طريقة علمية للحد من تأثير الغبار على كفاءة الألواح الشمسية

باحثون أكدوا أهميتها في العالم العربي

الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)
الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)
TT

طريقة علمية للحد من تأثير الغبار على كفاءة الألواح الشمسية

الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)
الآلية الجديدة مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار (الشرق الأوسط)

تُعدّ الطاقة الشمسية أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تعتمد عليها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بسبب ارتفاع أسعار الوقود وتغير المناخ. لكن الألواح الشمسية، التي تحوّل ضوء الشمس مباشرة إلى كهرباء، تواجه مشكلة تراكم الغبار الذي يؤثر بشكل كبير في أدائها.

وتسود الظروف الصحراوية وقلة الأمطار مناطق مثل الشرق الأوسط، حيث تتراكم كميات كبيرة من الغبار على الألواح الشمسية، ما يؤدي إلى تقليل كفاءتها بشكل كبير.

وتتنوّع تقنيات تنظيف الألواح الشمسية بين تقنيات مثل الروبوتات الذاتية، التي تقدّم حلولاً فاعلة، لكنها مكلفة وغير فعّالة في الظروف الرطبة، بالإضافة إلى تقنيات تعتمد على الأمطار، أو الطلاءات مثل «الهيدروفوبية» (المضادة للسوائل) و«الهيدروفيلية» (المتقبلة للسوائل)، التي تعتمد على المطر لإزالة الغبار، لكن في المناطق القاحلة، تكون هذه الطلاءات أقل فاعلية، وتتطلّب هذه الحلول تكاليف إضافية، وقد لا تناسب جميع الأنظمة.

بحث عربي - ألماني

وفي محاولة لإيجاد طريقة أكثر فاعلية، طوّر باحثون في مصر -بالتعاون مع باحثين في ألمانيا- طريقة تنظيف للألواح الكهروضوئية مستوحاة من الاهتزازات الطبيعية لأغصان الأشجار، ونُشرت النتائج، بعدد 5 أغسطس (آب) 2024 من دورية «ساينتفك ريبورتس».

ويعالج هذا النهج المُبتكر التحدي الشائع المتمثل في تراكم الغبار على الألواح الشمسية، خصوصاً في المناطق القاحلة مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يُضعف الغبار بشكل كبير كفاءة الألواح.

ووفق ما ذكره الباحثون في دراستهم، بشأن تأثير الغبار في كفاءة الألواح الكهروضوئية، فإنه في الكويت، بلغ انخفاض الكفاءة 45.8 في المائة خلال 3 أشهر إذا تُركت دون تنظيف. وفي قطر، انخفضت الكفاءة بنسبة 15 في المائة بعد شهر، و68 في المائة بعد 234 يوماً.

وفي بغداد، سجلت دراسة انخفاضاً يومياً بنسبة 6.24 في المائة، و18.74 في المائة شهرياً. وفي السعودية، انخفضت الكفاءة بنسبة 33.5 في المائة بعد شهر، و65.8 في المائة بعد 6 أشهر. وفي مصر، بلغ الانخفاض 50 في المائة في أقل من 3 أشهر.

وتظهر دراسة سلوك أوراق الأشجار في المناطق الصحراوية كيف تساعد حركة الرياح في تنظيف الأوراق من الغبار بشكل طبيعي. ويتحرك النخيل، على سبيل المثال، بفعل الرياح ما يساعد في إزالة الغبار وتبريد الأوراق، وهذا السلوك يمكن أن يكون مصدر إلهام لتطوير حلول مشابهة للألواح الشمسية، مثل تحسين تصميم الألواح لزيادة قدرتها على الحركة لتقليل تأثير الغبار.

آلية تنظيف طبيعية

ومن خلال محاكاة آلية التنظيف الذاتي الطبيعية لأوراق الأشجار، طوّر الباحثون طريقة التثبيت للألواح الكهروضوئية التي يمكنها أن تقلّل بشكل كبير من الحاجة إلى التنظيف اليدوي؛ إذ صمّموا بنجاح نظام لوحة كهروضوئية يهتزّ استجابة إلى الرياح؛ ما يؤدي إلى إزاحة جزيئات الغبار من الألواح بصورة فاعلة للحفاظ على كفاءتها المُثلى.

وأظهرت الألواح ذات نظام التثبيت المرن الجديد انخفاضاً في الكفاءة بنسبة 5 في المائة فقط بعد 6 أسابيع من التشغيل. وعلى النقيض من ذلك، شهدت الألواح المثبتة بشكل صلب انخفاضاً في الكفاءة بنسبة 25 في المائة خلال الفترة نفسها. وتظهر النتائج أن النظام المرن يقلّل بشكل كبير من تأثير تراكم الغبار.

يقول الباحث الرئيسي للدراسة، الأستاذ بقسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة «جامعة بني سويف» في مصر، الدكتور محمد سلامة عبد الهادي: «تتشابه الألواح الكهروضوئية مع أوراق الأشجار في التقاط الضوء من الشمس، لكنها تتسخ بسرعة أكبر، خصوصاً في المناطق الصحراوية، والسبب هو أن أوراق الأشجار تهتز بفعل الرياح؛ ما يسمح للغبار بالسقوط، في حين الألواح الكهروضوئية ثابتة فتتراكم عليها الأوساخ».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «النهج الجديد يعزّز أداء الألواح الشمسية من خلال تقليل تراكم الغبار، عبر تمكين الألواح من الاهتزاز والتنظيف الذاتي، وهذه الطريقة يمكن أن تكون واعدة للحفاظ على أنظمة الطاقة الشمسية في البيئات الصعبة».

وأوضح أن نظام التركيب المرن للألواح يسمح بالتذبذب، محاكياً تأثير التنظيف الذاتي الملحوظ في أوراق الشجر، وتقدّم طريقة التخفيف السلبي للغبار هذه حلاً فعّالاً من حيث التكلفة؛ للحفاظ على كفاءة الألواح الشمسية دون الحاجة إلى التنظيف اليدوي المتكرر.

وأشار عبد الهادي إلى إمكانية إجراء مزيد من الدراسات حول كيفية استخدام نظام التثبيت المرن للألواح لتحسين كفاءة تبريد الألواح الشمسية؛ إذ يمكن للاهتزاز أن يساعد في توزيع الحرارة بشكل أكثر تساوياً، وتحسين التهوية حول الألواح، ما يُسهم في تعزيز الأداء العام للألواح الشمسية.



الآلية الجزيئية وراء مرض التصلب العصبي المتعدد

شكل تصويري لطبيب يفحص أمراض المناعة الذاتية
شكل تصويري لطبيب يفحص أمراض المناعة الذاتية
TT

الآلية الجزيئية وراء مرض التصلب العصبي المتعدد

شكل تصويري لطبيب يفحص أمراض المناعة الذاتية
شكل تصويري لطبيب يفحص أمراض المناعة الذاتية

في دراسة حديثة حقق الباحثون بجامعة ييل في الولايات المتحدة اختراقاً مهماً، إذ وجدوا أن فقدان التنظيم المناعي في حالة «التصلب المتعدد» يرتبط بزيادة في البروتين الذي يشارك في وظيفة المناعة. وتؤدي هذه الزيادة في البروتين إلى تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية، بما في ذلك تناول كميات كبيرة من الملح ما يؤدي إلى خلل في وظائف الخلايا التائية (المناعية) التنظيمية.

آلية فقدان التنظيم المناعي

وكشفت النتائج التي نشرت في مجلة «Science Translational Medicine» في 28 أغسطس (آب) 2024 أيضاً عن هدف جديد لعلاج عالمي لمرض المناعة الذاتية لدى البشر. وقاد البحث توموكازو سوميدا الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة ييل وهافلر أستاذ علم الأعصاب وأستاذ علم المناعة في الجامعة.

وقال هافلر إن هذه التجارب تكشف عن آلية أساسية لفقدان التنظيم المناعي في مرض التصلب العصبي المتعدد وأمراض المناعة الذاتية الأخرى على الأرجح. كما أنها تضيف نظرة ثاقبة آلية لكيفية حدوث خلل في الخلايا التنظيمية التائية في أمراض المناعة الذاتية البشرية.

التصلب المتعدد تظهر تأثيراته على غمد الأعصاب (إلى اليمين) مقارنة بالأعصاب السليمة

التصلب المتعدد

واستناداً إلى «مايو كلينك» فإن التصلب المتعدد مرض يقوم فيه الجهاز المناعي الذي يحمي الجسم عادةً بمهاجمة الغلاف المحيط بالأعصاب في الدماغ والنخاع الشوكي (وهو غمد المايلين). وترسل هذه الأعصاب معلومات من الدماغ والحبل النخاعي إلى أعصاب أخرى في الجسم. ويساعد المايلين على زيادة فاعلية هذا الانتقال إلا أن التصلب المتعدد والعديد من الحالات الأخرى تسبب ضرراً على المايلين. وتسمى «الأمراض المزيلة للميالين».

خلل الخلايا التائية التنظيمية

وتعرف هذه الخلايا سابقاً باسم الخلايا التائية الكابتة suppressor T cells وهي مجموعة فرعية من الخلايا التائية التي تعدل الجهاز المناعي وتحافظ على تحمل المستضدات الذاتية، كما أنها مثبطة للمناعة، وتمنع أمراض المناعة الذاتية. ولذا فإن أي خلل فيها يؤدي إلى احتمال الإصابة بتلك الأمراض.

أثر المستويات العالية من الملح

وفي دراسة سابقة نُشرت في 29 أكتوبر (تشرين الأول) في مجلة «Nature Immunology» أشار توموكازو سوميدا أيضاً من مختبر ديفيد هافلر إلى أن المستويات العالية من الملح، تساهم أيضاً في تطور التصلب المتعدد. وعلى وجه التحديد لاحظ الباحثون أن ارتفاع نسبة الملح يحفز الالتهاب في نوع من الخلايا المناعية المعروفة باسم الخلايا التائية CD4 T، في حين أنه يتسبب أيضاً في فقدان وظيفة الخلايا التائية التنظيمية. ووجدوا أن هذا يحدث بواسطة إنزيم «الكاينيز» الحساس للملح salt - sensitive kinase أو إنزيم مهم لإشارات الخلايا والمعروف باسم SGK - 1.

الوراثة والبيئة في أمراض المناعة الذاتية

ومن المعروف أن أمراض المناعة الذاتية من بين أكثر الاضطرابات شيوعاً لدى الشباب تتأثر بالعوامل الوراثية والبيئية. ويُعتقد أن خطر الإصابة بالتصلب المتعدد ناتج عن تفاعل المتغيرات الجينية الشائعة مع العوامل البيئية بالإضافة إلى تناول كميات كبيرة من الملح. كما تم ربط عوامل أخرى مثل نقص فيتامين «دي» والتدخين والسمنة بالمرض. ويضيف هذا البحث نظرة ثاقبة مهمة حول كيفية تأثير المحفزات البيئية مثل الملح على الجهاز المناعي والمساهمة في أمراض المناعة الذاتية مثل التصلب.

«عامل النسخ» في تنظيم الوظيفة المناعية

في الدراسة الجديدة استخدم الباحثون تسلسل الحمض النووي الريبي (أر إن إيه) RNA لمقارنة التعبير الجيني لدى مرضى التصلب المتعدد ومقارنته بالتعبير لدى الأفراد الأصحاء. وحدد الباحثون زيادة التنظيم أو زيادة التعبير في مرضى التصلب لجين يسمى PRDM1 - S أو ما يعرف بـ«عامل النسخ» الذي يشارك في تنظيم الوظيفة المناعية.

ووجد الباحثون أن هذا الجين يحفز زيادة التعبير عن إنزيم SGK - 1 الحساس للملح ما يؤدي إلى تعطيل الخلايا التائية التنظيمية. وعلاوة على ذلك وجدوا زيادة مماثلة في التعبير عن نفس الجين في أمراض المناعة الذاتية الأخرى، ما يشير إلى أنه قد تكون سمة مشتركة لخلل الخلايا التائية التنظيمية.

عقاقير مستقبلية

واستناداً إلى هذه الرؤى يعمل فريق البحث على تطوير عقاقير يمكنها استهداف وتقليل التعبير عن جين عامل النسخ في الخلايا التائية التنظيمية وقد بدأوا تعاوناً مع باحثين آخرين في جامعة ييل باستخدام أساليب حسابية جديدة لزيادة وظيفة الخلايا التنظيمية لتطوير نهج جديد لعلاج أمراض المناعة الذاتية البشرية.