علماء صينيون يكتشفون 64 جيناً مرتبطاً بشيخوخة الدماغ

علاجات محتملة لمكافحة الشيخوخة

علماء صينيون يكتشفون 64 جيناً مرتبطاً بشيخوخة الدماغ
TT
20

علماء صينيون يكتشفون 64 جيناً مرتبطاً بشيخوخة الدماغ

علماء صينيون يكتشفون 64 جيناً مرتبطاً بشيخوخة الدماغ

في دراسة رائدة نُشرت حديثاً، كشف باحثون عن 64 جيناً تؤثر على سرعة شيخوخة الدماغ، ما يفتح آفاقاً جديدة لتطوير علاجات قد تُبطئ التدهور المعرفي. واستندت الدراسة إلى تحليل بيانات جينية وفحوصات دماغية لـ38961 مشاركاً من بنك حيوي بريطاني. ويعدُّ هذا البحث من أكبر الدراسات في مجال العوامل الوراثية لشيخوخة الدماغ.

«فجوة عمر الدماغ»

استخدم الباحثون نموذج تعلم عميقاً لتقدير «عمر الدماغ» من خلال مقارنة الحالة الصحية للدماغ مع الأعمار الفعلية للمشاركين، ما أعطى مقياساً يُعرف باسم «فجوة عمر الدماغ- brain age gap»؛ (BAG)؛ إذ تشير الزيادة في فجوة عمر الدماغ إلى تسارع الشيخوخة.

جينات ترتبط بتخثر الدم وبرمجة موت الخلايا

ومن بين 31520 فرداً سليماً يمتلك بيانات وراثية، تم ربط 64 جيناً بتغيرات هذه الفجوة، مع بروز 7 جينات منها تشارك في عمليات حيوية، مثل تخثر الدم والبرمجة الخلوية لموت الخلايا.

وقد اعتمد الباحثون من قسم الأعصاب بمستشفى كلية الطب في جامعة بكين بالأكاديمية الصينية للعلوم الطبية، في الدراسة التي نُشرت في 12 مارس (آذار) 2025، في مجلة «ساينس أدفانسز- Science Advances» أيضاً على تحليل نشاط الجينات في الدم وأنسجة الدماغ، لتحديد الجينات التي يُحتمل أن تستجيب للتدخلات الدوائية. وساعد الجمع بين تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليل الجيني في تحديد أولويات الجينات الأكثر ملاءمة، لاستهدافها في تجارب مكافحة الشيخوخة.

الأدوية المرشحة وإمكانات إعادة الاستخدام

وكشف الفريق البحثي عن 466 مركباً يستهدف 29 من هذه الجينات، منها 13 مركباً تخضع حالياً لتجارب سريرية لمكافحة الشيخوخة. وكان من بين هذه المركبات دواء «راباميسين- rapamycin» الذي برز بوصفه أحد الأدوية المرشحة؛ إذ يُدرس تأثيره في إطالة العمر ومكافحة شيخوخة المبيض لدى النساء. وقد يُستهدف هذا الدواء أيضاً لعكس شيخوخة الدماغ. بالإضافة إلى ذلك حُدد 28 مركباً آخر يستهدف 4 جينات، رغم أن تأثيرها على شيخوخة الدماغ لم يُختبر بعد.

وجهات نظر الخبراء

أعرب عالم الأعصاب أغوستين إيبانيز من كلية «ترينيتي» في دبلن بآيرلندا، الذي لم يشارك في الدراسة عن تفاؤله بشأن النتائج قائلاً: «هذه النتائج قد تمهد الطريق لعلاجات تهدف إلى الحفاظ على صحة الدماغ لفترة أطول». ومع ذلك حذَّر إيبانيز من ضرورة التحقق السريري، مشيراً إلى أن معظم المشاركين في الدراسة ينتمون لأصول أوروبية، مما قد يحد من إمكانية تعميم النتائج على مجموعات سكانية أخرى.

الإمكانات العلاجية والتحديات المقبلة

تُبرز الدراسة إمكانات إعادة استخدام الأدوية القائمة؛ إذ يمكن إعادة اختبار مركبات مستخدمة في علاج أمراض القلب والأوعية الدموية التي تؤثر على جينات التخثر، لمعرفة تأثيرها الوقائي على صحة الدماغ. كما يمكن للمركبات التجريبية في مجال مكافحة الشيخوخة أن تُعطَى الأولوية في التجارب الخاصة ببطء شيخوخة الدماغ.

على الرغم من النتائج الواعدة، يواجه البحث بعض التحديات؛ إذ إن تجانس مجموعة المشاركين في البنك الحيوي للمملكة المتحدة، يحد من إمكانية التعميم، ثم إن العلاقة بين فجوة عمر الدماغ والتدهور المعرفي تحتاج إلى مزيد من الدراسة. ويؤكد الباحثون على ضرورة إجراء تجارب على نماذج خلوية وحيوانية، للتحقق من إمكانية استهداف هذه الجينات لبطء عملية الشيخوخة.

الراباميسين: «نبع الشباب في حبة دواء»

الراباميسين الذي استخدم منذ عام 1972 لمنع رفض الأعضاء المزروعة، أصبح الآن في طليعة بحوث مكافحة الشيخوخة. ففي دراسة نُشرت في مجلة «نيتشر إيجينغ- Nature Aging» في 4 مايو (أيار) 2023 أظهرت بحوث برئاسة دادلي لامينغ من كلية الطب بجامعة ويسكونسن في الولايات المتحدة، أن الراباميسين يعمل عبر استهداف بروتين «mTOR» المسؤول عن استشعار العناصر الغذائية والمرتبط بآليات الشيخوخة. وعن طريق تثبيط «mTOR» يُنشِّط الراباميسين عملية الالتهام الذاتي، وهي آلية «تنظيف» خلوية تساعد على إزالة الفضلات المرتبطة بالشيخوخة.

وعلى الرغم من الآثار المبشرة للراباميسين في نماذج الكائنات الحية، فإن تجارب إطالة العمر المباشرة على البشر لا تزال غير عملية، كما تُركِّز الدراسات الحالية على الأمراض المرتبطة بالسن.

وتشير النتائج الأولية إلى فوائد محتملة لصحة القلب والأوعية الدموية والمناعة والجلد؛ لكن تأثيراته على شيخوخة الدماغ والعضلات لم تُثبت بعد. كما لوحظت بعض الآثار الجانبية مثل الالتهابات وارتفاع الكولسترول لدى بعض المرضى، ولا يزال الراباميسين غير معتمد من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) للاستخدام المضاد للشيخوخة.

القيود والخطوات التالية

تمثل هذه الدراسة نقلة نوعية في فهم البنية الجينية لشيخوخة الدماغ؛ حيث يفتح الربط بين التحليل القائم على الذكاء الاصطناعي والبيانات الجينية آفاقاً لعلاجات مُصممة خصيصاً للتأخير أو إدارة التدهور المعرفي. وبينما يبشر البحث بمستقبل قد لا يكون فيه التدهور المعرفي حتمياً، يبقى التحدي الأكبر في ترجمة هذه الأفكار إلى علاجات فعالة وآمنة عبر مختلف الفئات السكانية. ومع استمرار البحوث والتجارب، يأمل العلماء أن تتاح فرص جديدة تُحدث تحولاً في كيفية تعاملنا مع الشيخوخة، وتقدم حلولاً جذرية لتحسين جودة الحياة للمسنين.


مقالات ذات صلة

التحكم في حموضة الخلايا قد يكون مفتاحاً لعلاج أمراض المناعة الذاتية

علوم التحكم في حموضة الخلايا قد يكون مفتاحاً لعلاج أمراض المناعة الذاتية

التحكم في حموضة الخلايا قد يكون مفتاحاً لعلاج أمراض المناعة الذاتية

أظهرت دراسة رائدة أجراها باحثون في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، أن التحكم في حموضة الخلايا قد يمهد الطريق لعلاجات جديدة لأمراض…

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم صلة وراثية بين تدخين الأم وأثره على الأبناء الذكور مدى الحياة

صلة وراثية بين تدخين الأم وأثره على الأبناء الذكور مدى الحياة

في أول تحليل جيني واسع النطاق

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك الطريقة الجديدة تستخدم تقنية حقن «النانو» لإدخال مواد جينية مستهدفة في بيض البعوض مما يعطل قدرته على حمل الأمراض (رويترز)

علماء يطوّرون طريقة رائدة للقضاء على أمراض قاتلة محتملة

طوّر علماء تقنيةً ثوريةً لتعديل الجينات تهدف إلى منع البعوض من نقل الأمراض القاتلة مثل الملاريا، التي تقتل نحو 600 ألف شخص سنوياً، معظمهم أطفال دون الخامسة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
علوم قاعدة بيانات ثورية لفك رموز وظائف الجينات البشرية

قاعدة بيانات ثورية لفك رموز وظائف الجينات البشرية

تقدم فرضيات لنحو 18 في المائة من الجينات البشرية «غير الموصوفة».

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك مكملات «الميلاتونين» تساعد على تحسين جودة النوم (جامعة فيرمونت)

مكمل غذائي لتقليل أضرار العمل الليلي

وجدت دراسة كندية أن تناول مكملات «الميلاتونين» قد يساعد في تعويض التلف الذي يُصيب الحمض النووي (DNA) نتيجة نوبات العمل الليلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل سيؤدي تغير المناخ إلى ازدهار صناعي في القطب الشمالي؟

شكل تصوّري للشحن في القطب الشمالي
شكل تصوّري للشحن في القطب الشمالي
TT
20

هل سيؤدي تغير المناخ إلى ازدهار صناعي في القطب الشمالي؟

شكل تصوّري للشحن في القطب الشمالي
شكل تصوّري للشحن في القطب الشمالي

يُحدث تغير المناخ تحولاً في المشهد المتجمد للقطب الشمالي بمعدلات مذهلة. ورغم ما يُلحقه من دمار بالحياة البرية والمجتمعات التي تعيش هناك، فإن الحكومات والشركات تُدرك وجود فرصة سانحة، كما كتبت مادلين كاف (*).

ثروة قطبية

تتمتع المنطقة بثروة من الموارد، بما في ذلك احتياطيات غير مستغلة من الوقود الأحفوري ومعادن أساسية ضرورية. وقد تنافست دول القطب الشمالي على السيطرة على هذه الموارد لعقود، وبعض عمليات الاستغلال - وبخاصة استخراج الوقود الأحفوري في القطب الشمالي الروسي - جارية بالفعل.

وبحلول نهاية العقد، قد يصبح المحيط المتجمد الشمالي خالياً من الجليد خلال فصل الصيف؛ ما يسمح للسفن بالسفر مباشرة فوق القطب الشمالي لأول مرة. هذا الذوبان السريع يجعل المنطقة أكثر سهولة من أي وقت مضى؛ ما يُغذي توقعات النمو الصناعي السريع في القطب الشمالي. منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب صراحةً رغبته في الاستيلاء على غرينلاند، وهي إقليم دنماركي، بالإضافة إلى كندا. لكن هل سيُحدث تغير المناخ طفرة صناعية حقيقية في القطب الشمالي؟

مصالح مادية

* النفط والغاز. لا شك أن المنطقة تزخر بموارد قيّمة، بما في ذلك نحو 90 مليار برميل من النفط ونحو 30 في المائة من احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي غير المكتشفة، وفقاً لتقييم أجرته هيئة المسح الجيولوجي الأميركية عام 2012.

* المعادن الأرضية النادرة. كما تتوافر المعادن الأرضية النادرة بكثرة. ويُعتقد أن غرينلاند وحدها تمتلك احتياطيات كافية من معادن مثل النيوديميوم والديسبروسيوم، التي تُستخدم في تصنيع توربينات الرياح والمركبات الكهربائية، لتلبية ربع الطلب العالمي المستقبلي على الأقل. كما أنها تفخر بوجود كميات كبيرة من الكوبالت والنحاس والغرافيت والنيكل.

ويتزايد الطلب على هذه المواد بسرعة في جميع أنحاء العالم مع تسارع وتيرة التحول في مجال الطاقة. تُهيمن الصين الآن على سلاسل التوريد العالمية، بينما تتسابق مناطق أخرى - أبرزها أوروبا - لتأمين إمدادات بديلة.

غرينلاند فخورة بثرواتها

تقول آن ميريلد من جامعة ألبورغ في الدنمارك: «هناك اهتمام متزايد من (شركات التعدين متعددة الجنسيات) باستكشاف ورسم خرائط الرواسب في القطب الشمالي؛ نظراً للحاجة إلى مواد خام بالغة الأهمية في أوروبا».

قضت ميريلد طفولتها في غرينلاند ولا يزال لديها عائلة تعيش هناك. وتقول إن اهتمام الولايات المتحدة قد «صدم» السكان، لكنه عزز أيضاً عزمهم على تطوير موارد الجزيرة لدعم قضيتها من أجل الاستقلال. وتضيف: «سكان غرينلاند شعب فخور جداً. إن تطوير مواردنا هو إحدى الطرق لتعزيز اقتصادنا، وتمهيد الطريق للمضي قدماً».

لكن على الرغم من الضجيج، فإن صناعة التعدين الفعلية في غرينلاند ضئيلة. ولا يوجد في الجزيرة سوى منجمَين نشطين، وبينما أصدرت نحو 100 ترخيص تعدين، معظمها للاستكشاف، فإن الأمر سيستغرق سنوات عدّة قبل أي انتقال إلى المشروعات التجارية.

الوصول إلى ثروات القطب

هذه ليست قضية جديدة؛ يعرف الجيولوجيون منذ عقود الثروات الكامنة في القطب الشمالي. لكن المشكلة تكمن في الوصول إليها.

يغطي الجليد البحري الكثيف معظم مساحة القطب الشمالي، ويغطيه معظم أيام السنة. ولكن على الرغم من أن هذا الغطاء الجليدي آخذ في التناقص والتراجع، فإن التنقيب عن النفط والغاز في المياه المفتوحة وحفر الآبار لا يزال مسعًى باهظ التكلفة وخطيراً للغاية، ولا يعدّ مبرراً إلا إذا كان سعر النفط مرتفعاً بما يكفي. وتجدر الإشارة إلى أن استخراج الوقود الأحفوري البري أكثر تكلفة في القطب الشمالي، حيث تزيد تكلفته بنسبة 50 في المائة إلى 100 في المائة بألاسكا عنه في تكساس، على سبيل المثال.

حساسية بيئية

هناك أيضاً مخاطر تتعلق بالسمعة والمال في حال حدوث أي مشكلة. تقول ميريلد: «بيئة القطب الشمالي قاسية، لكنها في الوقت نفسه معرَّضة للخطر؛ إنها هشة. النباتات والحيوانات حساسة، وتستغرق إعادة بنائها وقتاً طويلاً في حال تضررها».

على سبيل المثال، تحذر شركات النفط الغربية من العمل في منطقة حساسة بيئياً كهذه، حيث قد تكون الأخطاء مكلفة. في عام 1989، اصطدمت ناقلة النفط «إكسون فالديز»، المملوكة لشركة «إكسون» للشحن، بشعاب مرجانية قبالة سواحل ألاسكا؛ ما أدى إلى تسرب ما يقرب من 23 مليون لتر من النفط إلى المحيط في غضون ساعات قليلة. وتسببت تلك الكارثة في نفوق آلاف الطيور البحرية، وثعالب الماء، والنسور الصلعاء، والحيتان القاتلة، وغيرها من الحيوانات البرية، وتدمير الموائل البحرية لمئات الكيلومترات، ولا تزال آثارها واضحة حتى بعد عقود. واضطرت «إكسون» إلى إنفاق نحو 202 مليار دولار على تنظيف التسرب ودفع مليار دولار إضافية تعويضات.

وبالنسبة لعمليات التنقيب عن المعادن المهمة، التي تعني في المقام الأول التعدين البري، اضطرت الشركات تاريخياً إلى التعامل مع قشور جليدية ضخمة أو تربة جليدية دائمة. وغالباً ما تكون البنية التحتية المحلية، مثل الطرق والموانئ، شحيحة، والقوى العاملة المتاحة محدودة.

ذوبان الجليد

يُخفف الذوبان السريع بعض هذه المشاكل، لكنه يُنشئ أيضاً مشاكل جديدة. إذ يُحسّن ذوبان التربة الصقيعية إمكانية الوصول إلى المواد الحيوية، لكنه يُزعزع استقرار البنية التحتية القائمة ويزيد من خطر الكوارث البيئية.

في عام 2020، انهار خزان وقود في محطة طاقة روسية تُشغّلها شركة تابعة لشركة المعادن العملاقة «نوريلسك نيكل»؛ ما أدى إلى غمر الأنهار المحلية بما يصل إلى 21 ألف طن من زيت الديزل. وقد أُلقي باللوم جزئياً على التسرب، الذي تسبب في أضرار بيئية بقيمة 1.5 مليار دولار، على انهيار أساسات الخزان بسبب ذوبان التربة الصقيعية.

يقول فيليب أندروز - سبيد من معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: «سيُصعّب ذوبان التربة الصقيعية الحياة بشكل كبير». ويشير إلى أن بناء بنية تحتية جديدة - مثل المنازل والمباني التشغيلية والطرق القادرة على تحمل ذوبان الجليد - أكثر تكلفة بكثير.

في الوقت نفسه، في غرينلاند، حيث تُركّز الولايات المتحدة اهتمامها، كشف ذوبان الأنهار الجليدية عن آلاف الكيلومترات من سواحل جديدة. لكن هذه الأرض الجديدة هشة، وعرضة للانهيارات الأرضية التي قد تُسبب موجات تسونامي هائلة.

يقول فيليب شتاينبرغ من جامعة دورهام بالمملكة المتحدة: «إذا كانت لديك بنية تحتية على الأرض، للتعدين أو الحفر أو البناء مثلاً، فربما تُفضل وجود تربة صقيعية، حيث يُمكنك التنبؤ بمدى استقرار الأرض، بدلاً من التوجه إلى سطح أكثر دفئاً يذوب في نصف الوقت». ويضيف: «لا يُمثل تغير المناخ دائماً، على الأقل، النعمة الاقتصادية لاستخراج المعادن في القطب الشمالي كما يُصوَّر».

رأي السكان الأصليين

يمكن لمجتمعات السكان الأصليين في القطب الشمالي أيضاً أن يكون لها رأي في مدى نشاط التعدين. غالباً ما تُبدي هذه المجتمعات معارضة شديدة لمقترحات التطوير؛ خوفاً من أن تُلحق الأنشطة الصناعية الجديدة الضرر بالبيئة المحلية وتقطع مسارات هجرتهم التقليدية.

في عام 2023، حددت شركة التعدين السويدية «LKAB» رواسب ضخمة من خام الحديد والفوسفور في القطب الشمالي السويدي، التي تقول إنها قد تُلبي 18 في المائة من احتياجات أوروبا من المعادن النادرة، لكن شعب السامي الأصلي يُعارض تطوير المنجم.

ويتوقع أندروز - سبيد أن مثل هذه الاشتباكات ستعيق الصناعة في أجزاء من القطب الشمالي؛ ما يحد من دور المنطقة في تعزيز الإمدادات العالمية من المعادن الأساسية اللازمة للتحول في مجال الطاقة. ويضيف: «سواءً كنا ننظر إلى كندا أو شمال أوروبا، فإن السكان الأصليين في القطب الشمالي سيُبطئون الأمور، على أقل تقدير».

تغير المناخ - نقمة اقتصادية؟

لا يُمثل تغير المناخ دائماً النعمة الاقتصادية لاستخراج المعادن في القطب الشمالي كما يُصوَّر.

بالنظر إلى المخاطر المادية والبيئية والاجتماعية لتطوير الأنشطة الصناعية في القطب الشمالي مجتمعةً، فإن هذه المخاطر ستُثني الكثير من الشركات، على الرغم من الذوبان السريع للجليد في المنطقة.

يقول شتاينبرغ: «لن تكون المنطقة بيئة تشغيلية سهلة للتعدين، والحفر، وحتى الشحن». ويضيف: «ستمضي المشروعات قدماً، لكنها لن تُحدث فرقاً كبيراً، باستثناء حالة أو حالتين صغيرتين. سيتجلى الفرق الكبير في أجزاء أخرى من العالم، حيث تكون ممارسة الأعمال التجارية على نطاق واسع أرخص وأسهل».

ازدهار الشحن في القطب الشمالي

مع تراجع الجليد البحري في القطب الشمالي، تُفتح طرق شحن جديدة؛ ما يسمح بنقل البضائع والسلع إلى المنطقة وعبرها وخارجها.

تشير البيانات التي جمعتها منظمة حماية البيئة البحرية في القطب الشمالي (PAME)، وهي جزء من المجلس الدولي للقطب الشمالي، إلى أن عدد السفن الفريدة التي تدخل القطب الشمالي قد ارتفع بنسبة 37 في المائة بين عامي 2013 و2024. وتُعدّ قوارب الصيد أكثر أنواع السفن شيوعاً في القطب الشمالي، ولكن هناك زيادةً كبيرة في عدد ناقلات النفط الخام وناقلات الغاز وسفن الرحلات البحرية وناقلات البضائع السائبة، وفقاً للبيانات.

وتشير منظمة «PAME» إلى أن ارتفاع عدد السفن التي تنقل البضائع والوقود الأحفوري يؤكد زيادة النشاط الصناعي في القطب الشمالي، حيث زادت المسافة التي تقطعها ناقلات البضائع السائبة بنسبة 205 في المائة بالسنوات الـ13 الماضية.

وتشير آن ميريلد من جامعة ألبورغ في الدنمارك إلى أن تغير المناخ يُسهّل «نقل المواد من منطقة القطب الشمالي وإليها». لكن ربما يكون ظهور طرق تجارية جديدة عبر القارات، مثل الممر عبر القطب الشمالي، هو ما يضع القطب الشمالي على خريطة أنشطة الشحن العالمية.

* مجلة «نيو ساينتست»، خدمات «تريبيون ميديا»

حقائق

90

مليار برميل من النفط يُحتمَل وجودها في القطب الشمالي

حقائق

30 %

نسبة احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي غير المكتشفة التي يُحتمَل وجودها في القطب الشمالي