تساؤلات حول فاعلية مكملات نمو الشعر

خضعت لدراسات علمية محدودة و«متحيزة»

تساؤلات حول فاعلية مكملات نمو الشعر
TT

تساؤلات حول فاعلية مكملات نمو الشعر

تساؤلات حول فاعلية مكملات نمو الشعر

يشيد كثير من الأشخاص، على شبكة الإنترنت وخارجها، بالمكملات الغذائية حيث تساعدهم على التغلب على تساقط الشعر. وتنتشر مقاطع الفيديو بكثرة على «تيك توك» لأشخاص يقولون إن علامات تجارية مثل «نيوترافول» Nutrafol و«فيفيسكال» Viviscal جعلت شعرهم أكثر كثافة وصحة ولمعاناً، كما كتبت مليندا وينر موير (*).

محتويات مكملات نمو الشعر

هل تؤدي مكملات نمو الشعر هذه عملها حقاً؟ غالباً ما تحتوي هذه المكملات الغذائية على فيتامينات مثل البيوتين biotin وفيتامينات «إيه»، و«سي» و«دي»، ومعادن - مثل الزنك والسيلينيوم - ومستخلصات من نباتات بما في ذلك الكركم وذيل الحصان horsetail. كما يمكن أن تحتوي أيضاً على الكولاجين، وحتى غضروف سمك القرش ومسحوق مستخلص المحار.

فاعلية غير معروفة

في بعض الحالات، قد تساعد هذه المكملات في إعادة نمو الشعر المفقود أو الخفيف. ولكن لم تتم دراستها بشكل جيد، وقد لا تكون فعالة مثل العلاجات الموصوفة طبياً، مثل مينوكسيديل minoxidil (الذي يباع أيضاً من دون وصفة طبية باسم روغين Rogaine)، أو فيناسترايد finasteride المتناول عن طريق الفم، كما تقول الدكتورة ميلاني توفيق، طبيبة الأمراض الجلدية في «ميدستار هيلث» في تشيفي تشيس بولاية ماريلاند.

من جهته يقول الدكتور أجاي كايلاس، طبيب الأمراض الجلدية ومؤسس شركة VidDerm «فيد ديرم» للطب الجلدي عن بُعد، يمكن أن يكون للمكملات أيضاً بعض الجوانب السلبية.

وفي العادة يُنصح الأشخاص الذين يتناولون «نيوترافول» بتناول أربع كبسولات يومياً، ويتكلف الإمداد لمدة شهر ما يقرب من 90 دولاراً.

دراسات علمية «متحيزة»

تم إجراء القليل من الأبحاث التي تمت مراجعتها علمياً على هذه المكملات، إذ درس الباحثون الأكاديميون بعض مكوناتها الفردية، لكن المشكلة هي أن الدراسات الرئيسية التي حللت فاعلية مكملات تساقط الشعر الشائعة تم تمويلها من قبل الشركات التي تسوقها. وفي بعض الحالات، عمل الباحثون المعنيون لصالح الشركة أيضاً، «وهذا دائماً تحيز محتمل لا نحب رؤيته»، حسبما تقول ميلاني.

في إحدى التجارب السريرية المنشورة في عام 2021، على سبيل المثال، اختبر باحثون - بمن فيهم شخص عمل في الشركة التي تصنع «نيوترافول»، تأثيرات المكمل على 40 امرأة تتراوح أعمارهن بين 40 و65 عاماً يعانين من تساقط الشعر.

ووجدت أن اللاتي تناولن «نيوترافول» على مدار ستة أشهر، ظهر لديهن نمو شعر أكبر بكثير ممن تناول دواءً وهمياً. وفي دراسة متابعة نُشرت في عام 2022، تابع فريق بحثي مماثل النساء أنفسهن لمدة ستة أشهر أخرى وأبلغ عن تحسن مستمر في نمو شعرهن، وجودته.

تجارب محدودة

في تجربة سريرية أجريت عام 2015 على 36 امرأة بتمويل من الشركة الأم لشركة «فيفيسكال» آنذاك، أفاد الباحثون بأن النساء اللاتي أبلغن عن تساقط الشعر، وتناولن المكمل كان لديهن نمو شعر أكثر بعد ثلاثة وستة أشهر من النساء اللاتي لم يستخدمن أي منتجات لنمو الشعر.

والنسبة لمكمل متعدد الفيتامينات بسيطة، ومن غير الواضح ما إذا كان تناوله سيكون بالفاعلية نفسها، كما تقول الدكتورة أنغيلا لامب، طبيبة الأمراض الجلدية في مستشفى «ماونت سيناي» للأمراض الجلدية في مدينة نيويورك.

أسباب تساقط الشعر

عندما يشكو المرضى الذكور أو الإناث من تساقط الشعر، يقوم أطباء الأمراض الجلدية عادة بفحص ما إذا كانوا يعانون من نقص فيتامين دي والحديد والزنك، حيث يمكن أن يتسبب ذلك في تساقط الشعر. كما يقومون بفحص وظيفة الغدة الدرقية، التي يمكن أن تؤثر على نمو الشعر، كما تقول لامب. يمكن أحياناً معالجة النقص بمكملات الفيتامينات أو المعادن، في حين يتم علاج مشاكل الغدة الدرقية غالباً بالأدوية الموصوفة.

ويحتوي كل من «نيوترافول» و«فيفيسكال» على الزنك. ويحتوي الأول على فيتامين دي، لذلك قد يكون بعض أو كل النساء في هذه التجارب يعانين من نقص فيه. وكان من الممكن أن يحصلن على الفوائد نفسها من خلال تناول مكملات الفيتامينات والمعادن الأرخص بكثير، كما تقول لامب.

إلا أن كايلاس يقول إنه رأى نمو الشعر من جديد بين مرضاه الذين تناولوا مكملات تساقط الشعر مثل «نيوترافول»، حتى عندما لم يكونوا يعانون من نقص الفيتامينات. كما أنه يستخدم «نيوترافول» بنفسه.

مكونات لم تدرس جيداً

ومع ذلك، تقول الدكتورة ميلاني توفيق إن كثيراً من المكونات الموجودة في مكملات نمو الشعر «لم تتم دراستها جيداً»، وما تفعله تلك المكونات غير مفهوم جيداً.

ويحتوي «نيوترافول» على مستخلص من «خلاصة ثمار البلميط المنشاري» saw palmetto، وهو مستخلص نباتي قد يساعد في إعادة نمو الشعر، وفقاً لأدلة محدودة.

في مراجعة أجريت عام 2020 لتسع دراسات، أفاد الباحثون بأن الإصدارات الموضعية أو الفموية من خلاصة ثمار البلميط المنشاري قد تكون خياراً لعلاج فعّال للمرضى الذين يعانون من الثعلبة الأندروجينية، وتساقط الشعر الكربي، وهما شكلان شائعان من تساقط الشعر.

وقال كايلاس إن المادة يُعتقد أنها تعمل عن طريق منع هرمون التستوستيرون من التحول إلى «ديهدروتستوستيرون» DHT، وهي عملية يمكن أن تسبب تساقط الشعر.

غالباً ما يتم تضمين الكولاجين، وهو بروتين يُعتقد أنه يدعم نمو الشعر، على الرغم من إجراء القليل من الأبحاث حول آثاره على الشعر. ويقول كايلاس إن كثيراً من مكملات الشعر يحتوي أيضاً على البيوتين، لكن هذا لا يبدو أنه يساعد في نمو الشعر. «هذه أسطورة كبيرة».

إلا أن الدكتورة ميلاني توفيق أشارت أيضاً إلى أن «نيوترافول» والمكملات الغذائية الأخرى للشعر لن تعمل على تحسين تساقط الشعر المرتبط بالندبات، مثل الثعلبة الندبية، التي يدمر الجهاز المناعي فيها بصيلات الشعر.

ليست خيار «العلاج المفضل»

تقول الدكتورة ميلاني توفيق إن «نيوترافول»، و«فيفيسكال»، والمكملات الغذائية الأخرى لنمو الشعر لا تخضع لتنظيم صارم من قبل إدارة الغذاء والدواء. وقالت إنها لم تحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء لعلاج أي حالات طبية، ولم تخضع لاختبارات السلامة والفاعلية مثل الأدوية.

لكن هذا لا يعني أنه يجب عليك تجنبها تماماً. وتضيف ميلاني أنه في حين أن مكملات تساقط الشعر الباهظة الثمن ليست خيار العلاج «المفضل»، إلا أنها غالباً ما تذكرها للمرضى بوصفها بديلاً للأدوية الموصوفة، وأنها لم تجد أن المكملات خطيرة، وهناك على الأقل «بعض الأدلة على أنها يمكن أن تعمل»،

لذلك فإن هذه المكملات قد تستحق بالنسبة لبعض الناس المحاولة.

* خدمة «نيويورك تايمز».


مقالات ذات صلة

«أوزمبيك» و«ويغوفي» يظهران نتائج واعدة في تخفيف آلام الركبة

صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

«أوزمبيك» و«ويغوفي» يظهران نتائج واعدة في تخفيف آلام الركبة

أثبتت دراسة كبيرة أن عقار «سيماغلوتيد»، المضاد للسكري والذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي»، قد يخفف من آلام الركبة الناتجة عن هشاشة العظام.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن )
صحتك مصابة بالسرطان (رويترز)

«اختراق هائل» في علاج سرطان الثدي قد يضاعف مدة البقاء على قيد الحياة

توصلت دراسة جديدة إلى أن «اختراقاً هائلاً» في علاج دوائي جديد لسرطان الثدي المتقدم العدواني، قد يضاعف مدة بقاء المريضات على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك خبراء يشجعون على العودة بقوة إلى ارتداء الأقنعة في اليابان (أ.ب)

دعوة للعودة إلى الكمامات... ازدياد حالات «الالتهاب الرئوي المتنقل» في اليابان

يحثُّ الخبراءُ السكانَ في اليابان على ارتداء الأقنعة، حيث يحارب الأطباء أسوأ تفشٍ «للالتهاب الرئوي المتنقل» منذ أكثر من 20 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق هبة القواس أحيت الحفل الخيري «سمفونية الأمل» في الرياض (جمعية السيلياك)

«سيمفونية الأمل» بالرياض... تناغم فني بين أوركسترا «البولشوي» و«المارينسكي»

في أجواء فنية وموسيقية بديعة تضامناً مع مرضى السيلياك، رعى الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، فعالية «سمفونية الأمل» التي استضافتها الرياض.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق يعتقد المجتمع العلمي أن تحفيز الدماغ يمكن أن يعدل بالفعل الدماغ النائم (أرشيفية - رويترز)

أجهزة جديدة قابلة للارتداء تستهدف الدماغ لتحسين النوم

تعد الأدوات الجديدة التي تستهدف الدماغ بتسريع عملية بدء النوم، وتحسين مدة ونوعية الراحة، بمستقبل كبير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقنية مجهرية متطورة لتتبّع تسلسل الحمض النووي والبروتينات داخل الخلية الحية

تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة
تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة
TT

تقنية مجهرية متطورة لتتبّع تسلسل الحمض النووي والبروتينات داخل الخلية الحية

تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة
تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة

أظهرت تقنية مجهرية متطورة أنها أداة قوية يمكنها تتبّع تسلسل الحمض النووي «دي إن إيه»، وتحديد مواقع البروتينات داخل الخلايا السليمة في وقت واحد.

وتسمح هذه التقنية - التي طوّرها باحثون في جامعة هارفارد - للعلماء بجمع صورة مفصلة حول كيفية تفاعل الحمض النووي والبروتينات، دون الحاجة إلى كسر الخلية، وهذا مهم بشكل خاص لفهم كيفية عمل البروتينات والجينات معاً داخل النواة، وكيف تؤثر هذه التفاعلات على الوظائف الخلوية.

ترتيب الحمض النووي داخل الجينوم

إن هذا النهج قد يكون مفيداً بشكل خاص للباحثين الذين يدرسون كيف يتم لفّ الحمض النووي حول البروتينات وحشره في نُوى الخلايا، وكيف يمكن لموقع الجينات داخل هذا «الخليط» أن يؤثر على نشاطها.

ويقول جيسون بوينروسترو عالم الوراثة في جامعة هارفارد في كمبردج بولاية ماساتشوستس الأميركية، في الدراسة التي قادها، ونُشرت على موقع «bioRxiv» في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أن الحمض النووي بوصفه سلسلة خطية من المعلومات يتعيّن تنظيمها داخل نواة خلية امتدادها 5 ميكرومترات، وعلى العلماء معرفة كيفية انطواء كل هذه المعلومات داخل النواة. وعليه قام الباحثون باستخدام إنزيم ينسخ الحمض النووي، ودمج مكونات الحمض النووي التي تحمل علامات فلورية «fluorescent tags» (الصبغة الفلورية عبارة عن مركب كيميائي مُشِعّ يمكنه إعادة إصدار الضوء عند إثارة الليزر له، للمساعدة في اكتشاف جزيء حيوي مثل البروتين، أو الأجسام المضادة، أو الأحماض الأمينية)، ومن خلال تتبّع تسلسل العلامات الفلورية تمكّنوا من تحديد ترتيب قواعد الحمض النووي في الجينوم.

تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة

تقنية المجهر التوسّعي

عرف الباحثون منذ فترة طويلة كيفية وضع علامات على البروتينات لتتبّع مواقعها، ولكن دقة المجهر الضوئي محدودة بطول موجة الضوء، ما يجعل من الصعب التمييز بين خيوط الحمض النووي ذات العلامات الفلورية، أو البروتينات القريبة جداً بعضها من بعض، وهذا يفرض مشكلة خاصة نتيجة الحدود الضيقة للنواة.

لذا أضاف الفريق طريقة أخرى تسمى المجهر التوسعي «expansion microscopy»، وتعتمد هذه التقنية على هُلام يخترق الخلايا، ثم ينتفخ عندما يمتصّ الماء، ومع تمدُّد الهُلام فإنه يدفع الجزيئات بعيداً بعضها عن بعض، ما يجعل من السهل التمييز بين جزيء بروتين واحد وبين الآخر.

والمجهر التوسعي أو علم المجهريات التوسعي هو أسلوب في علم المجهريات، يقوم على تضخيم العينة بدلاً من استخدام المجهر مباشرةً لمعاينتها. ويتم ذلك عبر استخدام شبكة من البوليمرات القابلة للانتفاخ، وهو ما يسمح بدراسة الكيانات الصغيرة داخل بعض الخلايا التي لا يمكن رؤيتها بطرق المجهريات العادية حتى عالية الدقة منها.

مرض الشيخوخة المبكرة

ومن خلال الجمع بين الطريقتين تمكّن العلماء من تصوّر تسلسلات الحمض النووي ومواقع البروتينات بدقة عالية، وقد تم تطبيق هذا النهج بالفعل على دراسة مرض الشيخوخة المبكرة (Progeria)، وهو نوع محدّد من متلازمة الشيخوخة المبكرة، والمعروفة أيضاً باسم متلازمة «هتشينسون - غيلفورد» (Hutchinson – Gilford syndrome)، (وهو اضطراب وراثي نادر يُسرع الشيخوخة لدى الأطفال).

ووجد الباحثون أن البروتينات الطافرة التي تسمى «اللامينات» (Lamins) (هي بروتينات ليفية في شكل خيوط توفر وظيفة هيكلية، وتنظيم النسخ في نواة الخلية)، التي توجد عادةً على محيط النواة تغزو الجزء الداخلي من النواة لدى مرضى المتلازمة، وتعمل هذه «اللامينات» الطافرة على تعطيل الترتيب المعتاد للكروموسومات، وقمع نشاط الجينات، على غرار ما يحدث في الشيخوخة الطبيعية.

وتؤدي الطفرة في الجين المسمى «LMNA» إلى تراكم بروتين سام يسمى «بروجيرين» (progerin)، وهو ما يؤدي إلى مجموعة من أعراض الشيخوخة، مثل تساقط الشعر وتيبّس المفاصل، والأهم من ذلك مشاكل القلب والأوعية الدموية، مثل قصور القلب، والسكتة الدماغية، وهي الأسباب الرئيسية للوفاة لأولئك الذين يعانون من هذا المرض، حيث يبلغ متوسط العمر المتوقع لمعظم مرضى المتلازمة من 6 إلى 20 عاماً فقط.

منجم المعلومات

ويحرص العلماء في مجالات مثل أبحاث السرطان على تبنّي هذه التقنية؛ لأنها توفر رؤى غير مسبوقة حول كيفية تنظيم الحمض النووي، وكيف يؤثر تفاعله مع البروتينات على نشاط الجينات، ومع ذلك فإن الطريقة تتطلّب خبرة فنية كبيرة لتنفيذها.

ويشير بعض الخبراء، مثل كيلي روجرز، التي تدرس المجهر المتقدم في معهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية في ملبورن بأستراليا، والتي لم تشارك بالدراسة، إلى أن تعقيد التقنية قد يَحُدّ في البداية من استخدامها على نطاق واسع، على الرغم من وجود إمكانية لتبسيط وتسويق البروتوكولات في المستقبل.

كما يقدم هذا النهج ثروة من المعلومات، ما قد يؤدي إلى إحداث ثورة في كيفية دراسة الباحثين لتفاعلات الحمض النووي والبروتينات في الأمراض. وهذا يفتح إمكانيات جديدة لفهم البيولوجيا الأساسية للخلايا، وخصوصاً في سياقات الشيخوخة والمرض.