كيف يتغير الجهاز المناعي للمتحولين جنسياً بعد العلاج الهرموني؟

يبدل سلوكه نتيجة تغير مستوى الهرمونات

كيف يتغير الجهاز المناعي للمتحولين جنسياً بعد العلاج الهرموني؟
TT

كيف يتغير الجهاز المناعي للمتحولين جنسياً بعد العلاج الهرموني؟

كيف يتغير الجهاز المناعي للمتحولين جنسياً بعد العلاج الهرموني؟

تقدم دراسة حديثة نظرة جديدة حول كيفية تأثير العلاج الهرموني المؤكد للجنس، على الجهاز المناعي، خاصة لدى الرجال المتحولين جنسياً أي أولئك الذين تم تصنيفهم كإناث عند الولادة والذين يتلقون العلاج بهرمون التستوستيرون (لكي يتحولوا إلى رجال).

دراسة مناعة المتحولين جنسياً

ويعد هذا البحث مهماً في فهم استجابة الجهاز المناعي لدى الأفراد المتحولين جنسياً وتداعياته المحتملة على قابلية الإصابة بالأمراض مثل العدوى الفيروسية واضطرابات المناعة الذاتية.

وقام الباحثون المشاركون من مركز بيتر برودين للطب الجزيئي قسم الطب في معهد كارولينسكا بالسويد في الدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر (Nature)» في 4 سبتمبر (أيلول) 2024 بفحص عينات دم من 23 رجلاً متحولاً جنسياً قبل وبعد بدء العلاج بالتستوستيرون. وتتبعوا التغيرات في ثلاث نقاط زمنية وهي: قبل خضوعهم لعلاج هرموني لتغيير نوعهم الجنسي، وبعد ثلاثة أشهر من تلقي العلاج، وبعد عام منه.

استجابات مناعية متغيرة

ومع الاستمرار في العلاج تبدلت الاستجابات المناعية للمتحولين جنسياً وتحولت من نوع يوسم بصفة رئيسية بأنه مُنتِج لبروتينات محاربة للفيروسات، إلى نوع آخر يُنتج بصفة رئيسية البروتينات المرتبطة بنمو العضلات.

وتشير هذه النتائج إلى أن الهرمونات الجنسية تلعب دوراً في تنظيم المسارات المناعية ما يتسق مع الاتجاهات العالمية المعهودة لاحتمالات الإصابة بالأمراض بين كل من الرجال والنساء.

نقطة توازن تغير السلوك

وفي هذا السياق يفيد بيتر برودين قسم المناعة والالتهابات بإمبريال كوليدج لندن في المملكة المتحدة المؤلف المشارك في الدراسة بأنه مع ارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون وانخفاض مستويات هرمون الإستروجين يبدو أن الجهاز المناعي يمر بنقطة توازن، ما يغير سلوكه وهذا يمكن أن يساعد في تفسير سبب كون الرجال أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفيروسية بشكل عام، بينما تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية.

الهرمونات الجنسية والإصابات بـ«كوفيد»

تعكس نتائج الدراسة الاتجاهات الواقعية في قابلية الإصابة بالمرض على سبيل المثال خلال جائحة «كوفيد – 19» كان معدل الوفيات بين الرجال أعلى بكثير من النساء عند الإصابة ربما لأن أجهزة المناعة لدى النساء تنتج مستويات أعلى من الإنترفيرونات من النوع الأول.

ومع ذلك، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد الذي يشبه الاضطرابات المناعية الذاتية - وهي حالات أكثر شيوعاً لدى النساء. وتشير أبحاث أخرى إلى أن انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لدى النساء قد يزيد من احتمالية الإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد، ما يعزز دور الهرمونات الجنسية في الاستجابات المناعية.

الأمراض المناعية الذاتية والعلاج الهرموني

إن الآثار المترتبة على الأمراض المناعية الذاتية، خاصة فيما يتعلق بالعلاج بالإستروجين للنساء المتحولات جنسياً، تثير المخاوف، إلا أن الدراسة ركزت على الرجال المتحولين جنسياً الذين يتلقون هرمون التستوستيرون. لكن الأطباء السريريين مثل عالم المناعة ماركوس التفيلد المدير العلمي لمعهد لايبنتز لعلم الفيروسات المسببة للأمراض البشرية بألمانيا يحذرون من أن العلاج بالإستروجين قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.

وعلى الرغم من أن الدراسة لم تتناول العلاج بالإستروجين بشكل مباشر، فإن بعض الأطباء أبلغوا النساء المتحولات جنسياً بالفعل بهذه المخاطر المحتملة. إلا أن حجم العينة الصغير المكون من 23 مشاركاً يشير إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم هذه الروابط بشكل كامل.

الهرمونات ليست السبب الوحيد للإصابات

في حين تقدم الدراسة رؤى مهمة، يؤكد الباحثون أن الهرمونات ليست العامل الوحيد المؤثر، حيث يمكن أن يؤثر الكروموسوم «إكس (X)» الذي يحتوي على العديد من الجينات المرتبطة بالمناعة أيضاً على الاختلافات في نتائج المرض بين الجنسين.

وتلاحظ عالمة المناعة سابرا كلاين علم الأحياء الدقيقة الجزيئية وعلم المناعة في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة بالولايات المتحدة أن عزو الاختلافات في قابلية الإصابة بالمرض إلى الهرمونات فقط يبسط قضية معقدة.

البحوث المستقبلية

وأخيراً فإن هذه الدراسة تسلط الضوء على الحاجة إلى المزيد من البحث في كيفية تفاعل العلاج الهرموني مع حالات الجهاز المناعي بالنسبة للأفراد المتحولين جنسياً الذين يعانون من اضطراب المناعة الذاتية. وتوضح موازنة علاج التستوستيرون والأدوية المثبطة للمناعة التحديات التي يواجهها الأفراد المتحولون جنسياً الذين يتعاملون مع مشاكل صحية متعددة دون إرشادات علمية شاملة. كما تمثل الدراسة خطوة حاسمة نحو فهم الآثار الأوسع للعلاج الهرموني المؤكد للجنس على صحة المناعة للأفراد المتحولين جنسياً.



طريقة علمية للحد من تأثير الغبار على كفاءة الألواح الشمسية

الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)
الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)
TT

طريقة علمية للحد من تأثير الغبار على كفاءة الألواح الشمسية

الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)
الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)

تُعدّ الطاقة الشمسية أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تعتمد عليها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بسبب ارتفاع أسعار الوقود وتغير المناخ. لكن الألواح الشمسية، التي تحوّل ضوء الشمس مباشرة إلى كهرباء، تواجه مشكلة تراكم الغبار الذي يؤثر بشكل كبير في أدائها.

وتسود الظروف الصحراوية وقلة الأمطار مناطق مثل الشرق الأوسط، حيث تتراكم كميات كبيرة من الغبار على الألواح الشمسية، ما يؤدي إلى تقليل كفاءتها بشكل كبير.

وتتنوّع تقنيات تنظيف الألواح الشمسية بين تقنيات مثل الروبوتات الذاتية، التي تقدّم حلولاً فاعلة، لكنها مكلفة وغير فعّالة في الظروف الرطبة، بالإضافة إلى تقنيات تعتمد على الأمطار، أو الطلاءات مثل «الهيدروفوبية» (المضادة للسوائل) و«الهيدروفيلية» (المتقبلة للسوائل)، التي تعتمد على المطر لإزالة الغبار، لكن في المناطق القاحلة، تكون هذه الطلاءات أقل فاعلية، وتتطلّب هذه الحلول تكاليف إضافية، وقد لا تناسب جميع الأنظمة.

بحث عربي - ألماني

وفي محاولة لإيجاد طريقة أكثر فاعلية، طوّر باحثون في مصر -بالتعاون مع باحثين في ألمانيا- طريقة تنظيف للألواح الكهروضوئية مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار، ونُشرت النتائج، بعدد 5 أغسطس (آب) 2024 من دورية «ساينتفك ريبورتس».

ويعالج هذا النهج المُبتكر التحدي الشائع المتمثل في تراكم الغبار على الألواح الشمسية، خصوصاً في المناطق القاحلة مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يُضعف الغبار بشكل كبير كفاءة الألواح.

ووفق ما ذكره الباحثون في دراستهم، بشأن تأثير الغبار في كفاءة الألواح الكهروضوئية، فإنه في الكويت، بلغ انخفاض الكفاءة 45.8 في المائة خلال 3 أشهر إذا تُركت دون تنظيف. وفي قطر، انخفضت الكفاءة بنسبة 15 في المائة بعد شهر، و68 في المائة بعد 234 يوماً.

وفي بغداد، سجلت دراسة انخفاضاً يومياً بنسبة 6.24 في المائة، و18.74 في المائة شهرياً. وفي السعودية، انخفضت الكفاءة بنسبة 33.5 في المائة بعد شهر، و65.8 في المائة بعد 6 أشهر. وفي مصر، بلغ الانخفاض 50 في المائة في أقل من 3 أشهر.

وتظهر دراسة سلوك أوراق الأشجار في المناطق الصحراوية كيف تساعد حركة الرياح في تنظيف الأوراق من الغبار بشكل طبيعي. ويتحرك النخيل، على سبيل المثال، بفعل الرياح ما يساعد في إزالة الغبار وتبريد الأوراق، وهذا السلوك يمكن أن يكون مصدر إلهام لتطوير حلول مشابهة للألواح الشمسية، مثل تحسين تصميم الألواح لزيادة قدرتها على الحركة لتقليل تأثير الغبار.

آلية تنظيف طبيعية

ومن خلال محاكاة آلية التنظيف الذاتي الطبيعية لأوراق الأشجار، طوّر الباحثون طريقة التثبيت للألواح الكهروضوئية التي يمكنها أن تقلّل بشكل كبير من الحاجة إلى التنظيف اليدوي؛ إذ صمّموا بنجاح نظام لوحة كهروضوئية يهتزّ استجابة إلى الرياح؛ ما يؤدي إلى إزاحة جزيئات الغبار من الألواح بصورة فاعلة للحفاظ على كفاءتها المُثلى.

وأظهرت الألواح ذات نظام التثبيت المرن الجديد انخفاضاً في الكفاءة بنسبة 5 في المائة فقط بعد 6 أسابيع من التشغيل. وعلى النقيض من ذلك، شهدت الألواح المثبتة بشكل صلب انخفاضاً في الكفاءة بنسبة 25 في المائة خلال الفترة نفسها. وتظهر النتائج أن النظام المرن يقلّل بشكل كبير من تأثير تراكم الغبار.

يقول الباحث الرئيسي للدراسة، الأستاذ بقسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة «جامعة بني سويف» في مصر، الدكتور محمد سلامة عبد الهادي: «تتشابه الألواح الكهروضوئية مع أوراق الأشجار في التقاط الضوء من الشمس، لكنها تتسخ بسرعة أكبر، خصوصاً في المناطق الصحراوية، والسبب هو أن أوراق الأشجار تهتز بفعل الرياح؛ ما يسمح للغبار بالسقوط، في حين الألواح الكهروضوئية ثابتة فتتراكم عليها الأوساخ».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «النهج الجديد يعزّز أداء الألواح الشمسية من خلال تقليل تراكم الغبار، عبر تمكين الألواح من الاهتزاز والتنظيف الذاتي، وهذه الطريقة يمكن أن تكون واعدة للحفاظ على أنظمة الطاقة الشمسية في البيئات الصعبة».

وأوضح أن نظام التركيب المرن للألواح يسمح بالتذبذب، محاكياً تأثير التنظيف الذاتي الملحوظ في أوراق الشجر، وتقدّم طريقة التخفيف السلبي للغبار هذه حلاً فعّالاً من حيث التكلفة؛ للحفاظ على كفاءة الألواح الشمسية دون الحاجة إلى التنظيف اليدوي المتكرر.

وأشار عبد الهادي إلى إمكانية إجراء مزيد من الدراسات حول كيفية استخدام نظام التثبيت المرن للألواح لتحسين كفاءة تبريد الألواح الشمسية؛ إذ يمكن للاهتزاز أن يساعد في توزيع الحرارة بشكل أكثر تساوياً، وتحسين التهوية حول الألواح، ما يُسهم في تعزيز الأداء العام للألواح الشمسية.