تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»

خبراء أميركيون يناقضون استنتاجات تقرير سابق للمخابرات المركزية

تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»
TT
20

تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»

تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»

قبل عامين، خلص محللو المخابرات الأميركية، بلغة حاسمة واستثنائية، إلى أن المرض الغامض، الموهن للإنسان، المعروف باسم «متلازمة هافانا» (Havana syndrome) لم يكن نتيجة عمل لعدو أجنبي يوظف نوعاً من أسلحة الطاقة، كما كتب شين هاريس (*).

استنتاجات متناقضة

وقد حطم هذا الاكتشاف الذي طال انتظاره، نظرية بديلة تبناها الدبلوماسيون وضباط الاستخبارات الأميركيون الآخرون، الذين قالوا إنهم كانوا ضحايا لحملة سرية متعمدة من قِبل عدو للولايات المتحدة، ربما روسيا، تركتهم معاقين، ويعانون آلاماً مزمنة، ومن مبالغ طائلة للفواتير الطبية. ويبدو أن تقرير الاستخبارات، الذي كتبته وكالة المخابرات المركزية (CIA) بشكل رئيسي، قد أغلق الكتاب حول متلازمة هافانا.

ولكن تبين أن الأمر لم يكن كذلك. فقد ظهرت معلومات جديدة دفعت البعض في مؤسسات الاستخبارات إلى تعديل استنتاجاتهم السابقة. وأعاد تقرير جديد فتح احتمال أن يكون سلاح غامض استخدمه خصم أجنبي هو السبب في متلازمة هافانا. وفي البيت الأبيض، أصبح كبار المسؤولين في إدارة بايدن أكثر اقتناعاً من زملائهم في وكالات الاستخبارات بأن متلازمة هافانا ربما كانت نتيجة لهجوم متعمد من قِبل عدو أميركي.

وستكون العواقب الجيوسياسية عميقة، خصوصاً مع استعداد الرئيس الجديد لتولي منصبه: فإذا ثبتت مسؤولية روسيا، أو أي دولة أخرى، عن الهجمات العنيفة على أفراد الحكومة الأميركية، فمن المرجح أن تشعر واشنطن بأنها مضطرة إلى الرد بقوة.

أعراض «متلازمة هافانا» الصادمة

وبدءاً من نحو عقد من الزمان، أبلغ عدد صغير من الأميركيين، معظمهم من الموظفين الفيدراليين وكثير منهم يعملون في الاستخبارات، عن تجارب مماثلة في هافانا. ففي لحظة، سمعوا رنيناً مؤلماً في آذانهم، تلاه ضغط شديد على رؤوسهم، ودوار مُربك، الذي غالباً ما يتبعه غثيان. كما أصيب بعض الضحايا بمشاكل طويلة الأمد في التعب أو الحركة. وفي وقت لاحق، أبلغ مسؤولون آخرون عن أعراض مماثلة أثناء وجودهم في روسيا ودول أجنبية أخرى. وخلص الكثير منهم إلى أنهم كانوا ضحية لهجوم متعمد بنوع من الأسلحة الصوتية.

تصدّع الإجماع

ظهرت العلامات المبكرة لتفكك الإجماع بشأن متلازمة هافانا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما اجتمع نصف دزينة من الضحايا - جميعهم من أفراد الاستخبارات الحاليين أو السابقين - في غرفة العمليات بالبيت الأبيض بدعوة من كبار الموظفين في مجلس الأمن القومي.

كان المسؤولون الذين استضافوا الاجتماع قد قرأوا المعلومات الاستخباراتية نفسها التي دعمت التقييم السابق، الذي نُشر في عام 2023، واعتقدوا أن مؤلفيه كانوا متسرعين للغاية في استبعاد هجوم متعمد. كما شعروا بأن الضحايا تعرضوا للتشهير والتضليل ولم يحصلوا على الرعاية الطبية الكافية لأمراضهم؛ ما تسبب في توقف بعضهم عن العمل، كما أخبرني الكثير من الأشخاص الذين حضروا الاجتماع.

وفي إشارة إلى الاحترام، دعا المضيفون رجلاً، يُعدّ أول ضحية معروفة لمتلازمة هافانا، للجلوس على كرسي على رأس طاولة مؤتمرات غرفة العمليات، التي عادةً ما تكون محجوزة للرئيس.

كان الغرض الظاهري من الاجتماع هو المساعدة في كتابة دليل لإدارة ترمب القادمة حول حالات «الحوادث الصحية الشاذة»، وهو «الوصف المهدئ» الذي تبناه مجتمع الاستخبارات للمتلازمة. لكن المسؤولين كان لديهم أيضاً تحديثات للمشاركة بها مع الحضور.

معلومات استخبارية جديدة

قال ماهر بيطار، وهو مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي (NSC) مسؤول عن شؤون الاستخبارات، للحاضرين، وفقاً لبعض الأشخاص الذين كانوا حاضرين، إن المعلومات الاستخباراتية الجديدة تقوض تقييم عام 2023 وستجعل الضحايا يشعرون «بأنهم بريئون».

وشدد الحاضرون على أن بيطار لم يكشف أبداً عن أي معلومات سرية، ولم يحدد بالضبط ما هي المعلومات الاستخباراتية الجديدة التي تم اكتشافها. كما لم يذكر مسؤولو البيت الأبيض صراحةً أن قوة أجنبية مسؤولة عن متلازمة هافانا. لكن الضحايا شعروا بأن فريق الرئيس يعتقد أن هذه هي الحال على الأرجح، وأنهم يعتزمون دفع وكالات الاستخبارات لإعادة النظر في موقفها.

وأشاد مارك بوليمروبولوس، ضابط وكالة الاستخبارات المركزية الذي أصيب في موسكو عام 2017، الذي حضر الاجتماع، بمجلس الأمن القومي باعتباره «بطلاً قديماً» للضحايا، بإصرار أعضائه.

سلاح طاقة كهرومغناطيسة

وكان جزء مما أدى إلى الاستنتاج الحاسم الذي توصلت إليه مؤسسات الاستخبارات في وقت سابق بشأن متلازمة هافانا هو الافتراض بأن وجود سلاح طاقة - وهو جهاز يمكن أن يسبب نوع الإصابات التي عانى منها ضحايا متلازمة هافانا - غير معقول ولا تدعمه الأدلة. لكن المسؤولين والضحايا المجتمعين في غرفة العمليات نظروا فيما إذا كان هذا الافتراض صحيحاً حقاً.

اقترحت لجنة مستقلة من الخبراء، شكَّلتها مؤسسات الاستخبارات، أن سلاح الطاقة يمكن أن يستخدم «طاقة كهرومغناطيسية نبضية، خصوصاً في نطاق الترددات الراديوية» للتسبب في هذه الأعراض.

لطالما اعتقد بعض مسؤولي مجلس الأمن القومي أن رأي الخبراء لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام. وكان طغى عليه بشكل غير ملائم التقرير الذي قادته وكالة المخابرات المركزية. لقد تم إطلاعي على تقرير المخابرات هذا عندما تم إصداره في عام 2023، وفي ذلك الوقت أذهلني مدى وضوح أحكام المحللين.

في تجربتي، يتردد المحللون في استخلاص استنتاجات قاطعة ويحاولون ترك بعض المجال للمناورة. كان المحللون في هذه الحالة أكثر صراحة من أي شخص سمعته من قبل.

ومع ذلك، فقد سمحوا بأن تظل مؤسسات الاستخبارات منفتحة على الأفكار والأدلة الجديدة التي قد تظهر. على سبيل المثال، إذا شوهد عدو أجنبي يحرز تقدماً في تطوير سلاح طاقة، أو التكنولوجيا لبناء سلاح، فقد يغير ذلك تفكير المحللين.

تصورات جديدة

ويبدو أن هذا قد حدث. اليوم، أصدر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية Office of the Director of National Intelligence تحديثاً لتقرير عام 2023. ولا تقول وكالات الاستخبارات إن جهة أجنبية هي المسؤولة عن متلازمة هافانا. لكنها لم تعد واثقة من عدم مسؤولية أي جهة أجنبية.

وصرح مسؤول استخباراتي للصحافيين بأن اثنتين من وكالات الاستخبارات «غيرتا حكمهما الآن لتعكسا احتمالاً أكبر» بأن عدداً صغيراً من الحالات كانت بالفعل «ناجمة عن جهة فاعلة أجنبية». وقد فحصت الوكالتان معلومات جديدة تفيد بأن «جهات فاعلة أجنبية» - لم تذكَرا أياً منها - «تحرز تقدماً في البحث العلمي وتطوير الأسلحة».

قررت إحدى هاتين الوكالتين الاستخباريتين - مرة أخرى، لم يسمّها - أن فرص استخدام جهة فاعلة أجنبية سلاحاً جديداً، أو نموذجاً أولياً، لإيذاء عدد صغير من موظفي الحكومة الأميركية أو أفراد أسرهم «متساوية تقريباً» مع احتمالات عدم قيام جهة فاعلة أخرى بذلك. حددت الوكالة الأخرى «فرصة متساوية تقريباً» بأن جهة فاعلة أجنبية طورت سلاحاً يمكن أن يلحق الأذى بالناس، لكنها قررت أن أي جهاز من هذا القبيل من غير المرجح أن يتم استخدامه حتى الآن.

قد يبدو هذا التغيير خفياً، لكنه مهم. إن الانتقال من الموقف السابق الذي يقول إنه لم يكن هناك سلاح، ولم تكن هناك حملة متعمدة تستهدف أفراداً أميركيين، إلى احتمالات 50-50 لحدوث هذه الأشياء، هو تطور ملحوظ وإن كان ضيقاً.

إلا أن خمساً من الوكالات السبع التي ساهمت في التقرير الأول لم تغير موقفها؛ لذا فإن التحول يعكس رأي الأقلية. وقد أخبرتني مصادر قريبة من القضية بأن إحدى الوكالات التي غيَّرت موقفها هي وكالة الأمن القومي National Security Agency؛ ما يشير إلى أن الاتصالات التي تم اعتراضها ربما كشفت عن شيء عن جهود البحث التي يبذلها «الفاعل الأجنبي».

إن موظفي البيت الأبيض وعدداً قليلاً من وكالات الاستخبارات ليسوا الوحيدين الذين يعتقدون أن قصة متلازمة هافانا هي أكبر مما كان متصوراً في السابق. في الشهر الماضي، أصدر النائب الجمهوري ريك كروفورد تقريراً آخر في أعقاب تحقيق أجرته لجنة الاستخبارات في مجلس النواب. وقال التقرير إن استنتاج وكالات الاستخبارات بأن «الأعداء الأجانب ليسوا مسؤولين عن استهداف أفراد أميركيين مشكوك فيه في أحسن الأحوال ومضلل في أسوأ الأحوال».

* «ذا أتلانتيك أونلاين» - خدمات «تريبيون ميديا»

حقائق

2 من 7

وكالات استخبارات أميركية تشير إلى احتمال استخدام سلاح غامض



عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام

عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام
TT
20

عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام

عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام

حققت دراسة جديدة أجراها فريق متعدد التخصصات، في مركز أبحاث التهاب المفاصل التابع لجامعة نورث كارولاينا في الولايات المتحدة، خطوات كبيرة في تحديد العوامل الجينية التي تساهم في تطور هشاشة العظام، والتي قد تمهد الطريق للعلاجات لوقف تقدم المرض.

13 جيناً «خطراً»

وحدد الفريق 13 جيناً يطلق عليها «الجينات ذات احتمالية عالية للمخاطر»، ستة من الجينات الثلاثة عشر جديدة تماماً عند العلماء، من ناحية ارتباطها بمرض المفاصل؛ حيث تساهم بشكل مباشر في فقدان أنسجة المفاصل، وتزيد بشكل كبير من فرص إصابة الشخص بهشاشة العظام.

وفي الدراسة التي نُشرت في 8 يناير (كانون الثاني) في مجلة «Cell Genomics»، عكف فريق البحث بقيادة ريتشارد لويزر، مدير مركز أبحاث هشاشة العظام التابع لجامعة نورث كارولاينا، وأستاذ الطب البارز جوزيف جونيور في كلية الطب بجامعة نورث كارولاينا، على تحليل التعبير الجيني، وإمكانية الوصول إلى الكروماتين، وبنية الكروماتين ثلاثية الأبعاد في الخلايا الغضروفية البشرية (خلايا الغضروف) في ظل الظروف الطبيعية والمشابهة لهشاشة العظام. وقدم الفريق نتائجه.

رؤى جينية جديدة

وعرض الفريق رؤى جديدة حول كيفية تأثير الاختلافات الجينية على تطور هشاشة العظام والأساليب العلاجية المحتملة، إذ تمثل هذه الدراسة تقدماً كبيراً لأبحاث هشاشة العظام، من خلال تقديم تفسيرات محتملة لـ13 موضعاً لخطر هشاشة العظام.

وتتمثل الخطوات الحاسمة التالية في توصيف الأدوار التي تلعبها هذه الجينات في النمط الظاهري لهشاشة العظام، وتحديد ما إذا كان تعديل تعبيرها أو نشاطها يمكن أن يخفف أو حتى يعكس الأعراض المرتبطة بهشاشة العظام.

وقد فحصت الدراسة الخلايا الغضروفية من 101 متبرع بشري، وعولجت الخلايا إما بمحلول تحكم وإما بشظايا فيبرونيكتين fibronectin fragments (وهو عبارة عن بروتين مصفوف خارج الخلية يشارك في التصاق الخلايا وحركتها، وشفاء الجروح، والحفاظ على مورفولوجيا الخلية) تحاكي ظروف هشاشة العظام.

وباستخدام تقنيات جينية متقدمة، حدد الباحثون آلاف الجينات التي أظهرت أنماط تعبير متغيرة، بناءً على السن والجنس وحالة المرض.

متغيرات جينية لهشاشة العظام

ويركز أحد الاكتشافات الواعدة بشكل خاص على جين «PAPPA» الذي أظهر زيادة في التعبير في كل من أنسجة هشاشة العظام والمتبرعين الأكبر سناً. ووجد الباحثون أن هذا الجين كان مرتبطاً بمناطقه التنظيمية الجينية، من خلال بنية كروماتين ثلاثية الأبعاد معقدة، تمتد على أكثر من 400 ألف زوج من قواعد الحامض النووي «دي إن إيه- DNA».

كما كشفت الدراسة أن كثيراً من المتغيرات الجينية المرتبطة بخطر هشاشة العظام، أثرت على التعبير الجيني بشكل مختلف، في ظل الظروف الطبيعية مقارنة بالظروف المرضية. ويفترض هذا الاكتشاف أن توقيت التدخلات العلاجية قد يكون حاسماً لنجاح العلاج.

ولاحظ مؤلفو الدراسة أنه في حين أن بعض الجينات تؤثر على خطر هشاشة العظام من خلال الدور الذي تلعبه في الاستجابة لتلف مصفوفة الغضروف، فمن المعقول أيضاً أن سنوات من التعبير الجيني الشاذ قد تجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التعبير المتزايد عن جين مسبب للالتهابات طوال العمر إلى خفض حاجز تدهور الغضروف.

المسارات المحتملة للعلاج

قد يكون للبحث آثار فورية على تطوير الأدوية؛ حيث حدد مسارات جزيئية محددة، يمكن استهدافها لعلاج هشاشة العظام. ومن بين الجينات الجديدة التي تم تحديدها، وجد أن كثيراً منها يشارك في العمليات المعروفة بالتأثير على صحة المفاصل، بما في ذلك السيطرة على الالتهاب والحفاظ على الغضروف.

وتُجرى حالياً دراسات موازية لفحص الأدوية، لتحديد المركبات التي تستهدف المسارات المتأثرة بالجينات الثلاثة عشر. وقال لويزر إن الأمل هو أن نتمكن من إيجاد علاجات جديدة، من شأنها أن توقف تطور تلف المفاصل في مراحله الأولى، وتمنع تطور الألم والإعاقة. ويمكن أن تمهد الطريق لعلاجات تتدخل قبل حدوث تلف كبير في المفاصل.

كما قدمت الدراسة دليلاً على أن عوامل الخطر الجينية لهشاشة العظام، قد تعمل من خلال عمليات بيولوجية متعددة ومتميزة، بدلاً من مسار واحد، ما يشير إلى أن استراتيجيات العلاج الناجحة قد تحتاج إلى التخصيص، بناءً على الملفات الجينية الفردية. وكانت هذه الدراسة من بين أكبر التحليلات في مجال أبحاث هشاشة العظام، وحددت أهدافاً جينية يمكن أن تفيد جهود تطوير الأدوية.