فيتامينات ومُحسِّنات عضوية لمواجهة «الإجهاد الملحي» في التربة

طرق علمية حديثة لتحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية

الأراضي الزراعية في دلتا النيل بمصر تكتسب ملوحة بسبب ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)
الأراضي الزراعية في دلتا النيل بمصر تكتسب ملوحة بسبب ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)
TT

فيتامينات ومُحسِّنات عضوية لمواجهة «الإجهاد الملحي» في التربة

الأراضي الزراعية في دلتا النيل بمصر تكتسب ملوحة بسبب ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)
الأراضي الزراعية في دلتا النيل بمصر تكتسب ملوحة بسبب ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)

يُمثل الإجهاد الملحي تحدياً كبيراً للمزارعين بسبب زيادة تركيز كلوريد الصوديوم في التربة، ما يؤثر سلباً على العمليات الفسيولوجية للنبات ويقلل من الإنتاجية الزراعية بشكل كبير. يحدث ذلك بشكل شائع في المناطق التي تعاني من نقص المياه أو في التربة ذات الصرف السيئ، ما يؤدي إلى تراكم الأملاح.

ويؤثر الإجهاد الملحي سلباً على المحاصيل الزراعية من خلال تعطيل امتصاص العناصر الأساسية مثل البوتاسيوم والكالسيوم، وتقليل نشاط التمثيل الضوئي. كما يعرقل قدرة النباتات على امتصاص الماء، ما يؤدي إلى جفافها وضعفها، وينتج عنه انخفاض في حجم وجودة المحاصيل والثمار.

وتركز معظم الأبحاث الزراعية على تعزيز نمو النباتات وإنتاجيتها ومساعدتها على التكيف مع الظروف المختلفة، من خلال استخدام طرق علمية حديثة لتحسين قدرة النباتات على تحمل الإجهاد الملحي، مثل تحسين إدارة المياه، وزراعة أنواع نباتات مقاومة للملوحة، وتطبيق تقنيات الزراعة المستدامة.

دور الفيتامينات

وفي أحدث دراسة أجريت في هذا الشأن، كشف باحثون مصريون أن تعزيز نمو النباتات في مراحلها الأولى يرتبط عادة بتحفيز أنشطة التمثيل الغذائي المختلفة، ما ينعكس على الخصائص المورفولوجية مثل حجم الأوراق، وشكل الجذور، وارتفاع الساق، وكمية وجودة الإنتاج. ويُعدُّ الفيتامين آمناً وصديقاً للبيئة عند استخدامه بالجرعات المناسبة.

هدفت الدراسة التي أجراها باحثون من قسم النبات والأحياء الدقيقة بكلية العلوم جامعة حلوان، لرصد تأثير نوعين مختلفين من فيتامين «بي» (الثيامين والبريدوكسين) على نبات الفول البلدي كمنشط للنمو، بالإضافة لدراسة تأثيره كعامل قوي مضاد للأكسدة تحت ضغط الملح.

ونظراً لأن الملوحة تعد واحدة من أهم الضغوط غير الحيوية التي تهدد الإنتاجية الزراعية على مستوى العالم، سعت الدراسة للتحقيق في كيفية تحفيز فيتامينات «بي» لنمو نباتات الفول البلدي وتحسين قدرتها على التكيف في الظروف المالحة، وقد نُشرت بعدد 27 سبتمبر (أيلول) 2024 من دورية «ساينتفك ريبورتس».

اختبر الباحثون تأثيرات الرش الورقي المحتوي على مكملات الثيامين (فيتامين بي 1) والبيريدوكسين (فيتامين بي 6)، على نباتات الفول البلدي المزروعة في ظروف طبيعية ومالحة. وأظهرت النتائج أن كلا الشكلين من الفيتامين زاد بشكل كبير من نمو الشتلات في مراحل الإنبات والنمو المبكر، إذ بلغ التحسن حوالي 35 في المائة في طول الشتلات.

وكشفت النتائج أن الملوحة أثرت سلباً على امتصاص الأيونات الحرجة، مع زيادة مستويات الصوديوم وانخفاض مستويات البوتاسيوم والمغنيسيوم في النباتات غير المعالجة. ومع ذلك، فإن تطبيق الفيتامينات لم يخفف من هذه الآثار الضارة فحسب، بل عزز أيضاً قدرة النباتات على مكافحة الأكسدة.

وأظهر الثيامين قدرة ملحوظة على زيادة مرونة النباتات، إذ تم تسجيل أعلى قيمة مضادة للأكسدة بنسبة 28.14 في المائة تحت ضغط الملوحة.

وأدى تطبيق الفيتامينات إلى زيادة مستويات الصبغات الضوئية والسكريات والبروتينات، ما يشير إلى تحسين صحة النبات ووظيفته. بالإضافة إلى ذلك، عززت الفيتامينات امتصاص المعادن الأساسية مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، التي تعد ضرورية لنمو النبات تحت الضغط.

طرق علمية

يقول الدكتور خالد غانم، أستاذ ورئيس قسم البيئة والزراعة الحيوية بجامعة الأزهر، إن إجهاد الملوحة هو أحد التحديات العالمية التي تواجه الزراعة، خاصةً في ظل آثار تغير المناخ المتزايدة، مُلقياً الضوء على مجموعة من الحلول العلمية لمواجهة هذا الإجهاد، أبرزها استنباط أصناف نباتات مقاومة للملوحة، التي تُسهم في تحسين الإنتاجية الزراعية في المناطق المتأثرة بالملوحة.

وتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية استخدام المحسنات العضوية مثل «الهيوميك أسيد» وسماد مخلفات الدواجن، الذي يُعدُّ من أفضل الأسمدة العضوية، حيث أثبتت الدراسات أن استخدامه في الري بمياه عالية الملوحة يُحقق إنتاجية مرتفعة، كما هو الحال في مناطق مثل البرلس والإسماعيلية وبعض مناطق المملكة العربية السعودية. وقد حققت محاصيل الخضار، مثل الطماطم والكنتالوب، نتائج إيجابية ملحوظة باستخدام هذا السماد.

وأشار إلى إمكانية استخدام سماد «الفيرمي كمبوست»، الذي يُنتج من تربية ديدان الأرض على مخلفات مثل روث الحيوانات، الذي يُعزز قدرة النباتات على مواجهة الإجهادات البيئية. ونصح أيضاً بالتلقيح الميكروبي للنبات والتربة باستخدام البكتيريا المشجعة على نمو النبات، مثل الريزوبيا وفطريات الميكوريزا، لتعزيز نمو الجذور وامتصاص العناصر الغذائية.

وأوصى برش النباتات بمركبات مفيدة مثل مستخلصات الأعشاب البحرية وبعض الفيتامينات، مثل «الأسكوربيك أسيد» وفيتامين «ب 12»، لتحسين صحة النباتات واستجابتها للإجهاد الملحي.

وفي النهاية، دعا غانم إلى ترك بقايا المحاصيل في الأرض دون حرقها، نظراً لأنها مصدر مهم للمادة العضوية التي تُحسن خصائص التربة وتُعزز قدرتها على مقاومة الملوحة ونقص المياه، بالإضافة إلى تسوية التربة بالليزر قبل الزراعة لتحسين توزيع المياه.



برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».