تقرير: علماء ينجحون في تكوين فأر من جينات كائن وحيد الخلية

خلايا (صورة أرشيفية)
خلايا (صورة أرشيفية)
TT

تقرير: علماء ينجحون في تكوين فأر من جينات كائن وحيد الخلية

خلايا (صورة أرشيفية)
خلايا (صورة أرشيفية)

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن علماء نجحوا لأول مرة في تكوين فأر من جينات كائن حي وحيد الخلية.

وأضافت الصحيفة أن العلماء كوّنوا الخلايا الجذعية للفأر من جينات وحيدة الخلية؛ لأن الخلايا الجذعية يمكنها أن تصنع المزيد من نفسها وتتحول أيضاً إلى خلايا أخرى ذات وظائف مختلفة، وفقاً للتجربة المنشورة في مجلة «نيتشر كومينيكيشن».

وذكرت الصحيفة أن الاكتشاف كان مفاجئاً؛ لأن العلماء اعتقدوا أن الجينات التي سمحت للخلايا الجذعية بالانقسام والتخصص حدثت فقط في الحيوانات، وبالتأكيد ليس في مجموعة وحيدة الخلية من الكائنات الأولية منذ ما يقرب من مليار عام.

وقال رالف جوتش، مؤلف الدراسة وعالم أحياء الخلايا الجذعية في جامعة هونغ كونغ، إن «تلك الخلايا الجذعية أقدم بكثير مما كنا نعتقد سابقاً، وتعلمنا كيف تطورنا لنصبح متعددي الخلايا».

وأضاف أن «فهم هذا التطور الطبيعي يمكن أن يصنع نماذج أفضل للخلايا الجذعية، والتي يمكن أن تساعد في علاج الأمراض أو حتى الشيخوخة».

وقال أليكس دي ميندوزا، أحد مؤلفي الدراسة في جامعة كوين ماري في لندن: «معظم الحيوانات لديها خلايا جذعية؛ لأنها قادرة على الانقسام وإنتاج خلايا أخرى».

ولفتت الصحيفة إلى أن جائزة «نوبل في الطب» لعام 2012 التي فاز بها الباحث شينيا ياماناكا ساعدت في تسليط الضوء على ما يلزم لتوليد خلية جذعية في حيوان.

وكان ياماناكا وجد أن الخلايا البالغة يمكن إعادة برمجتها إلى خلايا جذعية من خلال إدخال أربعة جينات محددة.

فأر (رويترز)

وافترض معظم الناس أن هذه الجينات فريدة من نوعها في مملكة الحيوان؛ لأن قدرة الخلايا الجذعية بدت غير ضرورية في الكائن الحي وحيد الخلية.

وقبل نحو عقد، بحث دي ميندوزا عن هذه الجينات في الكائنات الحية وحيدة الخلية المماثلة أثناء بحثه للحصول على درجة الدكتوراه، ولم يكن لديه سوى ثلاثة جينومات متسلسلة للبحث في ذلك الوقت، لكن التحليلات الأولية لم تظهر أياً من جينات الخلايا الجذعية الخاصة تلك.

وكشفت البيانات الأخيرة عن اكتشاف مذهل؛ ففي عام 2022 بحث دي ميندوزا وزملاؤه في الجينومات مرة أخرى مع المزيد من البيانات المتاحة، وقال: «لقد وجدناها واعتقدنا أن هذا غريب جداً، لم نتوقع وجودها».

واكتشف الفريق أن الجينات موجودة في كائن حي أحادي الخلية يسمى «choanoflagellate»، وهو من الكائنات الأولية القريبة إلى مملكة الحيوان، على الرغم من أنها قد لا تبدو كذلك للوهلة الأولى.

ويمكن أن يقدم الكائن نظرة ثاقبة على تطور علم الأحياء الخلوي الأساسي لأول كائن حي متعدد الخلايا، حتى مع عدم تأكد العلماء تماماً من شكل هذا الحيوان متعدد الخلايا الأول.

وقال دي ميندوزا: «يمكننا تبديل القطع مع المخلوقات التي لا يبدو أننا على علاقة بها على الإطلاق، ثم فجأة يمكن استخدامها لصنع أشياء نعتبرها معقدة للغاية».

وأضاف: «لا يحتاج التطور دائماً إلى الاختراع، عادة تستخدم كل ما لديك، ثم تبني شيئاً جديداً من أجزاء معاد تدويرها في الغالب».

وقالت ساندي ديجنان، أستاذة علم الأحياء في جامعة كوينزلاند، والتي لم تشارك في الدراسة: «إن النتائج مثيرة للغاية، ولكنها ليست مفاجئة. أعتقد أن الكائنات وحيدة الخلية يجب أن تلبي جميع الاحتياجات للبقاء على قيد الحياة».


مقالات ذات صلة

أشبه بـ«حمام بخار»... نظرية جديدة تفسّر كيفية نشوء الماء على كوكبنا

علوم صورة لكوكب الأرض (رويترز)

أشبه بـ«حمام بخار»... نظرية جديدة تفسّر كيفية نشوء الماء على كوكبنا

رجّحت نظرية جديدة أن يكون الماء أصبح متوافراً على كوكب الأرض بفعل ما يشبه حمام بخار، بعد وقت قصير من تكوين النظام الشمسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
خاص مدير «مبادرة الأراضي العالمية» في «مجموعة العشرين» الدكتور مورالي ثوماروكودي (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 02:36

خاص مسؤول في «مجموعة الـ20»: التزام دولي باستعادة 1.1 مليار هكتار من الأراضي هذا العام

نبّه مدير «مبادرة الأراضي العالمية» في «مجموعة العشرين» الدكتور مورالي ثوماروكودي، إلى مدى خطورة تدهور الأراضي.

آيات نور (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يطلق الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر

أطلق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم حافلات كهربائية جديدة في لندن... بمظهر مدهش

حافلات كهربائية جديدة في لندن... بمظهر مدهش

فسيحة وخفيفة بميزات أمان وسلامة.

أديل بيترز (واشنطن)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي خلال الجلسة الحوارية في «منتدى مبادرة السعودية الخضراء» بالرياض (مبادرة السعودية الخضراء)

الفالح: السعودية توفر البيئة المثلى لاستكشاف فرص التحول الأخضر

قال وزير الاستثمار السعودي، المهندس خالد الفالح، إن حكومة بلاده تعمل على تخفيف مخاطر التحول الأخضر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«النمذجة الهيدرولوجية»... حل مستدام لمواجهة أزمات المياه في أفريقيا

منظر جوي لوادي نهر النيل في مصر (رويترز)
منظر جوي لوادي نهر النيل في مصر (رويترز)
TT

«النمذجة الهيدرولوجية»... حل مستدام لمواجهة أزمات المياه في أفريقيا

منظر جوي لوادي نهر النيل في مصر (رويترز)
منظر جوي لوادي نهر النيل في مصر (رويترز)

تواجه قارة أفريقيا تحديات مائية كبيرة، بداية من الجفاف والفيضانات وانتهاء بنقص المياه النظيفة، وهي تحديات تتفاقم بفعل تغير المناخ الذي يؤثر في توازن المياه عبر القارة. ويُعد فهم العمليات الهيدرولوجية؛ مثل: التبخر، ورطوبة التربة، والجريان السطحي للمياه، أمراً أساسياً للتعامل مع هذه المشكلات؛ إذ يُسهم في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة الموارد المائية، والزراعة، وحماية البيئة.ومع تزايد النمو السكاني وتأثيرات تغير المناخ، تزداد الحاجة إلى إدارة مستدامة للمياه، وهنا تبرز أهمية النمذجة الهيدرولوجية؛ وهي أدوات تستخدم النمذجة الرياضية والمحاكاة لفهم حركة المياه وتوزيعها على سطح الأرض وفي باطنها، وتمكّن هذه النماذج العلماء وصنّاع القرار من تطوير استراتيجيات فعّالة لإدارة الموارد المائية.

لكن تطوير نماذج هيدرولوجية فعّالة في أفريقيا يواجه الكثير من العقبات، أبرزها نقص البيانات الهيدرولوجية طويلة الأمد والموزعة جغرافياً على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنوع الكبير في تضاريس القارة واختلاف المناخات يشكّل تحدياً في تمثيل العمليات الهيدرولوجية بدقة. وللتغلّب على هذه التحديات، تحتاج أفريقيا إلى تطوير نماذج قادرة على تمثيل تعقيدات توازن المياه مع مراعاة الاختلافات البيئية والجغرافية.

نموذج متقدموطوّر فريق بحثي دولي من الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأفريقية نظاماً متقدماً لتحديد تدفق الأنهار في أفريقيا، باستخدام بيانات الاستشعار عن بُعد وتقنيات النمذجة الهيدرولوجية.

ومن خلال هذا النظام، حصل الفريق على مجموعة البيانات الأكثر شمولاً وتفصيلاً لتصريف الأنهار في القارة حتى الآن؛ حيث تمّ استخدام تقنيات النمذجة الهيدرولوجية المتطورة لتتبع تدفق المياه عبر أكثر من 64 ألف قطاع نهري في الفترة من 2001 إلى 2021. ونُشرت النتائج، في عدد 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، من دورية «Scientific Data».

ووفق الباحثين، تستفيد مجموعة البيانات عالية الدقة التي جُمعت باستخدام النظام المسمّى «egDischarge v1»، من بيانات الاستشعار عن بُعد والنمذجة المبتكرة؛ مما يوفّر أداة قوية لأصحاب المصلحة لمراقبة موارد المياه في أفريقيا وإدارتها.

وطُوّر هذا النظام باستخدام نموذج «VegET» التابع لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إلى جانب أسلوب يجمع بين النمذجة الهيدرولوجية الزراعية المتقدمة وبيانات الأقمار الاصطناعية لمحاكاة تصريف الأنهار عبر القارة.

وبناءً على نتائج النموذج، قدّرت الدراسة أن متوسط التصريف السنوي الإجمالي لمياه الأنهار في الأحواض المحيطية الرئيسة في أفريقيا يبلغ 3271 كيلومتراً مكعباً سنوياً.

على سبيل المثال، تتدفق 1327 كيلومتراً مكعباً سنوياً إلى جنوب المحيط الأطلسي من أنهار مثل نهر الكونغو، في حين يستقبل المحيط الهندي 729 كيلومتراً مكعباً سنوياً من أنهار مثل نهر زامبيزي، في حين يُسهم نهر النيل بنحو 214 كيلومتراً مكعباً سنوياً في البحر الأبيض المتوسط.

دقة مكانية

وبلغت الدقة المكانية للنظام الجديد كيلومتراً واحداً، وهو ما يمثّل خطوة مهمة لمراقبة تدفق الأنهار بدقة في أفريقيا. وقال الباحث في مركز مراقبة موارد الأرض، التابع لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية والمشارك في الدراسة، الدكتور غابرييل سيناي، إن استخدام دقة مكانية تبلغ 1 كلم يتيح تمثيلاً دقيقاً للعمليات الهيدرولوجية عبر قارة. وأضاف سيناي لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الدقة تعزّز من نتائج النموذج من خلال التقاط التباين في الجريان السطحي للمياه، والتبخر، ورطوبة التربة بدقة أكبر؛ مما يساعد في أخذ الفروقات في التضاريس، والتغطية النباتية، والمناخ بعين الاعتبار. وبفضل هذه الدقة، يمكن للنموذج تمثيل التباينات الصغيرة التي قد تُفقد عند استخدام دقة أقل؛ مما يؤدي إلى توقعات أكثر دقة للجريان النهري عبر المناظر الطبيعية المتنوعة. وأشار إلى أن هذه الدقة العالية تُحسّن من موثوقية مخرجات النموذج، وهو أمر بالغ الأهمية لفهم التفاعلات المعقّدة بين العمليات السطحية وتوافر المياه، خصوصاً في المناطق التي تعاني من ندرة أو توزيع غير متساوٍ للموارد المائية. وبالاستناد إلى تحليل أكثر من 64 ألف قطاع نهري، تقدم الدراسة رؤية شاملة حول توافر المياه وتغيّراتها المكانية والزمانية وتدفقات المياه العذبة نحو الأحواض المحيطية الرئيسة.

وأشار إلى أن هذه المعلومات تمثّل أساساً قوياً لصنّاع السياسات والمعنيين لاتخاذ قرارات مدروسة بشأن تخصيص المياه، وتخطيط البنية التحتية، واستراتيجيات التكيف المناخي. كما يمكن للبيانات حول تغيّرات الجريان النهري، بما في ذلك التغيّرات الموسمية والإقليمية، أن توجّه إدارة الموارد بشكل مستدام؛ مما يساعد على مواجهة ندرة المياه، وإدارة الفيضانات، وتحسين وصول المياه للمجتمعات.