3 أسباب للانتقال إلى التكنولوجيا المستدامة

3 أسباب للانتقال إلى التكنولوجيا المستدامة
TT

3 أسباب للانتقال إلى التكنولوجيا المستدامة

3 أسباب للانتقال إلى التكنولوجيا المستدامة

تكشف الإحصاءات أن الغالبية العظمى من قدرات الطاقة الجديدة، التي سيجري تركيبها داخل الولايات المتحدة هذا العام، ستكون مستدامة، خصوصاً الطاقة الشمسية وبطاريات التخزين.

ولا يعد هذا أمراً مفاجئاً، نظراً لانخفاض تكلفة تركيب المعدات الجديدة مقارنة بالمصادر غير المستدامة، علاوة على الدواعي البيئية التي تدفع أحياناً باتجاه تبنّي سياسة مناخية تميل نحو الطاقة المتجددة.

01-فوائد الطاقة المتجددة

ومع أن الدوافع الاقتصادية والبيئية للتحول إلى الطاقة المستدامة قوية في حد ذاتها، تظل الحقيقة أن هناك 3 فوائد أخرى للطاقة المستدامة لا تحظى بالقدر نفسه من الاهتمام، تعزز الحجة الداعية لتسريع وتيرة التحول.

> العبء الفني. بتدخل الدولة أو من دونه، ستصبح الهيمنة في غضون عقدين من نصيب التقنيات المستدامة، مثل البطاريات والطاقة الشمسية ومضخات الحرارة والمحركات الكهربائية. أما السبب فواضح: التكنولوجيا المستدامة أقل إهداراً.

مقارنة السيارات التقليدية والكهربائية

دعونا نقارن بين السيارات التي تعمل بالبنزين والسيارات الكهربائية، فالبنزين يستهلك قدراً كبيراً من الطاقة في الحفر والتكرير والنقل إلى محطة الوقود، قبل أن يتسنى ضخه في السيارة. الواقع أن أكثر من 20 في المائة من تكلفة الكربون في السيارة يمكن أن تُعزى إلى ما يُطلق عليها الانبعاثات «من البئر إلى الخزان».

وبمجرد ضخ البنزين في سيارتك، يضيع ما يزيد على 70 في المائة من الطاقة المنبعثة من الوقود بسبب الحرارة. في المجمل، أكثر من 85 في المائة من الطاقة اللازمة لتشغيل محرك الاحتراق الداخلي، لا تسهم في دفع السيارة إلى الأمام.

قارن انبعاثات البنزين من «البئر إلى الخزان» بـ«خسارة الخطوط» (ويقصد بها كمية الطاقة الكهربائية المفقودة في أثناء النقل من منشأة التوليد إلى نقطة الاستخدام)، التي يقدر متوسطها بنحو 5 في المائة داخل الولايات المتحدة.

وللمقارنة فإنه وبمجرد شحنها، تدفع بطارية المركبة الكهربائية السيارة إلى الأمام بكفاءة تبلغ 87 في المائة. بعبارة أخرى، يمكن للسيارات الكهربائية أن تقطع مسافة أطول بنسبة 550 في المائة بكمية الطاقة نفسها التي تستهلكها السيارة التي تعمل بالبنزين. وتبدو هذه التحسينات المذهلة شائعة في الجيل الجديد من صور التكنولوجيا المستدامة.

وعليه، فإن الدولة التي لا تبذل جهوداً لتسريع وتيرة تبني التكنولوجيا المتقدمة، ستجد نفسها نهاية المطاف مثقلة ببنية أساسية عتيقة، بينما يتقدم منافسوها نحو الأمام.

02-توزيع لامركزي للمنشآت

> اللامركزية. عند إمعان النظر، نجد أن مصادر الطاقة المستدامة «موزعة»، ما يعني أنها أقل اعتماداً على العقد المركزية، مثل محطات الطاقة الكبيرة. تعمل منشآت الرياح ومحطات الطاقة الشمسية الصغيرة، بالقرب من أماكن استهلاك الطاقة الصادرة عنها، الأمر الذي يعزّز المرونة الاقتصادية، مقارنة بسبل توليد الطاقة التقليدية.

بوجه عام، ثمة صعوبة أكبر في التعامل مع النظام المركزي، إضافة لكونه أكثر كلفة، خصوصاً أنه يتطلب أميالاً من الخطوط الكهربائية المعرضة للتلف. وباستثناء عدد محدود، يمكن للدول الغنية التعامل مع هذا الخطر. أما على مستوى العالم، فإن انقطاع التيار الكهربائي من الأنظمة المركزية يُعد مشكلة مزمنة، تتفاقم مع ارتفاع الطلب على الطاقة وتقلبه بسبب التغيرات المناخية.

وفي إطار عملي بمجال تمويل مشروعات الطاقة الشمسية عبر مختلف دول الجنوب العالمي عبر منظمة «رينيوأبيلس» (Renewables.org)، يتسم هذا الأمر بأهمية مضاعفة.

تقليل انقطاعات التيار الكهربائي

داخل المناطق التي ندعم فيها جهود توليد الطاقة الشمسية، تفتقر شبكات الطاقة إلى الاستقرار لدرجة أن انقطاع التيار الكهربائي يتكرر يومياً تقريباً، ما يجعل من الصعب على الاقتصادات الصناعية هناك أن تتشكل بكفاءة. وهنا، لا توفر التركيبات الشمسية التجارية المتواضعة المال فحسب، بل إنها تسمح للأعمال التجارية بالاستمرار عندما يحدث انقطاع التيار الكهربائي.

وعبر اللامركزية في إنتاج الطاقة، فإن جهود توليد الطاقة الموزعة تقلل من خطر انقطاع التيار الكهربائي، والتكاليف والتعقيد المتأصل في الشبكات الإقليمية الضخمة. ويتيح ذلك الاستقرار للأنظمة القائمة، ويقلل من كثافة رأس المال اللازم للأنظمة الجديدة في الأسواق الناشئة، وداخل كل من البلدان المتقدمة اقتصادياً. وقد خلفت جهود الطاقة الموزعة تأثيرات إيجابية.

03-سلسلة إمدادات مستقرة

> استقرار سلسلة الإمداد. باستمرار، يكرر المناهضون للطاقة الشمسية شعاراً مفاده أن الطاقة الشمسية «متقطعة»؛ بمعنى أنها لا تولد الطاقة إلا في ساعات النهار، الأمر الذي يخضع لتغيرات موسمية وأخرى ترتبط بالطقس. وعلى النقيض، يقول أعضاء هذا الفريق إن محطات الطاقة النووية والفحم والغاز توفر «حملاً أساسياً»؛ ما يعني أنها قادرة على توليد القدر نفسه من الطاقة في جميع الظروف.

من المفترض أن هذا تحديداً يمثل نقطة الضعف في مصادر الطاقة المستدامة؛ لأن المجتمع لا يستطيع تحمُّل تبعات الاعتماد على شبكة كهرباء مضطربة.

والسؤال هنا: هل يتطابق هذا الخطاب مع الواقع؟

الحقيقة أن بناء وصيانة محطات الطاقة غير المتجددة يعتمدان على حفنة من التكتلات الهندسية متعددة الجنسيات القادرة على تصميمها وتمويلها وتشغيلها. ويخلق هذا التركيز خطراً كامناً يمكن أن يسبب صدمات لأنظمة الطاقة الدولية المعتمدة على طاقة «الحمل الأساسي» المفترضة.

على سبيل المثال، اضطرت فرنسا إلى إغلاق 32 من أصل 56 منشأة نووية على امتداد الجزء الأكبر من عام 2022، بسبب التصميم الخاطئ للخرسانة المستخدمة في معظم المفاعلات النووية. وتسبّب ذلك بدوره في ارتفاع شديد بالأسعار، مع تحول فرنسا من مصدر صافٍ للطاقة إلى مستورد.

في هذا السياق، من السهل أن نرى مدى خواء الحجة المرتبطة بـ«الحمل الأساسي»؛ إذ إن تعقيد المرافق الضخمة لتوليد الطاقة، بالإضافة إلى التقلبات في أسواق السلع الأساسية، يعني أن التقطع المتوقع للطاقة الشمسية يجري استبداله بمخاطر كلية يمكن أن تدفع اقتصادات بأكملها نحو شفا الانهيار.

طاقات متجددة متكافلة

لا تتطلب الطاقة الشمسية سوى مدخل واحد، ضوء الشمس، وهو مجاني ووفير. كما يجري بناء مرافق توليد الطاقة الشمسية من قبل مجموعة من مصنعي الوحدات والمشغلين وشركات البناء والموردين الآخرين. ومن غير المحتمل هنا ظهور مشكلات نظامية، مثل وجود عيوب في سلسلة التوريد أو ظهور عيوب هندسية؛ ما يفسر نجاحها بين المستثمرين المؤسسيين ودوائر السياسة.

ومع تكيف الاقتصادات مع القيود المرتبطة بالطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة، ستتضاءل أهمية فكرة «الحمل الأساسي». في هذا الإطار، سيتركز الطلب على الكهرباء حول ساعات ذروة إنتاج الطاقة الشمسية، في حين ستخفف البطاريات من الضغوط على العرض في الساعات بعيداً عن الذروة. وسينطوي هذا النظام على تكلفة أرخص من النظام المعتمد على ما يسمى بـ«الحمل الأساسي» الملوث، وسيقضي على مخاطر العرض التي تخلقها الأنظمة المركزية.

الانتقال المحتوم

في الغالب، لا يوصى بالانتقال من نظام قائم بالفعل، خصوصاً أن تكلفة هذا الانتقال ضخمة للغاية. ومع ذلك، فإنه عند نقطة معينة تصل مزايا النموذج الجديد إلى كتلة حرجة، بمعنى أن مزاياه تصبح عظيمة لدرجة أن التأخير في التحول إليه سيخلق مصاعب سيكون من الصعب التعافي منها.

واليوم، يبدو واضحاً أن البلدان والمنظمات التي تتبنى التكنولوجيا المستدامة في طريقها لأن تشهد ظروفاً إيجابية؛ الكفاءة والاستقرار وتقليل المخاطر الجيوسياسية وإمدادات الطاقة الأكثر قابلية للتنبؤ. في المقابل، فإن أولئك الذين يعرقلون الانتقال إلى الطاقة المتجددة عبر استرضاء أنصار البنية التحتية للطاقة القديمة، سيجدون أنفسهم مثقلين بنظام أكثر هشاشة وأعلى تكلفة وأشد خطورة.

* رئيس منظمة «رينيوأبيلس»، مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»



ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.