مستشعر جديد يراقب الصحة من دون ملامسة الجلد

يتتبع التئام الجروح ويرصد عواقب التعرض للتأثيرات الخارجية

مستشعر جديد يراقب الصحة من دون ملامسة الجلد
TT

مستشعر جديد يراقب الصحة من دون ملامسة الجلد

مستشعر جديد يراقب الصحة من دون ملامسة الجلد

طوَّر باحثون في جامعة نورث ويسترن الأميركية جهازاً ملبوساً، يعد الأول من نوعه، يتولى مراقبة مؤشرات صحية رئيسية، دون حتى ملامسة الجلد.

حجرة هوائية طافية

يفتح هذا النظام الجديد، الذي أُطلق عليه «مستشعر تدفق البشرة» (EFS)، الباب أمام آفاق غير مسبوقة لتتبع التئام الجروح، والترطيب، والالتهابات، والتعرض البيئي من خلال تحليل التبادل الجزيئي الذي يحدث فوق سطح الجلد مباشرةً.

وعلى عكس الأجهزة التقليدية القابلة للارتداء التي تعتمد على الاتصال المباشر بالجلد لجمع البيانات، يحافظ جهاز الاستشعار الجديد على وجود حجرة هوائية صغيرة مصممة بعناية، تطفو فوق الجلد. وفي داخل هذه الحجرة، تتولى المستشعرات رصد بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، والمركبات العضوية المتطايرة، التي يفرزها أو يمتصها الجسم بشكل طبيعي. وتتيح هذه الإعدادات للجهاز، جمع معلومات صحية حيوية، دون التأثير على المناطق الحساسة مثل الجروح أو الأنسجة التالفة.

ويستخدم الجهاز صماماً قابلاً للبرمجة، للتحكم في تدفق الهواء داخل الحجرة. وعند إغلاق الصمام، فإنه يحجز الجزيئات المنبعثة من الجلد، ما يمكنه من قياس كيفية تغير التركيزات بمرور الوقت. وبناءً على هذه البيانات، يحسب النظام معدل التدفق الجزيئي -أي سرعة دخول المواد إلى الجسم أو خروجها منه عبر الجلد.

وفي التجارب، وضع الباحثون أجهزة استشعار متعددة في 6 مناطق من الجسم لتتبع إجمالي فقدان الماء، ما يُظهر إمكانية مراقبة الترطيب في الوقت الفعلي. ويمكن أن توفر هذه الإمكانية فائدة خاصة في الحالات الحساسة، مثل مراقبة مستويات السوائل لدى الأطفال الخدج، الذين يحمل الجفاف مخاطر جسيمة لهم.متابعة الجروح ورصد البكتيريا

ولاستكشاف قدرات الجهاز في تتبع التئام الجروح، أجرى الفريق اختبارات على فئران سليمة وأخرى مصابة بالسكري. وأظهرت الجروح لدى الفئران السليمة التئاماً وتعافياً على نحو متسق في استعادة حاجز الجلد، بينما أظهرت الفئران المصابة بالسكري تأخراً في استعادة وظيفة الجلد الطبيعية، وهو أمر لم يكن مرئياً بالعين المجردة، لكن كشف عنه بوضوح جهاز المستشعر الجديد.

وقد يسهم هذا في تحسين رعاية الجروح لدى مرضى السكري، الذين غالباً ما تكون المعاينة البصرية غير كافية في التعامل معهم.

كما استُخدم الجهاز باعتباره نظام إنذار مبكر للعدوى البكتيرية. عند إدخال بكتيريا الإشريكية القولونية إلى جروح جلد الخنزير، رصد الجهاز ارتفاعاً حاداً في انبعاثات المركبات العضوية المتطايرة، مما يُشير إلى نمو البكتيريا قبل أن يتضح ذلك. وإلى جانب الرعاية الصحية، أظهر المستشعر كذلك إمكانات في مجال السلامة البيئية، مع كشفه عن كيفية اختراق مواد كيميائية، مثل بخار الإيثانول، للجلد في ظروف مختلفة.

وعبر توفير طريقة غير تلامسية لمتابعة تدفق المواد الحيوية عبر الجلد، يُمثل المستشعر الجديد قفزة كبيرة على صعيد تكنولوجيا الصحة القابلة للارتداء.

ويوفر الجهاز بيانات مستمرة وفي الوقت الحقيقي، الأمر الذي تعجز عنه الأجهزة الحالية. ومع استمرار الباحثين في تطوير هذه التكنولوجيا وتقليص حجمها، قد يصبح هذا الجهاز قريباً أداةً قويةً في مجالات الرعاية الصحية الشخصية، والكشف المبكر عن العدوى، ومراقبة مستويات الترطيب، وتقييم المخاطر البيئية -كل ذلك دون الحاجة إلى لمس الجلد.


مقالات ذات صلة

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

علوم هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

عادة ما تحتاج السيارات إلى تغيير الزيت بانتظام، للحفاظ على سلاسة عمل المحرك. ويعتقد بعض المؤثرين في مجال مقاومة الشيخوخة، إلى جانب حفنة من العلماء،

موهانا رافيندراناث (نيويورك)
علوم الذكاء الاصطناعي يُغيّر قواعد التوثيق الطبي

الذكاء الاصطناعي يُغيّر قواعد التوثيق الطبي

في قلب التحولات الرقمية المتسارعة، يبرز الذكاء الاصطناعي بوصفه قوة دافعة تُعيد تشكيل كثير من جوانب الحياة، ومن أبرزها الرعاية الصحية.

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)
يوميات الشرق سلوكيات بسيطة يمكن أن تضاعف سنوات العمر وتقي من العجز (رويترز)

بلوغ «شيخوخةٍ شابّة» ليس مهمة مستحيلة... طبيبة متخصصة تقدّم بعض النصائح

في يد الأجيال الحالية أدوات كثيرة تجعل من تأخير عوامل التقدّم في السنّ مهمة أسهل مما كانت عليه مع الأسلاف.

كريستين حبيب (بيروت)
صحتك الكبد (رويترز)

5 أطعمة مُضرّة بالكبد... توقف عن تناولها

قال موقع «هيلث سايت» إن الكبد يُعد أكثر أعضاء الجسم نشاطاً في تصفية السموم، وتحليل العناصر الغذائية، ولكن هناك بعض الأطعمة تبدو غير ضارة فيما هي تضر بالكبد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك ساعدت الأقطاب المزروعة في هذه المنطقة على تسجيل نشاط الدماغ (ساينس فوتز)

واجهة الدماغ - الكمبيوتر تعيد «الصوت» لمرضى التصلّب الجانبي الضموري

يُعدّ الكلامُ من أثمن القدرات البشريّة؛ فهو الوسيلة الأولى التي نُعبِّر بها عن أفكارنا ومشاعرنا، ونبني بها علاقاتنا الاجتماعيّة، ونمارس بها أدوارنا المهنيّة.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟
TT

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

هل يمكن لعلاج استبدال البلازما إطالة عمر الإنسان؟

عادة ما تحتاج السيارات إلى تغيير الزيت بانتظام، للحفاظ على سلاسة عمل المحرك. ويعتقد بعض المؤثرين في مجال مقاومة الشيخوخة، إلى جانب حفنة من العلماء، أن استبدال البلازما في الدم يمكن أن يؤدي وظيفة مشابهة لدى البشر، من خلال المساعدة في إبطاء وتيرة الشيخوخة البيولوجية. ويجري تقديم هذه العملية حالياً بالفعل في كثير من العيادات المتخصصة في مجال محاولات إطالة العمر، وتبلغ تكلفتها آلاف الدولارات للجلسة الواحدة.

استبدال بلازما الدم

وفي هذا الصدد، يوضح رئيس ومدير «معهد باك لأبحاث الشيخوخة»، الدكتور إريك فيردين، أن السيارة تحتاج إلى «تغيير الزيت كل ثلاثة آلاف ميل للتخلص من الشوائب»، مضيفاً أن «الدم كذلك يمكن أن تتراكم فيه جزيئات قد تكون ضارة، يمكن التخلص منها».

• تجربة محدودة. وتقدم إحدى أولى التجارب التي درست استبدال البلازما لأغراض مقاومة الشيخوخة لدى البشر، ونُشرت نتائجها الأسبوع الماضي في دورية «إيجينغ سيل» (Aging Cell)، أدلة أولية على أن هذه العملية قد تكون قادرة بالفعل على إبطاء وتيرة التدهور البيولوجي المرتبط بالتقدم في العمر، حتى لدى الأشخاص الأصحاء. وخلصت الدراسة الصغيرة، التي شارك فيها 42 شخصاً، بمتوسط عمر 65 عاماً، إلى أن الذين خضعوا للعلاج باستبدال البلازما على مدى عدة أشهر، كانت لديهم تركيزات أقل في الدم من المركبات البيولوجية التي تتراكم مع التقدم في السن، مقارنةً بالمجموعة التي لم تتلقَّ العلاج.

جدير بالذكر أن شركة «سيركيوليت هيلث»، الناشئة في مجال علاج استبدال البلازما، تولّت تمويل هذه التجربة، وشارك في الإشراف عليها، من بين آخرين، إيريك فيردين، أحد مؤسسي الشركة ورئيس مجلسها العلمي الاستشاري.

ومع ذلك، تبقى هناك شكوك لدى الكثير من العلماء الآخرين الذين يدرسون علاج استبدال البلازما. من بين هؤلاء الدكتورة كتايون فوماني، أستاذة مشاركة ومديرة الشؤون الطبية لدى بنك الدم، التابع لجامعة ألاباما في برمنغهام، إذ قالت إن الفوائد المزعومة لهذه العملية في مقاومة الشيخوخة لدى الأصحاء «لم تثبت إطلاقاً» في تجارب سريرية واسعة النطاق، مشيرةً إلى أن سحب الدم واستبدال سوائل مضافة بالبلازما قد يعرّض المرضى لمضاعفات طبية غير ضرورية من دون وجود فائدة واضحة.

• كيف تُنفّذ هذه العملية؟ يُعدّ استبدال البلازما أحد العلاجات المعروفة والمستخدمة منذ فترة طويلة لبعض اضطرابات الدم، وأمراض المناعة الذاتية، والحالات العصبية، وتجري تغطية تكلفته من قِبل التأمين الصحي، عندما يُعدّ ضرورة طبية، لكنه لا يخضع للتأمين عند الاستعانة به لأغراض مقاومة الشيخوخة.

في أثناء جلسة العلاج، يتولى مقدم الرعاية -وغالباً ما يكون ممرضاً أو فنياً مسجلاً- توصيل المريض بجهاز يسحب الدم من الجسم. ويتولى الجهاز فصل البلازما عن مكونات الدم الأخرى ويتخلص منها، ثم يستعيض عنها ببلازما من متبرع أو بسائل بديل، ثم يُعيد الدم إلى جسم المريض.

وغالباً ما يحتوي السائل البديل على مزيج من المحلول الملحي وبروتينات مثل الألبومين؛ وفي بعض الحالات، تُضاف أجسام مضادة أو أدوية لدعم الجهاز المناعي أو مكافحة أمراض معينة. وفي العادة، تستغرق كل جلسة بضع ساعات.

من جهتها، تستخدم المستشفيات والمراكز الطبية علاج استبدال البلازما لإزالة الجزيئات التي تُسرّع تفاقم المرض، مثل الأجسام المضادة التي تهاجم الجهاز العصبي لدى مرضى التصلب المتعدد. إلا أن مؤيدي استخدام هذه العملية لتحسين مستوى الصحة وإطالة العمر يرون أنه يمكن الاستعانة بها بوصفها إجراء وقائياً، لإزالة الأجسام المضادة والبروتينات الالتهابية التي قد تُسهم في الشيخوخة البيولوجية (أي تدهور الخلايا والأنسجة).

دراسات علمية

• ماذا تقول الدراسات العلمية؟ من ناحيتها، نبهت المديرة المشاركة لـ«مركز هوكسوورث للدم» في جامعة سينسيناتي، الدكتورة كارولين ألكويست، إلى أن معظم الأبحاث حول فوائد استبدال البلازما في مقاومة الشيخوخة أُجريت على الحيوانات، ما يعني أن نتائجها لا تنطبق بالضرورة على البشر.

على سبيل المثال، أظهرت دراسة أُجريت عام 2020 على فئران، أن استبدال جزء من بلازما دمها بمحلول ملحي، وألبومين -وهو بروتين يُعتقد أنه يلتصق بالجزيئات الضارة ويساعد على إزالتها- أدى إلى عكس اتجاه بعض مؤشرات الشيخوخة البيولوجية، خاصة في الدماغ والكبد والأنسجة العضلية.

حتى الآن، ركزت الأبحاث التي أُجريت على البشر، في هذا الصدد، على المرضى الذين يعانون أصلاً أمراضاً مرتبطة بالتقدم في السن. وفي تجربة شملت نحو 350 مريضاً بمرض ألزهايمر، شهد المرضى الذين خضعوا للعلاج بالبلازما على مدى نحو 14 شهراً تباطؤاً أو استقراراً في التدهور الإدراكي، مقارنةً بمن تلقوا علاجاً وهمياً. وتشير بعض الدراسات الأولية كذلك إلى أن العلاج بالبلازما قد يحسّن معدلات البقاء على قيد الحياة لدى المصابين بأمراض الكبد.

وفي تجربة شركة «سيركيوليت هيلث»، جرى حقن مجموعة من المشاركين بالألبومين كل بضعة أسابيع، ومجموعة أخرى تلقّت الحقن نفسها وأُضيفت إليها أجسام مضادة لمكافحة العدوى، في حين تلقت مجموعة ضابطة محلولاً ملحياً فقط. واستخدم الباحثون عشرات الاختبارات المرتبطة بالعمر البيولوجي لقياس دم المشاركين عدة مرات، خلال فترة البرنامج التي امتدت من ثلاثة إلى ستة أشهر. وقدّر الباحثون أن المجموعة التي تلقت الألبومين والأجسام المضادة قد انخفض عمرها البيولوجي بنحو 2.6 سنة، في حين شهدت مجموعة الألبومين فقط انخفاضاً بنحو سنة واحدة. أما من تلقّوا المحلول الملحي فقط، فقد زاد عمرهم البيولوجي عموماً خلال فترة التجربة.

• تساؤلات مفتوحة. في حين أن دراسة «سيركيوليت هيلث» مثيرة للاهتمام، وتشير إلى أن استبدال البلازما يؤثر، على ما يبدو، في تركيبة دم الأشخاص حتى بعد العملية، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيساعد الناس على العيش لفترة أطول أو الاستمتاع بصحة أفضل، بحسب اعتقاد الدكتور جيفري وينترز، رئيس قسم طب نقل الدم في «مايو كلينك».

وأوضح وينترز أن التجربة كانت محدودة للغاية على نحو يتعذّر معه إثبات فوائدها في مكافحة الشيخوخة. كما أنها لم تتابع الأشخاص لأكثر من بضعة أشهر. وعليه، فليس من الواضح مدة استمرار آثار استبدال البلازما.

في إطار الدراسة، افترض الباحثون أن العلاجات قد تقل فاعليتها بمرور الوقت مع تكيف الجسم مع عمليات الحقن. (لم يُظهر الأشخاص عادةً اختلافاً كبيراً في العمر البيولوجي بعد القياس الثالث، مقارنةً بمجموعة الضبط، مما يشير إلى أن تأثير العلاج قد يصل إلى نقطة استقرار ويتوقف عن إحراز تقدم).

وأخيراً، فإنه على الرغم من أن استبدال البلازما إجراء طبي آمن نسبياً، فإنه لا يخلو من مخاطر، حسبما قال وينترز، فقد يتعطّل الجهاز المستخدم في العملية، مما يؤدي إلى إتلاف خلايا الدم الحمراء وإصابة المريض بفقر الدم، من بين مخاطر أخرى. ومع أن عيادات إطالة العمر تستخدم في المقام الأول المحلول الملحي والألبومين، فإن بلازما المتبرعين قد تنقل العدوى إلى المريض.

وعليه، خلص وينترز إلى أنه «لا توجد فائدة تُذكر من استخدام استبدال البلازما لإطالة العمر، خاصةً في ظل غياب الأدلة العلمية الداعمة للفكرة».

• خدمة «نيويورك تايمز»