«الروبوتات الاجتماعية» تتدرب «افتراضياً»... فهل تستغني عن البشر؟

الروبوت «Pepper» يفهم الإشارات مثل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت وحركة العين (جامعة كورنيل)
الروبوت «Pepper» يفهم الإشارات مثل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت وحركة العين (جامعة كورنيل)
TT

«الروبوتات الاجتماعية» تتدرب «افتراضياً»... فهل تستغني عن البشر؟

الروبوت «Pepper» يفهم الإشارات مثل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت وحركة العين (جامعة كورنيل)
الروبوت «Pepper» يفهم الإشارات مثل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت وحركة العين (جامعة كورنيل)

صُمِّمت الروبوتات الاجتماعية خصوصاً للتفاعل مع البشر بطريقة طبيعية شبيهة بالإنسان، من خلال الكلام، والإيماءات، وتعبيرات الوجه. وتهدف هذه الروبوتات إلى تحسين جودة الحياة في مجالات متعددة، مثل: التعليم، والرعاية الصحية، وخدمة العملاء؛ إذ يمكنها تقديم المساعدة والدعم النفسي أو حتى الترفيه.

روبوتات اجتماعية

ومن الأمثلة الشهيرة على الروبوتات الاجتماعية، روبوت «Pepper» الذي يعمل مساعداً في المتاجر، و«Paro» الذي يُستخدم في علاج مرضى الخرف. وبفضل تقدّم تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت الروبوتات الاجتماعية قادرة على فهم مشاعر الإنسان والتفاعل معها بشكل أكثر دقة وفاعلية.

وحتى وقت قريب، كانت الروبوتات الاجتماعية تعتمد بشكل كبير على البشر في مراحل التدريب الأولى، خصوصاً لاختبار مدى قدرتها على التفاعل الاجتماعي، مثل تتبّع نظرات العين، وفهم الإيماءات، والاستجابة للكلام وتعابير الوجه. وتتم هذه الاختبارات غالباً عبر تجارب مباشرة مع مشاركين من البشر، وهو ما يتطلّب وقتاً طويلاً وموارد بشرية كبيرة.

لكن دراسة لباحثين من جامعة سري البريطانية تُمثّل نقلة نوعية في هذا المجال؛ حيث طوّروا نموذج محاكاة يمكنه استبدال محاكاة رقمية تعتمد على بيانات حقيقية بالاختبارات البشرية المبكرة، وهذا يُمكّن الروبوت من التدرّب على التفاعل الاجتماعي بشكل مستقل في بيئات افتراضية، قبل أن يُختبر مع البشر في المراحل المتقدمة، وعُرضت النتائج يوم 23 مايو (أيار) 2025 أمام المؤتمر الدولي للروبوتات والأتمتة (ICRA) لعام 2025 في أتلانتا بالولايات المتحدة.

الروبوت «Pepper» مصمم للتفاعل مع البشر بطريقة طبيعية وودية من خلال فهم الإشارات مثل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت وحركة العين (جامعة سان دييغو)

وباستخدام روبوت بشري الشكل، طوّر الباحثون نموذجاً لتوقّع مسار النظرات، يُمكّن الروبوت من التنبؤ بالمكان الذي سينظر إليه الإنسان في بيئة اجتماعية. وقد جرى اختبار النموذج باستخدام مجموعتَيْن من البيانات المتاحة للجمهور، وأظهرت النتائج أن الروبوت استطاع تقليد حركة العين البشرية بدقة عالية.

وبالاعتماد على تقنية متقدمة، قارن الباحثون تركيز انتباه الروبوت المتوقع بتركيز الإنسان الحقيقي، مما أتاح لهم تقييم دقة الانتباه الاجتماعي لدى الروبوت في ظروف شبه واقعية، دون الحاجة إلى تجارب ميدانية مكلفة في المراحل الأولى من التطوير.

وأظهر الروبوت قدرته على محاكاة حركات العين البشرية بدقة كبيرة، مما يعني إمكانية توجيه انتباهه إلى الأشياء أو الأشخاص كما يفعل البشر في مواقف اجتماعية. وأثبت الباحثون أن الروبوتات المزوّدة بهذا النموذج قادرة على تقليد أنماط النظرات البشرية بدقة حتى في البيئات المليئة بالضوضاء البصرية، مثل الفصول الدراسية أو صالات المستشفيات.

مزايا رئيسية

يُعد هذا النهج، وفق الباحثين، ثورة في أساليب تدريب الروبوتات الاجتماعية التي تُستخدم في مجالات، مثل: التعليم، ورعاية المسنين، وخدمة العملاء؛ إذ يعتمد نجاحها على فهم الإشارات الاجتماعية البشرية مثل اللغة البصرية، وتعبيرات الوجه. وتقول الباحثة المشاركة في الدراسة ومحاضرة علم الأعصاب الإدراكي بجامعة سري، الدكتورة دي فو، إن «نموذج المحاكاة الجديد يُمكّننا من معرفة ما إذا كان الروبوت يركز على الأمور الصحيحة كما يفعل الإنسان، دون الحاجة إلى وجود بشري فعلي في كل تجربة. إنه تطور مهم نحو توسيع نطاق التجارب وتحسين أداء الروبوتات في مواقف الحياة الواقعية».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن المحاكاة «تتيح إجراء اختبارات قابلة للتكرار وعلى نطاق واسع دون مشاركة بشرية فعلية، ما يجعل من الممكن تقييم النماذج في ظروف خاضعة للسيطرة ضمن دراسات التفاعل بين الإنسان والروبوت؛ الأمر الذي يُسهم في تسريع وتيرة تطوير الروبوتات وتقليل التكاليف المرتبطة بالتجارب المبكرة».

وأوضحت أنه على سبيل المثال، «إذا كنت تطوّر روبوتاً اجتماعياً مخصصاً للأطفال المصابين بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فإن طريقتنا تتيح اختبار التحسينات دون الحاجة إلى إشراك الأطفال بشكل متكرر في التجارب، وهذا أمر بالغ الأهمية؛ إذ إن الأطفال، خصوصاً أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية صحية، لا يمكنهم قضاء فترات طويلة أمام الآلات؛ مما يجعل العملية التطويرية أكثر أخلاقية وكفاءة وملاءمة لاحتياجات المستخدمين».

وأشارت إلى أن هذه الطريقة قد تُسهم أيضاً في تقليل تكاليف أبحاث الروبوتات الاجتماعية عن طريق تقليل الحاجة إلى التجارب البشرية في المراحل المبكرة؛ مما يسمح للباحثين بتوفير تكاليف استقطاب المشاركين وتحضير بيئة الاختبار ووقت التقييم، وبالتالي تُعد طريقة فعّالة من حيث التكلفة، وتتيح تحسين النماذج وتكرارها بسرعة قبل تطبيقها في الواقع.


مقالات ذات صلة

جهاز يحصد الماء من الهواء دون كهرباء أو شبكة مياه!

تكنولوجيا أثبتت التجارب في «وادي الموت» أن الجهاز يمكنه إنتاج 160 مل من المياه يومياً حتى في رطوبة منخفضة تبلغ 21 في المائة (MIT)

جهاز يحصد الماء من الهواء دون كهرباء أو شبكة مياه!

ابتكر باحثو «MIT» جهازاً صغيراً يستخلص مياه شرب نقية من الهواء دون الحاجة للكهرباء ما يقدّم حلاً واعداً لأزمة المياه في البيئات الجافة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا مع انتشار السيارات ذاتية القيادة تبرز الحاجة إلى أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف مصيرية على الطريق (غيتي)

في القيادة الذاتية... من يتحمّل القرار الأخلاقي عند اللحظة الحاسمة؟

مع اقتراب انتشار السيارات الذاتية القيادة، تبرز تساؤلات أخلاقية حول قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، ومن يتحمّل المسؤولية عند وقوع الحوادث.

نسيم رمضان (لندن)
خاص الراحل محمد الشارخ

خاص مقتطفات من مذكرات محمد الشارخ الرائد الكويتي الذي عرّب الحاسوب

أسس الكويتي محمد عبد الرحمن الشارخ شركة «صخر» في سنوات مبكرة من ثمانينات القرن الماضي، وهيأ للغتنا الجميلة مكاناً في الثورة الرقمية وتقنياتها الحديثة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
تكنولوجيا يتيح النظام للمستخدمين إنشاء مقاطع مدتها حتى 21 ثانية بخيارات حركة تلقائية أو مخصصة وبتكلفة منخفضة نسبياً (شاترستوك)

«ميدجورني» تدخل عالم الفيديو... صور متحركة يولّدها الذكاء الاصطناعي

أطلقت «ميدجورني» نموذجها الأول للفيديو «V1» الذي يتيح تحريك الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي بسهولة وتكلفة منخفضة وسط إشادة المستخدمين ومخاوف قانونية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «غارتنر»: نجاح تطبيق الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار يعتمد على وجود حوكمة قوية وبُنية بيانات متماسكة (غيتي)

«غارتنر»: الذكاء الاصطناعي سيتخذ نصف قرارات الأعمال بحلول 2027

بحلول 2027، سيتولى الذكاء الاصطناعي نصف قرارات الأعمال، ما يعني أن نجاح المؤسسات سيتوقف على الحوكمة وجودة البيانات ووعي القادة بقدرات التقنية وحدودها.

نسيم رمضان (لندن)

أي نموذج ذكاء اصطناعي الأفضل لك؟

أي نموذج ذكاء اصطناعي الأفضل لك؟
TT

أي نموذج ذكاء اصطناعي الأفضل لك؟

أي نموذج ذكاء اصطناعي الأفضل لك؟

إذا كنتَ تشعر بالإرهاق من كثرة أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة في السوق، فإليك ما يجب معرفته، كما كتبت إليزابيث دانزيغر(*).

الكتابة الاصطناعية والبشرية

بفضل قدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة على إنتاج الأعمال المكتوبة بشكل أسرع من فترة كتابة جملتك الأولى، فمن المغري الاعتقاد بأن أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على استبدال عملية الكتابة بأكملها... لمنشورات المدونات، رسائل البريد الإلكتروني، والنشرات الإخبارية.

إلا أن الثقة ونبرة الحديث والوضوح في الكتابة والمراسلات التجارية أمور مهمة، وغالباً ما يفشل الذكاء الاصطناعي فيها؛ فهو قد يقدم فقرة جيدة، لكن القراء لديهم حاسة سادسة للأصالة. سواء كان الأمر يتعلق بعبارات آلية، أو صفات مبالغ فيها، أو جمل غامضة، فإن المحتوى المُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي غالباً ما يفشل في اختبار حاسة التذوق... إنه ببساطة يبدو غريباً.

هذا لا يعني أنه يجب عليك تجنُّب الذكاء الاصطناعي. إذا استخدم بحكمة، فيُمكنه توفير ساعات من العمل؛ خصوصاً مع تراجع مهارات الكتابة. وبالتالي، يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مساعداً قيّماً، ولكن لا ينبغي أبداً أن يكون الكاتب.

أي النماذج أفضل للأعمال الكتابية؟

ابدأ باختيار الأداة المناسبة للوظيفة. إليك بعض أدوات الذكاء الاصطناعي التي يجب معرفتها:

* «تشات جي بي تي» ChatGPT (أوبن إيه آي OpenAI)

- الأفضل لصياغة رسائل البريد الإلكتروني، وتبادل الأفكار، وتعديل أسلوب الكتابة.

- نقاط القوة: مرن، سهل الاستخدام، يتكامل مع «سلاك (Slack)» و«مايكروسوفت وورد».

- ملاحظة: يميل إلى الإسهاب في الكلمات إلا إذا طُلب منه الإيجاز.

* «غرامرلي بيزنيس (Grammarly Business)» و«غرامرلي غو (GrammarlyGO)»

- الأفضل لصقل القواعد النحوية وأسلوب الكتابة فوراً.

- نقاط القوة: مُدمج في أدوات مثل «غوغل دوكس» «Google Docs» و«جيميل» لإجراء تصحيحات سلسة.

- ملاحظة: رائع للتحرير، ولكنه ليس لإنشاء محتوى أصلي أو لوضع إطار وهيكل لحجج معقدة.

* «جاسبار إيه آي (Jasper AI)»

- الأفضل لنص تسويقي متوافق مع أسلوب علامتك التجارية.

- نقاط القوة: قوالب لإنتاج الإعلانات والمدونات ودعوات العمل؛ سهل في التعاون.

- ملاحظة: قد يؤدي الأفراط في استخدام القوالب إلى محتوى عام سبق لجمهورك الاطلاع عليه.

* «كلود (Claude)» و«أنثروبيك (Anthropic)» الأفضل لكتابة أعمال مطولة ودقيقة.

- نقاط القوة: يحافظ على السياق وأسلوب الكتابة في المستندات المعقدة.

- تحذير: قد يكون مُفرطاً في التفكير أو الإسهاب.

* أدوات أخرى، مثل «جيمناي (Gemini.ai)» و«وكوبايلوت (Microsoft CoPilot)» و«رايتر. كوم (Writer.com)»، مفيدة أيضاً.

عيوب الذكاء الاصطناعي

أكبر عيوب الذكاء الاصطناعي أنه ليس بشرياً؛ فهو يفتقر إلى الخبرة العملية، والقصد الاستراتيجي، ودقة العلامة التجارية. يستطيع الذكاء الاصطناعي مراجعة كتابتك، لكنه لا يستطيع تحديد ما إذا كانت كتابتك تتوافق مع هدفك أو توقُّعات جمهورك.

ثم هناك مخاطر: تُشكل هلوسات الذكاء الاصطناعي (عندما يُنتج النموذج بثقة معلومات خاطئة أو لا معنى لها) مصدر قلق كبيراً، كما هو الحال في قضية ماتا ضد أفيانكا؛ حيث تعرّض محامٍ لعقوبة لتقديمه سوابق قضائية مزيفة من إنتاج الذكاء الاصطناعي. كما يجب معالجة المناطق الرمادية القانونية حول الأصالة والمخاوف الأخلاقية المتعلقة بتمرير محتوى مُولّد آلياً على أنه ملك لك.

* مجلة «إنك» - خدمات «تريبيون ميديا»