النشوة الجنسية: «اتصال مثالي بين الأعضاء التناسلية والدماغ»

10 % من الذين تزيد سنهم على 40 عاماً يعانون تأخرها

النشوة الجنسية: «اتصال مثالي بين الأعضاء التناسلية والدماغ»
TT
20

النشوة الجنسية: «اتصال مثالي بين الأعضاء التناسلية والدماغ»

النشوة الجنسية: «اتصال مثالي بين الأعضاء التناسلية والدماغ»

يقول معظم الرجال -أو بالأحرى نحو 70 في المائة منهم- إنهم يصلون إلى النشوة أسرع مما يرغبون، كما كتب ديفيد دودج*.

تأخر النشوة الجنسية

ولكن هناك مشكلة عكسية قد تظهر مع التقدم في السن: إطالة المدة. فقد يستغرق الوصول إلى النشوة الجنسية لدى بعض الرجال 30 دقيقة أو أكثر. وقد تكون العملية الجنسية التي تستمر لهذه المدة غير مريحة ومؤلمة ومُقلقة للرجال وشريكاتهم.

تُعرف هذه الحالة بتأخر الوصول إلى النشوة الجنسية (delayed orgasm)، وهي أكثر شيوعاً لدى النساء، ولسبب وجيه، وهو وجود فجوة في النشوة الجنسية، بسبب عدم الاستمرار في العلاقات بين الجنسين. ولكن ما يصل إلى 10 في المائة من الرجال الذين تزيد سنهم على 40 عاماً يعانونها أيضاً. وفي الحالات القصوى، لا يصل بعض الرجال إلى النشوة الجنسية أبداً، وهو اضطراب يُسمَّى فقدان النشوة الجنسية.

مشكلة كبيرة

لم تُدرس اضطرابات النشوة الجنسية جيداً ولم تُفهم جيداً، وتميل الأبحاث القليلة المتوفرة إلى التركيز على سرعة القذف، والتي تُعرف بأنها الوصول إلى النشوة الجنسية دون قصد في غضون دقيقتين، وفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية.

ولكن خبراء الصحة الجنسية يدركون بشكل متزايد أن تأخر النشوة الجنسية يُمثل «مشكلة كبيرة»، كما تقول الدكتورة راشيل روبين، اختصاصية المسالك البولية والطب الجنسي في ماريلاند. ورغم عدم وجود أي تدخلات معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، فإن هناك بعض خيارات العلاج، بما في ذلك الأدوية غير المصرح بها، والعلاج الجنسي، وأجهزة التحفيز، بالإضافة إلى تغييرات في نمط الحياة والسلوك.

الوصول الى النشوة الجنسية

تقول روبين إن النشوة الجنسية هي في الأساس رد فعل انعكاسي هائل، أشبه بـ«عطسة قوية». إنها مجرد «اتصال مثالي بين الأعضاء التناسلية والدماغ».

تبدأ العملية بتحفيز جنسي بصري أو عقلي أو جسدي، مما يحفز الدماغ على إفراز الدوبامين، ما يزيد من الإثارة. وبعد تحفيز كافٍ، يُطلق الدماغ موجة من المواد الكيميائية المُحفزة للمتعة، مثل الأوكسيتوسين، مما يُنتج الإحساس الذي نعدُّه نشوة جنسية.

النشوة الجنسية تحدث في الدماغ

يقول الدكتور آلان شيندل، اختصاصي المسالك البولية في سان فرنسيسكو، إن القذف يحدث في الوقت نفسه بالنسبة لمعظم الرجال؛ «لكنهما عمليتان منفصلتان». في حين أن النشوة الجنسية تحدث غالباً في الدماغ، فإن القذف عبارة عن سلسلة من الانقباضات العضلية اللاإرادية.

وأفادت روبين بأن المضاعفات التي تؤثر على الأعضاء التناسلية، وعضلات قاع الحوض، والحبل الشوكي، والدماغ، يمكن أن تجعل النشوة الجنسية مبكرة، أو متأخرة، أو مكتومة، أو حتى مؤلمة. ونظراً للتعقيد الذي ينطوي عليه الأمر، قالت: «من المدهش حقاً أن كثيراً من الأمور لا تسير على ما يرام».

أسباب تأخر النشوة الجنسية لدى الرجال

يمكن أن يساهم كثير من الحالات الجسدية، أو العصبية، أو النفسية، في تأخر النشوة الجنسية. وفيما يلي بعض الأسباب الأكثر شيوعاً:

الأدوية:

قال الدكتور لاندون تروست، طبيب المسالك البولية في ولاية يوتا، إن أكثر مسببات تأخر النشوة الجنسية شيوعاً هي الأدوية والمخدرات، بما في ذلك الكحول. وتُدرج إرشادات جمعية المسالك البولية 45 دواءً مختلفاً مرتبطاً بتأخر النشوة الجنسية.

تُعد فئة مضادات الاكتئاب التي تُسمى مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (serotonin reuptake inhibitors)، من بين أكثر الأسباب شيوعاً. تزيد هذه الأدوية من مستوى السيروتونين، وهو مادة كيميائية تُثبط المسارات العصبية المسؤولة عن النشوة الجنسية، ما يرفع الحد المطلوب للوصول إلى الذروة. (ولهذا السبب، تُعدُّ مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية علاجاً شائعاً غير مُصرَّح به للرجال الذين يُصابون بالقذف السريع).

كما يُمكن للمواد الأفيونية والكحول ومضادات الذهان وأدوية ضغط الدم، مثل حاصرات بيتا (beta blockers)، أن تُصعّب الوصول إلى النشوة الجنسية من خلال تثبيط استجابة الجهاز العصبي للتحفيز الجنسي.

المشاكل العصبية والسكري

المشاكل العصبية:

يُضعف كثير من الحالات العصبية -بما في ذلك التصلب اللويحي المتعدد (multiple sclerosis) ومرض باركنسون والسكتات الدماغية وإصابات الدماغ- المسارات العصبية بين الدماغ والأعضاء التناسلية، ما قد يُؤدي إلى ضعف المتعة، أو تأخر النشوة، أو ألم القذف.

داء السكري:

يُعدُّ مُساهماً عصبياً كبيراً آخر، وغالباً ما يُؤدي إلى تلف الأعصاب. يقول شيندل: «لا تقتصر الإصابة على أصابع القدمين واليدين؛ بل تشمل القضيب أيضاً».

وأضاف الدكتور إروين غولدشتاين، اختصاصي جراحة المسالك البولية في سان دييغو، أن إصابات العمود الفقري سبب شائع آخر لتأخر الوصول إلى النشوة الجنسية. وقد تشمل هذه الإصابات أموراً بسيطة، مثل الانزلاق الغضروفي.

مخاوف متعلقة بشريكة الحياة:

الأسباب الشائعة الأخرى: الألم أو الانزعاج الذي قد يسببه الرجال لشريكاتهم، والذي غالباً ما يؤدي إلى تأخر أو انعدام النشوة الجنسية لكليهما.

يعاني نحو 75 في المائة من النساء ألماً أثناء الجماع في مرحلة ما من حياتهن، ويعود بعضه إلى جفاف المهبل وتهيجه، وهي أعراض يمكن أن تزداد بشكل كبير مع بداية انقطاع الطمث. وأوضحت روبين أن هذه الحالة قابلة للعلاج بسهولة، بخيارات مثل الإستروجين المهبلي الموضعي، ولكنها غالباً ما لا تُشخص ولا تُعالج بشكل كافٍ.

وأضافت روبين أنه «من المهم للغاية» للأطباء الذين يعالجون الرجال الذين يعانون تأخر النشوة الجنسية، أن «يسألوا عن شريكاتهم»؛ كذلك اختلاف الرغبة الجنسية، وأنواع الممارسات الجنسية المفضلة، وتوقعات الأداء، يمكن أن يُصعِّب الوصول إلى النشوة الجنسية.

العوامل النفسية:

تُعد اضطرابات المزاج -مثل الاكتئاب والقلق والتوتر- من العوامل الشائعة الأخرى التي تُساهم في تأخر النشوة الجنسية. في أحد الاستطلاعات التي أُجريت على الرجال، أفاد 41 في المائة من الرجال الذين يعانون تأخراً متوسطاً ​​إلى شديد في الوصول إلى النشوة الجنسية، بأن القلق والتوتر أثناء ممارسة الجنس كانا السبب الرئيسي لعدم قدرتهم على الوصول إلى النشوة. ويمكن للاكتئاب تحديداً أن يُضعف قدرة الدماغ على استيعاب المتعة، مما يجعل الوصول إلى النشوة صعباً أو مكتوماً.

علاجات تأخر النشوة الجنسية

يقول تروست إنه قبل العلاج، ينبغي للرجال مناقشة توقيت بدء المشكلة مع أطبائهم. قد يكون للظهور المفاجئ لتأخر النشوة الجنسية سبب واضح (مثل الأدوية الجديدة، أو التوتر المرتبط بالعلاقة، أو اضطرابات النوم)، ويمكن غالباً عكس مساره بسهولة. أما الحالات التي تتطور تدريجياً بسبب الحالات المرتبطة بالسن والأمراض المزمنة، فقد يكون علاجها أصعب.

تُعدُّ حالات عدم القدرة الدائمة على الوصول إلى النشوة الجنسية -الناتجة عن نقص مستقبلات الدوبامين أو إصابات الدماغ أو العمود الفقري- الأصعب علاجاً. ولا توجد علاجات معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية لتأخر النشوة الجنسية، ولكن الأطباء السريريين لديهم بعض الأدوات المتاحة.

الأدوية العلاجية:

ساعد كثير من الأدوية المحفزة للدوبامين -مثل بوبروبيون (bupropion)، وبوسبيرون (buspirone)، وكابيرغولين (cabergoline)- في علاج تأخر النشوة الجنسية لدى الرجال في بعض التجارب السريرية العشوائية الصغيرة.

العلاج الجنسي:

قال شيندل إن العلاج والاستشارات الجنسية خياران جيدان دائماً لأي رجل يعاني خللاً وظيفياً جنسياً. وأضاف أن العلاج يجب أن يشمل الشركاء بشكل مثالي؛ لأن الاضطرابات الجنسية «ليست مشكلة شخصية».

أجهزة التحفيز:

أجهزة التحفيز: قالت روبين إنه في بعض الأحيان، يمكن أن يساعد «قليل من التحفيز الإضافي» الرجال على الوصول إلى النشوة الجنسية بسهولة أكبر. وأضافت أن الألعاب الجنسية، مثل أجهزة الاهتزاز للأعضاء التناسلية أو مناطق العِجان (المنطقة الملساء الواقعة بين كيس الصفن والشرج في الذكور) أو البروستاتا أو الشرج، يمكن أن تكون مفيدة في زيادة التحفيز بما يكفي للوصول إلى النشوة الجنسية.

لكن شيندل الذي يأمل في ظهور علاجات جديدة قريباً، قال إن هذه الخيارات لا تناسب الجميع. وأضاف أنه كما غيَّرت حبوب «الفياغرا» مشكلة ضعف الانتصاب، فقد يحدث الشيء نفسه يوماً ما بالنسبة لتأخر النشوة الجنسية. «ما زلنا نبحث عن حبوب النشوة الجنسية»، كما قال.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

صحتك دماغ (أرشيفية - رويترز)

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

طرحت دراسة، نُشرت الخميس، في مجلة «ساينس»، تفسيراً جديداً لعدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم؛ حيث أرجعت هذا إلى صعوبة الوصول إليها في ذكريات المخ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أبرزت دراسة جديدة أن المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر التي يتم تسويقها غالباً كبدائل صحية للسكر لديها ارتباطات محتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية (أ.ب)

دراسة: المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر مرتبطة بشكل مباشر بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية

تخضع المُحلَّيات الصناعية وبدائل السكر التي تسوَّق غالباً كبدائل صحية للسكر، للتدقيق من الخبراء بسبب ارتباطاتها المحتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

رغم بدء استخدامه في ستينات القرن الماضي، فإن المصادر الطبية لا تزال تؤكد أن اختبار إجهاد القلب هو أحد أكثر الاختبارات شيوعاً وأهمية في الطب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

كشفت دراسة نفسية حديثة عن التأثير القوي للصداقة الحقيقية في الحفاظ على الصحة النفسية للمراهقين

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

يُعد استئصال أورام الدماغ أحد التحديات الكبرى في مجال الجراحة العصبية، حيث تؤمن الإزالة الدقيقة والكاملة للورم عاملاً حاسماً في نجاح العلاج

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية
TT
20

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية

لقد تجاوزت الحرب نطاق العمليات العسكرية الحركية التقليدية بكثير، إذ إننا نواجه الآن عصراً يُطلق عليه الخبراء «الحرب المعرفية»، وهي شكلٌ خفيٌّ من الصراع يهدف إلى التأثير على طريقة تفكير الناس وتصرفاتهم، مما يُزعزع استقرار الأسس الراسخة للمؤسسات الديمقراطية والأمن القومي، كما كتب الدكتور جيك بيبر(*).

الحرب المعرفية وحرب المعلومات

وعلى عكس حرب المعلومات information warfare التي تتلاعب بأفكارنا، تُزعزع الحرب المعرفية cognitive warfare طريقة تفكيرنا - العقلانية نفسها. فهي تستخدم علم الأعصاب، وتحليلات البيانات، والاستراتيجيات القائمة على الخوارزميات لتحقيق ميزة استراتيجية.

إن تطوير إطار عمل لمواجهة هذا التهديد ليس ضرورياً فحسب، بل أمر مُلحّ. ويعمل الخصوم المحتملون جاهدين لتوسيع تفوقهم في هذا المجال الجديد نسبياً.

انتصارات دون صراع مباشر

يتحدث المفكرون العسكريون الصينيون بصراحة عن السعي وراء «الهيمنة البيولوجية» و«السيطرة المعرفية». إنهم ينشرون استراتيجيات متطورة تدمج عملياتهم المعلوماتية التقليدية مع قدرات الحرب المعرفية، وكلها تهدف إلى تحقيق انتصارات استراتيجية دون صراع مباشر.

إن استخدام الصينيين المتكامل للأدوات السيبرانية، وعلم الدماغ، والدعاية القائمة على الخوارزميات، يُنشئ مجموعة أدوات مُصممة لبثّ الشك، وتفتيت التماسك داخل المجتمعات والتحالفات، وتقويض الموقع الاستراتيجي للولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، فإن لروسيا تاريخاً طويلاً في استخدام «التدابير الفعالة» والتضليل الإعلامي لتعطيل العمليات الديمقراطية، مُحسّنةً أساليبها لتشمل الأدوات والتكتيكات الرقمية للحرب المعرفية الحديثة.

لا تقتصر أدوات وأساليب الحرب المعرفية على ساحة المعركة. فالتقدم في علم الأعصاب يُثري التطبيقات التي تؤثر في كل شيء، من صنع القرار العسكري إلى قرارات الشراء والرأي العام.

وسائل التواصل الاجتماعي والاستقطاب والقلق

تربط الدراسات الآن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بتزايد الاستقطاب السياسي والقلق، لا سيما بين الشباب الذين غالباً ما يكونون أكثر تردداً في دعم سياسات الدفاع التقليدية. ولأن العديد من منصات التواصل الاجتماعي هذه خاضعة لسيطرة خصوم أجانب، فإن السكان أنفسهم الذين تعتمد عليهم النظم الديمقراطية للتواصل قد يُساهمون في زعزعة استقرارها.

وتُقر وزارة الدفاع وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ودول حليفة مختلفة بأن للحرب المعرفية آثاراً عميقة على العمليات العسكرية والأمن القومي.

نهج لتشكيل السلوك العام

ومع ذلك، تفتقر السياسة الأميركية إلى نهج متماسك لكشف العمليات المعرفية ومواجهتها وتنفيذها.

من شأن هذا النهج أن ينظم: من، وماذا، وأين، وكيف تتعلق بالعمليات المعرفية. كما أنه سيربط - ويساعد في نهاية المطاف - على تسخير الإنجازات في علم الأعصاب والبيولوجيا التركيبية، والنمو الهائل للتقنيات ذات الاستخدام المزدوج، والدور المؤثر لتقنيات الأعمال والتسويق القائمة على الخوارزميات في تشكيل السلوك العام.

وفي ظل هذه المخططات التنظيمية، يُمكن لممارسي الحرب المعرفية في البنتاغون تصميم أدوات تحليلية لتحديد الجهات الفاعلة والعمليات والفضاءات والنتائج الرئيسية. ويمكن لصانعي القرار تطوير استراتيجيات مُضادة تُحيّد التهديدات وتستكشف فرص تحقيق ميزة استراتيجية.

ويجب أن يشمل هذا الإطار العمليات الهجومية والدفاعية على حد سواء، مع الأخذ في الاعتبار أن التطورات العلمية نفسها المستخدمة في الدفاع يمكن استغلالها أيضاً في العدوان المعرفي.

ينبغي على البنتاغون أن يستلهم نهجه من النهج المستخدم في العلوم السلوكية لتطوير الإطار، بقيادة مجلس علوم الدفاع أو هيئة مماثلة. ويبدأ تطوير الإطار ببناء «حالات استخدام»، أو سيناريوهات سردية توضح كيفية تفاعل الأفراد مع نظام ما لتحقيق الأهداف. وتُبنى حالات الاستخدام حول خمسة معايير: الجهات الفاعلة، والسياق، والموارد، والنتائج المتوقعة، وأصحاب المصلحة.

تعاون دولي حليف

سيتطلب هذا المجال تعاوناً دولياً. يُشكل هذا البُعد الجديد الطابع المستقبلي للحرب وكيفية فهمنا لنطاق الصراع. يتأثر أصدقاؤنا وشركاؤنا وحلفاؤنا بنفس القدر الذي نتأثر به. تنخرط الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية والقطاع التجاري جميعاً في سباق للتكيف والابتكار، حيث تُطوّر وتُجرّب مفاهيم عملياتية جديدة.

كما سيتطلب من صانعي السياسات التعامل مع الآثار الأخلاقية لنشر استراتيجيات معرفية تُؤثّر على السلوك.

حدود لتأمين خصوصية الأفراد

كيف يُمكن للولايات المتحدة حماية خصوصية الأفراد واستقلاليتهم في بيئة يتواصل فيها التلاعب المعرفي؟ ما هي الحدود القانونية للحرب المعرفية، وكيف يُمكن للتعاون الدولي مُعالجة هذه المُشكلة المُتطورة؟ علاوةً على ذلك، مع تزايد تعقيد التهديدات المعرفية، كيف يُمكننا تحصين البنى التحتية الحيوية ضد الهجمات التي تمزج بين العناصر الملموسة وغير الملموسة في الفضاء المعرفي؟

وكما تكيفت الولايات المتحدة مع وصول الأسلحة النووية، علينا أيضاً إعادة النظر في نهجنا تجاه الأمن القومي في هذا العصر الجديد. وهذا يعني دمج خبرات علم النفس وعلم الأعصاب وعلوم البيانات والأخلاقيات مع القدرات العسكرية والاستخباراتية التقليدية. ويعني أيضاً الاستفادة من رؤى جهات لا ترتبط عادةً بالدفاع، مثل مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي ووكالات الإعلان وكتاب الروايات ومنتجي الترفيه، وغيرهم.

* ضابط في البحرية الأميركية، باحث في مؤسسة أندرو دبليو مارشال ومعهد هدسون. مجلة «ديفنس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».