هل يمكن أن تكون مياه الصرف النفطية الحل للجفاف؟

مشاريع تجريبية لمعالجتها في ولاية تكساس الأميركية

تعاني مناطق غرب تكساس من جفاف شديد
تعاني مناطق غرب تكساس من جفاف شديد
TT

هل يمكن أن تكون مياه الصرف النفطية الحل للجفاف؟

تعاني مناطق غرب تكساس من جفاف شديد
تعاني مناطق غرب تكساس من جفاف شديد

هناك مياه في كل الأماكن الخاطئة في هذه الزاوية من غرب تكساس؛ إذ يمر نهر بيكوس، ويجف عبر مدينة وادي إمبريال الصغيرة، الغارقة في الجفاف الشديد. لكن بحيرة بوهمر، وهي بركة من المياه السامة المتدفقة من باطن الأرض، تقع على بُعد أميال قليلة إلى الجنوب، كما كتبت مارثا بسكوفسكي*. وإلى الشمال، انفجرت بئر في مزرعة أواخر العام الماضي وقذفت مياهاً مالحة عالية.

حقول نفط وأراضٍ زراعية بائرة

لكن اليوم تُحيط إمبريال حقول النفط والأراضي الزراعية التي أصبحت بوراً. وتقوم شركات النفط والغاز بحقن كميات هائلة من مياه الصرف الصحي، والمعروفة أيضاً باسم «المياه المُنتَجة» (المياه المتخلفة من الإنتاج الصناعي)، في باطن حوض بيرميان (Permian Basin). وقد ارتبطت آبار الحقن هذه بتشوهات السطح والانفجارات والزلازل.

ويأمل بعض المزارعين في أن تؤدي إعادة استخدام «المياه المُنتَجة» إلى تقليل الحجم المحقون تحت الأرض، ومن ثم خطر الانفجارات والزلازل.

تدوير المياه الصناعية المُنتَجة

ويراهن بعض المزارعين والخبراء على إمكانية استخدام المياه المنتجة خارج حقل النفط. لدى لجنة السكك الحديدية في تكساس، التي تنظم نفايات النفط والغاز، مشروعان تجريبيان لاختبار هذا «المفهوم»، كما يدير اتحاد المياه المنتجة في تكساس، ومقره جامعة تكساس للتكنولوجيا، مجموعة من مشاريع المعالجة التجريبية الخاصة به. ومن المتوقع أن يراجع المجلس التشريعي في تكساس القضية العام المقبل.

«أعتقد أن المياه المنتجة في السنوات الخمس المقبلة ستكون بديلاً قابلاً للتطبيق في بعض المناطق التي تحتاج إليها... على الأقل في المجتمع الزراعي»، هذا ما قاله عضو مجلس الشيوخ، تشارلز بيري، من لوبوك خلال جلسة استماع للجنة المياه والزراعة والشؤون الريفية في الثالث من سبتمبر (أيلول) الماضي.

مكونات ملوثة في المياه النفطية

لكن الدراسة العلمية لاستخدام المياه المنتجة المعالجة لا تزال في مراحلها المبكرة. ويمكن أن تحتوي المياه المنتجة على مئات المكونات التي يكلف اختبارها ومعالجتها الكثير من المال. ولا يوجد لدى عدد من المكونات معايير سُمّية معتمدة من قِبَل الجهات التنظيمية الفيدرالية أو الحكومية، وتظل تكلفة معالجة المياه المنتجة باهظة. ويجب معالجة هذه التحديات لاستخدام المياه المنتجة بشكل مسؤول خارج حقول النفط.

وتعد تكساس حالياً أكبر ولاية منتجة للنفط في البلاد، وتخرج المياه المنتجة بكثرة إلى السطح أثناء عملية الحفر. ففي حوض ديلاوير وفي حوض بيرميان، يتم إنتاج ما يقرب من 5 براميل من المياه لكل برميل من النفط.

ويمكن أن تحتوي مياه الصرف الصحي هذه على كل من السوائل المحقونة تحت السطح للتكسير الهيدروليكي، وكذلك المياه التي تم إخراجها من التكوينات الجوفية.

والمياه المنتجة في حوض بيرميان مالحة للغاية، ويمكن أن تترك الأرض قاحلة لسنوات عند انسكابها، كما يمكن أن تحتوي مياه الصرف الصحي أيضاً على الراديوم 226 و 228، والمركبات العضوية المتطايرة، بما في ذلك البنزين، والتولوين، والإيثيل بنزين، والزيلين، التي تسمى اختصاراً «BTEX».

مياه مستخرجة من باطن الأرض

لا تلزم تكساس الشركات بالإبلاغ عن أحجام المياه المنتجة لديها، ولكن التحليل الأخير وجد أن الآبار غير التقليدية، أو المستخرجة بطريقة «التصديع المائي» (fracking) في حوض بيرميان تنتج 12 مليون برميل من المياه يومياً، وهذا يعادل 504 ملايين غالون، أو ما يكفي من المياه لملء أكثر من 700 مسبح أوليمبي، ويمكن أن يزيد الإجمالي إلى 15 مليون برميل يومياً بحلول عام 2042.

وفي الوقت الحالي، يتم التخلص من المياه المنتجة إما في آبار الحقن، وإما إعادة استخدامها داخل صناعة النفط والغاز للتصديع المائي لآبار نفط أخرى. ولكن جرى ربط الحقن بالزلازل في حوض بيرميان، ما دفع لجنة السكك الحديدية للحد من آبار الحقن العميقة.

مخاوف بيئية

تواجه تكساس مستقبلاً أكثر جفافاً مع تزايد عدد السكان الذين سيحتاجون إلى مزيد من المياه. وتتوقع هيئة تنمية المياه في تكساس أنه إذا لم يتم توسيع إمدادات المياه، فقد تواجه الولاية نقصاً حاداً في المياه أثناء الجفاف الشديد. والمياه المنتجة هي أحد مصادر المياه التي يتم النظر فيها.

لدى الجماعات البيئية، بما في ذلك فرع «سييرا كلوب لون ستار»، مخاوف بشأن استخدام المياه المنتجة في مواقع خارج حقول النفط.

وقد وجدت مقالة في مجلة عام 2020، أنه من بين 1198 مادة كيميائية تم تحديدها في المياه المنتجة، كانت هناك قيم سمية لـ167 مادة منها فقط. وبعبارة أخرى، لا توجد بيانات سمية لاستكمال تقييم المخاطر لـ86 في المائة من المواد الكيميائية في المياه المنتجة.

وعدد من المكونات الموجودة في المياه المنتجة ليست مفهومة جيداً، ولم يتم وضع معايير جودة المياه لكثير من هذه المكونات.

تشرف أدريان لوبيز على المشروع التجريبي لموارد المياه في المحيط الهادئ بتكساس

مشاريع تجريبية تعالج المياه المنتجة

في مختبر خارج ميدلاند، بتكساس، تختبر هيئة موارد المياه المحيط الهادئ (TPWR) تكنولوجيا معالجة المياه، وتدرس تأثيرات المياه المنتجة المعالجة على النباتات.

وقد فتحت لجنة السكك الحديدية طلبات المشاريع التجريبية في وقت سابق من هذا العام، لدراسة الاستخدام على نطاق أوسع للمياه المنتجة في الزراعة. وتدير «TPWR» أحد مشروعين تجريبيين نشطين للجنة السكك الحديدية.

وتُظهر مديرة البحث والتطوير في الهيئة، أدريان لوبيز، للزوّار عملية المعالجة المكونة من 6 خطوات، والتي تتضمن التناضح العكسي، وطريقة تحلية المياه الحاصلة على براءة اختراع.

ويبلغ متوسط مكونات المواد الصلبة الذائبة كلياً في المياه المنتجة التي تتلقاها الهيئة 130 ألف جزء في المليون من المياه، وهي أكثر ملوحة بعدة مرات من مياه البحر.

وتعمل عملية المعالجة المكثفة على خفض المواد الصلبة الذائبة الكلية إلى المئات... وقالت أدريان لوبيز: «التحدي الأكبر يتمثل في أن المياه المنتجة متغيرة للغاية».

وتختلف المياه المنتجة وفقاً للتكوين الجوفي الذي تأتي منه والسوائل المحقونة تحت الأرض، ولهذا السبب تبحث أدريان لوبيز عن «أشد» مصادر المياه نضارة، لمعرفة ما إذا كانت عملية المعالجة تعمل مع مدخلات مختلفة.

وقد عملت الهيئة مع العلماء في جامعة ولاية نيو مكسيكو (NMSU) لاختبار المياه المنتجة المعالجة لأكثر من 400 ملوث مختلف. كما استخدم الفريق اختبار سمية النفايات الكاملة (Whole Effluent Toxicity) (WET) والتحليل غير المستهدف لتحديد المكونات غير المعروفة.

وقالت أدريان لوبيز: «لقد فعلنا هذا لأننا أردنا الحصول على كثير من البيانات لمشاركتها مع الهيئات التنظيمية لإثبات أن هذه عملية آمنة، وأننا قادرون على معالجة (المياه) وفقاً لمعيار غير ضار».

وبالنسبة للمشروع التجريبي، استخدمت الهيئة المياه المعالجة المنتجة لزراعة البرسيم والنباتات المحلية في مزرعة زجاجية وخارجها. وسيتم اختبار كل من البرسيم الخارجي ونباتات المزرعة الزجاجية في جامعة ولاية نيو مكسيكو بحثاً عن أي تراكم حيوي للمكونات. وتوضح أدريان لوبيز أنه حتى إذا لم يكن من الممكن اكتشاف الملوث في المختبرات، فقد يتراكم داخل نبات أو حيوان.

وتُخطط أدريان لوبيز لنشر النتائج في أوراق بحثية تمت مراجعتها من قبل الأقران مع باحثين من جامعة ولاية نيو مكسيكو للتكنولوجيا، وسيتم أيضاً تقديم النتائج إلى لجنة السكك الحديدية. وقد حرصت الهيئة على مشاركة تجربتها على نطاق واسع وطلب الملاحظات.

مشروع نشط

المشروع التجريبي الوحيد النشط الآخر لهيئة السكك الحديدية هو مع شركة «Deep Blue Operating». ووفقاً للسجلات التي تم الحصول عليها من هيئة السكك الحديدية، فإن الشركة مخوّلة باستخدام المياه المعالجة المنتجة لري 4 قطع أرض مساحتها 5000 قدم مربع في مقاطعة ميدلاند. وستتم زراعة القطن وعشب برمودا والبرسيم والقمح الشتوي على القطع باستخدام نظام الري بالرش. ويمكن تطبيق الحد الأقصى لحجم 27300 غالون من المياه المعالجة المنتجة يومياً عبر القطع الأربع.

وتتوقع هيئة السكك الحديدية بيانات من المشاريع التجريبية في عام 2025، وفقاً للمتحدثة باسمها باتي رامون. وقالت باتي رامون: «ستكون النتائج جزءاً من عملنا المستمر لتحليل صياغة لوائح السلامة المستقبلية التي يمكن للمشغلين اتباعها». وأضافت: «إن الجمهور يمكنه تقديم طلبات معلومات عامة للحصول على نتائج الدراسات التجريبية».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

5

براميل من المياه تستخدم لإنتاج برميل واحد من النفط


مقالات ذات صلة

مصر تستعرض خطتها لتعويض «عجز مائي» يقدَّر بـ54 مليار متر مكعب

شمال افريقيا سويلم خلال فعاليات «اليوم المصري - الألماني للتعاون التنموي» (وزارة الموارد المائية)

مصر تستعرض خطتها لتعويض «عجز مائي» يقدَّر بـ54 مليار متر مكعب

قال وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم، الاثنين، إن بلاده تطبق خطة شاملة لتعظيم الاستفادة من مواردها المائية المحدودة.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
الاقتصاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقف مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورؤساء الدول الأخرى المشاركين بقمة «مياه واحدة» في الرياض لالتقاط صورة جماعية (أ.ف.ب) play-circle 01:27

ولي العهد: السعودية قدمت 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع إنمائي في 60 دولة

أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية أدرجت موضوعات المياه «للمرة الأولى» ضمن خريطة عمل «مجموعة العشرين» خلال رئاستها في 2020.

الاقتصاد النائب الأول لوزير الموارد المائية والري في كازاخستان بولات بكنياز (الشرق الأوسط)

قمة في الرياض لبحث مستقبل المياه بالعالم

كشف مسؤول كازاخستاني عن ملامح قمة ثلاثية لتنظيم حدث عالمي في إطار «قمة المياه الواحدة»؛ إذ تنعقد برئاسة سعودية - كازاخية - فرنسية، وبدعم من البنك الدولي.

فتح الرحمان یوسف (الرياض)
الاقتصاد جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

رئيسة «إيرث كابيتال»: السعودية تستثمر في التقنيات لتلبية احتياجاتها المائية

أكدت الرئيسة التنفيذية لـ«إيرث كابيتال» أن السعودية إحدى الدول التي تواجه تحديات مائية ضخمة، إلا أنها تلعب دوراً ريادياً في مواجهة هذه الأزمة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»