اختراقات علمية وتقنية جديدة

انطلاقة البحث التوليدي الصغير وتطويرات لحماية البيئة

اختراقات علمية وتقنية جديدة
TT
20

اختراقات علمية وتقنية جديدة

اختراقات علمية وتقنية جديدة

ما الذي سيحمل أهمية حقيقية على المدى البعيد؟ يتوقف خبراء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأميركي أمام هذا السؤال، أثناء تجميع عناصر القائمة السنوية لأهم الاختراقات العلمية والتقنية كل عام. وإليك بعضاً منها نشرت في دورية «تكنولوجي ريفيو».

رصد فلكي وتطورات الذكاء الاصطناعي

• مرصد فيرا سي روبين Vera C. Rubin Observatory: من المقرر هذا العام تشغيل تلسكوب جديد قوي في منطقة نائية من تشيلي، الذي سيبدأ في إجراء مسح لمدة عقد للسماء الجنوبية. وتوجد في داخل التلسكوب أكبر كاميرا رقمية جرى تصنيعها على الإطلاق بمجال علم الفلك، التي من المقرَّر أن تلتقط الصور بشكل مستمر لسنوات، بهدف مساعدة علماء الفلك على دراسة المادة المظلمة، واستكشاف مجرة درب التبانة وسبر أغوار المجهولات الكونية الأخرى.

• صعود البحث التوليدي باستخدام الذكاء الاصطناعي. للبحث التوليدي آفاق عظيمة في إضفاء البساطة والسرعة على مساعي العثور على ما تبحث عنه.

وعندما تكتب استعلاماً ما، يسارع نموذج الذكاء الاصطناعي إلى تلخيص المعلومات من الكثير من المصادر عبر الإنترنت للعودة إليك بإجابة فريدة. وعبر جهازك، يمكن للذكاء الاصطناعي تمشيط المستندات والصور ومقاطع الفيديو، والتعرف على الأشياء والأشخاص لمساعدتك في العثور عليهم بشكل أسرع. وربما يحمل هذا الأمر في طياته إشارة على نهاية محركات البحث التقليدية، وصعود مساعدي الذكاء الاصطناعي ذوي الطابع الشخصي.

• النماذج اللغوية الصغيرة: يمكن للنماذج اللغوية الكبيرة للذكاء الاصطناعي أن تنجز أشياء مذهلة، بالنظر إلى أنها تزخر بمئات المليارات - بل وحتى تريليونات - من العوامل المتغيرة (القيم التي تحدد سلوكها)، إضافة إلى تدريبها على معظم بيانات الإنترنت.

ومع ذلك، أصبح باستطاعة النماذج اللغوية الصغيرة الأرخص والأقل استهلاكاً للطاقة، الآن، الوقوف مع قدم المساواة مع النماذج الأكبر فيما يخص مجموعة من المهام المحددة. واليوم، أصبح بمقدورنا أن نقول بثقة: تنحي جانباً أيتها الديناصورات، فالمستقبل ينتمي إلى وحوش أصغر وأكثر رشاقة!

سيارات آلية وروبوتات

• سيارات الأجرة الآلية: أتمَّت سيارات الأجرة الآلية سنوات من الاختبارات التجريبية. واليوم، أصبحت متاحة أخيراً للجمهور. داخل أكثر من 12 مدينة حول العالم، يمكن للركاب استدعاء واحدة متى أرادوا. والآن، يستعد أكبر اللاعبين في هذا المجال للدخول في منافسة شديدة، في خضم توسعهم داخل مدن جديدة، تحت أعين الجهات التنظيمية اليقظة.

• الروبوتات سريعة التعلم: بفضل الطفرة التي تحققت بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. اليوم، أصبح بإمكان الروبوتات الاضطلاع بمهام جديدة على نحو أسرع من أي وقت مضى. ولم تعد مهارات الروبوتات الآلية، اليوم، تقتصر على إنجاز مهمة واحدة، فنحن نقترب من الروبوتات ذات الأغراض العامة التي يمكن الدفع بها إلى داخل بيئات جديدة؛ حيث تتولى معالجة مجموعة متنوَّعة من المهام نيابة عنا، على الفور تقريباً.

تطويرات بيئية

• علاج تجشؤ الأبقار: يُعد تجشؤ الأبقار أحد أكبر مصادر الانبعاثات الضارة الناتجة عن النشاطات الزراعية - وأحد أكثرها صعوبة في الحل. لكن الآن، أصبح متاحاً تطوير مكمل غذائي يقلل بشكل كبير من كمية الميثان التي تتجشؤها الماشية، في عشرات البلدان. ومن المحتمَل أن يستقبل العالم المزيد من مثل هذه المنتجات الأخرى، التي ربما تثبت فعالية أكبر.

• وقود طائرات أنظف: يمكن أن يساعد الوقود الجديد المصنوع من زيت الطهي المستعمل، أو النفايات الصناعية، أو حتى الغازات في الهواء، في تشغيل الطائرات دون وقود أحفوري. يُذكر أن هذه الأنماط من الوقود البديل للطائرات كانت قيد التطوير لسنوات، لكنها تحولت في الوقت الحاضر إلى تجارة كبيرة، مع ظهور مصانع لإنتاجها، وتفويضات حكومية جديدة تتطلب استخدامها.

• «الصلب الأخضر»: تأتي صناعة الصلب بالمركز الثاني من بين أكبر المصادر الصناعية لثاني أكسيد الكربون، وتنبعث منها كميات من الكربون تفوق ما ينبعث من الهند بأكملها (ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم)، وأكثر بكثير مما تطلقه صناعة السفر الجوي.

ويجري بناء أول مصنع للصلب الأخضر الصناعي، الذي يعتمد على الهيدروجين المصنوع بالطاقة المتجددة، بواسطة شركة «ستيغرا» - شركة ناشئة تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار، ومن المقرر أن تبدأ عملياتها العام المقبل، في شمال السويد.

علاجات واعدة

• أدوية طويلة المفعول للوقاية من فيروس نقص المناعة البشري: كشفت تجربة دواء جديد للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية أن 100 في المائة من النساء والفتيات المعالجات تمتعن بحماية من الإصابة بعدوى فيروس نقص المناعة البشري. ولا يحتاج الدواء إلا إلى الحقن مرة كل ستة أشهر. ويمكن أن يساعدنا الدواء في القضاء على الإيدز مرة واحدة وإلى الأبد؛ إذا تمكنا من ضمان وصوله إلى أولئك الذين يحتاجون إليه.

• علاجات الخلايا الجذعية الفعّالة: من المنتظر أن تعالج الخلايا الجذعية من الأجنة البشرية، الأمراض ـ هذا الوعد الكبير الذي قطعه العلماء على أنفسهم منذ عقود. والآن، يتحقق هذا الوعد أخيراً. يبدو أن عمليات زرع الخلايا المصنعة في المختبرات تسهم بالفعل في علاج حالتين مختلفتين تماماً؛ الصرع ومرض السكري من النوع الأول.


مقالات ذات صلة

كيف تتيح منصة «n8n» ربط التطبيقات وأتمتة الأعمال دون تدخل يدوي متكرر؟

تكنولوجيا خدمة أتمتة متقدمة تتيح إنشاء سير عمل مرن يدمج أكثر من 400 تطبيق مما يسهل تنفيذ المهام تلقائياً دون تدخل يدوي (n8n)

كيف تتيح منصة «n8n» ربط التطبيقات وأتمتة الأعمال دون تدخل يدوي متكرر؟

توفر المنصة بيئة منخفضة التعليمات البرمجية ومفتوحة المصدر، مما يسمح للمستخدمين بتشغيلها على خوادمهم الخاصة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص التقارب بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية يمكن أن يسرع الاكتشافات في مجالات مثل الأدوية والمناخ (أدوبي)

خاص كيف يغير تقارب الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وجه الاكتشافات العلمية؟

الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي يجتمعان لقيادة الابتكار العلمي، مع تقدم سريع في التطبيقات التجارية، من اكتشاف الأدوية إلى الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (سياتل)
علوم تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد حققت قفزات متوالية في مجال جراحة العظام (جامعة برنو للتكنولوجيا)

ثورة في جراحة العظام: كيف تحسّن «الغرسات المطبوعة» زراعة المفاصل؟

مع التطور السريع في تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، شهد قطاع الرعاية الصحية تحولاً جذرياً في تصنيع الغرسات الطبية، لا سيما في جراحة العظام واستبدال المفاصل.

محمد السيد علي (القاهرة)
علوم جين يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الشيخوخة

جين يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الشيخوخة

كشفت أبحاث حديثة عن اكتشاف جيني قد يمهد الطريق لعلاجات ثورية لإدارة الشيخوخة والحد من الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
خاص تهدف مبادرات مثل «النطاق العريض اللاسلكي» إلى ضمان اتصال سلس وعالي السرعة للمستخدمين في جميع أنحاء المملكة (شاترستوك)

خاص «نوكيا»: السعودية ستكون رائدة عالمياً في نشر شبكات «الجيل السادس»

في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يصف نائب الرئيس الأول لشبكات الهواتف الجوالة في الشرق الأوسط وأفريقيا في «نوكيا» المشهد في السعودية بـ«العاصفة المثالية من النمو».

نسيم رمضان (الرياض)

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية
TT
20

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية

«الحرب المعرفية»... تتجاوز نطاق العمليات الحربية التقليدية

لقد تجاوزت الحرب نطاق العمليات العسكرية الحركية التقليدية بكثير، إذ إننا نواجه الآن عصراً يُطلق عليه الخبراء «الحرب المعرفية»، وهي شكلٌ خفيٌّ من الصراع يهدف إلى التأثير على طريقة تفكير الناس وتصرفاتهم، مما يُزعزع استقرار الأسس الراسخة للمؤسسات الديمقراطية والأمن القومي، كما كتب الدكتور جيك بيبر(*).

الحرب المعرفية وحرب المعلومات

وعلى عكس حرب المعلومات information warfare التي تتلاعب بأفكارنا، تُزعزع الحرب المعرفية cognitive warfare طريقة تفكيرنا - العقلانية نفسها. فهي تستخدم علم الأعصاب، وتحليلات البيانات، والاستراتيجيات القائمة على الخوارزميات لتحقيق ميزة استراتيجية.

إن تطوير إطار عمل لمواجهة هذا التهديد ليس ضرورياً فحسب، بل أمر مُلحّ. ويعمل الخصوم المحتملون جاهدين لتوسيع تفوقهم في هذا المجال الجديد نسبياً.

انتصارات دون صراع مباشر

يتحدث المفكرون العسكريون الصينيون بصراحة عن السعي وراء «الهيمنة البيولوجية» و«السيطرة المعرفية». إنهم ينشرون استراتيجيات متطورة تدمج عملياتهم المعلوماتية التقليدية مع قدرات الحرب المعرفية، وكلها تهدف إلى تحقيق انتصارات استراتيجية دون صراع مباشر.

إن استخدام الصينيين المتكامل للأدوات السيبرانية، وعلم الدماغ، والدعاية القائمة على الخوارزميات، يُنشئ مجموعة أدوات مُصممة لبثّ الشك، وتفتيت التماسك داخل المجتمعات والتحالفات، وتقويض الموقع الاستراتيجي للولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، فإن لروسيا تاريخاً طويلاً في استخدام «التدابير الفعالة» والتضليل الإعلامي لتعطيل العمليات الديمقراطية، مُحسّنةً أساليبها لتشمل الأدوات والتكتيكات الرقمية للحرب المعرفية الحديثة.

لا تقتصر أدوات وأساليب الحرب المعرفية على ساحة المعركة. فالتقدم في علم الأعصاب يُثري التطبيقات التي تؤثر في كل شيء، من صنع القرار العسكري إلى قرارات الشراء والرأي العام.

وسائل التواصل الاجتماعي والاستقطاب والقلق

تربط الدراسات الآن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بتزايد الاستقطاب السياسي والقلق، لا سيما بين الشباب الذين غالباً ما يكونون أكثر تردداً في دعم سياسات الدفاع التقليدية. ولأن العديد من منصات التواصل الاجتماعي هذه خاضعة لسيطرة خصوم أجانب، فإن السكان أنفسهم الذين تعتمد عليهم النظم الديمقراطية للتواصل قد يُساهمون في زعزعة استقرارها.

وتُقر وزارة الدفاع وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ودول حليفة مختلفة بأن للحرب المعرفية آثاراً عميقة على العمليات العسكرية والأمن القومي.

نهج لتشكيل السلوك العام

ومع ذلك، تفتقر السياسة الأميركية إلى نهج متماسك لكشف العمليات المعرفية ومواجهتها وتنفيذها.

من شأن هذا النهج أن ينظم: من، وماذا، وأين، وكيف تتعلق بالعمليات المعرفية. كما أنه سيربط - ويساعد في نهاية المطاف - على تسخير الإنجازات في علم الأعصاب والبيولوجيا التركيبية، والنمو الهائل للتقنيات ذات الاستخدام المزدوج، والدور المؤثر لتقنيات الأعمال والتسويق القائمة على الخوارزميات في تشكيل السلوك العام.

وفي ظل هذه المخططات التنظيمية، يُمكن لممارسي الحرب المعرفية في البنتاغون تصميم أدوات تحليلية لتحديد الجهات الفاعلة والعمليات والفضاءات والنتائج الرئيسية. ويمكن لصانعي القرار تطوير استراتيجيات مُضادة تُحيّد التهديدات وتستكشف فرص تحقيق ميزة استراتيجية.

ويجب أن يشمل هذا الإطار العمليات الهجومية والدفاعية على حد سواء، مع الأخذ في الاعتبار أن التطورات العلمية نفسها المستخدمة في الدفاع يمكن استغلالها أيضاً في العدوان المعرفي.

ينبغي على البنتاغون أن يستلهم نهجه من النهج المستخدم في العلوم السلوكية لتطوير الإطار، بقيادة مجلس علوم الدفاع أو هيئة مماثلة. ويبدأ تطوير الإطار ببناء «حالات استخدام»، أو سيناريوهات سردية توضح كيفية تفاعل الأفراد مع نظام ما لتحقيق الأهداف. وتُبنى حالات الاستخدام حول خمسة معايير: الجهات الفاعلة، والسياق، والموارد، والنتائج المتوقعة، وأصحاب المصلحة.

تعاون دولي حليف

سيتطلب هذا المجال تعاوناً دولياً. يُشكل هذا البُعد الجديد الطابع المستقبلي للحرب وكيفية فهمنا لنطاق الصراع. يتأثر أصدقاؤنا وشركاؤنا وحلفاؤنا بنفس القدر الذي نتأثر به. تنخرط الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية والقطاع التجاري جميعاً في سباق للتكيف والابتكار، حيث تُطوّر وتُجرّب مفاهيم عملياتية جديدة.

كما سيتطلب من صانعي السياسات التعامل مع الآثار الأخلاقية لنشر استراتيجيات معرفية تُؤثّر على السلوك.

حدود لتأمين خصوصية الأفراد

كيف يُمكن للولايات المتحدة حماية خصوصية الأفراد واستقلاليتهم في بيئة يتواصل فيها التلاعب المعرفي؟ ما هي الحدود القانونية للحرب المعرفية، وكيف يُمكن للتعاون الدولي مُعالجة هذه المُشكلة المُتطورة؟ علاوةً على ذلك، مع تزايد تعقيد التهديدات المعرفية، كيف يُمكننا تحصين البنى التحتية الحيوية ضد الهجمات التي تمزج بين العناصر الملموسة وغير الملموسة في الفضاء المعرفي؟

وكما تكيفت الولايات المتحدة مع وصول الأسلحة النووية، علينا أيضاً إعادة النظر في نهجنا تجاه الأمن القومي في هذا العصر الجديد. وهذا يعني دمج خبرات علم النفس وعلم الأعصاب وعلوم البيانات والأخلاقيات مع القدرات العسكرية والاستخباراتية التقليدية. ويعني أيضاً الاستفادة من رؤى جهات لا ترتبط عادةً بالدفاع، مثل مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي ووكالات الإعلان وكتاب الروايات ومنتجي الترفيه، وغيرهم.

* ضابط في البحرية الأميركية، باحث في مؤسسة أندرو دبليو مارشال ومعهد هدسون. مجلة «ديفنس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».