الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا

عوامل بيئية واجتماعية تؤثر على التعبير الجيني

الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا
TT

الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا

الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا

وجدت دراسة حديثة أن العيش في الأحياء المحرومة يرتبط بزيادة نشاط الجينات المرتبطة بالتوتر، مما قد يساهم في ارتفاع معدلات سرطان البروستاتا العدواني لدى الرجال الأميركيين من أصل أفريقي.

عوامل بيئية مؤثرة

سلطت الدراسة الضوء على التأثير الكبير للعوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية على التعبير الجيني والنتائج الصحية، حيث يعاني الرجال الأميركيون من أصول أفريقية من ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان البروستاتا. كما أنهم أكثر عرضة للوفاة بسبب هذا المرض بأكثر من الضعف، مقارنة بالرجال البيض في الولايات المتحدة، وغالباً ما يتم تشخيص إصابتهم بسرطان شرس في سن مبكرة. لكن الأسباب غير مفهومة جيداً

ونشرت الدراسة في مجلة JAMA Network Open في 12 يوليو(تموز) 2024، وأجرتها كلية الطب بجامعة ميريلاند وجامعة فرجينيا كومنولث في الولايات المتحدة برئاسة كبيرة المؤلفين الدكتورة كاثرين هيوز باري، الأستاذة المساعدة في قسم علم الأوبئة والصحة العامة وباحثة في علم وبائيات السرطان في مركز السرطان الشامل بجامعة ميريلاند.

زيادة النشاط الجيني المرتبط بالتوتر

وقامت الدراسة بتحليل أنسجة الورم لدى 218 رجلاً مصاباً بسرطان البروستاتا. وحددت 290 متغيراً جينياً مرتبطاً بالمرض بما في ذلك 115 متغيراً جديداً.

وقد ارتبطت خمسة جينات ذات تعبير أعلى في هذه الدراسة بالالتهاب، وهو أمر مرتبط بسرطان البروستاتا من بين حالات صحية أخرى. وتم ربط زيادة الالتهاب بزيادة فرصة الإصابة بسرطان البروستاتا أو زيادة احتمال تطور السرطان لدى الرجال المصابين بالمرض. ولوحظ نشاط أعلى للجينات المرتبطة بالتوتر لدى الأفراد من الأحياء المحرومة وهو أكثر شيوعاً بين الأميركيين من أصل أفريقي

وكان الجين ذو الرابط الأقوى هو HTR6 وهو جزء من مسار السيروتونين الذي يساعد على نقل الرسائل بين الدماغ وأجزاء أخرى من الجسم كما يساهم أيضاً في مسارات أخرى يُعتقد أنها تساعد في تنظيم الاستجابة المناعية للجسم. وقد تم ربط مجموعة الجينات HTR المختلفة بسرطان البروستاتا القاتل.

ويعتقد أن هذا المستقبل، أي HTR6، ينظم انتقال الخلايا العصبية في الدماغ. وهناك درجة عالية من الانجذاب لهذا المستقبل لدى العديد من مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للذهان.

تحليل 105 جينات

وقالت كاثرين باري إن هذه الدراسة الرصدية التي حللت 105 جينات مرتبطة بالإجهاد من أكثر من 200 رجل أميركي من أصل أفريقي ورجل أبيض مصابين بسرطان البروستاتا، هي من بين أولى الدراسات التي تشير إلى وجود صلة محتملة بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية وتعبير الحامض النووي الريبي (RNA) في أورام البروستاتا. إذ إن هذا الحامض يأتي من الحامض النووي دي إن إيه (DNA) ويشارك في إنتاج البروتينات التي تساعد الخلية على أداء وظيفتها.

ومن بين 218 رجلاً مصاباً بسرطان البروستاتا الذين خضعوا لعملية استئصال البروستاتا الجذري لإزالتها كان 168 أي 77 في المائة عرقهم كأميركيين من أصل أفريقي بينما أفاد الـ50 مريضاً الباقين بأن عرقهم أبيض.

وقام الباحثون بتقييم الأحياء التي يعيش فيها المرضى وقت تشخيصهم بالاعتماد على مؤشرين يقيسان الحرمان في الأحياء مع الأخذ في الاعتبار الدخل والتعليم والتوظيف وجودة السكن كما نظروا في الفصل العنصري، وهو فصل الناس إلى مجموعات عرقية في الحياة اليومية، إذ يمكن أن يشمل الفصل المكاني للأعراق والاستخدام الإلزامي للمؤسسات المختلفة مثل المدارس والمستشفيات من قبل أشخاص من أعراق مختلفة والتي تم فيها حرمان بعض الأحياء بشكل منهجي من طلبات الرهن العقاري أو إعادة التمويل وغالباً ما يكون ذلك على أساس العرق.

الارتباط بمخاطر الالتهاب والسرطان

وحول ظهور خمسة جينات مرتبطة بالالتهاب ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا العدواني وارتباط الجين HTR6 بقوة بخطر الإصابة بسرطان البروستاتا، قالت كاثرين باري إن مستويات الحامض النووي الريبي (RNA) التي تنتجها الجينات يمكن أن تتغير استجابة للعوامل البيئية المختلفة وأضافت: «يمكن أن تتغير مستويات الحامض النووي الريبي (RNA) لدى الفرد استجابة للتوتر. ونحن وآخرون نفترض أن التأثيرات البيولوجية الناتجة مثل زيادة الالتهاب قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا العدواني».

الفوارق العرقية

وتشير النتائج إلى تدخلات مستهدفة لمعالجة المسارات الوراثية المرتبطة بالتوتر في المجتمعات المحرومة مما قد يقلل من التفاوتات في السرطان كما أنها تسلط الضوء على أهمية تحسين الظروف المعيشية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية لتعزيز النتائج الصحية للأقليات. وتدعو إلى إجراء دراسات أوسع لفهم التفاعل بين العوامل البيئية والتعبير الجيني وتوجيه الاستراتيجيات الرامية إلى التخفيف من الفوارق الصحية.

حقائق

115

متغيراً جينياً جديداً مرتبطاً بالمرض حددته الدراسة

حقائق

5

جينات ذات تعبير أعلى في هذه الدراسة ترتبط بالالتهاب وهو أمر مرتبط بدوره بسرطان البروستاتا

حقائق

105

جينات مرتبطة بالإجهاد حللتها الدراسة


مقالات ذات صلة

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

علوم نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
علوم  41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

تؤثر مناطق الجينوم المكتشفة حديثاً على بنية القرص الفقري والالتهاب ووظيفة الأعصاب.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد

«تقنيات جينومية» لفهم أعمق لسرطان الجلد العدواني

«قرحة مارجولين» الخبيثة لا يمكن تشخيصها بسهولة.

د. وفا جاسم الرجب
علوم «الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

«الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

اكتشاف مهم للمرضى المعانين من اضطراب نادر في النمو العصبي

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب