زيارة مودي في حسابات «مثلث» المطامح والمخاوف العالمية

التفاهمات أميركية - هندية... لكن العيون على الصين

بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)
بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

زيارة مودي في حسابات «مثلث» المطامح والمخاوف العالمية

بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)
بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)

اختتم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الأسبوع الماضي، زيارة رسمية تاريخية إلى الولايات المتحدة يتوقع مراقبون من الجانبين، أن تدشن فصلاً جديداً في العلاقات بين البلدين. والملاحظ أنه خلال العقدين الماضيين، انتقلت العلاقات بين نيودلهي وواشنطن من الاستياء خلال حقبة الحرب الباردة إلى التعاون الكامل. وخلال مراسم الاستقبال، جرى إطلاق 21 طلقة احتفاءً بمودي، وأقيمت مأدبتا عشاء ـ إحداهما حميمية والأخرى رسمية ـ على شرف رئيس الوزراء الهندي، بجانب لقائه كبار المديرين التنفيذيين. كذلك شهدت الزيارة توقيع قائمة طويلة من الاتفاقات لشراء محرّكات أميركية للاستعانة بها بطائرات مقاتلة هندية جديدة محلية الصنع، وبناء مصنع ضخم لإنتاج أشباه الموصلات. وتشكل هذه الاتفاقات بداية فصل جديد مذهل من العلاقات القوية بين الجانبين، ومحاولة واضحة منهما لاحتواء الصين.

سبق لمودي أن زار الولايات المتحدة خمس مرات منذ توليه منصبه عام 2014. ومع هذا، تعدّ زيارته الأخيرة أول «زيارة رسمية» له إلى واشنطن، وفيها أصبح مودي ثالث رجل دولة يلقي كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي للمرة الثانية.

أكثر من هذا، بات مودي ثالث زعيم عالمي توجّه له الدعوة لإجراء زيارة رسمية لواشنطن إبان فترة رئاسة الرئيس جو بايدن، بعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول. ويُذكر أنه قبل توليه قيادة الهند عام 2014، رفضت واشنطن منحه تأشيرة دخول بسبب اتهامه بالتورط أعمال عنف شغب معادية للمسلمين عندما كان رئيساً لحكومة ولاية غُجرات.

الجنرال الهندي المتقاعد جي. دي. باكشي أعرب عن اعتقاده بأن زيارة مودي للولايات المتحدة غير مسبوقة، وأردف: «إذ لم يسبق إعداد مثل هذا الاستقبال لرئيس وزراء هندي... بل لم يحظ بهذا المستوى الرفيع من الاحتفاء سوى عدد قليل للغاية من قادة العالم». وتابع: «الرسالة الواضحة إلى العالم من وراء هذا الترحيب الكبير، أن ثمة تحوّلاً واضحاً في المعادلات الجيوسياسية على مستوى العالم، يبيّن صعود الهند كلاعب رئيسي، ويؤشر إلى استمرار تنامي نفوذها بشرط نجاح الدولة في تحقيق نمو بنسبة 7 ـ 8 في المائة على مدى العقدين المقبلين».

من ناحية ثانية، عقد محللون مقارنة بين مودي وبايدن لما كان عليه الوضع بين الزعيم الصيني ماو تسي تونغ عام 1972 والرئيس الأميركي - يومذاك ريتشارد نيكسون. والقصد قدرة الزعيمين على تغيير قواعد اللعبة خلال الحرب الباردة يومذها في مواجهة روسيا، والآن الصين. ومع أن بكين لم تتحول قط حليفاً لواشنطن خلال «شهر العسل» السياسي بينهما في السبعينات والثمانينات، تظل الحقيقة أنها لعبت دوراً حاسماً ضد السوفيات.

في هذا الصدد، شرح آرفيند باناغاريا، النائب السابق لرئيس لجنة التخطيط الهندية: «تذكرون ما حدث عندما وضع ريتشارد نيكسون رهاناته على الصين وما أعقب ذلك. نهضت الصين على الصعيدين الجيوسياسي والاقتصادي. كان هدف الولايات المتحدة محاصرة الاتحاد السوفياتي الموحّد آنذاك».

ولكن الولايات المتحدة ليست وحدها التي تبسط السجادة الحمراء لمودي؛ إذ تلقى الزعيم الهندي دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليكون «ضيف شرف» خلال احتفالات يوم الباستيل (اليوم الوطني لفرنسا)، الشهر المقبل. أيضاً، مع ختام رحلته إلى الولايات المتحدة، زار مودي مصر، ونال وسط الترحيب أعلى وسام شرف مصري هو «قلادة النيل».

هدف احتواء الصين

لقد تغيرت الأمور كثيراً منذ نهاية الحرب الباردة. واليوم، تنظر إدارة بايدن إلى بكين باعتبارها أخطر منافس لواشنطن على المدى الطويل، على الرغم من الجهود المستمرة لإدارة التوترات بين البلدين. وهذا بينما يتساءل البعض عن سبب «مبالغة» واشنطن في استرضاء الهند؟

في الواقع، يشكل أحد العوامل الرئيسية التي تضفي أهمية على زيارة مودي الرسمية لواشنطن، الصعود غير المسبوق للصين، والتحدي الذي يوجهه إلا الهيمنة الأميركية على الشؤون العالمية. واللافت، أن بكين عمدت من جانبها إلى محاولة استغلال جميع نقاط الضعف في الدبلوماسية الأميركية، فمثلاً، في الشرق الأوسط، اضطلعت بكين بدور الوسيط في اتفاق سلام بين المملكة العربية السعودية وإيران. وفي الوقت ذاته، تتودد بكين إلى الفلسطينيين؛ لتبعث بذلك بإشارة إلى كل العرب.

بجانب ذلك، حرصت بكين وتحرص على توسيع دائرة علاقاتها داخل إفريقيا وأميركا اللاتينية. ثم أنها أرسلت رئيس الوزراء لي تشيانغ إلى ألمانيا وفرنسا، هذا الأسبوع؛ لتذكير الأوروبيين بأن اقتصاداتهم مرتبطة بالصين، وأن الأفضل لهم التخلص من المخاطر التي تهدّد علاقاتهم بها. وعليه، يعتقد محللون أن إدارة بايدن ترغب في استغلال نيودلهي في تطويق بكين.

في هذا السياق، أوضح أشواني ماهاجان، البروفسور بجامعة دلهي، أن «زيارة مودي الأميركية اكتسبت أهمية إضافية كذلك بالنظر إلى حقيقة أن الولايات المتحدة تواجه اليوم تحديات هائلة - اقتصادية ودبلوماسية واستراتيجية. وينظر العالم إلى الهند باعتبارها قوة فاعلة ومهمة، لها دورها على الساحة الاقتصادية العالمية اليوم. بعدما كان للدولار الأميركي الهيمنة على الساحة العالمية، بسيطرته على 70 في المائة من احتياطيات العملات الأجنبية عالمياً... اليوم، تراجعت هذه النسبة إلى نحو 54 في المائة. وبالفعل، تعاني الولايات المتحدة راهناً من أسوأ موجة تضخم خلال القرن. وكذلك تلاشت مكانتها كـ(زعيمة) العالم بشكل كبير بعد انسحابها المفاجئ من أفغانستان، وصعود حكومة أصولية هناك. ورغم وجود مرارة بين نيودلهي وواشنطن بخصوص عدد من القضايا، تظل الهند شريكاً مهماً جداً للولايات المتحدة».

نيات الصين تجاه تايوان... هاجس الجميع (أ.ب)

على صعيد موازٍ، وقبل أيام من زيارة مودي، التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الرئيس الصيني شي جينبينغ في بكين. وقال بلينكن: إن البلدين اتفقا على «استقرار» العلاقات التي تدهورت على نحو بالغ، لكن طلبه تنظيم «اتصالات أفضل بين جيشيهما» لم يلقَ آذاناً صاغية. وأعلن الوزير الأميركي بعد لقاء شي أن بكين ليست مستعدة لاستئناف الاتصالات العسكرية؛ الأمر الذي تعدّه واشنطن شرطاً حيوية لتجنب سوء التقدير والصراع، خاصة في ما يتعلق بتايوان.

في أي حال تظل زيارتا مودي وبلينكن على تناقض صارخ؛ ففي حين تتعزز الثقة الاستراتيجية بين نيودلهي وواشنطن ويزداد زخم العلاقات بينهما على مر السنوات، تبدو الشكوك الاستراتيجية بين واشنطن وبكين، مع ما يحمله ذلك من مخاطر محتملة، علنية وواضحة للجميع.

وفي هذا الصدد، علق الكاتب الصحافي الهندي شوباجيت روي قائلاً: إن زيارة مودي الرسمية للولايات المتحدة - التي استمرت ثلاثة أيام - شهدت محاولات من جانب إدارة بايدن لتقريب نيودلهي من سياساتها التي تركز على ما يطلق عليه احتواء الصين. واليوم، تجاوزت الهند الصين من حيث عدد السكان، ومتوسط سن شعبها أصغر بعشر سنوات عن الصين. أضف إلى ذلك أن اللغة الإنجليزية لغة رسمية للهند، وتمارس محاكمها القانون العام، وهي دولة تقوم على نظام ديمقراطي.

بالتالي، ترتبط المعاملة الخاصة التي حظي بها مودي في واشنطن، بالسياسة الخارجية لإدارة بايدن التي تتمحور حول الصين بشكل متزايد، ومحاولاتها «احتواء» صعود بكين في ظل التوترات الواضحة الهندية - الصينية. وعلى الرغم من إغفال ذكر الصين بشكل واضح خلال زيارة مودي الأميركية، بعثت الزيارة إشارة «قوية» إلى بكين ولو بطريقة هادئة ودقيقة. وأعرب الزعيم الهندي بوضوح في خطابه أمام الكونغرس الأميركي عن تأييده «منطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة والشاملة»، وسط تصفيق المشرعين الأميركيين.

الهند أيضاً منشغلة بالصين

إن ما تغيّر بشكل واضح خلال العقد الماضي، نظرة الهند إلى الصين باعتبارها مصدر تهديد. وما يستحق الإشارة هنا، أن الهند والصين دخلتا في أزمة عسكرية على طول حدودهما البالغ طولها 3500 كيلومتر لأكثر عن ثلاث سنوات. وأدى اقتحام القوات الصينية أراضي منطقة لداخ عام 2020 إلى اشتعال اشتباكات دامية بين الجانبين، أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود. ثم أن نظرة الرأي العام في الهند تجاه الصين تعد راهناً الأسوأ منذ حرب عام 1962. وما أعطى الوضوح الاستراتيجي لنيودلهي هو السلوك العدواني للصين على طول الحدود.

وفي هذا صدد، أوضح البروفسور آرفيند كومار، من كلية الدراسات الدولية بجامعة جواهرلال نهرو، أن «الاشتباكات بين الصين والهند على طول حدودهما، حوّلت أكبر دولتين في العالم من حيث عدد السكان إلى متنافسين مرة أخرى داخل منطقتي المحيطين الهندي والهادي. التنافس العائد هذا - بعد عقود من الهدوء بين الجانبين - أدى إلى تقارب المصالح الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند». وأضاف: «من ناحية أخرى، كشفت الحرب في أوكرانيا عن ضعف روسيا، ووفّرت للهند بعض عمليات التحقق من الواقع. وأثار ما يقرب من سنة ونصف السنة من القتال، شكوكاً جدية في قوة منظومة الدفاع الروسي. واليوم، بات لدى الهند، التي تعتمد بشكل كبير على الإمدادات الدفاعية من روسيا، أسباب تدعو للقلق. إذ تدرك نيودلهي اليوم بصورة لا لبس فيها أنها في حاجة إلى الولايات المتحدة والغرب لضمان استمرار نموها وتطورها. وعلى امتداد التاريخ المعاصر، نهضت كل قوة عظمى تقريباً بمساعدة الولايات المتحدة ـ وتعد اليابان وألمانيا ودول أخرى في أوروبا الغربية أمثلة كاشفة على ذلك».

وفي هذه الأثناء، نرى اقتصاد الهند على مسار تصاعدي؛ ولذا اتخذت نيودلهي قراراً استراتيجياً بالمضي قدماً في تعزيز علاقاتها مع واشنطن، للاستفادة من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري لأغنى وأقوى دولة بالعالم. ولكن، مع ذلك، لا تغفل نيودلهي في المقابل، أهمية العلاقات الاقتصادية والعسكرية العميقة مع اليابان وفيتنام وكوريا الجنوبية ـ وجميعهم شركاء في مجموعة جديدة لحلفاء واشنطن في مواجهة الصين.

المشهد الجيوسياسي الآسيوي

الكاتب الصحافي الهندي رجا موهان يرى «أن التفاؤل بالتفاهم بين مودي وبايدن يرسم ملامح تطور في المشهد الجيوسياسي الآسيوي، بعدما خضع في الآونة الأخيرة للهيمنة الصينية التي بدت حتمية. فاليوم، تساعد الشراكة الدفاعية الجديدة بين نيودلهي وواشنطن على تصوّر آسيا غير خاضعة لهيمنة أي قوة واحدة بمفردها. ويجب أن يكون جلياً أن ميثاق الدفاع بين الهند والولايات المتحدة ليس محاولة لاحتواء، بل محاولة لبناء (آسيا متعددة الأقطاب) تتمتع بقدرات ردع كافية، وضمان احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول في المنطقة».

وبالفعل، لدى كل من نيودلهي وواشنطن مصلحة كبرى في بناء علاقات مثمرة مع بكين. ويعكس تعامل نيودلهي الصبور مع بكين على مدى السنوات الثلاث الماضية لاستعادة السلام والهدوء على الحدود المتنازع عليها بينهما، هذا النهج. ففي الماضي، وُصف التعاون الهندي - الأميركي بعبارات مثل «الديمقراطيتان المتخاصمتان» و«العقود الضائعة» و«الحليفان المستحيلان». وتركزت أسباب عجز نيودلهي وواشنطن عن بناء علاقة ثنائية مثمرة في الماضي على الخلاف العميق حول النظام الجيوسياسي المفضل داخل آسيا.

صفقات الأعمال والدفاع

اليوم، من شأن الاتفاقات التجارية المبرمة حديثاً بين الهند والولايات المتحدة، تغيير قواعد اللعبة. فمن جهة توفر الهند سوقاً ضخمة ووجهة استثمارية ممتازة للولايات المتحدة، ودعماً جيداً للبنية التحتية. وستظل مسألة التشارك التكنولوجي محورية للمصالح الثنائية.

ومن بين الاتفاقات الكثيرة الكبرى التي أبرمت خلال زيارة مودي، اتفاق يرتبط بتصنيع محرّكات الطائرات المقاتلة من شركة «جنرال إلكتريك» في الهند، وشراء طائرات «جنرال أتوميكس» المسلحة من دون طيار. وتتسم هذه الصفقات بأهمية بالغة، خاصة أن الهند لطالما رغبت في امتلاك هذه العناصر التي يمكن أن تعينها على كشف ومواجهة تحركات الجيش الصيني. وتتضمن صفقة «جنرال إلكتريك»، التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، تأمين تكنولوجيا محركات نفاثة متطورة لم يسبق لواشنطن التشارك فيها حتى مع حلفائها، ولديها القدرة على ربط الصناعات الدفاعية للبلدين لسنوات عديدة مقبلة.

أيضاً، على الصعيد التكنولوجي، ثمة إعلان مهم آخر يرتبط بشركة «مايكرون تكنولوجي»، أكبر شركة لتصنيع شرائح الذاكرة في الولايات المتحدة. وهي الصفقة التي تمثل أول استثمار ضخم من قِبل شركة أميركية في إطار «المهمة الوطنية المعنية بأشباه الموصلات» التي أعلنتها الإدارة الأميركية، في محاولة لإعادة التوازن إلى سلاسل التوريد بعيداً عن الصين.

وفي تعليق له، قال آرفيند سوبرامانيان، كبير المستشارين الاقتصاديين لمودي بين 2014 و2018، والزميل حالياً في جامعة براون الأميركية: إنه «من المنظور الهندي، تحقق هذه المبادرات هدفين كبيرين». وأوضح في تصريح نقلته صحيفة الـ«واشنطن بوست»، أن «صفقة (جنرال إلكتريك)، على سبيل المثال، جزء من جهد طويل الأمد لوقف اعتماد الهند على روسيا فيما يخص واردات المعدات العسكرية. كما يخدم مصنع الرقائق وصفقات الدفاع هدف نيودلهي المتمثل في تنشيط قطاع التصنيع المحتضر لديها. وسعياً لجذب الاستثمارات الأجنبية؛ أطلقت الحكومة منذ سنوات عدة برنامجاً ضخماً للدعم - في اللحظة ذاتها التي كان مستثمرون يبحثون عن مواقع بديلة للصين في خضم الجائحة».

ختاماً، تدرك حكومة مودي، من جهتها، أنه كي تتمكن من منافسة الصين، التي أطلقت حملة تحديث عسكري استمرت لعقود، فإنها تحتاج إلى معرفة كيفية تعزيز الشركات التكنولوجيا الناشئة؛ كي تتمكن من تصميم التكنولوجيات على نطاق عسكري.

شكوك أميركية بجدية التحالف مع الهند

* رغم التقارب المأمول، تستمر الشكوك داخل أوساط مراكز الأبحاث الأميركية بخصوص فرص تحول الهند إلى حليف رسمي للولايات المتحدة. والمعروف أن الهند رفضت الانضمام إلى الغرب في جهود عزل روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.

ولقد حذّر آشلي تيليس، أحد «مهندسي» اتفاقية التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية مع الهند في عهد إدارة جورج بوش الابن - التي شكّلت الأساس لسنوات من التعاون لاحقاً مع نيودلهي - الشهر الماضي، من أن الولايات المتحدة تخوض «رهاناً رديئاً» بخصوص مودي.

وكتب في دورية «فورين أفيرز» قائلاً: «لقد قاومت الهند دوماً الانجرار إلى تحالفات منظمة، لكنها تصدّر نفسها الآن كقائدة للعالم النامي. أضف إلى ذلك أن سياساتها تتعارض، أحياناً، مع سياسات الولايات المتحدة، وعلى سبيل المثال، كانت نيودلهي عميلاً زبوناً للنفط الرخيص من روسيا، على الرغم العقوبات المفروضة ضد الأخيرة بسبب غزوها أوكرانيا».

وعدّ تيليس أنه «من غير المحتمل» رغم تعزيز العلاقات الدفاعية الهندية - الأميركية، أن تصطف نيودلهي مع واشنطن في مواجهة عسكرية مع الصين بخصوص تايوان أو في بحر الصين الجنوبي، ما دام أن الأمر لا يهدد أمنها بشكل مباشر.

ثورة غضب صينية على «أمنيات» واشنطن

وانغ يي (رويترز)

* وصفت وسائل الإعلام الصينية الحماسة الأميركية تجاه الهند بأنها «تفكير قائم على الأمنيات». ومعلوم أن بكين تدعم حالياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قضية يفغيني بريغوجين. وفي الوقت عينه، ثمة أزمة تجابه «الهدنة» بين واشنطن وبكين بعد وصف الرئيس الأميركي نظيره الصيني شي جينبينغ، بـ«الديكتاتور».

الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية قال أخيراً: «يجب ألا يقوض التعاون العسكري بين الدول السلام والاستقرار الإقليميين، أو استهداف أي طرف ثالث، أو حتى الإضرار بمصالح أي طرف ثالث». وجاء هذا بعد أيام من توقيع الاتفاقيات الدفاعية والتجارية بين نيودلهي وواشنطن.

ايضاً، قبل زيارة مودي للولايات المتحدة، انتقدت وسائل الإعلام المملوكة للدولة في الصين، المواقف الأميركية التي «تدفع بالهند وتكثف جهودها لعرقلة التقدم الاقتصادي للصين». وفي مقال رأي نشرته «غلوبال تايمز»، عدّ وانغ يي، المفوض الأعلى للشؤون الخارجية في الصين، أن الحسابات الجيوسياسية للولايات المتحدة دفعت جهودها لتعزيز التفاعلات الاقتصادية والتجارية مع الهند. وفصّل وانغ «ليس من الصعب قراءة الحسابات الجيوسياسية الأميركية. إن الغاية الأساسية من جهود واشنطن النشطة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع الهند في المقام الأول، إبطاء وتيرة التنمية الاقتصادية للصين. ومع ذلك، هذه الحسابات الجيوسياسية الأميركية محكوم عليها بالفشل؛ لأن مكانة الصين في سلسلة التوريد العالمية يستحيل الاستعاضة عنها بالهند أو أي اقتصاد آخر».

وفي هذا السياق، قال ليو زونغيي، الباحث في معهد شانغهاي للدراسات الدولية في الصين: إن «لدى الهند شهية كبيرة للغاية، وهي تريد كل شيء. أما حيال ما إذا كان بمقدورها التهام كل ذلك، فهذه مسألة أخرى».



وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)
TT

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في المائة مقابل 33 في المائة للديمقراطيين المسيحيين، و15 في المائة للاشتراكيين، و11 في المائة لحزب «الخضر».

لكن اللافت أن الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي لا يحظى حتى الآن بنسبة كافية لدخوله البرلمان الفيدرالي، فتأييده يقف عند 4 في المائة فقط، علماً بأن القانون يشترط الـ5 في المائة حداً أدنى لدخول البرلمان. كذلك سقط حزب «دي لينكا» اليساري المتشدد دون عتبة الـ5 في المائة، إذ يسجل حالياً نسبة تأييد لا تزيد على 3 في المائة بعد انقسامه، وتأسيس زارا فاغنكنيشت حزبها الشعبوي الخاص، الذي لا يبدو أيضاً -حسب الاستطلاعات- أنه سيحصل على نسبة أعلى من 4 في المائة. بالتالي، إذا صدقت هذه الاستطلاعات، فإن أربعة أحزاب فقط ستدخل البرلمان المقبل من أصل سبعة ممثَّلة فيه اليوم. وسيقلص هذا الاحتمال الخليط المحتمل للمشاركة في الحكومة الائتلافية القادمة، بسبب رفض كل الأحزاب التحالف مع حزب «البديل لألمانيا» رغم النسبة المرتفعة من الأصوات التي يحظى بها. وعليه، قد يُضطر الديمقراطيون المسيحيون إلى الدخول في ائتلاف مع الاشتراكيين و«الخضر» مع أنهم يفضلون أصلاً التحالف مع الليبراليين الأقرب إليهم آيديولوجياً.