طوّافات جوية مائية دنماركية مطورة لحماية سواحل غرينلاند من الأخطار الروسية والأميركية

طائرات مسيرة مستوحاة من تصاميم الحقبة السوفياتية

طائرة «أكوا غلايدر» قرب سطح البحر
طائرة «أكوا غلايدر» قرب سطح البحر
TT

طوّافات جوية مائية دنماركية مطورة لحماية سواحل غرينلاند من الأخطار الروسية والأميركية

طائرة «أكوا غلايدر» قرب سطح البحر
طائرة «أكوا غلايدر» قرب سطح البحر

يتميز ساحل جزيرة غرينلاند (التابعة رسمياً للدنمارك) بضخامته: فهو عبارة عن متاهة مترامية الأطراف بطول 27394 ميلاً من المضايق، والأنهار الجليدية، والمياه المختنقة بالجليد، أي أطول من محيط الأرض.

أطول سواحل الأرض

يجعل طول هذا الساحل وتضاريسه الجزيرة من أطول سواحل الكوكب، وأكثرها صعوبة من الناحية اللوجستية للقيام بدوريات في وقت السلم. والآن، مع وجود دول مثل روسيا والولايات المتحدة، وخططها الإمبريالية الجديدة، للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الموارد الطبيعية في القطب الشمالي، أصبح هذا الساحل أحد خطوط المواجهة في أوروبا.

ولهذا السبب يفكر أشخاص مثل جينز مارتن سكيبستيد، الشريك العالمي، ونائب رئيس قسم الاستشراف والتنقل في استوديو التصميم «مانيوان» Manyone، في كيفية حماية أرض العجائب بشكل أفضل، والتي تعد مفتاحاً لمستقبل الدنمارك، والاتحاد الأوروبي.

دوريات كلاب للاستكشاف وأقمار اصطناعية

لعقود من الزمن، اعتمدت الدنمارك على دورية سيريوس للكلاب، مع جنود يستخدمون الزلاجات، والأقمار الاصطناعية، والمسوحات الجوية المتقطعة لمراقبة هذه المساحة الشاسعة. إلا أن هذه الأساليب بطيئة، ومكلفة، وغير دقيقة. فعلى سبيل المثال، في عام 2023، مر تسونامي في مضيق ديكسون دون أن يلاحظه أحد لمدة عام، ما كشف بوضوح عن الثغرات النظامية في نظام المراقبة المختلط هذا.

طائرة «أكوا غلايدر» تحلق إلى الأعلى

طائرات من دون طيار

ثم اعتقد سكيبستيد وفريقه التصميمي في البداية أن الطائرات من دون طيار يمكن أن تكون حلاً. الطائرات من دون طيار فعالة، ويمكنها العمل في أسراب، ويمكن تزويدها بكاميرات، وأجهزة استشعار يمكنها تغذية نظام ذكاء اصطناعي لتتبع تلك المناظر الطبيعية الجليدية الشاسعة في جميع الأوقات. لكن الطائرات من دون طيار التقليدية تواجه بعض المشكلات. فالطائرات الكبيرة طويلة المدى، ولكنها مكلفة في التشغيل، وتتطلب أطقماً بشرية. أما الطائرات الصغيرة فلا تمتلك مدى كافياً، إذ تنفد بطارياتها بعد فترة قصيرة، وتحتاج إلى العودة إلى القاعدة لإعادة الشحن.

اعتقد سكيبستيد وفريقه أنهم بحاجة إلى حل جديد، حل يمكنه الطيران، حتى يتمكنوا من تغطية مساحات كبيرة من الأراضي بسرعة، ولكن أيضاً حل يمكنه العمل بشكل مستقل تماماً، والهبوط وإعادة الشحن والإقلاع مرة أخرى.

رسم تصويري لطائرة «وحش بحر قزوين» السوفياتية

طوّافة سوفياتية بالطاقة الشمسية

وأطلق الفريق اسم «أكوا غلايدر» AquaGlider على طائرتهم من دون طيار، وهي طائرة من دون طيار تعمل بالطاقة الشمسية.

وتعيد هذه الطائرة الجديدة تصور «إيكرانوبلان» في الاتحاد السوفياتي، وهي مركبة كبيرة تشبه الطائرة كانت تخشاها منظمة حلف شمال الأطلسي في السابق، والتي أراد الجيش الأحمر استخدامها في غزوات السواحل.

سفينة - طائرة

تعود أصول هذه الطوافة إلى ستينات القرن الماضي، عندما صمم المهندس السوفياتي روستيسلاف أليكسييف طائرة - سفينة هجينة استغلت تأثير الأرض، وهي ظاهرة ديناميكية هوائية حيث تكتسب الأجنحة رفعاً متزايداً وسحباً أقل عند الطيران ضمن جناح واحد من سطح مستوٍ.

من خلال التحليق على ارتفاع يتراوح بين 10 و30 قدماً فوق سطح الماء، حققت هذه المركبات العملاقة، مثل «وحش بحر قزوين» الذي يبلغ وزنه 550 طناً، كفاءة في استهلاك الوقود تعادل ضعف كفاءة الطائرات، حيث نقلت معدات عسكرية بسرعة تزيد عن 300 ميل في الساعة. إلا أن هذه المركبات الكهربائية السوفياتية أظهرت حالة من عدم الاستقرار في البحار الهائجة، والمخاطر الملاحية، وتم التخلي عن خطط إنتاجها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

نوع جديد من المركبات

ومن المفارقات أن آلة مستوحاة من الإبداع السوفياتي يمكن أن تصبح خط الدفاع الأول لأوروبا في منطقة تتجه فيها روسيا نحو التسليح بسرعة (والتي يريد ترمب أيضاً السيطرة عليها). لكن سكيبستيد رأى إمكانات في هذه التقنية المنسية لإنشاء نوع جديد من المركبات. إذ ستطير مركبة «أكوا غلايدر» المقترحة بمفردها لأسابيع في كل مرة، حيث تقلع وتهبط على الماء؛ وهي مصممة لإعادة الشحن أثناء الطفو بفضل الألواح الشمسية، وتتجنب العواصف بمجرد أن تحط على الماء بدلاً من الطيران. وتستخدم الطائرات من دون طيار الطاقة بأقصى كفاءة، حيث تنطلق العشرات منها على طول الساحل الشاسع على ارتفاع أقدام قليلة فوق سطح الماء لاكتساب المعلومات، ونقلها إلى القاعدة، حيث تراقب كل شيء؛ من الصيد غير المشروع، إلى نشاط الغواصات الروسية.

وسادة هوائية بأقل طاقة

طائرة «أكوا غلايدر» هي في الأساس جناح يستخدم مروحتين للانطلاق للأمام، حابسةً الهواء على سطح المحيط أو الجليد. وهذا يُنشئ وسادة هوائية تُمكّنها من الانزلاق بأقل قدر من الطاقة. هذا التأثير الأرضي يُمكّنها من السفر لمسافة ضعف المسافة التي تقطعها طائرة تقليدية بنفس القوة. أثناء الإقلاع، ترفع الأجنحة المائية القابلة للسحب هيكل الطائرة فوق الأمواج، ما يُقلل من قوة السحب حتى تنتقل الطائرة إلى مرحلة الطيران. وفي حال هبوب العواصف، تُمكّن الدوافع الكهربائية من الإقلاع العمودي، مع أن سكيبستيد أخبرني في مقابلة عبر البريد الإلكتروني أن هذا «يستنزف البطارية» وهو الملاذ الأخير.

أسطول من الطوافات لمراقبة السواحل

طاقة الشمس الصيفية والأمواج والرياح الشتوية

وتُغطي الألواح الشمسية جناحيها، وبطنها، حاصدةً الطاقة حتى في وقت الشفق، وهي ميزة بالغة الأهمية بالقرب من الدائرة القطبية الشمالية، حيث يُشرق ضوء الشمس على مدار الساعة في الصيف، وأحياناً تكون أشعة الشمس موازية تقريباً للأرض معظم اليوم. ومع ذلك، تُشكل فصول الشتاء في غرينلاند، مع أشهر من الظلام، مشكلة. هنا، ترسو «أكوا غلايدر» مع عوامات تُخزن الطاقة من الأمواج، ومنشآت الرياح البحرية. وتعمل هذه العوامات أيضاً كمرحلات اتصالات، حيث تنقل البيانات إلى الأقمار الاصطناعية، أو المحطات الساحلية.

هيكل متين

يتميز هيكلها المركب المطلي بالغرافين بمتانة فائقة، فهو مقاوم للتآكل، والاصطدام بالجبال الجليدية. يقول لي سكيبستيد: «إنها تتجنب العوائق كأي سيارة ذاتية القيادة»، معتمدةً على نظم «ليدار»، وأجهزة الاستشعار الحرارية للتنقل. أما بالنسبة للجليد، وهو عيب فادح في التصاميم السوفياتية، فتستعير الطائرة من دون طيار أنظمة إزالة الجليد من الطائرات الحديثة المصممة للعمل في ظروف قاسية، مثل تلك التي تستخدمها شركة «طيران غرينلاند»، كما يقول، باستخدام أسطح ساخنة، أو أغطية هوائية لإزالة الصقيع.

جبل الجليد الجيوسياسي في المستقبل

مع ذلك، في الوقت الحالي، وبعد كل العمل الفني الذي تم إنجازه مع شركة تصنيع طائرات من دون طيار لم يُذكر اسمها، لا تزال طائرة «أكوا غلايدر» مجرد تصميم على الورق.

ويُسيّر «أسطول الدنمارك الخفي» دوريات في منطقة GIUK Gap (غرينلاند-آيسلندا- المملكة المتحدة)، ويرسم خرائط للكابلات البحرية، ومنشآت الرياح، تحسباً لأي تخريب محتمل.

وقد خصّصت مشاريع الدفاع الدنماركية للفترة 2024-2033 مبلغ 570 مليون دولار أميركي للتحديثات البحرية، بما في ذلك طائرات من دون طيار ذاتية القيادة، وأجهزة استشعار تحت الماء، و21 سفينة جديدة تابعة للحرس الوطني. وتتناسب «أكوا غلايدر» تماماً مع هذه الاستراتيجية، فهي دورية منخفضة التكلفة.

* «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

إيران: ضبط شاحنة تحمل مسيّرات انتحارية واعتقال عميل لـ«الموساد» غرب طهران

شؤون إقليمية لافتة تحمل شعار «كلنا جنود إيران» في شوارع العاصمة طهران (أ.ف.ب) play-circle

إيران: ضبط شاحنة تحمل مسيّرات انتحارية واعتقال عميل لـ«الموساد» غرب طهران

قال التلفزيون الرسمي الإيراني، الاثنين، إن السلطات ضبطت شاحنة صغيرة تحمل عدداً كبيراً من المسيرات الانتحارية، واعتقلت عميلاً لـ«الموساد» الإسرائيلي غرب طهران.

«الشرق الأوسط» (طهران)
الولايات المتحدة​ وزارة الخزانة الأميركية (أ.ب)

«الخزانة الأميركية» تفرض عقوبات جديدة متعلقة بإيران

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، اليوم (الجمعة)، أنها فرضت عقوبات جديدة على كيانات وسفينة فيما يتعلق بإيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي بقايا طائرة مسيّرة سقطت في الحقول الشمالية لمدينة جاسم قرب درعا جنوب غرب سوريا، 14 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

سقوط طائرتين مسيّرتين في درعا جراء تبادل القصف بين إسرائيل وإيران

أفادت وكالة سانا السورية الرسمية إلى سقوط مسيّرتين في محيط تل الجابية شمال غربي مدينة نوى وشمال مدينة جاسم في محافظة درعا السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد في أعقاب هجوم إسرائيلي على طهران يوم 16 يونيو 2025 (رويترز) play-circle

إعلام إيراني: هجوم إسرائيلي بطائرة مسيّرة استهدف بناية سكنية وسط طهران

ذكر موقع «عصر إيران» الإخباري، اليوم الجمعة، أن طائرة إسرائيلية مسيّرة استهدفت شقة في مبنى سكني بمنطقة كيشا وسط طهران اليوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صورة لقصف إسرائيلي سابق في جنوب لبنان (رويترز)

غارة إسرائيلية على بلدة حولا في جنوب لبنان

أغار الطيران المسيّر الإسرائيلي، بعد منتصف ليل أمس الخميس، مستهدفاً بلدة حولا في جنوب لبنان. وفجّرت القوات الإسرائيلية منزلين في بلدتي حولا وميس الجبل بالجنوب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟
TT

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

عادة ما تحتاج السيارات إلى تغيير الزيت بانتظام، للحفاظ على سلاسة عمل المحرك. ويعتقد بعض المؤثرين في مجال مقاومة الشيخوخة، إلى جانب حفنة من العلماء، أن استبدال البلازما في الدم يمكن أن يؤدي وظيفة مشابهة لدى البشر، من خلال المساعدة في إبطاء وتيرة الشيخوخة البيولوجية. ويجري تقديم هذه العملية حالياً بالفعل في كثير من العيادات المتخصصة في مجال محاولات إطالة العمر، وتبلغ تكلفتها آلاف الدولارات للجلسة الواحدة.

استبدال بلازما الدم

وفي هذا الصدد، يوضح رئيس ومدير «معهد باك لأبحاث الشيخوخة»، الدكتور إريك فيردين، أن السيارة تحتاج إلى «تغيير الزيت كل ثلاثة آلاف ميل للتخلص من الشوائب»، مضيفاً أن «الدم كذلك يمكن أن تتراكم فيه جزيئات قد تكون ضارة، يمكن التخلص منها».

• تجربة محدودة. وتقدم إحدى أولى التجارب التي درست استبدال البلازما لأغراض مقاومة الشيخوخة لدى البشر، ونُشرت نتائجها الأسبوع الماضي في دورية «إيجينغ سيل» (Aging Cell)، أدلة أولية على أن هذه العملية قد تكون قادرة بالفعل على إبطاء وتيرة التدهور البيولوجي المرتبط بالتقدم في العمر، حتى لدى الأشخاص الأصحاء. وخلصت الدراسة الصغيرة، التي شارك فيها 42 شخصاً، بمتوسط عمر 65 عاماً، إلى أن الذين خضعوا للعلاج باستبدال البلازما على مدى عدة أشهر، كانت لديهم تركيزات أقل في الدم من المركبات البيولوجية التي تتراكم مع التقدم في السن، مقارنةً بالمجموعة التي لم تتلقَّ العلاج.

جدير بالذكر أن شركة «سيركيوليت هيلث»، الناشئة في مجال علاج استبدال البلازما، تولّت تمويل هذه التجربة، وشارك في الإشراف عليها، من بين آخرين، إيريك فيردين، أحد مؤسسي الشركة ورئيس مجلسها العلمي الاستشاري.

ومع ذلك، تبقى هناك شكوك لدى الكثير من العلماء الآخرين الذين يدرسون علاج استبدال البلازما. من بين هؤلاء الدكتورة كتايون فوماني، أستاذة مشاركة ومديرة الشؤون الطبية لدى بنك الدم، التابع لجامعة ألاباما في برمنغهام، إذ قالت إن الفوائد المزعومة لهذه العملية في مقاومة الشيخوخة لدى الأصحاء «لم تثبت إطلاقاً» في تجارب سريرية واسعة النطاق، مشيرةً إلى أن سحب الدم واستبدال سوائل مضافة بالبلازما قد يعرّض المرضى لمضاعفات طبية غير ضرورية من دون وجود فائدة واضحة.

• كيف تُنفّذ هذه العملية؟ يُعدّ استبدال البلازما أحد العلاجات المعروفة والمستخدمة منذ فترة طويلة لبعض اضطرابات الدم، وأمراض المناعة الذاتية، والحالات العصبية، وتجري تغطية تكلفته من قِبل التأمين الصحي، عندما يُعدّ ضرورة طبية، لكنه لا يخضع للتأمين عند الاستعانة به لأغراض مقاومة الشيخوخة.

في أثناء جلسة العلاج، يتولى مقدم الرعاية -وغالباً ما يكون ممرضاً أو فنياً مسجلاً- توصيل المريض بجهاز يسحب الدم من الجسم. ويتولى الجهاز فصل البلازما عن مكونات الدم الأخرى ويتخلص منها، ثم يستعيض عنها ببلازما من متبرع أو بسائل بديل، ثم يُعيد الدم إلى جسم المريض.

وغالباً ما يحتوي السائل البديل على مزيج من المحلول الملحي وبروتينات مثل الألبومين؛ وفي بعض الحالات، تُضاف أجسام مضادة أو أدوية لدعم الجهاز المناعي أو مكافحة أمراض معينة. وفي العادة، تستغرق كل جلسة بضع ساعات.

من جهتها، تستخدم المستشفيات والمراكز الطبية علاج استبدال البلازما لإزالة الجزيئات التي تُسرّع تفاقم المرض، مثل الأجسام المضادة التي تهاجم الجهاز العصبي لدى مرضى التصلب المتعدد. إلا أن مؤيدي استخدام هذه العملية لتحسين مستوى الصحة وإطالة العمر يرون أنه يمكن الاستعانة بها بوصفها إجراء وقائياً، لإزالة الأجسام المضادة والبروتينات الالتهابية التي قد تُسهم في الشيخوخة البيولوجية (أي تدهور الخلايا والأنسجة).

دراسات علمية

• ماذا تقول الدراسات العلمية؟ من ناحيتها، نبهت المديرة المشاركة لـ«مركز هوكسوورث للدم» في جامعة سينسيناتي، الدكتورة كارولين ألكويست، إلى أن معظم الأبحاث حول فوائد استبدال البلازما في مقاومة الشيخوخة أُجريت على الحيوانات، ما يعني أن نتائجها لا تنطبق بالضرورة على البشر.

على سبيل المثال، أظهرت دراسة أُجريت عام 2020 على فئران، أن استبدال جزء من بلازما دمها بمحلول ملحي، وألبومين -وهو بروتين يُعتقد أنه يلتصق بالجزيئات الضارة ويساعد على إزالتها- أدى إلى عكس اتجاه بعض مؤشرات الشيخوخة البيولوجية، خاصة في الدماغ والكبد والأنسجة العضلية.

حتى الآن، ركزت الأبحاث التي أُجريت على البشر، في هذا الصدد، على المرضى الذين يعانون أصلاً أمراضاً مرتبطة بالتقدم في السن. وفي تجربة شملت نحو 350 مريضاً بمرض ألزهايمر، شهد المرضى الذين خضعوا للعلاج بالبلازما على مدى نحو 14 شهراً تباطؤاً أو استقراراً في التدهور الإدراكي، مقارنةً بمن تلقوا علاجاً وهمياً. وتشير بعض الدراسات الأولية كذلك إلى أن العلاج بالبلازما قد يحسّن معدلات البقاء على قيد الحياة لدى المصابين بأمراض الكبد.

وفي تجربة شركة «سيركيوليت هيلث»، جرى حقن مجموعة من المشاركين بالألبومين كل بضعة أسابيع، ومجموعة أخرى تلقّت الحقن نفسها وأُضيفت إليها أجسام مضادة لمكافحة العدوى، في حين تلقت مجموعة ضابطة محلولاً ملحياً فقط. واستخدم الباحثون عشرات الاختبارات المرتبطة بالعمر البيولوجي لقياس دم المشاركين عدة مرات، خلال فترة البرنامج التي امتدت من ثلاثة إلى ستة أشهر. وقدّر الباحثون أن المجموعة التي تلقت الألبومين والأجسام المضادة قد انخفض عمرها البيولوجي بنحو 2.6 سنة، في حين شهدت مجموعة الألبومين فقط انخفاضاً بنحو سنة واحدة. أما من تلقّوا المحلول الملحي فقط، فقد زاد عمرهم البيولوجي عموماً خلال فترة التجربة.

• تساؤلات مفتوحة. في حين أن دراسة «سيركيوليت هيلث» مثيرة للاهتمام، وتشير إلى أن استبدال البلازما يؤثر، على ما يبدو، في تركيبة دم الأشخاص حتى بعد العملية، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيساعد الناس على العيش لفترة أطول أو الاستمتاع بصحة أفضل، بحسب اعتقاد الدكتور جيفري وينترز، رئيس قسم طب نقل الدم في «مايو كلينك».

وأوضح وينترز أن التجربة كانت محدودة للغاية على نحو يتعذّر معه إثبات فوائدها في مكافحة الشيخوخة. كما أنها لم تتابع الأشخاص لأكثر من بضعة أشهر. وعليه، فليس من الواضح مدة استمرار آثار استبدال البلازما.

في إطار الدراسة، افترض الباحثون أن العلاجات قد تقل فاعليتها بمرور الوقت مع تكيف الجسم مع عمليات الحقن. (لم يُظهر الأشخاص عادةً اختلافاً كبيراً في العمر البيولوجي بعد القياس الثالث، مقارنةً بمجموعة الضبط، مما يشير إلى أن تأثير العلاج قد يصل إلى نقطة استقرار ويتوقف عن إحراز تقدم).

وأخيراً، فإنه على الرغم من أن استبدال البلازما إجراء طبي آمن نسبياً، فإنه لا يخلو من مخاطر، حسبما قال وينترز، فقد يتعطّل الجهاز المستخدم في العملية، مما يؤدي إلى إتلاف خلايا الدم الحمراء وإصابة المريض بفقر الدم، من بين مخاطر أخرى. ومع أن عيادات إطالة العمر تستخدم في المقام الأول المحلول الملحي والألبومين، فإن بلازما المتبرعين قد تنقل العدوى إلى المريض.

وعليه، خلص وينترز إلى أنه «لا توجد فائدة تُذكر من استخدام استبدال البلازما لإطالة العمر، خاصةً في ظل غياب الأدلة العلمية الداعمة للفكرة».

• خدمة «نيويورك تايمز»