«خلايا الحساسية» تحتجز خلايا مناعية لمحاربة المؤثرات الخارجية

اكتشاف يسلّط الضوء على التعقيدات الخفية للجهاز المناعي

أنواع من خلايا الجهاز المناعي وتظهر فيها «الخلايا البدينة» في الصف الأعلى (الثالثة من اليسار) في حين تظهر «العدلات» في الصف الأسفل (الأولى من اليسار)
أنواع من خلايا الجهاز المناعي وتظهر فيها «الخلايا البدينة» في الصف الأعلى (الثالثة من اليسار) في حين تظهر «العدلات» في الصف الأسفل (الأولى من اليسار)
TT

«خلايا الحساسية» تحتجز خلايا مناعية لمحاربة المؤثرات الخارجية

أنواع من خلايا الجهاز المناعي وتظهر فيها «الخلايا البدينة» في الصف الأعلى (الثالثة من اليسار) في حين تظهر «العدلات» في الصف الأسفل (الأولى من اليسار)
أنواع من خلايا الجهاز المناعي وتظهر فيها «الخلايا البدينة» في الصف الأعلى (الثالثة من اليسار) في حين تظهر «العدلات» في الصف الأسفل (الأولى من اليسار)

كشفت دراسة حديثة عن دور غير متوقع للخلايا البدينة في الجهاز المناعي، إذ تبيّن أنها قادرة على التقاط خلايا مناعية أخرى واستخدامها تُسمّى «العدلات»، وهي نوع من الخلايا البيضاء التي تؤدي دوراً مهماً في محاربة العدوى والالتهابات.

الاكتشاف الجديد

ويوضح الاكتشاف أن الخلايا البدينة لا تقتصر على إطلاق مواد كيميائية، مثل: الهيستامين، والهيبارين، التي تسبّب الأعراض المصاحبة للحساسية النموذجية المعروفة، مثل: تورم الأنسجة والالتهاب، بل يمكنها أيضاً الاستفادة من «العدلات» لتعزيز استجابتها المضادة لمسببات الحساسية.

الأمر المدهش، الذي كشفت عنه هذه الدراسة المنشورة في مجلة «Cell» في 2 أغسطس (آب) 2024 من معهد «ماكس بلانك» لعلم الأحياء المناعي وعلم الوراثة اللاجينية في فرايبورغ سويسرا، وجامعة «مونستر» في ألمانيا، هو قدرة الخلايا البدينة (Mast cells) على التقاط خلايا مناعية أخرى واستخدامها، تُسمى «العدلات» (Neutrophils).

وكان من المعروف سابقاً أن «العدلات» تعمل بصفة مستقلة عن الخلايا البدينة في إحداث الاستجابة (ردة الفعل) المناعية. ولكن هذا الاكتشاف يشير إلى أن الخلايا البدينة يمكنها أن تستفيد من «العدلات» بطرق غير متوقعة لتعزيز استجابتها الالتهابية.

يلقي هذا الاكتشاف الضوء على التعقيدات الخفية للجهاز المناعي، ويعزّز فهمنا لكيفية تنظيم الاستجابات التحسسية. وتؤكد الدراسة أن الخلايا البدينة ليست مجرد خلايا تطلق مواد مسببة للحساسية، ولكنها أيضاً يمكن أن تتفاعل مع أنواع أخرى من الخلايا المناعية لتنسيق استجابة أكثر شمولية وديناميكية ضد المسببات.

الاستجابة المناعية والالتهابات

يُعد الالتهاب جزءاً أساسياً من الاستجابة المناعية، لكن إذا خرج عن السيطرة يمكن أن يؤدي إلى تدمير الأنسجة والأمراض. وعادة ما يتمحوّر الالتهاب حول رد فعل الجسم تجاه المنبهات الضارة مثل مسببات الحساسية.

ويصاحب الالتهاب بارتفاع درجة الحرارة والألم والاحمرار والتورم وفقدان وظيفة الأنسجة، لذلك فإن فهم كيفية عمل الخلايا المناعية، مثل: الخلايا البدينة و«العدلات» معاً يمكن أن يساعد في تطوير علاجات جديدة للأمراض المرتبطة بالالتهابات المفرطة أو الاستجابات التحسسية الشديدة، مثل: الحساسية المفرطة (Anaphylaxis). وتفتح هذه النتائج أفقاً جديداً في أبحاث الحساسية والالتهاب، وقد تكون لها تأثيرات كبيرة في تطوير استراتيجيات علاجية أكثر فاعلية للأمراض المناعية والحساسية.

ووظّف العلماء تقنية الفحص المجهري المتخصص لتصوير هذه التفاعلات في الوقت الفعلي داخل أنسجة الفأر الحية. وأظهر هذا التصوير أن «العدلات» يمكن أن توجد داخل الخلايا البدينة الحية، وهي ظاهرة كانت غير متوقعة تماماً.

وكان فريق علمي، بقيادة تيم لامرمان مدير معهد الكيمياء الحيوية الطبية بجامعة «مونستر»، قد اكتشف منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هذا الأمر غير المتوقع تماماً، ما يبرز أهمية استخدام تقنيات الفحص المجهري المتطورة لفهم العمليات البيولوجية المعقدة داخل الكائنات الحية.

«الخلايا البدينة» تحتجز «العدلات»

تُعد «العدلات» المدافعة في الخطوط الأمامية عن نظام المناعة لدى الإنسان. وهي تستجيب بسرعة وعلى نطاق واسع إلى التهديدات المحتملة، وتدور في الدم وتخرج بسرعة من الأوعية الدموية في مواقع الالتهاب. كما أنها مجهزة تجهيزاً جيداً لمكافحة الغزاة، مثل: البكتيريا أو الفطريات، وذلك عن طريق اجتياح الغزاة أو إطلاق مواد مضادة للميكروبات أو تشكيل مصائد تُعرف باسم «مصائد العدلات خارج الخلية». بالإضافة إلى ذلك يمكن لـ«العدلات» التواصل مع بعضها وتشكيل أسراب من الخلايا لدمج وظائفها الفردية لحماية الأنسجة السليمة.

وبينما نعرف كثيراً عن دور «العدلات» في الالتهابات والإصابات، إلا أن دورها في الالتهاب الناجم عن ردود الفعل التحسسية لا يزال غير مفهوم. ويوضح مايكل ميهلان، المؤلف الأول والمشارك في الدراسة من معهد «الكيمياء الحيوية الطبية مركز البيولوجيا الجزيئية للالتهاب» بجامعة «مونستر» في ألمانيا، أنه وبمجرد أن تمكّن الفريق من محاكاة اصطياد «العدلات» الذي لُوحظ في الأنسجة الحية في زراعة الخلايا تمكّنا من تحديد المسارات الجزيئية المشاركة بالعملية.

ووجد الباحثون أن الخلايا البدينة تطلق «الليكوترين» (B4 (leukotriene (وهي مادة تُستخدم عادة من قبل «العدلات»، ولكي تبدأ التحشد يجري إنتاجها من الكريات البيض، والمادة قادرة على تحفيز التصاق الكريات البيض وتنشيطها على الأغشية الداخلية للأوعية الدموية واللمفاوية؛ ما يسمح لها بالارتباط وعبورها إلى الأنسجة).

ومن خلال إفراز هذه المادة تجذب الخلايا البدينة «العدلات»، وبمجرد أن تكون «العدلات» قريبة بدرجة كافية تبتلعها الخلايا البدينة في فجوة وتشكّل بنية خلية داخل أخرى سماها الباحثون باسم «مصيدة الخلايا البدينة داخل الخلايا» (mast cell intracellular trap).

تعزيز وظيفة الخلايا البدينة

وتوصل الباحثون إلى اكتشاف جديد يظهر أن الخلايا البدينة ليست مسؤولة عن إطلاق ردود الفعل التحسسية فحسب، ولكنها تمتلك أيضاً قدرة على إعادة تدوير «العدلات» لتعزيز وظيفتها الخاصة. وفي هذه الدراسة التي أُجريت بتعاون دولي أكد الباحثون تكوين هياكل معينة تسمّى «مصيدة الخلايا البدينة» داخل الخلايا في العينات البشرية، ودرسوا مصير «العدلات» بعد أن تلتقطها الخلايا البدينة، ووجدوا أن «العدلات» المحاصرة تموت في النهاية. وتقوم الخلايا البدينة بتخزين بقاياها داخلها، ولكن المفاجأة كانت أن الخلايا البدينة لا تتخلص من هذه البقايا ببساطة، بل تُعيد تدوير المواد الموجودة في «العدلات» لتعزيز قدراتها ووظائفها، وهو ما يعزّز من نشاط الخلايا البدينة.



برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».