تصميم منتجات الذكاء الاصطناعي أشبه بـ«إدارة مطعم تتغير قائمته يومياً»

تقرير موسع لاستطلاع آراء 2500 من العاملين في التصميم والتطوير

تصميم منتجات الذكاء الاصطناعي أشبه بـ«إدارة مطعم تتغير قائمته يومياً»
TT

تصميم منتجات الذكاء الاصطناعي أشبه بـ«إدارة مطعم تتغير قائمته يومياً»

تصميم منتجات الذكاء الاصطناعي أشبه بـ«إدارة مطعم تتغير قائمته يومياً»

الذكاء الاصطناعي رائع حقاً. أليس كذلك؟ انظر إلى تلك الفيديوهات الرائعة. وآلاف التكرارات لتصميم المنتجات لمجرد إطلاق العنان للإبداع. بالتأكيد. رائع. أم أنه كذلك؟ ربما. من يدري؟ يبدو أن كل هذا هو ملخص تقرير «فيغما للذكاء الاصطناعي لعام 2025» Figma 2025 AI Report، استناداً إلى استطلاع رأي شمل 2500 مصمم ومطور.

(«فيغما» -‏ تطبيق ومحرر رسومات وأداة للنماذج الأولية يعتمد بشكل أساسي على الويب، مع ميزات إضافية غير متصلة بالإنترنت، يتمتع بقدرات عالية على تحرير وتصميم واجهة المستخدم وتجربة المستخدم - «الويكيبيديا»).

وبينما تم بنجاح إدماج أدوات مثل «تشات جي بي تي» مع ميزات الذكاء الاصطناعي الموجودة في تطبيق «فيغما» مُدمجة في سير العمل اليومي، يكشف التقرير عن انفصال واضح بينهما.

لقطة مصورة لتقرير «فيغما»

حماس كبير وتأثيرات عملية طفيفة

الحماس لإمكانات الذكاء الاصطناعي مرتفع، لكن تأثيره العملي لا يزال متفاوتاً، كما تُظهر الأرقام، لأن الأهداف غامضة، وهناك مخاوف تتعلق بالجودة، وتوقعات مبهمة.

سلّط التقرير الضوء على مفارقة: يرى المحترفون الذكاء الاصطناعي ضرورياً لمستقبلهم، لكنهم يُكافحون من أجل تسخيره بشكل هادف اليوم. يتناسب هذا إلى حد ما مع تجربتي الخاصة. إنه موجود، ولكن ليس هناك بعد. تُظهر دراسة Figma أن 76% من مشاريع الذكاء الاصطناعي تُعطي الأولوية لأهداف غامضة مثل «تجربة الذكاء الاصطناعي» على أهداف ملموسة. إلا أن تطبيقها على هدف مثل نمو الإيرادات، حقق نسبة مذهلة تبلغ 9%.

وهذا ما يجعلني أبكي على كل الغيغاواط من الطاقة الكهربائية التي تتبخر باسم ثورة لم تحدث بالفعل، على الأقل بالنسبة للمصممين والمطورين.

غموض بسبب الحالة الناشئة للتكنولوجيا

يعكس الغموض الحالة الناشئة للتكنولوجيا، كما أخبرني أندرو هوغان، رئيس قسم الرؤى في «فيغما»، في مقابلة هاتفية. ويوضح، مُقارناً اللحظة الحالية بتطوير تطبيقات الهاتف الجوال في مراحله المبكرة: «هناك الكثير من اللعب والتجريب - إنه أمر طبيعي».

وقد شبّه أحد المشاركين في الاستطلاع بناء منتجات الذكاء الاصطناعي بـ«إدارة مطعم تتغير قائمته يومياً».

لستُ متأكداً تماماً من هذا التشبيه مع تطوير تطبيقات الهاتف الجوال، الذي بدا لي ثورةً أسرع وأكثر تأثيراً من الذكاء الاصطناعي، من الناحية الاقتصادية العملية والملموسة، وليس مجرد مكاسب ورقية.

تأثير الذكاء الاصطناعي - متدرج وغير ثوري

أحدثت التحولات التكنولوجية السابقة، مثل النشر المكتبي أو هواتف آيفون تغييراتٍ صناعيةً هائلةً في غضون أشهر. بالمقارنة، يبدو تأثير الذكاء الاصطناعي تدريجياً وغير مُوثّق. صحيحٌ أن هناك أمثلةً رائعةً على تأثيرات الذكاء الاصطناعي الكبيرة في بعض الصناعات - معظمها سمعية بصرية - لكن وجود تابعٍ بحثيٍّ اصطناعي، أو مساعدٍ مُتكرر المهام، أو صديقٍ إبداعيٍّ اصطناعيٍّ لا يبدو ثورياً تماماً مثل مليار هاتف ذكيٍّ تسيطر على حياتنا.

ويُقرّ هوغان بذلك، وفي الوقت نفسه، يُحذّر: تُخاطر الشركات برفض الذكاء الاصطناعي مُبكراً جداً إذا ما فشلت التجارب في تحقيق مكاسب سريعة، ما قد يُفقدها مزايا استراتيجية. ويضيف أنه في حين يسلط البحث الضوء على نقاط البيانات المتناقضة بين التوقعات/الرغبات والواقع، فإن البيانات تُظهر تقدماً حقيقياً: فقد شحن 34% من مستخدمي «فيغما» منتجات الذكاء الاصطناعي هذا العام، بزيادة عن 22% في عام 2024.

والسؤال هو ما إذا كانت الأهداف الغامضة - التي ذكرتها نسبة 76% من المذكورة أعلاه التي تقول دعونا «نلعب... ونر» - ستتجسد في عائد استثمار قابل للقياس قبل أن تسيطر عليها حالة خيبة الأمل.

تساؤلات حول تسريع العمل وتحسين الجودة

ويُظهر البحث أن هناك مكاسب في الكفاءة بفضل الذكاء الاصطناعي، ولكن هناك تناقض هنا أيضاً. يقول 78% من المهنيين إنه يُسرّع عملهم (مقارنةً بـ 71% في العام الماضي)، لكن 58% فقط يعتقدون أنه يُحسّن الجودة، بينما يشعر 47% أنه يُحسّن أداءهم.

ماذا عن أولئك الذين يعتقدون أن الجودة متساوية أو أسوأ، و53% الذين لا يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي يُحسّن أداءهم؟ إنه تناقض غريب ومحير. يُفيد المطورون عن رضا أعلى (67% يقولون إن الذكاء الاصطناعي يُحسّن جودة العمل) مقارنةً بالمصممين (40%)، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أدوات توليد الأكواد (الرموز الكمبيوترية) تُقدّم فائدة أوضح.

تحولات طويلة المدى

في الوقت نفسه، يُكافح المصممون مع مخرجات الذكاء الاصطناعي التوليدي غير المتوقعة. يُرجع هوغان هذه الفجوة إلى «قيود كيفية تفاعلنا كبشر مع هذه الأشياء»، وليس إلى التكنولوجيا نفسها. ويستشهد بقانون أمارا Amara’s Law: نحن نُبالغ في تقدير التغيير قصير المدى ونقلل من شأن التحول طويل المدى. يقول، مشيراً إلى تطور تطبيق «أوبر»: «استغرقت الهواتف الجوالة سنوات لإعادة تشكيل الصناعات». ومع ذلك، أثارت أدوات مثل «تشات جي بي تي» توقعات بإحداث تغيير جذري سريع بمستوى «آيفون» وهو أمر لم يتجاوزه الذكاء الاصطناعي بعد.

(قانون أمارا سمي باسم العالم الأميركي روي أمارا، ويقول: التطورات التكنولوجية تحظى باهتمام مبالغ فيها في بداية ظهورها لكن يستهان بأثرها على المدى البعيد - «الويكيبيديا»).

تضاؤل ​​التوقعات

على الرغم من أن 85% من المتخصصين يعتبرون الذكاء الاصطناعي أساسياً للنجاح المستقبلي، فإن توقعات تأثيره على المدى القريب آخذة في التضاؤل. يتوقع 27% فقط أن يؤثر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على أهداف الشركات في العام المقبل، دون تغيير عن عام 2024.

ويصف هوغان هذا الأمر بأنه إعادة تقييم، وليس خيبة أمل. ويضيف: «الضجة الإعلامية تسبق ما يمكن لمعظم الناس فعله اليوم»، مشبهاً مسار الذكاء الاصطناعي بالاعتماد التدريجي للإنترنت. ومع ذلك، فإن «الانفجار العملاق» لتطبيقات الذكاء الاصطناعي - مثل الذي حدث مع تطبيقات «آيفون» لم يأتِ بعد.

صحيح أن هناك تطبيقات متخصصة مثل ترجمة المستندات الطبية أو أدوات الصيانة التنبئية، ولكن أين التطبيقات التحويلية الحقيقية التي تتجاوز مجرد القدرة على التحدث إلى «ويكيبيديا»؟ أين «أوبر» الذكاء الاصطناعي؟

الذكاء الاصطناعي الوكيل

قد يكمن الجواب في الذكاء الاصطناعي الوكيل، وهو أسرع فئات المنتجات نمواً. وقد شهدت هذه الأدوات، التي تُؤتمت المهام متعددة الخطوات، زيادةً سنويةً بنسبة 143% في التطوير (من 21% في عام 2024 إلى 51% في عام 2025). لكن هوغان يُحذر من أنها تتطلب إعادة النظر في مبادئ التصميم. «متى يجب على الوكيل التواصل مع المستخدمين؟ ما المعلومات التي يجب أن يُشاركها؟».

إن دور التصميم هنا بالغ الأهمية - يقول 52% من المُطورين إن التصميم أكثر أهمية لمنتجات الذكاء الاصطناعي من المنتجات التقليدية، حيث تسد الواجهات الذكية، الفجوة بين القدرات وبين سهولة الاستخدام.

تنبع مفارقة الذكاء الاصطناعي - من نشأته. إذ يجد المصممون والمطورون أنفسهم عالقين بين الحماس والهستيريا الجماعية والبراغماتية، وهم يُبحرون في مشهدٍ حيث أصبحت النماذج الأولية والتكرار أكثر أهمية من أي وقت مضى.

إمكانات واعدة

إن إمكانات التكنولوجيا حقيقية، نعم. يُسرّع إنشاء الرموز الكمبيوترية بالفعل عملية التطوير، ويستخدمه 59% من المطورين. وتُبشّر الأدوات الوكيلة بثورات في سير العمل، ويتزايد استخدامها. ولكن من دون أهداف أوضح، وثقة في المخرجات، وتحسين قائم على التصميم، يُخاطر الذكاء الاصطناعي بأن يصبح مجرد مجموعة أدوات بلا مخطط تفصيلي.

يقول هوغان: «ما زلنا في بداية الطريق». التحدي لا يكمن في ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيُعيد تشكيل التصميم، بل في قدرة فرق التصميم على تطوير عملياتها بسرعة كافية لتلبية وعوده غير المتوازنة.

في الوقت الحالي، المستقبل ملكٌ لمن يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي ليس كعصا سحرية، بل كصلصال - قابل للتشكيل، وبعيد كل البعد عن التشكيل الكامل.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

​هل تكون شريحة «سيسكو الكمومية» بداية عصر الإنترنت غير القابل للتنصّت؟

خاص تبني «سيسكو» نظاماً متكاملاً يشمل العتاد والبروتوكولات والبرمجيات لتبسيط استخدام الشبكات الكمومية دون الحاجة لفهم فيزيائي معقد (غيتي)

​هل تكون شريحة «سيسكو الكمومية» بداية عصر الإنترنت غير القابل للتنصّت؟

«سيسكو» تطور شبكة كمومية تعمل بدرجة حرارة الغرفة لربط الحواسيب الكمومية الصغيرة وتطبيقها في الأمن والتداول عبر حلول عملية قابلة للتنفيذ اليوم.

نسيم رمضان (سان دييغو - الولايات المتحدة)
الاقتصاد جانب من استعراض التقرير (الشرق الأوسط)

«غوغل» تسهم بـ8.3 مليار دولار في الاقتصاد السعودي خلال 2024

أسهمت أدوات «غوغل» وخدماتها الرقمية بنحو 31.2 مليار ريال (8.3 مليار دولار) في الاقتصاد السعودي خلال عام 2024، تعادل 1.6 من الناتج المحلي غير النفطي.

عبير حمدي (الرياض)
علوم كوريا الجنوبية مهدَّدة بـ«فجوة كبرى» في تطوير الذكاء الاصطناعي

كوريا الجنوبية مهدَّدة بـ«فجوة كبرى» في تطوير الذكاء الاصطناعي

تعرقل فئات مهنية نخبوية استخدامات الأدوات الذكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم «قيادة متمحورة حول الإنسان»... لدمج الذكاء الاصطناعي في فريق العمل

«قيادة متمحورة حول الإنسان»... لدمج الذكاء الاصطناعي في فريق العمل

الفطنة والذكاء العاطفي والبصيرة منظور قيادي لركوب الموجة التقنية الجديدة

تكنولوجيا أداة «رانواي إم إل» لتوليد الفيديوهات المتقدمة بالذكاء الاصطناعي

تعرف على أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي لمختلف الاستخدامات

تكمن جاذبيتها الأساسية في تقديم حل واحد لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي المتنوعة

خلدون غسان سعيد (جدة)

كوريا الجنوبية مهدَّدة بـ«فجوة كبرى» في تطوير الذكاء الاصطناعي

كوريا الجنوبية مهدَّدة بـ«فجوة كبرى» في تطوير الذكاء الاصطناعي
TT

كوريا الجنوبية مهدَّدة بـ«فجوة كبرى» في تطوير الذكاء الاصطناعي

كوريا الجنوبية مهدَّدة بـ«فجوة كبرى» في تطوير الذكاء الاصطناعي

مع تعهد كوريا الجنوبية باستثمار أكثر من 100 تريليون وون (74 مليار دولار) في الذكاء الاصطناعي، فإنها تُرسّخ مكانتها منافساً قوياً في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. وبفضل شركاتها التقنية المتطورة، وبنيتها التحتية القوية، ومواهبها المتميزة، يُتوقع أن تكون كوريا الجنوبية على أهبة الاستعداد للنجاح، كما كتب جوبو شيم*.

معضلة متفاقمة... صراع على سلطة القرار

لكن تحت السطح، تكمن معضلة متفاقمة تُثير تساؤلات مُقلقة حول من يستفيد حقاً من ابتكارات الذكاء الاصطناعي، ومن سيتخلف عن الركب.

في كوريا الجنوبية، لا يُمثل الذكاء الاصطناعي مجرد تحدٍّ تكنولوجي، بل ساحة صراع على السلطة. ففي حين عرقلت فئات مهنية نخبوية -مثل المحامين والأطباء ومحاسبي الضرائب- مراراً وتكراراً الإصلاحات التي يقودها الذكاء الاصطناعي التي تُهدد سلطتها، وجدت المجتمعات المهمشة اجتماعياً واقتصادياً التي غالباً ما تفتقر إلى المهارات أو الدعم اللازم للتكيف، وجدت نفسها في مواجهة تغيرات سريعة.

مقاومة مجتمعية داخلية

لم تأتِ مقاومة ابتكارات الذكاء الاصطناعي من الجهات المعتادة -الحكومات أو الجهات التنظيمية أو المنافسين الدوليين- بل جاءت من الداخل.

خذْ على سبيل المثال «تادا»، خدمة طلب سيارات الأجرة التي وعدت سابقاً ببديل أذكى لنظام سيارات الأجرة القديم في كوريا الجنوبية. إذ على الرغم من نجاحها الأوّلي، اضطرت «تادا» إلى الإغلاق بعد رد فعل عنيف من نقابات سيارات الأجرة، والقيود القانونية اللاحقة. ورد كوريا الجنوبية في هذا الشأن لم ينتهِ بفشل في التسويق، بل بتراجع سياسي تحت ضغط من مجموعة راسخة.

معارضة المحامين والمحاسبين والأطباء

تكرَّر النمط نفسه في مجالات أخرى. فقد عارضت نقابة المحامين الكورية بشدة روبوت الدردشة بالذكاء الاصطناعي التابع لشركة المحاماة «DR & AJU»، وهي منصة تقدم استشارات قانونية، واتهمتها بتقويض المهنة القانونية.

ودخلت «3o3»، وهي خدمة استرداد ضرائب تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في صراع مع الجمعية الكورية لمحاسبي الضرائب العموميين المعتمدين. وأثارت «DoctorNow»، وهي شركة ناشئة في مجال الطب عن بُعد، غضب الصيادلة والأطباء الذين يخشون فقدان أدوارهم التقليدية.

وفي كل حالة، لم تكن المقاومة نابعة من عدم نضج التكنولوجيا أو انعدام ثقة الجمهور بها، بل كانت دفاعاً مدروساً عن منطقة مهنية.

خنق الابتكار لتهديده هياكل السلطة القديمة

أظهرت هذه المجموعات -التي غالباً ما تكون منظمة جيداً، ومتصلة سياسياً، وعالية الصوت- أنه في كوريا الجنوبية، يمكن خنق الابتكار ليس بسبب جدواه، ولكن بسبب تهديده هياكل السلطة القديمة. الذكاء الاصطناعي، في هذا السياق، لا يمثل التقدم فحسب، بل يمثل أيضاً تغييراً جذرياً، ولا يرحب به الجميع.

إهمال العاملين المهمَّشين في الوظائف الدنيا

بينما ينشغل المهنيون الأقوياء في كوريا الجنوبية بإقامة حواجز لحماية نفوذهم، يجري إهمال فئة أخرى تماماً: المهمشين اجتماعياً واقتصادياً.

في خضم الاندفاع نحو الأتمتة وتبني الذكاء الاصطناعي، لم يُولَ اهتمام يُذكر لأولئك الذين تكون سبل عيشهم الأكثر عرضة للخطر. ففي متاجر التجزئة وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة، حلَّت الأكشاك محل الصرافين البشريين بشكل مطرد.

وفي مجال الخدمات اللوجيستية، بدأت الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تبسيط عمليات التخزين والتوصيل -غالباً على حساب العمالة المبتدئة. وتشير التقارير إلى أن شركة «ميتابلانت أميركا (HMGMA)» التابعة لمجموعة «هيونداي موتور» في ولاية جورجيا الأميركية توظف روبوتات أكثر من البشر.

استبعاد العاملين... اقتصادياً ومعلوماتياً

قد تعزز هذه التغييرات الإنتاجية، ولكنها تشير، بالنسبة إلى كثير من العمال ذوي المهارات المحدودة، إلى نزوح... أكثر من كونها فرصة. وقد تأخرت كوريا الجنوبية في إيجاد مسارات هادفة للعمال الضعفاء للانتقال إلى اقتصاد الذكاء الاصطناعي.

هذا الاستبعاد ليس اقتصادياً فحسب؛ بل هو أيضاً معلوماتي. إذ لا يزال الإلمام بالذكاء الاصطناعي منخفضاً بين كبار السن والمجتمعات الريفية والفئات ذات الدخل المنخفض. ومن دون الحصول على التدريب أو التعليم، غالباً ما يُعامل هؤلاء المواطنون على أنهم متلقون سلبيون للتغيير، بدلاً من أن يكونوا مشاركين فاعلين في تشكيله.

عندما تُعرقل المقاومة الراسخة الابتكار ويظل المجتمع مجزأً، فإن التكلفة لا تقتصر على عدم المساواة، بل تصبح عائقاً أمام التقدم الوطني نفسه.

تخطيط طموح وأضرار محتملة

إن خطة الحكومة الكورية الطموحة لاستثمار 100 تريليون وون في الذكاء الاصطناعي تُرسل إشارة قوية على النية. ولكن إذا تدفقت هذه الأموال إلى أيدي صناعات محمية بالفعل، أو عززت سيطرة الجهات التنظيمية، أو موَّلت الأتمتة دون ضمانات للعمال المُسرّحين، فإنها تُخاطر بإلحاق ضرر أكبر من نفعها. فمن دون تخطيط شامل، قد تُسرّع هذه الاستثمارات من عدم المساواة بدلاً من الابتكار.

إنشاء نظامٍ أكثر عدلاً يدعم الفئات الضعيفة

هذه ليست مشكلةً فريدةً في كوريا الجنوبية. ففي جميع أنحاء العالم، بدأت الدول التي تتبع خطىً سريعةً في هذا المجال تواجه المفارقة نفسها.

إذا أرادت كوريا الجنوبية حقاً أن تصبح قوةً في مجال الذكاء الاصطناعي، فعليها أن تتجاوز إطار بناء آلاتٍ أكثر ذكاءً... إنها تحتاج إلى إنشاء نظامٍ أكثر عدلاً يُخفّض الحواجز، ويدعم الفئات الضعيفة، ويضمن للجميع مكاناً في المستقبل الذي تتصوره.

* مجلة «ذا ديبلومات»، خدمات «تريبيون ميديا».