هل انطلق «قطار السلام» في إثيوبيا؟

مفاوضات بين الحكومة ومتمردي الأورومو على غرار {التيغراي}

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال استقباله نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال استقباله نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني (د.ب.أ)
TT

هل انطلق «قطار السلام» في إثيوبيا؟

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال استقباله نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال استقباله نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني (د.ب.أ)

تسعى الحكومة الإثيوبية لاستثمار سريع في «النجاح النسبي»، الذي حققته، الآن، بعد توقيع «اتفاق سلام» مع متمردي إقليم «التيغراي» في شمال إثيوبيا. وهذا الاتفاق الذي وُقّع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تأمل الحكومة بتعميمه في كل الأقاليم الإثيوبية، التي تعج بالجبهات الإثنية الرافضة للخضوع للحكومة المركزية في أديس أبابا. وبعد نحو 5 أشهر من توقيع اتفاق «التيغراي»، الذي أنهى سنتين من المعارك الدامية بين «الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي»، والقوات الإثيوبية، انطلقت، في تنزانيا، يوم 25 أبريل (نيسان) 2023، مباحثات سلام غير مسبوقة بين سلطات أديس أبابا، ومتمردي إقليم «أوروميا» (حيث يتركز شعب الأورومو)، الذين يقاتلون السلطات بشكل متقطع منذ عقود. ولكن، راهناً تأمل الحكومة، التي يرأسها رئيس الوزراء آبي أحمد - الحاصل على «جائزة نوبل للسلام» عام 2019 - في إبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي «الأورومو»، الذين يشغل إقليمهم معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلَّحة التابعة لشعب «الأورومو»؛ لأنها تخشى انزلاق البلاد إلى حرب داخلية أخرى. غير أن هناك تحديات كبيرة تحيط بمباحثات «الأورومو»، كما يشير مراقبون تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من بينها الإرث الكبير من العداوة وانعدام الثقة بين «الأورومو» والحكومات الإثيوبية المتعاقبة، فضلاً عن التطلعات الكبيرة لجبهة «الأورومو» في السيطرة على السلطة والثروة، باعتبارهم أكبر جماعة عِرقية في إثيوبيا، ومع ذلك يشكون، منذ زمن طويل، من تعرّضهم للتهميش.
كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد أعلن بدء مفاوضات السلام مع «الأورومو»، متعهداً بتفكيك القوات التي أنشأتها بعض الولايات، إبّان حفلٍ أقامه قبل أسبوع، وجمع المشاركين ورعاة عملية السلام بمنطقة «التيغراي». ويومذاك قال إن «مفاوضات السلام ستبدأ في تنزانيا... والحكومة والشعب الإثيوبيان بأمسّ الحاجة إلى هذه المفاوضات، التي أدعو الجميع للقيام بدوره فيها».

عَلم إقليم التيغراي

وبينما لم يذكر رئيس الوزراء أي تفاصيل أخرى عن المفاوضات مع «جيش تحرير الأورومو»، أو المدى الزمني لها، أشارت مصادر إعلامية إثيوبية إلى وجود وسطاء دوليين، بينهم كينيا المجاورة، ومنظمة «الإيغاد»، فيما بدا خضوعاً لاشتراطات «الأورومو». وذكر الدكتور عبد الرحمن أحمد محمد، الخبير الإثيوبي في العلاقات الدولية، وعضو «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية»، في لقاء معه، أن «الجبهة اشترطت سابقاً رعاية طرف ثالث (وسيط) للمفاوضات، كما جرى في اتفاق التيغراي للسلام الموقَّع في جنوب أفريقيا؛ كون متمردي الإقليم لا يثِقون بتنفيذ الحكومة تعهداتها».
في حين قاد مفاوضات «التيغراي» فريق وسطاء من مفوضية «الاتحاد الأفريقي»، يضم الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، والرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، ونائبة رئيس جنوب أفريقيا السابقة فومزيلي ملامبو نكوكا، بالإضافة إلى مشاركة ممثلي الأمم المتحدة والولايات المتحدة بصفتهم مراقبين. وقد أوضح عبد الرحمن محمد، لـ«الشرق الأوسط»، شارحاً أن «هناك حماسةً إثيوبية لحسم الصراعات العِرقية، بعد ما حدث في التيغراي... والفترة المقبلة ستوضح خطوات وملامح تلك المفاوضات، ومَن الأطراف الداعمة لها، خصوصاً في ظل وجود ضغوط دولية متعددة لدفع البلاد نحو مزيد من الاستقرار، بما يعود بتأثيرات إيجابية على منطقة القرن الأفريقي». وتهدف مباحثات تنزانيا إلى «وضع أسس لمباحثات أكثر شمولاً في المستقبل القريب جداً»، وفق الناطق باسم «جيش تحرير الأورومو» أودا تاربي.
وكان الصراع المسلَّح قد اندلع بين سلطات أديس أبابا والمتمردين الأوروميين في عام 1973، عندما أسس هؤلاء «جبهة تحرير الأورومو»، وجناحها المسلَّح «جيش تحرير الأورومو». ومعلوم أن «الأورومو» أكبر شعوب إثيوبيا تعداداً. ووفق إحصاء 2007، يشكل «الأورومو» وحدهم بين 34 و40 في المائة من مجموع سكان البلاد. وكانت جماعة «جيش تحرير الأورومو» متحالفة مع قوات «جبهة تحرير شعب التيغراي»، في حربها ضد الحكومة، إلا أنه يبدو أن الصلح الذي توصلت إليه أديس أبابا مع «التيغراي»، في نوفمبر الماضي، أفضى إلى المفاوضات مع «الأورومو».
- «تصفير الأزمات»
من جهة ثانية، يرى الدكتور محمد شفاء، الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن شعار «تصفير الأزمات»، الذي ترفعه حكومة آبي أحمد لإرضاء شعب «الأورومو» ليس كافياً. ويضيف: «لا يزال الأورومو يشعرون بتهميش كبير، مع أن رئيس الوزراء آبي أحمد ينتمي إليهم... وهم يعتبرون أن وجوده على رأس السلطة، منذ نحو 5 سنوات، لم يحلَّ المشكلات، بل إن مناطقهم ما زالت تعاني من ضعف في التنمية، كما أنها بعيدة تماماً عن تقاسم الثروة في البلاد». ويضع شفاء عدداً من التحديات في مواجهة الحوار المزمع؛ أبرزها أن للأورومو «تطلعات أكبر وأبعد من التيغراي، فهم يعتقدون أنهم أصحاب البلد... وعانوا من ظلم العِرقيات الأخرى». ويتابع «أنهم لا يسعون إلى فيدرالية أو كونفدرالية، بل يتكلمون عن امتلاك إثيوبيا، واعتبار لغتهم هي اللغة الرسمية للبلاد، بدلاً من الأمهرية... وهذا مَكمن صعوبة المفاوضات عن سابقتها مع التيغراي... لكن الأمل يبقى في دور الضغوط الدولية لتقريب المسافات».
في هذا السياق يلفت مراقبون إلى محاولة «الأورومو» توظيف حالة الإنهاك التي تعانيها القوات الإثيوبية، من أجل تحقيق مكاسب، عبر التوصل إلى اتفاق مماثل للاتفاق الذي أبرمته الأخيرة مع «التيغراي». ووفق دراسة أعدَّها أحد مراكز الأبحاث المتخصصة، فإن هذا الطرح تدعمه تصريحات أطلقها بعض النشطاء من «الأورومو»، الذين ألمحوا إلى ضرورة أن «تستفيد» حكومة أديس أبابا من تجربتها في محاربة «التيغراي»، إذ ثبتت قلة فاعلية الحل العسكري في حسم الصراعات في إثيوبيا، ثم إنه لا بد من أن تأخذ أديس أبابا في الاعتبار اختلافاً جوهرياً بين الصراعين، مع «التيغراي» الذين يقدَّر تعدادهم بنحو 5 ملايين نسمة، و«الأورومو» الذين يتجاوزون الـ40 مليون نسمة.
- حوار وطني شامل
الكلام عن حلحلة الصراع مع «الأورومو»، ومِن قبله اتفاق «التيغراي»، يأتي في خضم تجهيزات لـ«حوار وطني» إثيوبي شامل، محدد له شهر مايو (أيار) المقبل، وفق رئيس لجنة الحوار الوطني؛ البروفيسور مسفين أرايا. ووفق تاجسي تشافو، رئيس مجلس النواب، فإن الحوار الوطني هو من «أولويات الحكومة، باعتباره السبيل الوحيدة لحل التحديات التي تواجه إثيوبيا، من خلال بناء إجماع وطني حول القضايا الأساسية».
ولعلَّ ما يجعل الأمور أكثر تشجيعاً للتفاؤل، أنه على مدار الأشهر الماضية، أظهرت الحكومة الإثيوبية ومتمردو «التيغراي» جدية في تنفيذ اتفاق السلام، وذلك بتنفيذ عدد من بنود الاتفاق؛ على رأسها إدخال المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية إقليم «التيغراي»، الذي يعاني من انقطاع عن العالم الخارجي لسنتين، في مقابل تسليم المتمردين مزيداً من الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم، ودمج مقاتليه في الجيش الوطني.
وحقاً، خلال الأشهر الفائتة، استؤنف تسليم المساعدات للإقليم، الذي عانى، لفترات طويلة، من نقص حادّ في الغذاء والوقود والسيولة والأدوية، كما بدأت عملية نزع سلاح المتمردين، وعودة السلطات الفيدرالية لممارسة مهامّها، كما شطب اسم الجبهة من «قائمة الإرهاب» الحكومية. ووفق العميد ديريبي ميكوريا، نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، في منتصف أبريل، «سلّمت الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة، التي سبق جمعها حول منطقة دينقولات في الإقليم». وينص اتفاق السلام على نزع سلاح الجبهة، وعودة السلطات الفيدرالية إلى الإقليم الشمالي المتمرد، وإعادة ربط الإقليم بالخارج.
هذا، وكانت «جبهة تحرير التيغراي» قد سلَّمت أسلحتها الثقيلة إلى القوات الإثيوبية، في يناير (كانون الثاني) الماضي، في جزء من عملية السلام التي قادها «الاتحاد الأفريقي». وأشرف على عملية نقل الأسلحة، التي جرت في مدينة أغولاي، مجموعة من مراقبي الجانبين ومندوبون من منظمة «إيغاد». ومن المقرر، وفق مفوض «إعادة التأهيل الوطني» تيشومي توغا، أن يبدأ تسجيل المقاتلين السابقين التابعين في الجبهة، خلال يونيو (حزيران) المقبل.
من جهته، يعتقد غيتاشو رضا، رئيس الإدارة المؤقتة لإقليم «التيغراي»، أن الطرفين «حقّقا تقدماً في عملية نزع السلاح، وتسريح ودمج المقاتلين، حتى الآن... والعمل جارٍ حالياً على إكمال مهمة جمع الأسلحة الثقيلة لإعادة الدمج بشكل كامل، والعمل على الأنشطة التنموية بشكل أفضل». وترهن حكومة أديس أبابا عملية دمج المقاتلين السابقين في «التيغراي» ضمن قوات الجيش الوطني، بـ«النزع الكامل» لأسلحة المتمردين.
ووفقاً لغيتاشو رضا، فإن الثقة بين سلطات أديس أبابا، و«الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي»، «تحسنت بشكل كبير، إذ اختار الجانبان العمل في شراكة وثيقة، من خلال إدراك الحقيقة، وأنه لن يكون هناك بديل آخر للسلام». وأردف: «إن شعب التيغراي لا يسمح بعرقلة عملية السلام التي يتمتع بها الآن»، مشدداً على الحاجة إلى الحفاظ على جهود بناء السلام الجارية؛ بهدف تسريع التنمية؛ «لأنه هو مصيرنا المشترك الوحيد»، داعياً جميع السياسيين للعمل بالتعاون.
- مساندة وترقب دولي
على صعيد أوسع، أسهمت الخطوات المتتالية المحققة لتنفيذ اتفاق السلام في «التيغراي»، وعودة الخدمات الأساسية، في استعادة لافتة لثقة المجتمع الدولي في حكومة أديس أبابا. ووفق مسؤولين إثيوبيين، تجلَّى هذا في زيارات مسؤولين أميركيين وأوروبيين أخيراً، بعد قطيعة دامت سنتين. في المقابل، يشير مراقبون إلى مطالب أساسية، ما زالت «موضع اختبار» من جانب القوى الدولية لحكومة آبي أحمد، أبرزها ملفا «العدالة الانتقالية، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب».
والواقع أن الحكومة الإثيوبية تسعى إلى استعادة ثقة المجتمع الدولي بجهودها لإرساء حالة استقرار سياسي وأمني؛ على أمل مشاركة دولية واسعة في إعادة الإعمار، من خلال استثمارات في البنية التحتية ومساعدات اقتصادية.
وفي مطلع أبريل، تلقّت سلطات أديس أبابا دعماً مالياً من «الاتحاد الأوروبي»، و«وكالة التنمية الفرنسية»، بقيمة 32 مليون يورو، عبر اتفاقية تمويل تهدف، وفق وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية)، إلى العمل على «مشروع الأمن الغذائي، وتدابير إعادة التأهيل الزراعي في المناطق المتضررة من النزاع في إثيوبيا، والذي جرى تمويله بمبلغ 18 مليون يورو من (الوكالة الفرنسية للتنمية)، و14 مليون يورو من (الاتحاد الأوروبي) على التوالي».
وبموجب الاتفاقية، سيُصار إلى تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً، من خلال إنعاش الإنتاج الزراعي بهذه المناطق، وتعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي في إثيوبيا.
وهنا يرى ياسين أحمد، رئيس «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية» في العاصمة السويدية إستوكهولم، أن الجهود الملموسة التي تبذلها الحكومة الإثيوبية مع شركائها الأفارقة أسهمت في توطيد تدريجي للعلاقات مع القوى الكبرى، وتخفيف الضغوط على حكومة آبي أحمد. وأضاف، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن واشنطن، والاتحاد الأوروبي، على وجه الخصوص، يضغطان من أجل تعزيز اتفاق السلام في التيغراي؛ «خوفاً من انتكاسة تؤثر على أمن القرن الأفريقي ككل».
ورأى الخبير الإثيوبي في زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لأديس أبابا، خلال مارس (أذار) الماضي - وهي الأولى لمسؤول أميركي منذ سنتين - ومِن قبله وزيرتا خارجيتي ألمانيا وفرنسا في يناير، «تجسيداً لهذا التوجه».
ثم إنه، قبل أيام، أبدى «الاتحاد الأوروبي» استعداده لإعادة إطلاق برنامجه الإرشادي المتعدد السنوات، لمواكبة المزيد من التقدم في تعزيز حل النزاعات سلمياً، والمصالحة، واستقرار الاقتصاد الكلي في إثيوبيا. ونصّ بيان لمجلس الاتحاد على أن الاتحاد «يشجع بقوة المؤسسات المالية الدولية على مساعدة حكومة إثيوبيا في معالجة الوضع الاقتصادي الحرِج في البلاد، من خلال أجندة الإصلاح الاقتصادي، والدول الدائنة على العمل من أجل الانتهاء السريع لعملية إعادة هيكلة الديون من خلال الإطار المشترك». كذلك رحّب مجلس «الاتحاد الأوروبي» بالتقدم الكبير في تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، ولا سيما فيما يتعلق بإسكات البنادق، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية، وإطلاق «اللجنة الوطنية لإعادة التأهيل»، لمعالجة نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج.

إضاءة على التركيبة الديمغرافية لإثيوبيا

> تتشكل إثيوبيا من 11 إقليماً، مع تمايز عِرقي ولغوي متنوع تعبر عنه 9 مكوّنات رئيسة.
من الناحية اللغوية، توجد في إثيوبيا نحو 100 لغة يمكن تقسيمها إلى 4 «مجموعات لغوية» رئيسة هي: المجموعة الأفروآسيوية، وتضم اللغات السامية (الأمهرة والتيغراي/ التغرينيا والغوراغ والهررية)، والكوشية (الأورومو والسيدامو والصومالية والعفر والهاديا والكامباتا)، والأومية، ثم هناك المجموعة النيلية – الصحراوية، التي تضم في إثيوبيا لغة الكوناما، ولكنها خارج حدودها تشمل عدة لغات؛ منها الدينكا والفور في السودان، واللوو في كينيا، والصنغاي في غرب أفريقيا.

مقاتلون من «جيش تحرير الأورومو» (غيتي)

شعب الأورومو هو أكبر مكون عِرقي - لغوي في إثيوبيا، ويتركز في إقليم أوروميا بوسط البلاد، ويشكل بمفرده أكثر من ثلث عدد السكان، الذي تَجاوز 100 مليون نسمة، وأبناؤه يتكلمون اللغة الأورومية الكوشية، ويعملون بالزراعة والرعي. وكانت احتجاجات «الأورومو» المناهضة للحكومة قد اندلعت عام 2015 بسبب نزاع بين مواطنين غالبيتهم من الأورومو والحكومة حول ملكية بعض الأراضي، إلا أن رقعة المظاهرات اتسعت لتشمل المطالبة بالحقوق السياسية، وحقوق الإنسان، وأدّت لمقتل المئات واعتقال الآلاف. وأجبرت المظاهرات الائتلاف الحاكم، في نهاية المطاف، على إبدال رئيس الوزراء في حينه هايلي مريام ديسالين، بآبي أحمد، الذي ينتمي إلى عِرقية «الأورومو»، لكن، مع هذا، تجددت الاحتجاجات قبل 3 سنوات، وسقط عشرات المتظاهرين في الإقليم، عقب مقتل المغني هاشالو هونديسا، في يوليو (تموز) 2020، وحالياً، الوضع ليس بأفضل حال، رغم وجود آبي أحمد في الحكم.
أما ثاني أكبر مكونات في إثيوبيا، شعب الأمهرة، الذين يتكلم أبناؤه اللغة الأمهرية السامية، وهي اللغة الرسمية للجمهورية الإثيوبية، ويشكل الأمهرة نحو 27 في المئة من عدد السكان. ووفق المعتقد التقليدي، فإن أصول الأمهرة ترجع إلى سام الابن الأكبر لنوح، الذي وردت قصته في العهد القديم.
ثالث الشعوب البارزة، التيغراي، الذين يشكلون نحو 6.1 في المئة من الشعب الإثيوبي، ويتركزون في شمال البلاد وعبر الحدود في إريتريا. وكانت «الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي» أقوى أطراف الائتلاف الحاكم في إثيوبيا لسنوات عدة، لكن رئيس الحكومة الحالي آبي أحمد كبح نفوذها بعد تولّيه السلطة عام 2018. وساءت العلاقات بين الجانبين، قبل سنوات، بعدما حلّ آبي أحمد الائتلاف الحاكم، الذي كان يتألف من عدة أحزاب إقليمية عِرقية. ثم أعلن أحمد دمج الأحزاب في حزب وطني واحد أطلق عليه «حزب الرخاء»، لكن الجبهة رفضت الانضمام إليه، وقررت محاربته سياسياً وعسكرياً. وبعد حروب دامية راح ضحيتها الآلاف، وقّع اتفاق سلام في نوفمبر 2022.
المكون الرابع المهم هم الصوماليون، الذين يشكلون نحو 6.1 في المئة من تعداد الشعب الإثيوبي، وهم يتركزون في منطقة أوغادين، كما ينتشرون في أنحاء مختلفة من البلاد، وأخيراً هناك مكونات أصغر حجماً، أبرزها الغوراغ، والولياتا، والعفر، والهاديي، والغامو، وغيرها.



ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
TT

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في أزمة سياسية بعد الانهيار المفاجئ للحكومة الائتلافية التي يرأسها المستشار أولاف شولتس. وبهذا التطوّر بات شولتس أحد أقصر المستشارين حكماً في ألمانيا؛ إذ إنه قبل إكماله 3 سنوات على رأس الحكومة الائتلافية التي تمثل 3 أحزاب (اشتراكي وليبرالي وبيئي «أخضر») صار المستشار رئيساً لحكومة أقلية مؤلفة من حزبين بانتظار الانتخابات المبكرة التي حُدّد موعدها يوم 23 فبراير (شباط) المقبل.

الحكومة الألمانية ترنّحت إثر انسحاب «ضلعها» الليبرالي، الحزب الديمقراطي الحر، منها. ورغم انسحاب الحزب، أراد رئيسها المستشار أولاف شولتس الاستمرار على رأس «حكومة أقلية» حتى نهاية مارس (آذار)، وهو التاريخ الذي حدّده في البداية لإجراء الانتخابات المبكرة عوضاً عن نهاية سبتمبر (أيلول).

لكن أمام ضغوط المعارضة وافق المستشار وزعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) على تقريب الموعد شهراً آخر. وحتى بعد إجراء الانتخابات، فإن فترة الشكوك قد تستمر لأسابيع أو أشهر إضافية. وللعلم، في ألمانيا، لم يسبق أن فاز أي حزب بغالبية مطلقة تسمح له بتشكيل حكومة منفرداً. وبالنتيجة، حكمت ألمانيا (الغربية أساساً) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حكومات ائتلافية قادها إما محافظو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) أو اشتراكيو الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط).

فريدريش ميرتز (آجنزيا نوفا)

اليمين عائد... لكن!

هذه المرة يبدو أن الديمقراطيين المسيحيين (الحزب الذي قادته لفترة أنجيلا ميركل) يتجهون لاستعادة السلطة. فحزبهم تصدر استطلاعات الرأي بفارق كبير بنسبة تصل إلى 33 في المائة، وهي أعلى من النسبة التي تتمتع بها الأحزاب الثلاثة التي شكَّلت حكومة شولتس مجتمعة، قبل انهيارها. غير أن اختيار الحزب الشريك - أو الأحزاب الشريكة – في ائتلاف الديمقراطيين المرتقب، قد يكون أمراً معقّداً ويستغرق وقتاً طويلاً.

عقبة البيروقراطية

من ناحية ثانية، رغم محاولات الديمقراطيين المسيحيين تقريب موعد الانتخابات أكثر، مستفيدين من تقدم حزبهم في استطلاعات الرأي، ودعوات جمعيات الأعمال لتقليص فترة الشك والغموض في بلد لم يشهد نمواً اقتصادياً منذ 5 سنوات، فإن البيروقراطية الألمانية شكّلت عائقاً أساسياً أمام ذلك.

وحقاً، لا يقع اللوم في تأخير الانتخابات لنهاية فبراير (شباط) فقط على تشبّث شولتس بإطالة عمر حكومته العاجزة عن العمل. ذلك أنه فور انهيار الحكومة، وبدء الكلام عن انتخابات جديدة، دقّت «هيئة الانتخابات» جرس الإنذار محذّرة من أن التسرّع في إجرائها قد يؤدي إلى أخطاء تسببت بإعادتها. ورأت «الهيئة» ضرورة إفساح الوقت الكافي لتحضير اللوائح، وطبع الأوراق، وتحديات العثور على ورق كافٍ ومطابع جاهزة للعمل في خلال مدة زمنية قصيرة.

نقاط خلافية جدّية

ورغم سخافة هذا المشهد، فهو يعكس واقعاً في ألمانيا المقيدة بالبيروقراطية التي تعيق الكثير من تقدّمها، وكان واحداً من أسباب انهيار الحكومة في النهاية. فقد فشلت حكومة شولتس بإدخال أي إصلاحات لتخفيف البيروقراطية رغم التوصيات المتكرّرة من اختصاصيين. ولقد صدرت آخر هذه التوصيات الأسبوع الماضي من «مجلس الخبراء الاقتصادي»، وهو «مجلس حكماء» مدعوم من الحكومة، دعا إلى تقليص البيروقراطية وتسريع «المكننة» كواحدة من الخطوات الرئيسة لتحقيق النمو الاقتصادي.

وللعلم، كانت تلك واحدة من الخلافات الأبرز بين أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة. فليبراليو الحزب الديمقراطي الحر (وسط) - الذي يعتبر مؤيداً لمجتمع الأعمال والشركات الكبرى - دفعوا منذ تشكيل الحكومة إلى «تقليص البيروقراطية»، خصوصاً على الشركات، إضافة إلى تخفيض الضرائب عنها، لكن أولويات الاشتراكيين وحزب «الخضر» البيئي تمثّلت بزيادة المعونات الاجتماعية والاستدانة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضتها تبعات حرب أوكرانيا وجائحة «كوفيد - 19».

قضية الإنفاق العام

شكّل الإنفاق العام نقطة خلافية أخرى مع الليبراليين الذين رفضوا التخلي عن بند كبح الديون الذي يوصي به الدستور الألماني إلا في الحالات القصوى. وجرى التخلي عن هذا البند بعد جائحة «كوفيد - 19» عندما اضطرت الحكومة إلى الاستدانة والإنفاق لمساعدة الاقتصاد على النهوض. وفي المقابل، أراد الاشتراكيون و«الخضر» مواصلة العمل بتعليق بند كبح الديون ضمن خطط إنعاش الاقتصاد وتمويل الحرب الأوكرانية، لكن ليندنر رفض رغم أن «مجلس الخبراء» أوصى ببحث هذا البند وتخفيف التقيد به.

هكذا أدى الخلاف على إجراءات إنعاش الاقتصاد وميزانية عام 2025 إلى انفراط التحالف مع الليبراليين، ودفع بشولتس إلى طرد زعيمهم ووزير المالية كريستيان ليندنر، الذي قدم مقترحاً لتقليص البيروقراطية وخفض الضرائب مقابل خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل الحرب في أوكرانيا من دون زيادة الدين العام.

الاشتراكيون بقيادة شولتس وحزب «الخضر» رفضوا مقترح ليندنر من دون القدرة على التوصل إلى «حل وسط»، مع أن المستشار اعتاد المساومة والحلول الوسطى منذ تشكيل حكومته التي غالباً ما شابتها الخلافات الداخلية.

وطبعاً، دفع طرد ليندنر الوزراء الليبراليين للتضامن مع زعيمهم والاستقالة... ما فرط عقد الحكومة. وبعد أيام من الجدل حول موعد الانتخابات المقبلة، اتفقت الأحزاب على طرح الثقة بالحكومة يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) - ويتوقع أن تخسرها بعد خسارتها الغالبية البرلمانية - ما سيؤدي إلى انتخابات عامة حدد موعدها في 23 فبراير.

كريستيان ليندنر (رويترز)

الاقتصاد أساس الأزمة

نقطة إنعاش الاقتصاد تظهر الآن نقطةً خلافية أساسية، بينما يراوح الاقتصاد الألماني مكانه عاجزاً عن تحقيق أي نمو يذكر. ثم أن مئات الشركات الصغيرة والوسطى أقفلت خلال العامين الماضيين، وبدأت حتى كبرى شركات السيارات تعاني خسائر دفعت بشركة «فولكسفاغن» العملاقة إلى إقفال 3 من مصانعها العشرة في ألمانيا.

مع هذا، لا يمكن لوم سياسات الحكومة والخلافات الداخلية حول التعامل مع الاقتصاد وحدها، لتبرير تدهور الاقتصاد الألماني خلال السنوات الثلاث الماضية. إذ بدأت حكومة شولتس عملها في خضم جائحة «كوفيد - 19» التي تسببت بأزمات اقتصادية عالمية، وتلت الجائحة الحرب الأوكرانية وتبعاتها المباشرة على ألمانيا، التي كانت تستورد معظم حاجاتها من الغاز من روسيا. وقد تعاملت حكومة شولتس مع انقطاع الغاز الروسي السريع عن ألمانيا بحكمة، ونجحت في تعويضه بسرعة من دون التسبب بأزمة نقص للغاز في البلاد. وأيضاً اتخذت تدابير لحماية المستهلكين من الارتفاع الكبير في الأسعار، مع أنها ما كانت قادرة على تفادي التداعيات بشكل كامل.

من ثم، تحوّلت الحكومة إلى ما يشبه حكومة إدارة الأزمات والسياسات السيئة الموروثة عن الحكومات السابقة. لكن حتى هنا، يمكن تحميل الاشتراكيين بعض مسؤولية السياسات الاقتصادية السيئة، ومنها اعتماد ألمانيا بشكل متزايد طوال حكومات أنجيلا ميركل الأربع على الغاز الروسي، والسبب أن الاشتراكيين شاركوا في ثلاث من هذه الحكومات، وشولتس نفسه كان وزيراً للمالية ثم نائب المستشارة.

علاقة الاشتراكيين بروسيا

من جانب آخر، لم يساعد القرب التاريخي للاشتراكيين من روسيا حكومة شولتس بإبعاد نفسها عن موسكو؛ إذ بقي المستشار متردداً لفترة طويلة في قطع العلاقات مع روسيا ودعم أوكرانيا. ومع أن ألمانيا تحوّلت الآن إلى ثاني أكبر داعم عسكري لكييف بعد واشنطن، فإن تردد شولتس شخصياً في كل قرار يتعلق بتسليح أوكرانيا، غالباً ما وضعه في مواجهة مع حليفيه في الحكومة وكذلك مع المعارضة. وللعلم، يعتمد شولتس سياسة حذرة في دعم أوكرانيا ولا يؤيد ضمها لـ«ناتو» (حلف شمال الأطلسي)؛ تخوفاً من استفزاز روسيا أكثر وخشيته من دفعها لتوسيع الصراع.

في أي حال، كرّر شولتس القول في كل مناسبة بضرورة استمرار دعم أوكرانيا، وكان هذا واحداً من أسباب الخلافات حول الميزانية التي أدت إلى انهيار الحكومة، فوزير المالية أراد اقتطاع مخصّصات اجتماعية لتمويل الحرب في حين شولتس أراد الاستدانة لذلك رافضاً المس بالإعانات.

وحيال أوكرانيا، مع أن مقاربة تمويل الحرب في أوكرانيا تختلف بين الأحزاب الألمانية، لا خلاف على دعم كييف لا خلاف عليه. بل يتشدّد الديمقراطيون المسيحيون المتوقع فوزهم بالانتخابات وقيادتهم الحكومة المقبلة أكثر في دعمهم. ويؤيد زعيم حزبهم، فريدريش ميرتز، الذي قد يصبح المستشار القادم، أوكرانيا ضم أوكرانيا «فوراً» إلى «ناتو» بخلاف شولتس، كما يؤيد إرسال صواريخ «توروس» البعيدة المدى والألمانية الصنع إليها، بينما يعارض شولتس ذلك.

وهنا نشير إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كان طوال السنوات الماضية، منذ تفجّر الحرب الأوكرانية، شديد الانتقاد لتردّد المستشار الاشتراكي في قرارات تسليح كييف وقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، رغم أنه كان المسؤول عن وصول العلاقات الاقتصادية إلى مرحلة الاعتماد الألماني على الطاقة الروسية... كما كان حاصلاً قبل الحرب.

على الحكومة الجديدة التعامل مع ترمب

في ملف العلاقات الاقتصادية

أولاف شولتس (رويترز)

تبعات عودة ترمب

في اتجاه موازٍ، مقاربة الحرب الأوكرانية ستضع أي حكومة ألمانية جديدة في مواجهة محتملة مع إدارة دونالد ترمب القادمة في واشنطن. إذ ستضيع ألمانيا شهوراً ثمينة في تحديد سياستها مع العد العكسي للانتخابات المبكرة وتفاوض الأحزاب خلالها على تشكيل حكومة ائتلافية.

ولن يكون أمام الحكومة الجديدة فقط تحدي التعامل مع إدارة ترمب في ملف أوكرانيا، بل أيضاً في ملف التجارة والعلاقات الاقتصادية. ذلك أن ترمب في عهده الأول دأب على انتقاد ألمانيا بسبب ضخامة صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبخاصة السيارات، التي تفوق بأضعاف الصادرات الأميركية إليها. وبالفعل، هدَّد آنذاك برسوم على السيارات الألمانية في حال لم تزد برلين وارداتها من الولايات المتحدة خاصة الغاز الأميركي الذي كان ترمب يضغط على ميركل لاستيراده عوضاً عن الغاز الروسي. بالتالي، مع عودة ترمب، ستعود المخاوف من حرب اقتصادية مع واشنطن قد تكون إذا وقعت مدمّرة لقطاع السيارات الألمانية. وحقاً، خفّضت كل الشركات الألمانية الكبرى سقف توقّعاتها للأرباح في الأشهر المقبلة، بعد تراجع مبيعاتها في الأسواق الخارجية وتحديداً الصين، بشكل كبير. وقد يشكّل تقلّص سوقها في الولايات المتحدة ضربة جديدة لها يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن تبعاتها ستكون مؤلمة للاقتصاد الألماني.

حسابات الانتخابات المقبلة

عودة إلى حسابات الداخل، لم يطرح الزعيم الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتز، في الواقع، فكرة إعادة وزير المالية المعزول كريستيان ليندنر إلى حكومته المحتملة. لكن سيتوجّب أولاً على حزب ليندنر، أي الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) أن يكسب أصواتاً كافية لتمثيله في البرلمان. وحتى مع تحقيق هذا قد لا يكون التحالف بين الحزبين كافياً لضمان الغالبية، إلا إذا حصلت مفاجأة وحقق أحد الحزبين نتائج أعلى من المتوقع في الاستطلاعات، كما فعل الاشتراكيون في الانتخابات الماضية عندما نالوا قرابة 26 في المائة متقدمين على الديمقراطيين المسيحيين الذين نالوا 24 في المائة من الأصوات. ويومذاك كانت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات تشير إلى شبه تعادل بين الحزبين.

من ثم، في حال بقاء ليبراليي الحزب الديمقراطي الحر خارج الحكومة، قد تعيد ألمانيا إنتاج حكومة يشارك فيها الحزبان الرئيسان المتناقضان في سياساتهما الاجتماعية والاقتصادية، أي الاتحاد الديمقراطي المسيحي اليميني والحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي). وقد يُجبَر الحزبان على ضم شريك ثالث يرجح أن يكون حزب «الخضر» في حال غياب الليبراليين عن المشهد. وقد تعيد هكذا حكومة ثلاثية فترة الخلافات والاضطراب التي شهدتها ألمانيا في ظل الحكومة الثلاثية الحالية التي رغم انجازاتها، لا يذكر كثيرون إلا الخلافات التي شابتها.وحتى ذلك الحين، فإن التحديات التي ستواجهها أي حكومة ألمانية قادمة، تجعل من فترة انتظار الانتخابات وتشكيل الحكومة، فترة صعبة ستزيد من عمق الأزمة الاقتصادية وتشرذم الموقف الألماني والأوروبي أمام الإدارة الأميركية.