7 جوانب مهمة عن العلاقات الجنسية

خبراء أميركيون يتمنون أن يطلع عليها الجمهور الواسع

7 جوانب مهمة عن العلاقات الجنسية
TT

7 جوانب مهمة عن العلاقات الجنسية

7 جوانب مهمة عن العلاقات الجنسية

يخالج الأزواج قلق مستمر إزاء «عدم التوافق» في الرغبة الجنسية بينهما، ويبذل البعض مجهوداً كبيراً للوصول إلى النشوة الجنسية، بينما يتساءل آخرون حول ما إذا كانوا يمارسون الجنس بمعدلات «طبيعية».

آراء الخبراء

يعاين اختصاصيو العلاج الجنسي والمعنيون بالتثقيف الجنسي والباحثون بهذا المجال، مثل هذه القضايا مراراً وتكراراً. وعليه، تواصلنا مع الكثير منهم لنطرح السؤال التالي: ما الذي تتمنى لو أن مزيداً من الناس يعرفونه حول العلاقات الجنسية والحميمية؟

وفيما يلي ما قاله الخبراء:

1- > المقارنة تسرق المتعة الجنسية. تكرّس لوري بروتو، طبيبة النفس والبروفسورة بجامعة بريتيش كولومبيا، ومؤلفة كتاب «ممارسة أفضل للجنس عبر اليقظة الذهنية» (Better Sex Through Mindfulness)، الكثير من وقتها لمحاولة إقناع الآخرين بالتخلي عن فكرة الحياة الجنسية «الطبيعية»، فيما يتعلق بكيفية ممارساتهم علاقاتهم الحميمة، ومعدل ممارستهم هذه العلاقات.

وقد عبَّرت عن اعتقادها بأن معدل ممارسة الأزواج للجنس ليس مقياساً ذا مغزى للصحة الجنسية، رغم أنه أمر «يتعلق به الناس حقاً». وأضافت أن هذا المعدل لا ينبئ بما إذا كان الأفراد يستمتعون بالفعل بالوقت الذي يقضونه مع شركائهم، والجنس الذي يمارسونه.

وفي هذا الصدد، أكدت كيسي تانر، اختصاصية العلاج الجنسي، التي تعيش في نيويورك، ومؤلفة كتاب «الشعور الكامل» (Feel It All)، أنها: «عملت مع أزواج يمارسون الجنس كل ليلة، ويشعرون بالتعاسة معاً». في المقابل، عملت مع أزواج يشعرون بارتباط عميق ببعضهم بعضاً، رغم أنهم قد لا يمارسون الجنس سوى ثلاث مرات على مدار العام.

وشددت تانر على ضرورة التخلي عما أسمته لعبة الأرقام، والتركيز بدلاً عن ذلك على كيفية شعور المرء بعد كل تجربة حميمية.

02-تحديث تعريف الجنس

> ربما حان الوقت لتحديث تعريفك لـ«الجنس». شرحت إيستر بيريل، المعالجة المعنية بالعلاقات الزوجية، التي تخطط لإطلاق دورة تدريبية جديدة عبر الإنترنت حول مشاعر الرغبة، أننا نميل للتفكير في الجنس باعتباره فعلاً. إلا أن بيريل تعمل على إعادة صياغة فكرة الجنس في أذهان زبائنها وجمهورها. وكثيراً ما تخبرهم إيستر أن «الجنس ليس شيئاً تفعله... وإنما مكان تذهب إليه».

وغالباً ما تطرح أسئلة مثل: «ما الذي ترغب في معايشته هناك؟ هل تراها تجربة للتسامي؟ أم تجربة اتحاد روحي؟ أم تجربة ارتباط عميق؟ أم أنها علاقة تمكنك، ولو لمرة بحياتك، أن تكون متلاعباً، وأن تتخلى عن قواعد سلوك الشخص الصالح المنضبط؟».

إن الاعتراف بأن النشوة الجنسية المشتركة ليست الوجهة الوحيدة التي يمكن أن يقصدها المرء في أثناء ممارسة الجنس، يمكن أن يساعد الأزواج على الخروج من المأزق، حسبما ترى بيريل.

من جهتها، تشجع كانديس نيكول هارغونز، الأستاذة المساعدة في جامعة إيموري، ومؤلفة كتاب «الجنس الممتع» (Good Sex)، المقرر طرحه قريباً بالأسواق، زبائنها على التفكير في فكرة «القائمة الجنسية» «sexual menu»، (على غرار قائمة أطباق الطعام).

وتقول إن «معظمنا يحصل على قائمة جنسية دون توابل أو نكهة مميزة، عندما نكون أطفالاً». وأضافت أن أنواع الجنس الموجودة في قائمتنا، ربما تتأثر بوسائل الإعلام ودروس التربية الجنسية وما نلتقطه مما يدور حولنا اجتماعياً.

إلا أنها تشجع زبائن العلاج الجنسي لديها على بناء قائمة أكثر نكهة وتحمل طابعاً شخصياً أكبر – «بحيث يحدد الأشخاص لأنفسهم ما هو مقبول، وما هو غير مقبول، وما يمكن قبوله أو رفضه بوقت ما».

03- أنواع الرغبات الجنسية

> هناك أكثر من نوع واحد من الرغبة. دائماً ما تكون الرغبة الجنسية، حسبما يجري تصويرها في التلفزيون والأفلام والمواد الإباحية، عفوية - رغبة مفاجئة وقوية لممارسة الجنس. ومع ذلك، هناك نوع آخر من الرغبة، لا يقل أهمية وتأثيراً، يُعرف بالرغبة المستجيبة responsive desire.

في هذا الصدد، قالت لورين فوجل ميرسي، طبيبة نفسية ومعالجة جنسية مقيمة في مينيسوتا، ومؤلفة كتاب «الرغبة» (Desire)، يظهر هذا النوع من الرغبة استجابة للمتعة المتعمدة أو المحفزات الجنسية.

وأضافت: «يشعر الأشخاص الذين يميلون إلى تجربة الرغبة المستجيبة»، بالاطمئنان تجاه فكرة أنه «لا يوجد خطأ فيهم»، و«أنهم ليسوا معطوبين بأي صورة». وربما يحتاجون ببساطة إلى مزيد من الجهد كي يدركوا نوع التحفيز الجنسي الذي يساعدهم على الشعور بالانفتاح على إمكانية خوض علاقة حميمة، مثل اللمس، مثلاً».

04- > لا تقلل أبداً من قوة الاحتكاك الجسدي. يشرح إيان كيرنر، معالج جنسي مقيم في مدينة نيويورك، ومؤلف كتاب «هي تأتي أولاً» (She Comes First)، بأن: «مقدمة العضو الجنسي للمرأة مصدر القوة للنشوة الجنسية لدى الأنثى، والغالبية العظمى من النهايات العصبية الحساسة التي تساهم في المتعة تقع على السطح وليس داخل المهبل».

وأضاف أن أغلب أوضاع الجماع لا توفر قدراً كبيراً من التحفيز للسطح؛ ما يشكّل عاملاً رئيسياً في فجوة المتعة بين الزوجين. وقال إنه لدى اتباع «نهج أكثر تركيزاً على السطح في ممارسة الجنس»، فإن الأنشطة التي عادة ما يجري النظر إليها باعتبارها مداعبة، بما في ذلك التحفيز اليدوي والفموي، لا تكون مجرد مقدمة لشيء آخر، بل إنها الحدث الرئيسي.

ومع ذلك، هناك نساء يمكنهن الوصول إلى النشوة الجنسية في أثناء الجماع، حسبما شرحت ديبي هيربينيك، أستاذة في كلية الصحة العامة بجامعة إنديانا، ومؤلفة كتاب «نعم، طفلك: ما يحتاج الآباء إلى معرفته عن المراهقين اليوم والجنس» (Yes, Your Kid: What Parents Need to Know About Today’s Teens and Sex)، التي تشير أبحاثها إلى أن 18 في المائة من النساء يبلغن النشوة الجنسية عبر الإيلاج فقط.

05-إشكالات الذكور

> الرجال ليسوا مفاتيح إضاءة. هناك الكثير من الكليشيهات حول الجنس الذكوري، منها أن جميع الرجال يفكرون في الجنس طوال الوقت، وأن «كل ما يتطلبه الأمر هو هبة نسيم قوية للرجل كي يحدث لديه انتصاب»، حسبما قال ايان كيرنر. وأضاف: «ما يضيع هنا حقيقة أكبر مفادها أن الجنس الذكوري معقد ومتغير، تماماً مثل الجنس الأنثوي».

وأكد أن التباين في مستوى الرغبة المشكلة الأولى التي يعاينها في عمله، وأن من المحتمل أن يكون الرجل الشريك الأقل رغبة، تماماً مثل المرأة. وأشار إلى أن زبائنه الذكور غالباً ما يشعرون بكثير من الخجل والحرج؛ لأنهم لا يبدأون ممارسة الجنس بالطريقة «المفترضة» منهم.

وهنا، شدد كيرنر على أن: «الرجال ليسوا مفاتيح إضاءة عندما يتعلق الأمر بالجنس. إنها ليست ضغطة زر تشعل وتطفئ».

06-> يجب أن تقوم العلاقة على التقارب، وليس الجنس فحسب. إن وضع الجنس على جدول أعمال العلاقة يُعدّ نصيحة مستهلكة بمجال العلاج الجنسي، إلا أن الخبيرة تانر تعتقد أن ذلك قد يؤتي نتائج عكسية. وقالت: «إن الضغط الناتج من الاضطرار إلى الالتزام بموعد جنسي يمكن أن يقلل، في حقيقة الأمر من الرغبة الجنسية. وبدلاً عن وضع الجنس على جدول الأعمال، ينبغي تحديد نشاط آخر يفتح الباب أمام مزيد من التقارب والحميمية».

في هذا الصدد، قالت جيسا زيمرمان، معالجة جنسية وتملك عيادة خاصة في سياتل، إن حقيقة ما يعنيه ذلك يختلف من زوجين إلى زوجين، ربما يكون قضاء ليلة بالخارج، أو ربما الذهاب إلى السرير مبكراً قليلاً عن المعتاد وترى ماذا سيحدث.

07- > ربما تفرط في التفكير في ممارسة الجنس الممتع. قالت سارة ناصر زاده، اختصاصية بمجال علم النفس الاجتماعي، ومؤلفة كتاب «الحب عمداً» (Love by Design)، التي تعمل مع زبائن من جميع أنحاء العالم، إنها ترى ميلاً بين بعضهم في أميركا الشمالية إلى الشعور وكأنهم مضطرون إلى الحديث عن الجنس كثيراً، إلى حد الغثيان. وقالت: «أجد هذا أمراً سخيفاً؛ لأن الجنس شيء يتضمن الجسد. إنه أمر جسدي».

ولا يعني ذلك أن شعارها «افعل فحسب». إذ وفي بعض الأحيان يجب أن تمنح جسدك فرصة للاتصال، و«التحدث» نيابة عنك، حسبما أوضحت.

* خدمة «نيويورك تايمز»



9 وسائل لتجاوز المحن والنكبات

9 وسائل لتجاوز المحن والنكبات
TT

9 وسائل لتجاوز المحن والنكبات

9 وسائل لتجاوز المحن والنكبات

المرونة والصمود أكذوبتان، فإن كان الحديد يتمتع بالقدرة على الارتداد فإن البشر لا يتمتعون بهذه القدرة. ولذا فإن عليهم التكيّف مع واقع متغيّر. لذلك يجب على الإنسان البحث للعثور على نموذج ومثل أعلى أولاً، ثم النظر في ثماني نصائح أخرى مستقاة من أحدث بحث في العلوم العصبية.

تجربة مريرة لطبيب نفسي

من بين أمور مميّزة كثيرة صاحبت المسيرة المهنية للطبيب النفسي دينيس تشارني، الباحث لمدة طويلة في مجالات الاكتئاب، وكرب ما بعد الصدمة، وعميد كلية طب «ماونت سيناي» في نيويورك، ورئيس المركز الطبي بها؛ يصعب التعرّف إلى معرفة خمس عشرة سنة من سيرته الذاتية إطلاقاً.

في صباح يوم 29 أغسطس (آب) عام 2016، وفي أثناء وجوده في ساحة انتظار لمتجر في إحدى الضواحي التي توقف عندها لشراء خبز «بيغل» بالزبدة وقهوة مثلجة، ليتمكّن من القيادة لمدة ساعة إلى محل عمله؛ أطلق أحد الباحثين في المركز الطبي -كان قد طُرد منه منذ سبع سنوات بسبب عملية احتيال تتعلّق ببيانات الأبحاث- أطلق 15 رصاصة في صدر تشارني؛ مما أدّى إلى ثقب في إحدى رئتيه، وكسر ضلع له، وتعريض كبده للخطر، لكن دون أن يمسّ القلب أي ضرر.

أدى هذا الهجوم إلى بقاء تشارني في وحدة العناية المركزة لمدة أسبوع، ومروره بتجربة تتسم بأكبر قدر من الفردية.

الصمود: التغلّب على التحديات

وبهدف اختبار الموضوع الذي خصّص له كامل حياته المهنية، وهو كيفية استعادة المرء القدرة على العمل والعيش بعد المرور بتجربة مدمّرة ممزّقة، شرع تشارني بالاشتراك مع زميل له، في تأليف كتاب عن الموضوع، وهو كتاب «الصمود: علم التغلّب على أكبر تحديات الحياة» (Resilience: The Science of Mastering Life’s Greatest Challenges)، ثم كان عليه معايشة الأحداث بسبب مرضه.

من واقع أبحاث وتجربة تشارني وغيره، هناك توافق متزايد على ما تتطلّبه النجاة من الإهانات الكبيرة والصغيرة التي تلقي بها الحياة في طريقنا، سواء كان ذلك طفولة تضمّنت معاناة من التمييز العنصري، أو فقراً وحرماناً، أو خيانة من شخص حميم، أو حادثاً تسبّب في إعاقة، أو زلزالاً، أو موت رفيق بين ذراعيك، أو هجوماً مباشراً على حياتك.

كل تلك الإهانات قادرة على سحق النظام (الخاص بحياتك)، والضغط عليه حتى نقطة الانهيار، وتحطيم الشعور بالأمان الذي يسمح للعقل والجسد بالازدهار، وكذلك زعزعة استقرار الدوائر العصبية التي تمد الحياة اليومية بالطاقة، وهو ما يؤثر فيما نلاحظه وننتبه له، ودرجة سيطرتنا على الأفكار والمشاعر والمخاوف، وشعورنا بذواتنا، وقدرتنا على الحفاظ على الهدوء الداخلي.

قدرات الارتداد المعاكس

كل ذلك قادر على وضع الناس على طريق الاضطرابات العقلية والجسدية، ومن جهة أخرى: ربما لا. فكل ذلك أيضاً قادر على إجبارنا على إعادة رسم علاقتنا بأنفسنا وبالحياة، وجعلنا نشعر بقوة أكبر من ذي قبل.

الصمود (باللاتينية Resilience)، هي كلمة مشتقة من المقطعين اللاتينيين «ري» (re)، و«سالير» (salire)، التي تعني معاً «الارتداد»، أي البدء من جديد، واستعادة التوازن والحالة الطبيعية بعد الصدمات. إنها الرؤية السائدة لكيفية تجاوز الناس للمحن والشدائد. مع ذلك إنها تبدو أكذوبة، فالناس لا يستطيعون فعل ذلك، بل يتغيّرون بلا استثناء بفعل التجربة.

على الأقل، تنقطع الوصلات العصبية، ما يُعيد ترتيب خطوط التواصل بين مراكز التحكم في المخ. وهنا على الناس إصلاح الطرق المعدلة (الجديدة) التي عادة ما دُفعوا باتجاهها، من أجل التفكير والشعور والتصرف؛ بحيث يتمكّنون من مواصلة الحياة في الواقع الجديد لبيئتهم، وذلك بعد قبول ذلك الواقع.

ما الذي يعودون إليه إذا كانوا محظوظين؟ إنها حالة الاتزان، لكنها تكون مختلفة عن سابقتها.

القدرة على التكيّف

إن الصمود في جوهره هو القدرة على التكيّف، وتحديث أنفسنا، والتكيّف مع ظروف جديدة بعد أن هدمت تجارب مفاجئة، وغير مرغوب فيها بأوجه مختلفة، وسائل أماننا القديمة. إنها قدرة ضرورية على إنشاء الخيمة البشرية في عالم متحرك بشكل كبير، ومن غير الممكن توقعه في كثير من الأحوال.

ويقول تشارني: «لا يعني ذلك ألا يعاني الناس من أعراض أو مشكلات، لكنهم يتجاوزونها. وفي كثير من الحالات ينمون ويزدهرون».

نحن ندخل العالم بقدرة معينة على الصمود، وأعصابنا مصممة لتتكيّف، وقدرتها على الاتصال بعضها مع بعض، وقوة تلك الاتصالات تستجيب للتجربة والتدريب والممارسة على الأقل إلى درجة ما.

يتمثّل الجزء الصعب في الحفاظ على عمل الوظائف الإدراكية في مواجهة فرط الإثارة العاطفية الذي يحدث نتيجة الاضطرابات الناجمة عن المحن والشدائد. في النهاية نحن بحاجة إلى قدراتنا الإدراكية لاكتشاف كيفية اجتياز ظروف الحياة المتغيّرة والإبحار فيها، رغم أن الصدمة الناجمة عن الشدائد تميل إلى الهيمنة عليها عبر دائرة الإنذار، التي تصبح في وضع رصد للتهديد، وتزيد سرعة ما يراه الباحثون في الأشعة التي يتم إجراؤها على المخ، مثل إشارات صادرة من شبكة بروز تتسم بفرط التيقظ تهيمن على شبكة تنفيذية مركزية.

تجاوز المحن وسمات الصمود

مع ذلك فإن المشكلة الكامنة في الصمود هي أنها تبدو بشكل مريب مثل مجموعة منظمة مرتبة من السمات الروحانية التي إما أن يمتلكها المرء وإما لا. وفي أعقاب أي كارثة، من السهل أن تشعر أنك لا تمتلك تلك السمات.

استغرق الباحثون عقوداً من السنين لاكتشاف أن تجاوز الشدائد والمحن هو عملية نشطة للغاية، وأحياناً تكون فوضوية للغاية.

مع ذلك يحدث تحول كبير في التفكير؛ ففي الوقت الذي يكون فيه من الضروري معالجة الاضطراب الناجم عن المحنة حين تحدث، من الممكن التحلي بالصمود؛ بحيث يتمكّن المرء من التحكم في الاختلال والارتباك الخطير حين يحدث، وهو أمر مؤكّد بدرجة كبيرة. ويقلّل التعرض المبكر لتحدي ما فرط نشاط نظام الاستجابة للتوتر والضغط النفسي؛ بحيث تكون المعاناة من الاضطراب أقل، وكذلك إدراك الفاجعة.

لا توجد قدرة أو ملكة سحرية واحدة للصمود؛ إذ يحتاج الأمر إلى استخدام مجموعة من القدرات، والانتقال من واحدة إلى أخرى، حسب ما تستدعي الحاجة من أجل إعادة ضبط أنظمة الجسم والمخ.

وفي داخل وحدة العناية المركزة تمسّك تشارني بأنشودة بروس سبرينغستين «أقوى من البقية»، وبإلهام من عنوانها أخذ يتذكّر: «ظللت أقول لنفسي إنني سوف أكون أقوى من بقية الناس في كيفية التعافي... وصدّق أو لا تصدّق، كان تكرار ذلك لنفسي نافعاً للغاية».

استراتيجيات الصمود

مما لا شك فيه أن تجاوز المحن والشدائد صراع ونضال على المرء أن يكون عازماً على خوضه، متحلياً فيه بالإيمان بقدرته على العبور إلى الجانب الآخر. فيما يلي تسع استراتيجيات للصمود يمكن أن تساعد في عبور المرء للأزمات، حسب ما يوضح البحث.

01- > اعثر على مثل أعلى. دائماً ما تكون معرفة أن شخصاً آخر قد مرّ بالتحدي نفسه الذي مررت به أمراً يبعث على الطمأنينة؛ حيث يهدّئ ذلك من وطأة الشعور بالاغتراب الذي تثيره المصاعب. وما يفيد أكثر هو معرفة أن هؤلاء الأشخاص قد اجتازوا المحنة، وكذا معرفة كيفية قيامهم بذلك.

سواء كان هؤلاء الناس بشراً من لحم ودم، أو أشخاصاً في سير حياة، أو شخصيات خيالية، تقدّم النماذج دليلاً ملموساً على إمكانية اجتياز المحن والفواجع، وكذا الإلهام لفعل ذلك.

من الحقائق البديهية المقررة للنفسية البشرية أنه نادراً ما نحاول فعل ما لا نؤمن بقدرتنا على فعله. لذا فإن النماذج والمثل العليا مهمة للغاية؛ لأنها تقدّم إلينا خريطة طريق توضح كيفية اجتياز ما نواجهه، على حد قول تشارني.

02-> اطلب وامنح: الدعم الاجتماعي. نظراً إلى أن النظام البشري قائم على الاتصال الاجتماعي، يتدهور الأفراد عقلياً ونفسياً في غيابه. ويقرّ أي دليل جزئي يتضمّن الوسائل التي يعزّز بها الاتصال الاجتماعي الإيجابي السلامة والصحة، بأنه واحد من أقوى المحركات الإنسانية؛ حيث يدعم تقدير الذات، ويعزّز المناعة، ويخفّض ضغط الدم، ويساعد القلب.

واجه محنتك

03-> واجه محنتك. يُعد الهروب من المواجهة سمة مميزة لاضطرابات القلق. وللأسف يمنع تفادي مواقف متصلة بتجربة محزنة ومفجعة التعافي، ويحول دون حدوثه. إنه شكل من أشكال الهزيمة، فالخوف من المخاطر الذي تنتج إشاراته من اللوزة الدماغية المثيرة للمخاوف، يتحكّم فيما تفعله، بل خصوصاً فيما لا تفعله.

تضخم صور وأشكال التفادي حالة الخوف، وتشوّش الدماغ، وتمنعه من تعلم التمييز بين التهديد والخطر الماضي السابق، والخطر الحاضر الحالي. ومع عدم الاتصال بالفص الأمامي للدماغ بفعل المستويات المرتفعة من «النورابينفرين»، تضعف القدرة على تقييم المواقف بشكل عقلاني، والتوصل إلى طريقة للتكيّف، والمضي قدماً.

04-> قم بأمور صعبة. التعرّض المتعمد لمواقف تتضمّن تحدياً كبيراً في الطفولة، وربما إلى حد ما في مرحلة البلوغ؛ يكون تقبلاً نفسياً وبدنياً للضغوط والتوترات.

ويغيّر التعرّض لظروف صعبة بدرجة معتدلة، حسب ما توضح الدراسات، المحور تحت المهادي النخامي الكظري؛ مما يكبح رد الفعل اللاحق للمحور، ويقلّل الهرمونات التي تضع النظام في وضع الخطر، ومدة تأثيرها. إنه يخفّف من إدراك المرء أنه في حالة انهزام وحزن.

05-> خفّف قبضتك على نفسك. القوة ورباطة الجأش إحدى الطرق المؤدية إلى الصمود، لكنّ هناك طريقاً آخر، وهو ما يطلق عليه اختصاصي العلوم العصبية في جامعة «ويسكونسن»، ريتشارد ديفيدسون، «المسار الهادئ» (quiet path). فعوضاً عن كبح مشاعر الحزن، يتم بناء مهارات السلامة النفسية، ومصادقة الذات من خلال «استراتيجيات التصادق». وبعد ذلك حين تحدث فاجعة أو محنة، وهو أمر مؤكد، فستكون عملية التعافي سريعة. هذا مهم، كما يوضح ديفيدسون؛ لأن سرعة التعافي تحمي من ترسخ القلق وحالة الاختلال العصبي.

الوعي العميق والبحث عن معنى

06-> الوعي العميق. العماد الأول لديفيدسون هو القدرة على تركيز الانتباه نحو مقاومة التشتيت. ويتضمّن أيضاً ما وراء الوعي، ومعرفة ما تتطلّع إليه أذهاننا.

يبدأ الأمر بقبول ما هو حاضر، وتعميق الوعي به، وهو ما يزيد من شدة الشعور بالألم لفترة زمنية، ثم يسرّع عملية التعافي بعد ذلك. يصف ديفيدسون التبصر بوصفه معرفة للذات يقودها حب الاطلاع: «إنها الكيان الذي صنعناه ونطلق عليه (نفسي) أو (أنا)، ويحرر ذلك الناس من الحديث السلبي للذات، الذي يسبّب لكثيرين الشعور بالهزيمة والاكتئاب».

07-> ابحث عن معنى. كتب فيكتور فرنكل في «بحث الإنسان عن معنى»: «من بعض الأوجه تنتهي المعاناة في اللحظة التي نعثر فيها على معنى. ليست الظروف هي التي تجعل الحياة غير محتملة، بل انعدام الشعور بغاية أو هدف، حيث يبني الشعور بغاية، والالتزام بالقيم التي تدعمها، هيكل شيء إيجابي. ويصبح دليلاً على أن جزءاً منك لم يتدمر بفعل المحنة أو الفاجعة».

إن الغاية هي ما تدفع الناس نحو الأمام، فهي قوة تحفيزية تعمل حتى عند مواجهة المصاعب، بل ربما بشكل خاص عند مواجهة تلك المصاعب. وعلى الرغم من أنها مصنّفة بشكل أدنى ضمن مجال الروحانيات فإن لديها آثاراً حيوية على الجسم.

08-> اعكس وضع عقلك. في جوهر وقلب التكيّف، توجد الجاهزية والاستعداد التي يمكن للمرء بها التنقل بانتقائية بين العمليات العقلية الذهنية من أجل توليد استجابات سلوكية تلبي متطلبات موقف ما وتتناسب معه. تتولّى شبكة التحكم التنفيذية عملية فهم أي موقف، وتقييم ما هو ضروري، واختيار الاستراتيجيات النافعة وتطبيقها، وهو أمر ضروري لإنجاز الكثير من المهام؛ لكن الأهم من ذلك قدرته على تعديل مخرج اللوزة الدماغية، المسؤولة عن إطلاق الإنذار بوجود مخاطر وتهديدات، والمشاعر السلبية التي تطلق تلك اللوزة عنانها.

«بصمة الصمود الميكروبية»

09->حافظ على توازن الكائنات الدقيقة المتعايشة داخل جسمك. يتم النظر إلى الصمود بوجه عام بوصفه ظاهرة نفسية، ويستهدف أكثر المناهج والطرق نحو الصمود، العقل.

مع ذلك أوضحت أبحاث جديدة بطريقة مقنعة أن الصمود ظاهرة تشمل الجسم كله، وتحدث واحدة من أكثر العمليات نشاطاً داخل الأمعاء. ومن أجل الوصول إلى دماغ صامد، فإنك بحاجة إلى تأمين كائنات دقيقة صامدة متعايشة داخل جسمك؛ حيث تطلق تلك الكائنات الموجودة داخل الأمعاء «microbiome» مجموعة من المواد الكيميائية الحيوية التي تعمل من خلال المحور الأمعاء - الدماغ gut - brain axis، وتشكّل الدوائر العصبية الكهربائية للمخ، وتحدد كيفية عملها وأدائها للوظائف.

وقد اكتشف باحثون في جامعة «كاليفورنيا لوس أنجليس» أخيراً أن مجموعة محددة من البكتيريا، تُسمّى «بصمة الصمود الميكروبية» (microbial signature of resilience)، تمكّن المركز التنفيذي داخل الدماغ، والموجود في القشرة الأمامية للدماغ، من كبح جماح المراكز العاطفية النشطة بشكل مفرط التي تعمل بصورة سريعة. وتقول الطبيبة النفسية، المديرة المشاركة لمركز الكائنات الدقيقة المتعايشة داخل جسم الإنسان في جامعة «كاليفورنيا لوس أنجليس»، أربانا غوبتا: «لا توجد منطقة وحيدة داخل المخ تعمل بشكل منعزل ومنفصل».

* مجلة «سايكولوجي توداي»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»