تقنية ذكية لمراقبة تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر

تراجع الغطاء المرجاني بأكثر من 11 % في خليج العقبة

الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)
الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)
TT

تقنية ذكية لمراقبة تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر

الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)
الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)

رغم أن الشعاب المرجانية تغطي أقل من 0.2 في المائة من قاع المحيطات، فإنها تؤوي نحو 35 في المائة من جميع الأنواع البحرية المعروفة، ما يجعل الحفاظ عليها أمراً بالغ الأهمية.

وتتعرض الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ، حيث تسببت درجات حرارة المحيطات المرتفعة وأحداث مثل ظاهرة «النينيو»، في «ابيضاض» الشعاب المرجانية على نطاق واسع، ما يعرض هذه النظم البيئية الحيوية للخطر. وتُعتبر تقنيات الاستشعار عن بُعد أداة قيمة لمراقبة الشعاب المرجانية؛ نظراً لقدرتها على توفير مراقبة واسعة النطاق للمناطق النائية. وتُستخدم أجهزة استشعار «لاندسات» التابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» لتحليل التغيرات في الشعاب المرجانية.

وتعتمد العديد من الدراسات على تحليل صور الشعاب المرجانية من خلال مقارنة الصور الزمنية لتحديد التغيرات. ومع ذلك، تواجه هذه الأساليب تحديات بسبب التكاليف العالية للحصول على البيانات الميدانية اللازمة.

وللتغلب على هذا التحدي، طوّر فريق بحثي قاده باحث مصري في الولايات المتحدة، بالتعاون مع باحثين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في السعودية، نموذجاً للتعلم الآلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، لمراقبة الشعاب المرجانية، اعتماداً على بيانات من مواقع متعددة.

وأوضح الباحثون، في دراستهم المنشورة في عدد 30 سبتمبر (أيلول) 2024 من دورية «Heliyon»، أن هذا النهج يعد ضرورياً للكشف عن التغيرات الطويلة الأمد في الشعاب المرجانية في مناطق مثل البحر الأحمر، حيث أظهرت الدراسات ندرة في الأبحاث المتعلقة بتغير الشعاب المرجانية على مدار 18 عاماً. يقول الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم أنظمة الأرض والاستشعار عن بُعد بجامعة تشابمان الأميركية، والباحث الرئيسي للدراسة، إن الدراسة تُمثل إنجازاً كبيراً في مجال مراقبة الشعاب، حيث أتاحت تحليل التغيرات البيئية بشكل شامل وفعال في 3 مواقع رئيسية هي خليج العقبة، وأملج، والوجه.

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن النتائج أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في الغطاء المرجاني بنسب متفاوتة، ما يعكس تأثيرات التغير المناخي والضغوط البيئية على هذه النظم البيئية الهامة.

وأظهرت الدراسة تراجعاً في الغطاء المرجاني بنسبة 11.4 في المائة في خليج العقبة، و3.4 في المائة في أملج، و13.6 في المائة في الوجه. وشدد العسكري على أن هذه النتائج تكشف عن حاجة ملحة لتكثيف الجهود للحفاظ على هذه الشعاب التي تلعب دوراً حيوياً في دعم التنوع البيولوجي البحري. كما تسلط الضوء على أهمية استخدام التقنيات الحديثة في مراقبة التغيرات البيئية بشكل مستمر لضمان استدامة هذه الأنظمة البيئية الفريدة.

وأشار العسكري إلى دوافع استخدام تقنيات التعلم الآلي خلال الدراسة، موضحاً أنها تعود إلى قدرتها الفائقة على معالجة كميات ضخمة من البيانات المعقدة واكتشاف التغيرات الدقيقة في البيئات الطبيعية عبر الزمن، وهذه التقنيات تُحسن دقة تحليل البيانات البيئية مقارنة بالطرق التقليدية، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها أو التي تتطلب مراقبة مستمرة، موضحاً أن التعلم الآلي يتيح لنا بناء نماذج قابلة للتعميم، ما يسهل تطبيقها على مناطق جديدة دون الحاجة إلى إعادة تدريب النماذج بشكل متكرر. وتساهم الدراسة في تقليل الاعتماد على البيانات الميدانية التقليدية التي قد تكون مكلفة أو غير متاحة، من خلال توفير إطار عمل رقمي متكامل يمكن استخدامه في أماكن مختلفة. واعتبر أن الدراسة تمثل خطوة حاسمة نحو تحسين إدارة وحماية الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، مضيفاً أنه من خلال توفير خريطة دقيقة للتغيرات في الغطاء المرجاني، يمكن توجيه جهود الحفاظ إلى المناطق الأكثر تضرراً، مما يزيد من فعالية استراتيجيات الاستعادة البيئية. علاوة على ذلك، تساعد هذه البيانات في تحديد النقاط الساخنة للتدهور البيئي، مما يتيح للباحثين وصناع القرار اتخاذ تدابير فورية للتخفيف من الأضرار وتعزيز الاستدامة البيئية.



نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.