقديم مساعدات مالية للدول التي ينطلق منها اللاجئون إلى أوروبا وهولندا، مثل تونس وليبيا. بل يروّج البعض داخل هذا الحزب بأن اللاجئين «هم الذين يتسببون بأزمة السكن» في هولندا، وأن الحكومة تسعى للاستحواذ على المزارع لتحويلها إلى مجمعات سكنية. وحقيقة الأمر أن الحكومة أقرت، بالفعل، خطة لشراء مزارع بتمويل من الاتحاد الأوروبي - الذي خصّص مبلغ مليار ونصف مليار يورو - لتمويل برنامج الحكومة الهولندية بشراء مزارع بهدف تخفيض انبعاثات النيتروجين الضارة. وراهناً، تسعى الحكومة إلى خفض معدلات أوكسيد النيترات والأمونيا إلى النصف بحلول عام 2030، بعد تبنيها أخيراً خطة يقول ناشطون بيئيون إنها «جاءت متأخرة»، وإن الحكومات الهولندية المتعاقبة «تلكأت لسنوات في مواجهة الكميات الكبيرة من الانبعاثات الضارة التي تتسبب بها المزارع في البلاد».

ولكن، في المقابل، تعد الزراعة - ومن ضمنها تربية الماشية - جزءا أساسيا من الاقتصاد الهولندي. وبحسب مجموعة «الزراعة الوطنية» هناك قرابة الـ54 ألف شركة أعمال مرتبطة بالزراعة. ووصلت قيمة الصادرات الزراعية من هولندا إلى قرابة الـ95 مليار يورو عام 2019. وحقاً، تعد هولندا ثاني أكبر مصدّر زراعي في العالم بعد الولايات المتحدة، وأكبر مصدر للحم في أوروبا. واليوم يُستخدم ثلثا الأراضي في هولندا للزراعة وتربية الماشية، ما يعني أن النظام الزراعي يتسبب بأضرار بالغة على الطبيعة بسبب التلوثات الناتجة عن تربية الماشية بشكل أساسي.

الحسابات الانتخابية

وعلى الصعيد الانتخابي، بينما تتوقّع الاستطلاعات تحقيق حزب «حركة المزارعين المواطنين» نتائج طيبة في الانتخابات، مستفيدة من غضب المزارعين وأزمة اللاجئين، فإن حزباً يمينياً متطرفاً آخر يتوقع أن يحقق مكاسب من الخلافات حول الهجرة، هو «حزب الحرية» بقيادة النائب المتشدد خِيرت فيلدرز الذي يقود الحزب منذ عام 2006. وهنا، نشير إلى أن روته كان يرفض الدخول في تحالفات مع حزب فيلدرز، لكن ثمة إشارات بدأت الآن تخرج من داخل حزب روته توحي بإمكانية تحالف الحزبين بعد الانتخابات المقبلة؛ إذ قال النائب روبن بريكلمانز، الذي يعد من الوجوه الصاعدة في حزب روته، إنه لا يريد استبعاد إنشاء تحالف مع «حزب الحرية» حول الهجرة، رغم كلامه عن «استمرار» الخلافات الجوهرية مع الزعيم اليميني المتطرف الذي كان تعهد عام 2014 بمنع القرآن، وإغلاق كل المساجد في هولندا في حال انتخابه، من بين جملة سياسات متطرفة أخرى.

بناءً على ما تقدم، تبدو هولندا الآن أمام تقاطع 3 طرق: فإما أن يختار الناخبون مجدداً حزب روته ويخاطروا بجنوحه نحو اليمين المتطرف، وإما أن يختاروا «حركة المواطنين المزارعين» سائرين مباشرة في خيار التطرف اليميني، وإما أن يقرّروا السير مع التحالف اليساري المعتدل والعودة إلى زعيم ما زال محبوباً في أنحاء هولندا هو فرانتس تيمرمانز، رغم غيابه عن السياسة المحلية منذ انتقاله إلى بروكسل قبل 9 سنوات.


مقالات ذات صلة

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

حصاد الأسبوع جنود فرنسيون  في مالي (سلاح الجو الأميركي)

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

بعد عقود من الحضور القوي للدبلوماسية الفرنسية في العالم، ورؤية استراتيجية وُصفت «بالتميز» و«الانفرادية»، بدأ الحديث عن تراجع في النفوذ

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع غالانت (رويترز)

أبرز «وزراء الحرب» في تاريخ إسرائيل

برزت طوال تاريخ إسرائيل، منذ تأسيسها عام 1948، أسماء عدد من وزراء الدفاع؛ لارتباطهم بحروب كبيرة في المنطقة، لعلّ أشهرهم في الشارع العربي موشيه ديان

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع يسرائيل كاتس... «البلدوزر» المدني المولج بمهمة استعادة «محتجزي» غزة

يسرائيل كاتس... «البلدوزر» المدني المولج بمهمة استعادة «محتجزي» غزة

راهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قدرة وزير دفاعه الجديد يسرائيل كاتس، الذي يصفه بـ«البلدوزر»، في تحقيق ما يراه «انتصاراً حاسماً» في غزة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

يحاول الأردن تحييد أجوائه وأراضيه بعيداً عن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني، الممتد عبر جبهتي جنوب لبنان وشمال غزة، ليضاعف مستويات القلق الأمني مراقبة خطر الضربات

محمد خير الرواشدة (عمّان)
حصاد الأسبوع إيشيبا

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي

«الشرق الأوسط» (لندن)

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا
TT

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي الحر الحاكم. هذه الهزيمة جاءت إثر تبديل «استباقي» في زعامة الحزب المحافظ - المهيمن على السلطة في اليابان معظم الفترة منذ الخمسينات - في أعقاب قرار رئيس الحكومة السابق فوميو كيشيدا الاستقالة (حزبياً ومن ثم حكومياً) في أعقاب التراجع الكبير في شعبية الحزب، وتولّي غريمه الحزبي الأبرز شيغيرو إيشيبا المنصبَين. ومن ثم، دعا إيشيبا بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي إلى إجراء انتخابات عامة عاجلة ومبكّرة يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن إجراء انتخابات عاجلة، انتهت بفقدان الائتلاف الحاكم المكوّن من الديمقراطيين الأحرار وحليفه حزب «كوميتو» الغالبية البرلمانية.

ألحق الناخبون اليابانيون الأحد الماضي هزيمة مؤلمة بالحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن مع استثناءات قليلة على حكم البلاد منذ عام 1955، وكانت هزيمته الأخيرة الأولى له التي تفقده الغالبية المطلقة في مجلس النواب منذ 15 سنة. وهنا، يتفق المراقبون على أن الحزب المحافظ والكبير النفوذ إنما حصد نقمة الشارع وغضبه بسبب التضخم المتصاعد والتباطؤ الاقتصادي وضعف قيمة العملة الوطنية «الين»، ناهيك من الفضائح المالية التي تورّطت بها قيادات حزبية، وصلات بعض الأعضاء بـ«كنيسة التوحيد» (الحركة المونية). وهكذا أخفق الحزب مع حليفه الصغير في جمع ما هو أكثر من 215 مقعداً من أصل 465 في حين كانت الغالبية المطلقة تحتاج إلى 233 مقعداً.

نكسة مبكرة للزعيم الجديد

هذه الهزيمة المريرة شكّلت أيضاً نكسة كبرى ومبكرة لزعيم الحزب ورئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا، الذي أخفق رهانه بامتصاص النقمة الشعبية وترسيخ موقعه عبر الانتخابات المبكّرة.

وحقاً، أعلن إيشيبا في أول تعليق له على النتيجة نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية، أن الناخبين «أصدروا حكماً قاسياً» بحق حزبه الذي عليه أن «يأخذه بجدية وامتثال». لكنه أردف أنه لا يعتزم التنحي من رئاسة الحكومة، موضحاً «بالنسبة لي، فإنني سأعود إلى نقطة البداية، وأسعى للدفع قدماً بتغييرات داخل هيكل الحزب، وتغييرات أخرى أعمق لمواجهة الوضع السياسي». وفي حين ذكر إيشيبا أنه ليس لدى الحزب أي فكرة جاهزة لتحالف جديد فإن كل سياسات الحزب ستكون مطروحة على بساط البحث.

بطاقة هوية

وُلد شيغيرو إيشيبا يوم 4 فبراير (شباط) 1957 لعائلة سياسية مرموقة، مثله في ذلك الكثير من ساسة الحزب الديمقراطي الحر. إذ إن والده جيرو إيشيبا كان محافظاً لإقليم توتوري، الريفي القليل السكان بجنوب غرب اليابان، بين عامي 1958 و1974، قبل أن تُسند إليه حقيبة وزارة الداخلية. من الناحية الدينية، رئيس الوزراء الحالي مسيحي بروتستانتي تلقى عمادته في سن الـ18 في توتوري، كما أن جد أمّه قسٌّ من روّاد المسيحية في اليابان.

تلقّى شيغيرو دراسته الجامعية وتخرّج مجازاً بالحقوق في جامعة كييو، إحدى أعرق جامعات اليابان الخاصة، ومقرها العاصمة طوكيو، وفيها التقى زوجته المستقبلية يوشيكو ناكامورا، وهما اليوم والدان لابنتين.

وبعد التخرّج توظّف في مصرف «ميتسوي»، قبل أن يسير على خُطى والده فيدخل ميدان السياسة بتشجيع من صديق والده ورئيس الوزراء الأسبق كاكوي تاناكا (1972 - 1974).

وبالفعل، انتُخب وهو في سن التاسعة والعشرين، عام 1986، نائباً عن الديمقراطيين الأحرار في البرلمان (مجلس النواب) عن دائرة توتوري الموسّعة حتى عام 1996، ثم عن دائرة توتوري الأولى منذ ذلك الحين وحتى اليوم. وعُرف عنه طوال هذه الفترة اهتمامه ودرايته بملفّي الزراعة والسياسة الدفاعية. وحقاً، خدم لفترة نائباً برلمانياً لوزير الزراعة في حكومة كييتشي ميازاوا.

مسيرة سياسية مثيرة

في واقع الأمر، لم تخلُ مسيرة شيغيرو إيشيبا السياسية من الإثارة؛ إذ تخللها ليس فقط الترّقي في سلّم المناصب باتجاه القمّة، بل شهدت أيضاً مواقف اعتراضية واستقلالية وضعته غير مرة في مسار تصادمي مع حزبه وحزب والده.

في عام 1993، خرج من صفوف حزبه الديمقراطي الحر ليلتحق بحزب «تجديد اليابان» الذي أسسته قيادات منشقة عن الحزب بقيادة تسوتومو هاتا (رئيس الوزراء عام 1994) وإيتشيرو أوزاوا (وزير داخلية سابق) حتى عام 1994. ثم انتقل إلى حزب «الحدود الجديدة» الذي أُسس نتيجة اندماج «تجديد اليابان» مع قوى أخرى، وفيه مكث بين 1994 و1996، وبعدها ظل نائباً مستقلاً إلى أن عاد إلى صفوف الديمقراطيين الأحرار ويستأنف ضمن إطار الحزب الكبير ترقّيه السياسي السريع ضمن قياداته.

في أعقاب العودة عام 1997، تبوّأ إيشيبا عدداً من المسؤوليات، بدأت بمنصب المدير العام لوكالة الدفاع – أي حقيبة وزير الدفاع منذ أواخر 2007 –. ولقد شغل إيشيبا منصب وزير الدفاع بين عامي 2007 و2008 في حكومتي جونيتشيرو كويزومي وياسوو فوكودا، ثم عُيّن وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية في حكومة تارو آسو بين 2008 و2009. وكذلك، تولّى أيضاً منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بين 2012 و2014.

مع الأخذ في الاعتبار هذه الخلفية، كان طبيعياً أن يدفع طموح إيشيبا الشخصي هذا السياسي الجريء إلى التوق لخوض التنافس على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة.

بالمناسبة، جرّب شيغيرو إيشيبا حظه في الزعامة مرّات عدة. وكانت المرة الأولى التي يرشح نفسه فيها عام 2008 إلا أنه في تلك المنافسة احتل المرتبة الخامسة بين المتنافسين. بعدها رشح نفسه عامي 2012 و2018، وفي المرتين كان غريمه رئيس الوزراء الأسبق الراحل شينزو آبي... «وريث» اثنتين من السلالات السياسية اليابانية البارزة، والزعيم الذي شغل منصب رئاسة الحكومة لأطول فترة في تاريخ المنصب.

ثم في أعقاب استقالة آبي (الذي اغتيل عام 2022) لأسباب صحية عام 2020، رشّح إيشيبا نفسه، إلا أنه خسر هذه المرة وجاء ثالثاً، وذهبت الزعامة ورئاسة الحكومة ليوشيهيدي سوغا. وفي العام التالي، بعدما أحجم إيشيبا عن خوض المنافسة، فاز الزعيم ورئيس الحكومة السابق السابق فوميو كيشيدا. بيد أن الأخير قرّر في أغسطس (آب) أنه لن يسعى إلى التجديد الموعد المقرر في سبتمبر (أيلول). وهكذا، بات لا بد من الدعوة إلى إجراء انتخابات الزعامة الأخيرة التي فاز بها إيشيبا، متغلباً بفارق بسيط وفي الدورة الثانية على منافسته الوزيرة اليمينية المتشدّدة ساني تاكاييشي، التي كانت تصدرت دور التصويت الأولى. وهكذا، صار زعيماً للحزب الديمقراطي الحر ومرشحه لرئاسة الحكومة الرسمي، وعلى الأثر، اختاره مجلس النواب رئيساً للوزراء في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم.

أفكاره ومواقفه

على الرغم من طول بقاء إيشيبا في قلب الحلبة السياسية، فإن طبيعته الاستقلالية، عقّدت أمام المحللين وضعه في خانة واضحة. فهو تارة يوصف بأنه وسطي ليبرالي، تارة أخرى يوصف بـ«الإصلاحي»، وفي أحيان كثيرة يُعرّف بأنه يميني محافظ، بل متشدد. ومما لا شك فيه، أن طبيعة تركيبة الحزب الديمقراطي الحرّ، القائمة على أجنحة تسمح بتعدّد الولاءات الشخصية وتوارثها داخل أروقة تلك الأجنحة، وهذا من دون أن ننسى أن بداية الحزب نفسه جاءت من اندماج حزبين محافظين هما الحزب الحر (الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني عام 1955.

على المستوى الاجتماعي، أبدى إيشيبا مواقف متحررة في عدد من القضايا بما في ذلك تأييده شخصياً زواج المثليين، كما أنه من مؤيدي ترك الخيار لكل من الزوجين بالاحتفاظ بالاسم الأصلي قبل الزواج. أما على الصعيد الاقتصادي، وتأثراً بكونه ممثلاً لمنطقة ريفية قليلة السكان، فإنه أبدى ولا يزال اهتماماً كبيراً بالتناقص السكاني وضرورة الاهتمام بالاقتصاد الريفي؛ ما يعني العمل على تقليص الفوارق بين الحواضر الغنية والأرياف الفقيرة.

لم تخلُ مسيرة إيشيبا السياسية من الإثارة... إذ اتخذ مواقف اعتراضية واستقلالية

وضعته أكثر من مرة في مسار تصادمي مع حزبه

السياسة الدولية

في ميدان العلاقات الخارجية والسياسة الدولية، تُعرف عن إيشيبا مواقفه المتشددة المتوافقة مع أفكار التيار المحافظ داخل الحزب الحاكم، وبالأخص إزاء التصدي لخطر نظام كوريا الشمالية وقضية تايوان، حيث يقف بقوة بجانب نظامها الديمقراطي في وجه التهديد الصيني.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، حليف اليابان الأكبر، رأى رئيس الوزراء الحالي قبل أشهر أن سبب إحجام واشنطن عن الدفاع هو أن أوكرانيا ليست عضواً في حلف دفاع مشترك مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو). واستطراداً، في ربط الوضع الأوكراني بحالة تايوان، يعتبر إيشيبا أن تأسيس حلف أمني آسيوي خطوة ضرورية لردع أي هجوم صيني على تايوان، لا سيما في «التراجع النسبي» في القوة الأميركية.

وفي التصور الذي عبَّر عنه إيشيبا بـ«ناتو» آسيوي يواجه تهديدات روسيا والصين وكوريا الشمالية، يجب أن يضم الحلف العتيد دولاً غربية وشرقية منها فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، وكذلك الهند، والفلبين، وكوريا الجنوبية، وأستراليا وكندا.

من جهة ثانية، تطرّق إيشيبا خلال الحملة الانتخابية إلى التحالف الأميركي - الياباني، الذي وصفه بأنه «غير متوازٍ» ويحتاج بالتالي إلى إعادة ضبط وتوازن. وكان في أول مكالمة هاتفية له بعد ترؤسه الحكومة اليابانية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أعرب عن رغبته في «تعزيز الحلف» من دون أن يعرض أي تفاصيل محددة بهذا الشأن، ومن دون التطرق إلى حرصه على إجراء تغييرات في الاتفاقيات الثنائية كي يتحقق التوازن المأمول منها.

التداعيات المحتملة للنكسة الانتخابية الأخيرة

في أي حال، نكسة الحزب الديمقراطي الحر في الانتخابات العامة الأخيرة تفرض على شيغيرو إيشيبا «سيناريو» جديداً ومعقّداً... يبداً من ضمان تشكيلة حكومة موسّعة تخلف حكومته الحالية، التي لا تحظى عملياً بتفويض شعبي كافٍ. وهذا يعني الانخراط بمساومات ومفاوضات مع القوى البرلمانية تهدف إلى تذليل العقبات أمامه.

المهمة ليست سهلة حتماً، لكن خبرة الساسة اليابانيين التقليديين في التفاوض والمساومات أثبت فعالياتها في مناسبات عدة، بما فيها الفضائح وانهيار التحالفات، وكانت دائماً تثمر عقد صفقات طارئة حتى مع القوى المناوئة.

شينزو آبي (آ. ب.)

 

حقائق

رؤساء وزارات اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

في عام 1955، أي بعد مرور عقد من الزمن على هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، التقى حزبان سياسيان يمينيان وتفاهما على الاندماج في حزب تحوّل ما يشبه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية في العالم.الحزبان المقصودان هما الحزب الحر (أو الحزب الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني، ولقد نتج من هذا الاندماج الحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن على مقدرات السياسة اليابانية منذ ذلك الحين باستثناء خمس سنوات، فقط خسر فيها السلطة لقوى معارضة أو منشقة عنها. وطوال الفترة التي تقرب من 70 سنة خرج من قادة الحزب الكبير زعماء نافذون رسخوا الاستقرار ورعوا الاستمرارية وأسهموا، بالتالي، في تحقيق «المعجزة الاقتصادية» اليابانية المبهرة.وفيما يلي، أسماء رؤساء الحكومات التي تولت السلطة منذ منتصف الخمسينات:- الأمير ناروهيكو هيغاشيكوني (من الأسرة المالكة) 1945- البارون كوجيرو شيديهارا (مستقل) 1945 – 1946- شيغيرو يوشيدا (الحزب الحر) 1946 – 1947- تيتسو كاتاياما (الحزب الاشتراكي) 1947 – 1948- هيتوشي آشيدا (الحزب الديمقراطي) 1948- شيغيرو يوشيدا (الحزب الديمقراطي الليبرالي / الحزب الحر) 1948 – 1954- إيتشيرو هاتاياما (الحزب الديمقراطي الياباني / الحزب الديمقراطي الحر) 1954 – 1956- تانزان إيشيباشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1956 – 1957- نوبوسوكي كيشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1957 – 1960- هاياتو إيكيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 1960 – 1964- إيساكو ساتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1964 – 1972- كاكوي تاناكا (الحزب الديمقراطي الحر) 1972 – 1974- تاكيو ميكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1974 – 1976- تاكيو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 1976 – 1978- ماسايوشي أوهيرا (الحزب الديمقراطي الحر) 1978 – 1980- زينكو سوزوكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1980 – 1982- ياسوهيرو ناكاسوني (الحزب الديمقراطي الحر) 1982 – 1987- نوبورو تاكيشيتا (الحزب الديمقراطي الحر) 1987 – 1989- سوسوكي أونو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989- توشيكي كايفو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989 – 1991- كيئيتشي ميازاوا (الحزب الديمقراطي الحر) 1991 – 1993- موريهيرو هوسوكاوا (الحزب الياباني الجديد) 1993 – 1994- تسوتومو هاتا (حزب «تجديد اليابان») 1994- توميئيتشي موراياما (الحزب الاشتراكي) 1994 – 1996- ريوتارو هاشيموتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1996 – 1998- كايزو أوبوتشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1998 – 2000- يوشيرو موري (الحزب الديمقراطي الحر) 2000 – 2001- جونيتشيرو كويزومي (الحزب الديمقراطي الحر) 2001 – 2006- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2006 – 2007- ياسوو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 2007 – 2008- تارو آسو (الحزب الديمقراطي الحر) 2008 – 2009- يوكيو هاتوياما (الحزب الديمقراطي الياباني) 2009 – 2010- ناوتو كان (الحزب الديمقراطي الياباني) 2010 – 2011- يوشيهيكو نودا (الحزب الديمقراطي الياباني) 2011 – 2012- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2012 – 2020- يوشيهيدي سوغا (الحزب الديمقراطي الحر) 2020 – 2021- فوميو كيشيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 2021 – 2024- شيغيرو إيشيبا (الحزب الديمقراطي الحر) 2024.....