تقنية مجهرية متطورة لتتبّع تسلسل الحمض النووي والبروتينات داخل الخلية الحية

نجحت في التعرف على أسباب حدوث مرض الشيخوخة المبكرة

تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة
تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة
TT

تقنية مجهرية متطورة لتتبّع تسلسل الحمض النووي والبروتينات داخل الخلية الحية

تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة
تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة

أظهرت تقنية مجهرية متطورة أنها أداة قوية يمكنها تتبّع تسلسل الحمض النووي «دي إن إيه»، وتحديد مواقع البروتينات داخل الخلايا السليمة في وقت واحد.

وتسمح هذه التقنية - التي طوّرها باحثون في جامعة هارفارد - للعلماء بجمع صورة مفصلة حول كيفية تفاعل الحمض النووي والبروتينات، دون الحاجة إلى كسر الخلية، وهذا مهم بشكل خاص لفهم كيفية عمل البروتينات والجينات معاً داخل النواة، وكيف تؤثر هذه التفاعلات على الوظائف الخلوية.

ترتيب الحمض النووي داخل الجينوم

إن هذا النهج قد يكون مفيداً بشكل خاص للباحثين الذين يدرسون كيف يتم لفّ الحمض النووي حول البروتينات وحشره في نُوى الخلايا، وكيف يمكن لموقع الجينات داخل هذا «الخليط» أن يؤثر على نشاطها.

ويقول جيسون بوينروسترو عالم الوراثة في جامعة هارفارد في كمبردج بولاية ماساتشوستس الأميركية، في الدراسة التي قادها، ونُشرت على موقع «bioRxiv» في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أن الحمض النووي بوصفه سلسلة خطية من المعلومات يتعيّن تنظيمها داخل نواة خلية امتدادها 5 ميكرومترات، وعلى العلماء معرفة كيفية انطواء كل هذه المعلومات داخل النواة. وعليه قام الباحثون باستخدام إنزيم ينسخ الحمض النووي، ودمج مكونات الحمض النووي التي تحمل علامات فلورية «fluorescent tags» (الصبغة الفلورية عبارة عن مركب كيميائي مُشِعّ يمكنه إعادة إصدار الضوء عند إثارة الليزر له، للمساعدة في اكتشاف جزيء حيوي مثل البروتين، أو الأجسام المضادة، أو الأحماض الأمينية)، ومن خلال تتبّع تسلسل العلامات الفلورية تمكّنوا من تحديد ترتيب قواعد الحمض النووي في الجينوم.

تقنية مجهرية متطورة نجحت في التعرف على اسباب متلازمة الشيخوخة المبكرة

تقنية المجهر التوسّعي

عرف الباحثون منذ فترة طويلة كيفية وضع علامات على البروتينات لتتبّع مواقعها، ولكن دقة المجهر الضوئي محدودة بطول موجة الضوء، ما يجعل من الصعب التمييز بين خيوط الحمض النووي ذات العلامات الفلورية، أو البروتينات القريبة جداً بعضها من بعض، وهذا يفرض مشكلة خاصة نتيجة الحدود الضيقة للنواة.

لذا أضاف الفريق طريقة أخرى تسمى المجهر التوسعي «expansion microscopy»، وتعتمد هذه التقنية على هُلام يخترق الخلايا، ثم ينتفخ عندما يمتصّ الماء، ومع تمدُّد الهُلام فإنه يدفع الجزيئات بعيداً بعضها عن بعض، ما يجعل من السهل التمييز بين جزيء بروتين واحد وبين الآخر.

والمجهر التوسعي أو علم المجهريات التوسعي هو أسلوب في علم المجهريات، يقوم على تضخيم العينة بدلاً من استخدام المجهر مباشرةً لمعاينتها. ويتم ذلك عبر استخدام شبكة من البوليمرات القابلة للانتفاخ، وهو ما يسمح بدراسة الكيانات الصغيرة داخل بعض الخلايا التي لا يمكن رؤيتها بطرق المجهريات العادية حتى عالية الدقة منها.

مرض الشيخوخة المبكرة

ومن خلال الجمع بين الطريقتين تمكّن العلماء من تصوّر تسلسلات الحمض النووي ومواقع البروتينات بدقة عالية، وقد تم تطبيق هذا النهج بالفعل على دراسة مرض الشيخوخة المبكرة (Progeria)، وهو نوع محدّد من متلازمة الشيخوخة المبكرة، والمعروفة أيضاً باسم متلازمة «هتشينسون - غيلفورد» (Hutchinson – Gilford syndrome)، (وهو اضطراب وراثي نادر يُسرع الشيخوخة لدى الأطفال).

ووجد الباحثون أن البروتينات الطافرة التي تسمى «اللامينات» (Lamins) (هي بروتينات ليفية في شكل خيوط توفر وظيفة هيكلية، وتنظيم النسخ في نواة الخلية)، التي توجد عادةً على محيط النواة تغزو الجزء الداخلي من النواة لدى مرضى المتلازمة، وتعمل هذه «اللامينات» الطافرة على تعطيل الترتيب المعتاد للكروموسومات، وقمع نشاط الجينات، على غرار ما يحدث في الشيخوخة الطبيعية.

وتؤدي الطفرة في الجين المسمى «LMNA» إلى تراكم بروتين سام يسمى «بروجيرين» (progerin)، وهو ما يؤدي إلى مجموعة من أعراض الشيخوخة، مثل تساقط الشعر وتيبّس المفاصل، والأهم من ذلك مشاكل القلب والأوعية الدموية، مثل قصور القلب، والسكتة الدماغية، وهي الأسباب الرئيسية للوفاة لأولئك الذين يعانون من هذا المرض، حيث يبلغ متوسط العمر المتوقع لمعظم مرضى المتلازمة من 6 إلى 20 عاماً فقط.

منجم المعلومات

ويحرص العلماء في مجالات مثل أبحاث السرطان على تبنّي هذه التقنية؛ لأنها توفر رؤى غير مسبوقة حول كيفية تنظيم الحمض النووي، وكيف يؤثر تفاعله مع البروتينات على نشاط الجينات، ومع ذلك فإن الطريقة تتطلّب خبرة فنية كبيرة لتنفيذها.

ويشير بعض الخبراء، مثل كيلي روجرز، التي تدرس المجهر المتقدم في معهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية في ملبورن بأستراليا، والتي لم تشارك بالدراسة، إلى أن تعقيد التقنية قد يَحُدّ في البداية من استخدامها على نطاق واسع، على الرغم من وجود إمكانية لتبسيط وتسويق البروتوكولات في المستقبل.

كما يقدم هذا النهج ثروة من المعلومات، ما قد يؤدي إلى إحداث ثورة في كيفية دراسة الباحثين لتفاعلات الحمض النووي والبروتينات في الأمراض. وهذا يفتح إمكانيات جديدة لفهم البيولوجيا الأساسية للخلايا، وخصوصاً في سياقات الشيخوخة والمرض.



حافلات كهربائية جديدة في لندن... بمظهر مدهش

حافلات كهربائية جديدة في لندن... بمظهر مدهش
TT

حافلات كهربائية جديدة في لندن... بمظهر مدهش

حافلات كهربائية جديدة في لندن... بمظهر مدهش

من مسافة بعيدة، يبدو أحدث الحافلات على طرق لندن مثل عربات الترام، ذات الشكل الانسيابي والعجلات المخفية في الغالب.

يقول آندي ديرز، مدير تطوير الأعمال في شركة «Irizar e - mobility»، ومقرها إسبانيا التي صمّمت الحافلة التي تشبه الترام: «ترى الآن الكثير من الناس على الأرصفة ينظرون إلى المركبات ويقولون: واو، ما هذا؟... إنها مركبة مذهلة للغاية... تجذب الناس إليها».

مركبة فسيحة وخفيفة

تنزلق الأبواب الجانبية للفتح، مثل القطار أيضاً. وفي الداخل، تملأ النوافذ الكبيرة الحافلة بالضوء؛ مما يجعلها تبدو أوسع قليلاً من الحافلة النموذجية. كما تم ترتيب المقاعد بممرات واسعة. «إنها أخفّ وزناً وأكثر إشراقاً، وتمنح الركاب إحساساً بالمساحة»، كما يقول ديرز. ويضيف: «حافلات النقل في لندن مزدحمة للغاية، لذا فكلما زاد الشعور بالمساحة التي يمكنك الحصول عليها في المركبة، زادت سعادة الركاب».

كما يتمتع الجزء الداخلي بمزايا أخرى لتحسين تجربة الركاب، بما في ذلك المقاعد الأكثر راحة، والركوب الأكثر سلاسة، والشاشات التي تعرض المحطات القادمة، والإضاءة المزاجية التي تتغيّر مع الفصول، ومنافذ «يو إس بي» لشحن الهواتف. وعند المحطات، تكون الحافلة منخفضة بما يكفي عن الأرض، بحيث لا يضطر الركاب إلى رفع أجسامهم للصعود.

ميزات أمان للسرعة والتحذيرات

تساعد الواجهة الأمامية المستديرة والمتحدرة للمركبة في جعلها أكثر أماناً للمشاة وراكبي الدراجات؛ حيث من المرجح أن تؤدي الواجهة الأمامية الحادة إلى إصابة شخص ما بجروح خطيرة أو قتله في حال وقوع حادث.

وتتمتع الحافلة بميزات أمان أخرى، بما في ذلك التحذيرات الصوتية خارج السيارة، والحدود التلقائية للسرعة، والكاميرات بدلاً من المرايا لإعطاء السائقين رؤية كاملة.

مركبات مصمّمة للشحن السريع

في كل طرف من الطريق الذي يبلغ طوله 15 ميلاً -أحد أطول الطرق (24 كلم تقريباً) في لندن- يتوقف السائق تحت شاحن علوي ويضغط على زر. تتصل الحافلة تلقائياً بالشاحن، وتُملأ البطارية في نحو ست دقائق. إنها ليست شحنة كاملة، ولكن يمكنها إعادة شحن نحو 20 في المائة من البطارية. يمكن للحافلات أيضاً الشحن في الليل، ولكن القدرة على الشحن في أثناء الطريق، التي تُسمّى «انتهاز فرصة للشحن» (opportunity charging)، تجعل من الممكن لكل مركبة البقاء على الطريق لفترة أطول.

وتقول لورنا مورفي، مديرة الحافلات في هيئة النقل لدى لندن، وهي الهيئة الحكومية التي تدير معظم وسائل النقل في المدينة، إن «(انتهاز الفرصة للشحن) يعني أن السائقين لا يحتاجون إلى العودة إلى المرائب في أثناء النهار لإعادة الشحن... وهذا يعني عدم وجود حاجة إلى عدد كبير من الحافلات على هذا الطريق، مما يؤدي إلى توفير المال الذي يمكن استثماره في مجالات أخرى من شبكة النقل في المدينة، بالإضافة إلى فوائد السفر الأكثر نظافة واخضراراً».

شحن متكرر لبطاريات أصغر

إن الشحن المتكرر يعني أن البطاريات يمكن أن تكون أصغر حجماً، مما يقلل من وزن الحافلات، وبالتالي يقلّل التكلفة. إلا أن نظام النقل الجديد لا يعمل دائماً بصورة مثالية، على الأقل في أثناء الاستخدام الأولي له؛ إذ أشارت إحدى مراجعات «يوتيوب» التي أجراها طلاب المدارس الابتدائية إلى أنه كان عليهم الانتقال إلى حافلة أخرى بعد أن نفدت شحنة حافلتهم الكهربائية.

أسطول كامل من الحافلات البيئية

ومدينة لندن الآن في منتصف طريقها لتحويل أسطول حافلاتها بالكامل إلى طاقة كهربائية، ولديها بالفعل أكثر من 1700 حافلة خالية من الانبعاثات على الطرقات. والخط رقم «358» أول من استخدم الحافلات الجديدة، لديه 20 منها. كما تضيف لندن حافلات «شبه إكسبريس» لتوفير خدمة أسرع؛ حيث تم إطلاق شبكة جديدة من 10 حافلات سريعة، تُسمّى خدمة «حلقة السوبر» Superloop، العام الماضي.

أما في الولايات المتحدة، حيث يطرح عدد متزايد من المدن خدمة النقل السريع بالحافلات، فقد يساعد التصميم المختلف أيضاً في إقناع مزيد من الناس بأن ركوب الحافلة يمكن أن يكون بديلاً أفضل للقيادة، وقد يساعد ذلك في تقليل مستوى التلوث وحركة المرور. غالباً ما يُنظر إلى الحافلات على أنها أدنى من القطارات، لكن الحافلة التي تشبه القطار قد تغيّر التصورات.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

أكثر من 1700

حافلة خالية من الانبعاثات تسير على الطرقات في لندن