تحسينات في «جهاز التقطير الشمسي» لتعزيز فاعلية تحلية المياه

تؤمّن إمدادات المياه العذبة في المناطق القاحلة

أنظمة تحلية المياه بالطاقة الشمسية تلائم المناطق النائية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)
أنظمة تحلية المياه بالطاقة الشمسية تلائم المناطق النائية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)
TT

تحسينات في «جهاز التقطير الشمسي» لتعزيز فاعلية تحلية المياه

أنظمة تحلية المياه بالطاقة الشمسية تلائم المناطق النائية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)
أنظمة تحلية المياه بالطاقة الشمسية تلائم المناطق النائية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)

مع زيادة عدد سكان العالم إلى ما يصل لنحو 9.7 مليار بحلول عام 2050، وفق بيانات الأمم المتحدة، تزداد الاحتياجات البشرية اليومية من الموارد الأساسية، وعلى رأسها المياه العذبة.

وتتفاقم أزمة المياه العذبة بسبب التغير المناخي، ونقص مياه الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة؛ مما يؤدي إلى ندرة المياه في عديد من المناطق، خصوصاً في البيئات القاحلة. وتواجه هذه المناطق صعوبات في تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بسبب نقص المرافق اللازمة. توجد عدة طرق لتحويل المياه المالحة وغير النقية إلى مياه عذبة، منها: أنظمة «التناضح العكسي»، و«الترشيح بالأشعة فوق البنفسجية»، وتحلية المياه بالطاقة الشمسية. لكن نظام تحلية المياه بالطاقة الشمسية يُعدّ من أكثر الخيارات الواعدة؛ إذ يستخدم «جهاز التقطير الشمسي» الذي يحوّل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بوساطة الطاقة الشمسية فقط.

ويتم ذلك من خلال استخدام حرارة الشمس لتحلية المياه بطريقة التقطير عبر رفع درجة حرارة المياه المالحة إلى الغليان وتكوين بخار الماء الذي يجري تكثيفه بعد ذلك إلى ماء صالح للشرب.

«تقطير شمسي» لمياه عذبة

ولا تعتمد هذه التقنية على الكهرباء، ما يجعلها مناسبة للاستخدام في المناطق النائية التي تعاني من نقص في إمدادات الطاقة، وتُعدّ وسيلة مستدامة لتوفير مياه الشرب. ولتعزيز كفاءة هذه التقنية، اختبر باحثون في جامعة «غوجارات التكنولوجية» في الهند، فاعلية بعض التحسينات على «جهاز التقطير الشمسي»، التي زادت من إنتاج كمية المياه العذبة بصورة ملحوظة تحت ظروف مناخية مختلفة. وأوضح الباحثون أن «جهاز التقطير الشمسي» المدعوم بمجموعة من الأنابيب الزجاجية مزدوجة الجدران حقّق تحسناً كبيراً في إنتاجية المياه وتوفيراً في الطاقة، ما يجعله حلاً واعداً لتوفير مياه الشرب في المناطق القاحلة، وفق النتائج المنشورة في عدد 15 سبتمبر (أيلول) 2024 من دورية «Solar Energy».

ويتميّز «جهاز التقطير الشمسي» الجديد بتصميم فعّال يمتصّ حرارة الشمس بشكل أكثر كفاءة؛ إذ يحتوي على أنابيب زجاجية مزدوجة الجدران مع فراغ بين الجدران لمنع فقدان الحرارة، ويسخن الأنبوب الداخلي الماء المالح، ما يؤدي إلى تبخره.

ويرتفع البخار الناتج ويتكثّف على سطح زجاجي بارد نسبياً، ما يحوله إلى ماء نقي يجري جمعه لاستخدامه مياهاً للشرب. ويُسهم هذا التصميم في زيادة كفاءة تحويل الطاقة الشمسية إلى حرارة، ما يؤدي إلى إنتاج كميات أكبر من المياه العذبة مقارنة بالأنظمة التقليدية. كما يتميّز النظام بقدرته على تقليل فقدان الحرارة، ما يعزّز فاعليته ويجعله حلاً مثالياً لتحلية المياه في المناطق التي تعاني من نقص المياه.

دراسات حالة

وأجرى الباحثون دراسات حالة لاختبار النظام الجديد في مواقع شبه قاحلة ونائية من ولاية غوجارات في الهند، لإثبات مدى جدواه وكفاءته في ظروف العالم الحقيقي.

وأظهرت النتائج أن هذه الأنظمة يمكن أن توفّر تكلفة إنتاج المياه للمجتمعات المحلية؛ إذ تصبح تكلفة تحلية المتر المكعب (1000 لتر) من المياه نحو 4.4 دولار أميركي.

وأوضحت الدراسة أن النظام الجديد أظهر زيادة في الإنتاجية تصل إلى 25.4 في المائة، وكفاءة طاقة أعلى تصل إلى 31.05 في المائة، مقارنة بأنظمة «التقطير الشمسي» التقليدية غير المُحسنة.

وأظهرت نتائج أنظمة تحلية المياه بالطاقة الشمسية الجديدة أنها تنتج ما بين 7 و16 لتراً من مياه الشرب يومياً، وهو ما يتجاوز بشكل كبير 4 إلى 7 لترات التي يجري إنتاجها عادة بوساطة أجهزة التقطير الشمسية التقليدية.

ويرى أستاذ كيمياء المياه بـ«مركز بحوث الصحراء» في مصر الدكتور محمد السيد عبد الفتاح، أن التحسينات التي أُجريت على طريقة التبخير والتكثيف التقليدية ركزت بصورة أساسية، وفق نتائج الدراسة، على زيادة الكفاءة وتقليل الفاقد من الحرارة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفكرة جيدة، وتناسب بشكل أكبر الأماكن النائية التي تفتقر إلى مصدر للكهرباء أو مياه عذبة، وبالتالي يمكنها توفير مياه الشرب لسكان تلك المناطق.

لكنه في الوقت ذاته أشار إلى أن هذه الطريقة تعاني من بعض جوانب القصور، أبرزها أن كميات المياه المُنتجة بوساطة هذا النظام تُعدّ قليلة نسبياً، وتلائم فقط الاستخدام الأسري المحدود لمياه الشرب، كما أنها تحتاج إلى مساحات كبيرة من الألواح الشمسية لإنتاج كميات وفيرة من المياه.

وحول تكلفة إنتاج المياه، نوّه بأنها تبلغ نحو 4.4 دولار أميركي لكل متر مكعب، ما يجعلها مرتفعة مقارنة بطريقة «التناضح العكسي» التقليدية، الأكثر انتشاراً، التي لا تتعدى تكلفة تحلية المتر المكعب من المياه فيها نحو دولار أميركي واحد، لكن طريقة «التناضح العكسي» تحتاج إلى الكهرباء لكي تعمل، على عكس الطريقة التي استخدمها الفريق، والتي لها بُعد استراتيجي واجتماعي لتوفير مياه الشرب للأماكن النائية التي لا تتوافر بها مصادر كهرباء أو مياه صالحة للشرب.



الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان
TT

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

تقويم الأسنان هو ذلك الفرع من فروع طب الأسنان الذي يهتم بتشخيص ومعالجة اعوجاج الأسنان وسوء الإطباق وعدم تناسق حجم الفك العلوي مع الفك السفلي. ويُعاني نحو 45 في المائة من المراهقين العرب من سوء الإطباق، وهم بحاجة إلى علاجات تقويم الأسنان لتحسين صحتهم الفموية وعلاج تلك المشكلات.

إمكانات الذكاء الاصطناعي

يمتلك الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة في مجال تقويم الأسنان، مع تطبيقات تتراوح من الكشف التلقائي عن المعالم التشريحية وتحليل القياسات الرأسية إلى التشخيص وتخطيط العلاج، وتقييم النمو والتطور، وتقييم نتائج العلاج.

> الكشف التلقائي عن المعالم التشريحية وتحليل القياسات الرأسية. أحد المجالات الأكثر شيوعاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تقويم الأسنان، هو الكشف التلقائي عن معالم القياسات الرأسية وتحليلها، وهي من أهم المؤشرات لتشخيص درجة سوء الإطباق أو اعوجاج الأسنان.ويتم إنشاء هذه القياسات بواسطة الذكاء الاصطناعي على الصور الشعاعية الثنائية والثلاثية الأبعاد (الأشعة المقطعية للفم والأسنان). وتُظهر الدراسات أن دقة هذه الأدوات تتنبأ بالنمو الهيكلي والسنوي العام لدى المرضى بنسبة تصل إلى 99 في المائة، مقارنة بنسبة 75 في المائة عند المراقبين البشر.

> تخطيط العلاج ودعم القرار السريري. التشخيص وتخطيط العلاج هما مكونات حاسمة في علاجات تقويم الأسنان، وينطويان على نظرة ذاتية وتعقيد كبير. وتساعد أنظمة دعم القرار السريري المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في تقليل هذه التحديات من خلال مساعدة الأطباء. وعلى سبيل المثال، فإن قرار خلع الأسنان هو قرار مهم في تقويم الأسنان ويمكن أن يختلف بين طبيب وطبيب. وأظهرت أنظمة دعم القرار المعتمدة على الشبكات العصبية الاصطناعية دقة عالية في تقدير قرارات خلع الأسنان، حيث بلغت دقتها 94 في المائة. يمكن استخدام هذه الأدوات أيضاً لتقييم احتياجات علاج تقويم الأسنان وتقدير نتائج العلاج.

تقييم التماثل الوجهي

> تقييم التماثل الوجهي والتنبؤ بموقع الأسنان المدفونة. تم تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي لتقييم التماثل الوجهي بدقة عالية قبل وبعد الجراحة الفكية باستخدام صور الأشعة المقطعية المخروطية (CBCT) للفم والأسنان، مما يوفر دقة تصل إلى 90 في المائة. وتساعد هذه النماذج أطباء تقويم الأسنان في الحصول على تقييم دقيق للحالة وتحليل التغيرات التي تحدث بعد الجراحة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بموقع واتجاه ووضع الأسنان المدفونة أو المطمورة، مثل الأنياب، مما يوفر لأطباء تقويم الأسنان تصوراً ثلاثي الأبعاد مفصلاً للحالة السريرية. ويساعد هذا التصور في صياغة خطة علاجية شاملة ومتكاملة تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المعقدة للحالة، مما يضمن تحقيق أفضل النتائج العلاجية للمرضى وتقليل المخاطر المحتملة.

ماسحات ضوئية وطابعات تجسيمية

> التطورات في تكنولوجيا الماسحات الضوئية وعضات التقويم الشفاف. أحدثت التطورات في الماسحات الضوئية داخل الفم وتكنولوجيا الطابعة الثلاثية الأبعاد (التجسيمية) الطريق لتطوير برمجيات التنبؤ بالذكاء الاصطناعي لعلاج تقويم الأسنان.

> توفر هذه الأدوات الرقمية لتخطيط العلاج نهجاً دقيقاً لعلاج تقويم الأسنان، حيث تسمح لأطباء تقويم الأسنان بمحاكاة وتحريك الأسنان بدقة أثناء العلاج.

يتم صنع عضات التقويم الشفاف حسب خطة العلاج لتضمن ابتسامة جذابة ووظيفة فم طبيعية، مما يساعد في تحسين النتائج وتوضيح العملية العلاجية للمرضى.

> تقييم مجرى الهواء باستخدام الذكاء الاصطناعي. تلعب البرمجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في تقييم مجرى الهواء في تقويم الأسنان. يمكن لهذه البرمجيات تحديد أنماط مجرى الهواء، وتحديد التباينات التشريحية، وحساب حجم مجرى الهواء.

وتستخدم البرمجيات الترميز اللوني لتوفير تصور سهل لمجرى الهواء وهياكله، مما يساعد في صياغة أجهزة وعلاجات لوقف التنفس خلال النوم، وهو أمر مهم للغاية لصحة المريض.

رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان في الشرق الأوسط.