«نظام هجين» لتحلية المياه بالطاقة الشمسية والرياح

يلبي احتياجات المناطق الجافة والنائية

الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)
الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)
TT

«نظام هجين» لتحلية المياه بالطاقة الشمسية والرياح

الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)
الطرق المعتمدة على الطاقة المتجددة يمكنها تحلية المياه بشكل مستدام (رويترز)

يُعد الوصول إلى مياه نظيفة حقاً أساسياً، لكن العديد من المناطق، خاصة الجافة والنائية، تواجه صعوبات الحصول عليها. وفي هذا السياق، ظهرت تقنيات مُبتكرة تعتمد على الطاقة المتجددة لتحلية المياه بشكل مستدام، في مقدمتها الطاقة الشمسية. وكشفت دراسة أجراها باحثون مصريون عن فاعلية نظام هجين لتحلية المياه يعتمد على التقطير الشمسي والتناضح العكسي، ويعمل بواسطة توربينات الرياح والألواح الشمسية، لإنتاج المياه العذبة بشكل مستدام، وخاصة للمناطق القاحلة ذات الموارد المائية المحدودة.

يدمج هذا النظام الجديد بين أجهزة التقطير الشمسية وتكنولوجيا التناضح العكسي، التي تعمل بواسطة الألواح الكهروضوئية وطواحين الهواء، والتي يتم إدارتها بواسطة نظام تحكم آلي متقدم.

نظام تحكم آلي

ومن خلال تسخير طاقة الشمس والرياح، يمكن للنظام أن يعمل بشكل مستقل، ما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ويخفض التلوث البيئي. ونشرت النتائج، في عدد 24 سبتمبر (أيلول) 2024، من دورية (Sustainable Energy Technologies and Assessments).

يستخدم التقطير الشمسي الطاقة الشمسية لتبخير مياه البحر أو المالحة، تاركاً الشوائب خلفه، بينما يتم تكثيف البخار إلى مياه عذبة تُنقى لاحقاً بواسطة التناضح العكسي، الذي يزيل الأملاح والملوثات المتبقية. ويعتمد تحسين أداء التقطير الشمسي على تحسين عمليات التبخير والتكثيف، وقد أظهرت طرق تبريد الغطاء فاعلية في تعزيز عملية التكثيف.

وخلال الدراسة تم تطبيق نظام تحكم ذاتي لإدارة عمليات تحلية المياه في الوقت الفعلي، ما يضمن أداءً قوياً ومستداماً.

وزُودت الألواح الشمسية بنظام تبريد آلي لزيادة كفاءتها؛ حيث يعمل هذا النظام على تقليل درجة حرارة الألواح الكهروضوئية، ما يحسن من توليد الطاقة. علاوة على ذلك، تم دمج تقنية التقطير الشمسي في النظام مع آليات التسخين المسبق وتبريد الغطاء لتعزيز إنتاج المياه العذبة. وتهدف هذه الآليات إلى زيادة إنتاج المياه إلى أقصى حد.

كما تم تحسين عملية التناضح العكسي بتغذية وحدة التناضح العكسي بالمياه المسخنة مسبقاً من أجهزة التقطير الشمسي، ما يقلل استهلاك الطاقة ويزيد من إنتاج المياه. ويستفيد النظام المبتكر من كل من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ حيث توفر توربينات الرياح طاقة مستمرة لضمان عدم انقطاع عملية التحلية.

تحسين الكفاءة

ووفقاً للدكتور سويلم شرشير، الباحث المشارك في الدراسة من قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة كفر الشيخ، أظهرت الدراسة أن النظام الهجين حسّن الكفاءة؛ حيث حقق إنتاجاً يومياً قدره 303.59 لتر لكل متر مربع.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن نظام التبريد الآلي للألواح الكهروضوئية ساهم في خفض درجة حرارتها بمقدار 18.7 درجة مئوية، ما أسفر عن تقليل استهلاك الطاقة النوعية إلى 1.99 كيلوواط ساعة لكل متر مكعب من المياه المعالجة؛ ما يعكس الكفاءة العالية للنظام في استخدام الطاقة، وهو تحسين كبير مقارنة بأساليب تحلية المياه التقليدية. كما أظهرت النتائج أن نظام تبريد الألواح الشمسية أدى إلى تحسين ملحوظ في الكفاءة، بالإضافة إلى أن أجهزة التقطير الشمسية المزودة بالتسخين المسبق وتبريد الغطاء حققت معدلات إنتاج مياه عذبة أعلى، بزيادة نسبتها 21.89 في المائة مقارنة بالأنظمة التقليدية.

من جانبه، قال الدكتور أشرف أمين، الباحث الرئيسي للدراسة من قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة جامعة سيناء، فرع العريش في مصر، إن الدراسة أجريت باستخدام بيانات مناخية حقيقية من مدينة العريش في شمال سيناء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن النتائج كشفت عن أن هذا النهج الهجين لا يعزز إنتاج المياه فحسب؛ بل يقلل أيضاً من التأثير البيئي من خلال تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة.

وأشار إلى أن نتائج الدراسة تبرز فاعلية النظام الهجين في تحسين إنتاج المياه العذبة وتقليل استهلاك الطاقة، ما يجعله خياراً مستداماً وواعداً لتلبية احتياجات المناطق الجافة والنائية والصحراوية من المياه النظيفة، ودعم الجهود العالمية لمكافحة ندرة المياه وتغير المناخ.



3 طرقٍ يُحدث بها الذكاء الاصطناعي ثورةً في الطب

3 طرقٍ يُحدث بها الذكاء الاصطناعي ثورةً في الطب
TT

3 طرقٍ يُحدث بها الذكاء الاصطناعي ثورةً في الطب

3 طرقٍ يُحدث بها الذكاء الاصطناعي ثورةً في الطب

لا يخلو عالم الذكاء الاصطناعي من الوعود الكبيرة في مجال الرعاية الصحية، فقد أعلنت الحكومة الأميركية عن مبادرة «ستارغيت» بقيمة 500 مليار دولار لتمويل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بينما أعلنت الحكومة البريطانية عن تمويل أبحاث بقيمة 82.6 مليون جنيه استرليني لثلاثة مشروعات، اثنان منها يستخدمان الذكاء الاصطناعي لمعالجة السرطان ومرض ألزهايمر، كما كتب يورغي كامبلونغ(*).

ولكن اسأل أي مريض ينتظر تشخيصاً، أو طبيباً يبحث عن اليقين، فإنهما سيطرحان السؤال الحقيقي بجرأة: متى ستُحدث هذه الابتكارات تأثيراً حقيقياً في المجالات الأكثر أهمية؟

عصر البيانات الهائلة

لقد دخلنا عصراً تُقاس فيه بيانات الرعاية الصحية بسعة خزن «الإكسابايت exabytes» (وحدة الإكسوبايت تعادل مليار غيغابايت) - للجينومات والصور والملاحظات السريرية والمختبرات والإشارات من جميع القارات. وفي شركة «صوفيا جينيتكس» SOPHiA GENETICS، حققنا للتو إنجازاً بتحليل مليوني ملف تعريف مريض. إنه رقمٌ لم يكن من الممكن تصوّره قبل عقدٍ من الزمن.

ومع ذلك، فإن قيمة البيانات لا تكمن في حجمها، بل في كيفية استخدامها. إذ لا تُهمّ المعلومات إلا إذا غيّرت نتيجةً ما، أو قصرت رحلة التشخيص، أو فتحت فرصةً جديدةً للمريض.

حان الوقت للانتقال من الحوار إلى العمل. ففي كثيرٍ من الأحيان، تُحصر المعلومات في صوامع مؤسسية أو تُترك في مشروعات تجريبية لا نهاية لها، بعيداً عن متناول مَن يحتاجونها.

الذكاء الاصطناعي وثورة الطب

اليوم، يُمكن للتكنولوجيا، على سبيل المثال، ربط مريضٍ في ساو باولو بالبرازيل بخبراءٍ في سيول في كوريا الجنوبية، أو كشف أنماطٍ غير مرئيةٍ للعين البشرية.

وفيما يلي عدة طرقٍ يُساعد بها الذكاء الاصطناعي الآن:

1. تحسين دقة التشخيص: أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وخاصةً تلك القائمة على التعلم العميق، دقةً ملحوظةً في تشخيص الأمراض من الصور الطبية ونتائج الاختبارات. تُدرّب هذه الأنظمة على مجموعات بياناتٍ ضخمة، مما يسمح لها بالتعرف على الأنماط، وكذلك الشذوذات التي قد لا تُلاحظها العين البشرية. على سبيل المثال، في مجال الأمراض الجلدية، أظهرت أنظمة الذكاء الاصطناعي المُدرَّبة على صور آفات الجلد قدرتها على اكتشاف سرطانات الجلد، مثل الورم الميلانيني، بدقة عالية.

التنبؤ بمخاطر السرطان

2. تعزيز الوقاية من السرطان: يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لفحص الأفراد بحثاً عن العلامات الجينومية وتطوير درجات تنبؤ شخصية بمخاطر الإصابة بالسرطان. يمكن أن يساعد هذا النهج الاستباقي في فحص المرضى الأصغر سناً بحثاً عن الاستعدادات الجينومية، مما يُمكِّنهم من اتخاذ قرارات وقائية مدروسة ومراقبة صحتهم بشكل استباقي.

علاجات جينية مصممة خصيصاً

3. تصميم العلاجات وفقاً للملفات الجينومية: يُعد مجال الجينوميات أحد أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي. يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل مجموعات بيانات جينومية ضخمة لتحديد الطفرات والاختلافات التي قد تؤثر على استجابة الفرد لعلاجات معينة.

على سبيل المثال، يمكن لمنتج SOPHiA DDM الخاص بنا تحديد علامات جينومية محددة قابلة للعلاج بعلاجات السرطان المُستهدفة، ما يزيد من فعالية العلاج ويقلل من مخاطر الآثار الجانبية، ما يوفر خطة علاج أكثر فعالية وأماناً للمرضى.

عوائق قانونية وتدريب الاختصاصيين

ولتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، هناك العديد من العوائق التنظيمية والامتثالية التي يجب التغلب عليها. يتطلب ذلك الاستثمار في أمن البيانات، ووضع إرشادات واضحة، وتدابير أمن البيانات، وضمان تدريب الأطباء تدريباً كاملاً.

يجب أن يكون هدفنا تهيئة بيئة تنظيمية تُعزز الابتكار مع حماية بيانات المرضى وتعزيز ثقة الجمهور. يجب علينا تعميم هذه البيانات القوية لتمكين المزيد من الأطباء والممارسات والمستشفيات من دمج الذكاء الاصطناعي في الاستخدام السريري اليومي، بحيث يتمكن عدد أكبر من المرضى من الوصول إلى الطب القائم على البيانات، وليس فقط قلة مختارة منهم.

رسالتي للحكومات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي واضحة: موازنة الاستثمار في أدوات الذكاء الاصطناعي المستقبلية مع التحقق من صحة الحلول الحالية التي أثبتت فعاليتها في تحسين نتائج المرضى، وبناء الجسور التي تُحوّل الإنجازات إلى فوائد، بحيث يصبح الطب القائم على البيانات واقعاً ملموساً لكل مريض.

* المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «صوفيا جينيتكس»، مجلة«فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».