تقنية مبتكرة تزيد طاقة «خلايا الوقود»

تعزز مصادر الطاقة النظيفة

صورة الفريق البحثي (الشرق الأوسط)
صورة الفريق البحثي (الشرق الأوسط)
TT

تقنية مبتكرة تزيد طاقة «خلايا الوقود»

صورة الفريق البحثي (الشرق الأوسط)
صورة الفريق البحثي (الشرق الأوسط)

يعتبر استخدام مصادر طاقة بديلة أمراً حيوياً؛ نظراً للتحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه العالم الآن. ومن بين المصادر البديلة، يبرز الهيدروجين الأخضر وخلايا الوقود من الخيارات المبتكرة لتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة، كما أنهما خياران نظيفان ومستدامان يقللان من انبعاثات الغازات الدفيئة ويحسنان من جودة الهواء.

خلايا الوقود

ويعزز استخدام الهيدروجين الأخضر وخلايا الوقود من تنويع مصادر الطاقة، ما يقلل الآثار السلبية للتقلبات في أسعار الطاقة.

في هذا السياق، قدمت دراسة حديثة، أجراها باحثون من جامعة تويوهاشي اليابانية بمشاركة باحث مصري، تقنية مبتكرة لتحسين أداء خلايا الوقود من خلال استخدام أسلاك نانومترية مغلفة بالبوليمرات الموصلة للبروتونات.

يقول الباحث المصري، محمد عبد القدوس، الذي كان يعمل باحثاً في قسم هندسة المعلومات الكهربائية والإلكترونية بجامعة تويوهاشي اليابانية، وانتقل الآن إلى جامعة كولومبيا البريطانية في كندا: «تتألف خلايا الوقود من قطبين، أحدهما مزود بمحفز لأكسدة الهيدروجين (الوقود) وتحويله إلى بروتونات وإلكترونات، حيث يتم مرور الإلكترونات في دائرة خارجية للاستفادة منها كطاقة كهربية لتحريك السيارات والسفن والطائرات».

ويضيف عبد القدوس لـ«الشرق الأوسط»: «أما البروتونات فتمر خلال غشاء موصل للكهرباء لتتفاعل على الطرف الآخر من الخلية مع الأكسجين والإلكترونات، حيث يتم إنتاج الماء؛ وعليه فالهيدروجين وقود نظيف ليس له أي انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة».

ويوضح: «خلية الوقود هي بمنزلة البديل القادم لمحرك الديزل الذي يشتغل بالبنزين، في حين تعمل خلايا الوقود بالهيدروجين».

وسعت الدراسة لـ«تطوير أغشية توصيل البروتونات لزيادة كفاءة الخلية وخفض سعرها للاقتراب أكثر من مرحلة الإنتاج بأعداد كبيرة وزيادة تطبيقاتها في الصناعة»، وفق عبد القدوس.

وأظهرت النتائج التي توصلت إليها الدراسة أن استخدام الأسلاك النانومترية كـ«جسور صغيرة» لتوصيل البروتونات بعد تغليفها بالبوليمرات يزيد من قدرة توصيل البروتونات بشكل كبير، ما يؤدي إلى زيادة كثافة التيار الكهربي والطاقة المولدة من الخلايا.

ويشدد عبد القدوس على أن هذه التقنية «تساعد في تحسين كفاءة أنظمة الطاقة النظيفة، وتطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية، كما يمكن تطبيقها في مجالات الطاقة المتجددة».

تعزيز الكفاءة

ومن المتوقع، ووفق نتائج الدراسة، أن تسهم هذه التقنية في تعزيز قدرة خلايا الوقود على المنافسة مع أنظمة توليد الطاقة التقليدية، وتعزيز استدامة ونظافة عمليات توليد الطاقة. كما يمكن أن تفتح الباب أمام تطوير تقنيات جديدة لتحسين كفاءة تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية بشكل أكثر فعالية.

وشهد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي اختراع أول خلية وقود هيدروجينية في إنجلترا على يد السير ويليام روبرت جروف. إلا أن عدم وجود جدوى اقتصادية لاستخدامها آنذاك أدى لأن يظل هذا الابتكار حبيس الأدراج.

وقبل أن تعود خلايا الوقود إلى دائرة الضوء مجدداً في ستينات القرن العشرين، طورت شركة «جنرال إلكتريك» خلايا تعمل على توليد الطاقة الكهربائية اللازمة للاستخدام في سفينتي الفضاء الشهيرتين «جيمني» و«أبولو»، بالإضافة إلى توفير مياه نقية صالحة للشرب لرواد الفضاء.

وتعد خلايا الوقود الآن من بين التقنيات الفعالة في تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية بكفاءة عالية، ما يسهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة... وهو ما يعلق عليه عبد القدوس: «تعكس نتائج هذه الدراسة تقدماً هاماً في مجال تكنولوجيا خلايا الوقود، وتعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق أنظمة طاقة نظيفة ومستدامة»، مشدداً على أنه «يجب على الصناعة والباحثين الاهتمام بتطبيقات هذه التقنية الواعدة لتحقيق تحول حقيقي نحو استخدام الطاقة النظيفة في مختلف القطاعات».



الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.